السلطان الثائر على عبد الكريم العبدلي أطال الله في عمره واحد من الرجال الذين اثروا الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية بلحج والجنوب بشكل عام أكان قبل حكمة للسلطنة أو أبان فترة حكمة للسلطنة العبدليه بلحج وما بعدها .
له العديد من الأدوار الثورية التي أدت إلى صنع تاريخ لم يمحى ليكون هذا التاريخ شاهد على عظمة هؤلاء الرجال . في هذا الحديث الذي يعتبر من ذكريات الماضي لجيل الحاضر هو جزاء من تاريخ لم يكتب بعد بعين الإنصاف من قبل المؤرخين والكتاب وهي خلاصة إجابات لعدد من الأسئلة التي طرحت علية من قبلنا قبل عدة أعوام وبالتحديد قبل ستة أعوام لم ترى النور لظروف خاصة بمعد المادة الصحفية ليرد السلطان عليها بشكل موسع يتحدث فيها على مختلف جوانب الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية التي شهدها الجنوب عامة ولحج خاصة ليكون موقع صحيفة عدن الغد أول وسيله اعلامية جنوبية تنشرها على حلقات .
الحلقة "4"
في نفس هذا الوقت كان الانجليز قد شددوا ضغوطهم عليه "السلطان فضل عبد الكريم " ومؤامراتهم ضده ودسائسهم لتقوية شكوكه ضدنا كي يقنعوه بالخضوع لمخططهم هو فرض المعاهدة الاستشارية عليه وكاد أن يقتنع لولا أن المعتمد البريطاني ارتكب خطأ فادحاً في الأمر حيث طلب منه أن يوقع على رسالة يطلب فيها من الحكومة البريطانية توقيع معاهدة استشارية فاستسلم له وكتب الرسالة المطلوبة وحينها شعر المعتمد المذكور أنه قد تمكن من السلطان فابتدأ بالتعامل معه بنوع من العجرفة والاستخفاف.
وكان ذلك في المقابلة التالية بينهما فغضب السلطان وأنهى المقابلة وغادر المعتمد منزل السلطان شبه مطرود حينها جاءني السلطان إلى منزلي في عدن وكان معي الأخ السيد محمد علي الجفري فأبلغنا بالحادث وكان في حالة غضب شديد وارتباك وطلب منا الرأي في كيف يتخلص من هذا المأزق فسألته هل وقعت على المعاهدة قال لا قلت وأين ورقة الطلب التي وقعتها قال سلمتها له عند مقابلتي السابقة فتشاورنا في الأمر ونصحناه أن يكتب إلى المعتمد المذكور رسالة يلغي فيها الطلب حيث أن هذا الطلب ليس معاهدة فهو قابل للإلغاء.
وفعلاً نفذ السلطان ذلك لكن المعتمد البريطاني الذي غضب غضباً شديداً لذلك قدر أو علم بطريقة ما أن السلطان لابد أن يكون قد تشاور معي في الموضوع فاتصل بي تلفونياً وهددني بأن لا أتدخل لإفساد العلاقة بينه وبين السلطان وإلاّ....! فضحكت وقلت له هذا سلطان بلادي وأنا أتبع أوامره وأطيعها فطلب مني أن أقابله في منزله فقابلته فوجدته منهاراً ويرتجف من الغضب الشديد وترجاني أن أنصح السلطان بأن لا يضيع علاقاته مع الحكومة البريطانية فقلت له أنا أطيع السلطان فإذا استطعت أنت أن تقنعه بغير ذلك فحاول..
وكنت قبل أن أذهب إلى مقابلته قد تلقيت مكالمة تلفونية من أحد الأصدقاء المقربين من الحكومة البريطانية بأن حاكم عدن يطلب مني أن أخبر السلطان بأن الحاكم يود أن يتفضل إلى بيته للتحدث معه في الموضوع وفهمت بأن الحاكم قد يكون مائلاً لإنهاء الموضوع كما يطلب السلطان فأبلغت الأخ السلطان ذلك.. عندها اجتمعنا مع الأخ السلطان واستدعى مستشاره السيد عبدالله علوي بن حسن الجفري واتفقنا على أن نتخذ الخطوات اللازمة في حال ما إذا اختلف السلطان مع الحاكم البريطاني وأن نتقدم إلى وزارة المستعمرات البريطانية بشكوى في هذا الموضوع واتصلنا بأحد أصدقاء السيد عبدالله علوي وكان سفيراً سابقاً للأردن من أصل فلسطيني فوافق على أن يتولى القضية في بريطانيا وحجزنا تذاكر الطائرات لوفد مكون من ثلاثة أشخاص وجعلنا الأمر غير معلن لكننا تسببنا في أن يصل إلى الحاكم البريطاني قبل المقابلة وذلك بواسطة الصديق الذي هاتفني عن طلب الحاكم لمقابلة السلطان وترجيناه أن يكون الأمر مكتوماً بيننا وبينه وكنا متأكدين أنه سوف يبلغ الحاكم بما أخبرناه ولا يستطيع إخفاؤه عنه فتوجه بعد ذلك السلطان على دار الحاكم البريطاني وحين وصوله وجد أن المعتمد البريطاني كان حاضراً للمقابلة أيضاً وبعد شرب القهوة وكلمات المجاملة فتح الحاكم البريطاني الموضوع وأخبر السلطان بأنه دعاه ودعا المعتمد البريطاني وذلك كما تقضي العدالة البريطانية في الفصل بين المختصمين فرفض الأخ السلطان بأن يكون خصماً للمعتمد البريطاني وأخبر الحاكم أن قراره لا رجعة فيه وانسحب من الجلسة مادام فيها المعتمد البريطاني فعاد إلينا السلطان مرة أخرى ليبلغنا بما جرى.
