يوشك فجر جديد أن ينبلج على الوطن من خلال اعتماد النظام الاتحادي كنظام حكم جديد توافق اليمنيون بمختلف أطيافهم وكتلهم السياسية على اعتماده خيارا إستراتيجيا وحيدا لا ثاني له لحكم البلد بحسب مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي أختتم أعماله مؤخرا وتمخض عنه لجنة لتحديد عدد الأقاليم قسمت اليمن إلى ستة أقاليم . ومن يتابع وسائل الإعلام المختلفة لاسيما الحكومية منها وتبشيرها ليل نهار بما ينتظر اليمن من مستقبل مشرق خلال الفترة المقبلة من خلال نظام الحكم كامل الصلاحيات وتسيير كل إقليم شئونه الداخلية معتمدا بذاته بعيدا عن المركز وتشكيل مجلس وزراء ونواب لكل إقليم وغيرها من الأحلام الجميلة التي تدغدغ العواطف وتجعلك تسرح بحصانك الطائر على قوس قزح جميل حالما بمستقبل أفضل من الذي عاشه اليمنيون واكتووا بنيران تجاربه الخنفشارية كل تلك الآمال والأحلام تجعلك تتذكر الفترة الزمنية التي أعقبت توقيع اتفاقية الوحدة في 30 نوفمبر 1989م في عدن عاصمة الشطر الجنوبي سابقا والممتدة حتى عشية إعلان قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م , تلك الفترة التي علق الشعب اليمني قاطبة خلالها آمالا واسعة على (الوليد الجديد) من خلال الوعود والآمال التي كالها الساسة له جملة وبالتجزئة من مثل دولة النظام والقانون , دولة المؤسسات , الأخذ بأفضل ما في الشطرين واعتماده في إدارة دولة الوحدة وغيرها من الأحلام التي ما لبثت أن تبخرت مع إشراقه يوم الثلاثاء 23 مايو لغياب النية الصادقة من قبل الموقعين على الاتفاقية وتربص كل منهم بالآخر للانقضاض عليه متى ما سنحت له الفرصة بذلك.
واليوم اليمن بدأ يطوي صفحة الماضي ويخطو خطوات تبدو مرتجفة أحيانا لكنها مستمرة على طريق بناء وطن يتشارك فيه كل أبنائه لصنع مستقبله دون استثناء وبمشاركة كاملة في الثروة والسلطة وحل قضايا الوطن كافة حلا عادلا وعلى رأسها القضية الجنوبية وقضية صعدة ولكن ما الذي يضمن أن لا تتحول سلطة الأقاليم في حال تشكلها إلى سلطة يتجرع فيها مواطنو الإقليم من نفس كأس الذي ينقمون عليه حاليا ؟, فالفساد مستشري في كل إدارة ومرفق حكومي دون حسيب أو رقيب بل أن هناك مسئولين في بعض الدوائر الخدمية نزعوا عن وجوههم البائسة براقع الحياء وراحوا يساومون المواطنين ويطلبون منهم مبالغ كبيرة لتوقيع معاملاتهم مع أنها معاملات قانونية ولا تشوبها شائبة فكيف بهؤلاء المسئولين أن يرى مواطنو الإقليم على أياديهم خيرا أو بُشرا إذا بقوا على رأس مسئولياتهم .
أنني أقولها منذ اللحظة يجب أن لا نحمل هذا النظام ما لا يحتمل إذا لم توجد قوانين وآليات صارمة ورادعة لمحاربة الفساد في كل الدوائر الحكومية لان الفساد هو السرطان الذي إذا لم يستأصل فإنه سيجعل من أي نظام قادم كان يعول عليه الشعب خيرا هباء منثورا.