اجتاحت التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام اليمني عدداً من المدن اليمنية في تدشين ليوم “جمعة البداية” التي تم الإعلان عنها من قبل المطالبين بإسقاط النظام، حيث قتل 5 أشخاص في كل من عدنوتعز، وجرح العشرات في مواجهات وهجمات لأنصار النظام ضد المتظاهرين في كل من العاصمة صنعاء، عدن، تعز، لحج، الضالع وحضرموت، فيما خرجت تظاهرات أخرى مؤيدة للنظام، في إطار ما أسماها الحزب الحاكم “جمعة السلام”، كانت أكبرها في محافظة تعز بإشراف قيادات بارزة في المحافظة يتقدمهم رئيس مجلس الشورى عبدالعزيز عبدالغني والأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي سلطان البركاني، بالإضافة إلى تسهيلات من السلطة المحلية بالمحافظة التي منحت المشاركين في التظاهرة مساعدات مالية لتأمين حضور كثيف في المسيرة . وسقط قتيلان وجرح آخرون في مواجهات بين المئات من المواطنين وقوات الأمن اندلعت بعد صلاة الجمعة بمدينة عدن، بعد أن فتح طقم من قوات الأمن النار على المتظاهرين الذين احتلوا المنصة الرئيسة لساحة العروض بمنطقة خور مكسر بعد مظاهرة قصيرة طافت أرجاء المدينة، حيث ردد المتظاهرون شعارات مناوئة للحكومة اليمنية ورفعوا علماً ضخم لدولة الجنوب التي أعلنت وحدة اندماجية مع دولة الشمال العام ،1990 وأشار شهود عيان إلى أن جنود طقم عسكري حاولوا تفريق المتظاهرين وأطلقوا الرصاص الحي، ما أسفر عن مقتل شخص إصابة اثنين آخرين . وكان الآلاف قد خرجوا إلى الشوارع بمدينة المنصورة التي شهدت مقتل 6 أشخاص خلال يومي الأربعاء والخميس الماضيين، وذلك بعد صلاة الجمعة، كما خرج المئات من المواطنين في منطقة كريتر، لكن من دون وقوع ضحايا، حيث كانت قوات الأمن غير متواجدة في الشوارع، كما كانت عليه العادة خلال الأيام القليلة الماضية . وفي محافظة تعز، ذات الثقل السكاني الكبير، ألقى شخص من على متن سيارة قنبلة على آلاف الشباب الذين كانوا يعتصمون في ساحة التحرير بمنطقة صافر، حيث قتل شخص يدعى أحمد محمد العريقي وجرح 38 آخرون، حالة 4 منهم خطيرة، حيث نقلوا إلى 3 مستشفيات هي الحكمة والصفوة ومستشفى الثورة العام . وكان الآلاف من شباب تعز قد احتشدوا في الساحة التي أطلقوا عليها “ساحة التحرير” في محطة صافر منذ الصباح الباكر، وافترشوا الأرض بسجاد الصلاة، واستمعوا إلى خطبة الجمعة التي ما أن انتهت حتى بدأ الشباب يهتفون مطالبين بإسقاط النظام ورحيل الرئيس علي عبدالله صالح، قبل أن تنضم إليهم مجاميع من مختلف الأحزاب السياسية، بما فيهم أعضاء في المجلس المحلي للمؤتمر الشعبي العام وقيادات في أحزاب اللقاء المشترك بمحافظة تعز . ودانت المعارضة حادثة تعز، التي قالت إنها استهدفت انتفاضة تعز بقنبلة يدوية، وحمل الناطق الرسمي للمعارضة الدكتور محمد القباطي السلطة والرئيس صالح شخصيا المسؤولية الكاملة عن نتائجها الدموية والتداعيات المنذرة بها، مؤكداً أن الجرائم المقترفة بحق الاحتجاجات السلمية في عدنوتعزوصنعاء جرائم ضد الإنسانية ولن تسقط بالتقادم، مؤكدا أن “القتلة والبلاطجة الملطخة أيديهم بدماء الشباب