تعكس المصالحة بين الحوثيين وقبائل حاشد في شمال اليمن سعيا لدى المتمردين الشيعة إلى السيطرة على الأرض دون تقاسم النفوذ مع آل الاحمر في الدولة الاتحادية المنشودة. وتوصلت قبائل حاشد الثلاثاء الى اتفاق صلح مع الحوثيين، من دون آل الاحمر الذين يتزعمون تاريخيا هذا التجمع القبلي، في ما شكل انقلابا على هذه الاسرة البالغة النفوذ.
وبعد ان عزز الحوثيون مواقعهم، يخوضون الآن معارك مع قبائل مدعومة من التجمع اليمني للاصلاح المقرب من الاخوان المسلمين، في منطقة ارحب بالقرب من العاصمة صنعاء، وسط مخاوف من انتقال المعارك الى العاصمة.
وقال الكاتب والاكاديمي المتخصص في شؤون اليمن سامي دورليان ان النزاع الذي يشهده شمال اليمن بين المتمردين الحوثيين الشيعة والقبائل له ابعاد طائفية وسياسية. اتفاق الصلح بين حاشد والمتمردين الشيعة يعكس رغبة مشتركة بتغييب آل الأحمر عن الساحة السياسية المستقبلية في شمال اليمن. وأضاف دورليان وهو مؤلف كتاب "الحركة الزيدية في اليمن المعاصر، اجهاض محاولة تحديث" ان "المعارك التي يتواجه فيها الحوثيون مع آل الاحمر (ومع قبائل ارحب) لها هدف واحد: من سيسيطر على الارض".
وتابع متحدثا لوكالة الأنباء الفرنسية "مع تسجيلهم تقدما على الارض، يريد 'انصار الله' (المتمردون الحوثيون) ان يقولوا ان الكلمة الاخيرة ستكون لهم وانهم لن يقبلوا بتقاسم النفوذ مع آل الاحمر في الدولة الاتحادية المقبلة".
والحوثيون مجموعة كانت في نزاع مع الدولة وخاضت مع نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح حروبا في صعدة بشمال البلاد بين 2004 و2010.
ولعبت هذه المجموعة دورا نشطا في الانتفاضة (ضد صالح) في 2011 من خلال شباب الحوثيين الذين كانوا متواجدين في ساحة التغيير في صنعاء.
وفي صيف 2011، انتقلت هذه المجموعة من الموقع الدفاعي الى الموقع الهجومي وفرضت هيمنتها العسكرية على محافظة صعدة، وهي المهد التاريخي للزيدية. "اليوم من الواضح ان الحوثيين باتوا اكثر بكثير من قوة هامشية وهم يريدون حصة معتبرة من السلطة"، وفقا لما يرى دورليان.
وأضاف ان "البعد الطائفي هو احد ابعاد النزاع".
والزيديون شيعة الا انهم ليسوا اثني عشريين مثل الشيعة في العراقوايران ولبنان، وليسوا مثل الاسماعيليين. يتشارك الزيديون مع الشيعة بالائمة الاربعة الاوائل، ثم لديهم تسلسلهم الخاص من الائمة اعتبارا من امامهم الخامس زيد.
واستمرت الامامة الزيدية في اليمن اكثر من الف سنة، من العام 897 وحتى الاطاحة بنظام الائمة واسرة حميد الدين في ثورة 1962.
منذ سنوات، تقارب الحوثيون مع ايران تنظيميا وايديولوجيا وسياسيا واعلاميا وباتوا اقرب من الشيعة الاثني عشرية، "فعلى سبيل المثال، باتوا يحتفلون بعاشوراء بشكل اوسع، وهم يؤكدون علنا الآن دعمهم لمشاركة حزب الله في المعارك الى جانب النظام السوري، الا انهم ينفون اتهامات توجه لهم بالمشاركة في هذه المعارك ايضا الى جانب النظام".
في المقابل، ينتمي آل الاحمر (الزعماء التقليديون لقبائل حاشد النافذة) الى الزيدية التقليدية المتقاربة مع السنة. كما تتولى شخصيات نافذة من آل الاحمر دورا قياديا في التجمع اليمني للاصلاح (اخوان مسلمون) كما يتحالفون مع السلفيين الذين يقاتلون الى جانبهم.
ويبدو ان هذه المعارك تجسد الى درجة ما تفكك النفوذ التقليدي للقبيلة لان زعيم حاشد الراحل الشيخ عبدالله الاحمر الذي كان رئيس البرلمان وزعيم التجمع اليمني للاصلاح في نفس الوقت، كان يمثل الالتقاء بين القبيلة والاسلام والجمهورية.
كانت هناك قبائل في حاشد تعارض تاريخيا هيمنة آل الاحمر، وكانت تلك القبائل تعتمد قبل 2011 على دعم علي عبدالله صالح، وقد اتجهت الآن نحو الحوثيين.