هنا طرحناعليه مرة أخرى موضوع المجلس التشريعي حيث أن هذا المجلس سيرفع عن كاهله تحمل الضغوط البريطانية بمفرده ونصحناه بأن ينفذ خطة الاتصال بالحكومة البريطانية عن طريق وزير المستعمرات وفعلاً جعلناه يعلن أنه سيرسل وفداً إلى بريطانيا وجعلنا هذا الأمر علنياً عندها استدعاه الحاكم البريطاني وجامله مجاملة طيبة حيث قدم الورقة التي كان فرضها عليه المعتمد البريطاني وأخبره أنه يسلمها له إثباتاً لحسن النية وحتى يتفادى غضبه وانتهت هذه الحادثة بتأسيس المجلس التشريعي الذي كنا كوطنيين نأمل أن يكون نواة لإصلاح الحكم في لحج ومثلاً يُحتذى به في بقية الإمارات وتشجيع شعوبها للمطالبة بحقوقهم لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وقد كتبت كلمة في جريدة الأخ فضل عوزر أشيد فيه بهذه الخطوات وأشيد بالسلطان الذي يؤمن بحقوق الشعب وأن قبوله إرساء الدستور ناتج عن إيمانه بحقوق شعبه هذه الكلمة جاءت بتأثيرات عكسية عند السلطان الذي يرى أن الدستور والمجلس التشريعي منحه سلطانية وليست حقاً شعبياً وفي مجلسه وبخني على ماكتبت بطريقة استهزائية وهذا أدى إلى توسيع الهوة بيننا خصوصاً وأنه قبل ذلك عند مقابلته للحاكم البريطاني.
وبعد أن سلمه الورقة المشئومة التي تحدثنا عنها سابقاً ودعه وهو يقول له نستطيع أن نتأكد بأن لا أحد يستطيع أن يملي عليك مالاتريده بعد الآن فأنت صاحب الرأي والقرار في بلادك عندها ساورتني الشكوك عندما أخبرني الأخ السلطان بهذا وقد رأيت على وجهه خيلاء الانتصار وربما خيلاء أشياء أخرى راودت نفسه فأزحت هذه الأفكار جانباً واستعذت بالله من الشيطان ووساويسه خصوصاً وأن توليه الحكم قد قابل معارضة من أهله ومن بعض شيوخ القبائل وانتهت بالتزامات من جانبه لهم وتدخلت فيها لما كان لي من علاقات جيدة مع شيوخ القبائل وهذا موضوع لا محل له فيما نتحدث عنه وطالة لا لزام لها فهي مسئولية كتاب التاريخ وهذه رواية لتجارب رؤية شخصية لما مررت به ومارسته من وجهة نظري.
على كل حال من الأحوال فقد استمرينا أنا ومجموعتي من المخلصين أذكر منهم الشيخ درويش بن أحمد عمر العزيبي والشيخ علي بن أحمد السلامي رحمهما الله وكذلك زميلي المرحوم الاستاذ صالح عوض دبا والشاعر المرحوم الزميل عبدالله هادي سبيت وعدد من الشباب الذي تقاطروا للالتحاق بالعمل الوطني وبنادي الشعب وكان في ذلك مستشارنا المحرك لعملنا الوطني هو السيد محمد علي الجفري وكونه حين تكونت رابطة أبناء الجنوب قد ربط الناس بيني وبين حركة الرابطة وكانوا محقين في ذلك من حيث اعتناق المبادئ وتحيد الهدف لكن وبكل أمانة لم يكن لي يد في تأسيس الرابطة فتأسيسها تم على يد مجموعة من الشباب الوطني بالتعاون مع السيد محمد علي الجفري وهذا لا يمنع من أن بعضهم كان من أصدقائي الشخصيين الذين تربيت معهم وأذكر منهم السيد سالم عمر الصافي رحمه الله وحتى عند تأسيس الرابطة لم أكن أعرف ما يجري بين الإخوة فيها إلاّ عندما قابلت الأخ الجفري وهي مقابلات تكاد تكون يومية لارتباطنا بالعمل في لحج وفي تأسيس المجلس التشريعي فقد أخبرني أن اجتماعاً تم البارحة لتأسيس جمعية وطنية وأنه سيقابل المرحوم الأستاذ شيخان الحبشي للانضمام إليهم ولم تكن لي معرفة بالأستاذ شيخان إلاّ ماكنت أسمعه عنه من المرحوم الأستاذ فضل عوزر الذي كان زميلاً له في العراق وسألته حينها السيد محمد علي ماذا تنوون أن تسموا هذا الجمعية قال نسميها رابطة أبناء الجنوب