والمحتجين سلميا لن يمروا من دون عقاب” . من جهتها قالت مصادر أمنية بتعز إن “قوات الأمن ألقت القبض على مدسوس فجر قنبلة في تجمع لعدد من الشباب في المحافظة”، مشيرة إلى أن حميد الأحمر، وهو القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح المعارض “وزع أسلحة على عدد من الأفراد نشرهم في عدد من المحافظات لنشر الفوضى وأعمال التخريب بين المظاهرات لتحميل الأمن المسؤولية عن تلك الأعمال” معترفة بأن عدداً من المصابين سقط في تفجير القنبلة . وفي تظاهرة موازية خرج عشرات الآلاف في تظاهرة لأنصار الحزب الحاكم في تعز، في إطار ما أسماها الحزب الحاكم “جمعة السلام”، حيث وصلت مئات السيارات قادمة من مختلف مديريات محافظة تعز محملة بالأشخاص لإحياء مهرجان مؤيد للرئيس صالح، والذين كانوا يهتفون بحياته ولافتات لمختلف أبناء مديريات تعز تدعو لعدم الانجرار وراء الفوضى والمناطقية، مؤكدين أن من يريد الوصول إلى السلطة عليه بصناديق الاقتراع، واحتشد أنصار الحزب الحاكم في ساحة سوق الجملة وأدوا رقصات البرع والزاومل الشعبية، المطالبة علي صالح بالاستمرار بالحكم، قبل أن يتناولوا الغداء على نفقة السلطة المحلية . وفي العاصمة صنعاء سقط العشرات من الجرحى بعد اعتداءات طالتهم من قبل أنصار الحزب الحاكم الذين نزلوا إلى الشوارع وفي أيديهم الهراوات والعصي الكهربائية يتقدمهم قيادي في اللجنة العامة (المكتب السياسي) للحزب، بحسب مصدر في المعارضة الذي قال إنه يقود “البلاطجة” للاعتداء على المتظاهرين، حيث قال إن “البلاطجة” قاموا بمطاردة المتظاهرين في شارع الزبيري بعد خروجهم من أحد مساجد جامعة صنعاء الجديدة وهم يرددون شعار “مطلبنا واضح، ارحل يا علي صالح”، وحاول أنصار الحزب الحاكم اقتحام مكتب قناة “الجزيرة” الواقع في شارع الزبيري، كما تم الاعتداء على مدير مكتب قناة “العربية” حمود منصر ومصور القناة، وسمعت أصوات أعيرة نارية حية أطلقها رجال الأمن باتجاه المتظاهرين ؛ فيما تم تهشيم مطعم “كنتاكي” الواقع في زاوية جسر الزبيري وأتلفوا محتوياته . سياسياً، توالت ردود أفعال القادة السياسيين المنددة بما يجري في البلاد، وأكد بيان صدر عن الرئيسين علي ناصر محمد وعلي سالم البيض وقياديين آخرين من الحزب الاشتراكي في الخارج، هما صالح عبيد ومحمد علي أحمد، أن “النظام في صنعاء لم يستفد من دروس وعبر ثورتي تونس ومصر، إلا بأعمال البلطجة حيث استخدم بلاطجته في ضرب الطلاب في جامعة صنعاء والمتظاهرين سلميا في صنعاءوتعز، أما في عدن وكعادته فقد استخدم الرصاص الحي ضد أبنائها الشرفاء والأبطال في مظاهراتهم السلمية”، معتبرين “سقوط عدد من الشهداء والجرحى يرسخ عدالة قضيتهم، ويعجل برحيل هذا النظام المستبد، الذي لم يستوعب دروس ثورتي تونس والقاهرة، فكرر نفس الأخطاء، فقتل الشعب بسلاح استقطع ثمنه من لقمة عيشه، وحليب أطفاله، ودوائه وتعليمه” . وأشار البيان إلى أن “إقالة مدير أمن عدن المدعو عبدالله قيران لا تكفي، بل نطالب بإحالته للمحاكمة الفورية، ونشدد على ضرورة محاسبة الذين تسببوا في قتل المواطنين الأبرياء العزل” .