*الإهداء الى زميل الحرف الفذ صالح ابو عوذل .. إذا انكسر القلب فإننا نتحول إلى كائنات تعيش ولكنها في منطقة أخرى تتعلم الأبجدية تختلف كثيرا، لمحت وقتنا المظلم تخرج من الجحيم مبتسمة، تنفض عن ثيابها ماعلق بها في العالم السفلي لتجربة الألم . تخرج وبيدها سلال الحب والسلام ولدينا حزمة الوقت الذاكرة التي أتت بها كلها إلى هنا .. ومن كل الصياح والضجيج الذي حولها تقف .. تفتح باب عزلتها، تدخل لتضيء كل الأيام الماضية التي لفت التقلبات ، تمسك بالقلم، تحني رأسها صوب الدم .. تسمع قلبها يقول “نعم للفداء" .. تضع يدها عليه تلتقط أنفاسها تبتهج لتتمتم “الحمد لله مازال الباب مفتوحاً لثورة الدم .. أدخل من ذاك الباب الموارب بحزمة الأسئلة التي بيديها..أكشف لها عن أحلامنا ، أفرك أصبعي بشغب ..هنا.. تصمت في عزلتها لتكتب (هكذا هو الطريق، صعب ومليء بالاختبارات، ومع كل اختبار هناك اختيار، إما العودة للوراء إلى ادراج ضيقة تقتل العوالم الرحبة اللامتناهية وهو الموت وإما التقدم رغم النزيف .. وهذا موت أيضا، لكنه ذلك الموت الذي يفتح آفاق رحبة تمكننا الانتقال من الحياة الافتراضية المكممة ..
وتدخل “لعبة المكشوف” بعد أن تقول لي “أحب أن أدخل الطرق المتحركة حتى إن مت في منتصف الطموح الحزن والانكسار يزور التقدم ليعيقه ونقدم له عصارة الجهد دون رغبة ..لحظة التحول في بيئتنا تحكي لنا بعد أن تترك الثلة الحديدية تعبث بكل شي مقدس ندين ونستنكر ونشجب ونمتعض المشاعر المحسوسة ليست كذبة بقدر ماهي لحظة انعتاق من الجمود ..كآبة التحولات التي لا تنتظر شيئا .. فالذعر يأتي حينما تتحول الحياة إلى جفاء وحصار يخنق الصوت ويقتل أبسط سُبل العيش فينا.. التسيب والضيق من الممكن أن يحدث كل شيء! الهمم هي خلاص الذات .. حتى إن تحولت في لحظات إلى كائن شرس يجرح ولكنه يؤسس لبقاء أطول يصارع الحياة اللاكريمة. التجارب القاسية هي النور الحقيقي في الطريق، وبأن الاختلاف شبه .. وبأنها ستظل دائما الغد الذي يحارب من أجل حرية شعبه .. لأتخاف العجز.. يصيغ الألم !! أيمكننا حقا أن نكتب عن الأغتراب الذي يتغوط أسفل رتب المكث في معقلة.
أيمكن أن نشفى من المنطق الذي ينثر كمّا من معاني الوجود وأن نلمس آلامنا التي لطالما دفعتنا إلى قدر من البكاء والانكسار ..إلى أي مدى كنا قادرين على ملامسة جروحك بالحبر والورق ؟ وماذا عن ذاكرتك القديمة .
مدرسة العلم والصحافة ..أنها الدكتاتورية القمعية ..انه الغياب الفكري الذي يخيم على عهد مليء بالكوابيس الكافرة بالعدالة السماوية والإنصاف .. مازالت النار تستقر في لهب البقع التي خلفت ضحايا كانوا أمس هم من أشعل نور الضحى في الوجدان وعمدوا باسقين في وجه الطغاة .
نعم مازالت السماء تكتظ بالحزن”؟ - بالتأكيد بإمكاننا الكتابة عن حريتنا وحقنا في الحياة ، ليس بمعنى الذاتية أو رثاء الذات والعويل، ولكن بمعنى إعادة تشكيل عجينة التجربة الحياتية وأسئلة الكاتب بأزميل الحس المعنوي لإنتاج كتابة رائعة كتابة تحمل ثقل التجربة وألمها ورصانة الطرح الذي يعيد صياغة الألم.
نظام كهذا يحصر نفسه في شرنقة للاختباء من العالم بقدر ما هو اضمحلال لإنسانيته القذرة لحظات الألم والبهجة والانكسار والكشف، كيف لايمكننا التخلي عنها الا بالتحرير ونحن في النهاية صنيعة تلك الإنجاز ،النضال هو جوهر إنسانيتنا..إنه يفتح داخلنا أبوابا منسية ويكشف كنوزا تراجيدية لابد من الخلاص منها.. طبعا يستحق الانسان الجنوبي أن نبكي من أجله.
ومنذ ان عرف الحياة تسجل انكسارات القلب ومحاولاته أن يتطبب .. نبكي الوطن المكسور والعالم يتداعى من حولنا بما يفعله بنا هذا اليمني لكنها تبقى مجرد لحظة عتاب للذات ولا يمكننا إلا أن ننتهي من كل البكاء حتى نخطو إلى الحياة مرة أخرى..
لحظة التحول هي الحاسمة دون شك. عدن رائدة الحرية والعلم والثقافة هي التي تحيطنا بتفاصيلها، عدن والناس طبعا، وأيضا لحظة عودة الروح إلى الجنوبيين هو لحظة تحول جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من صورة في خيالي إلى واقع أكثر جمالا وغموضا وتعقيدا وإدهاشا من أي خيال.
كتب الطاهر بن جلون (فالضعف يكمن في أن تؤخذ المشاعر على أنها الواقع، في أن تصبح متواطئا مع كذبه تنطلق من ذلك لترتد إلى ذلك. فتحسب أنك بذلك خطوت خطوة نحو الأمام) .. لماذا نحن دائما نصدق مشاعرنا حتى إن كانت كذبة ؟ أيمكن أن يكون الحلم شهيا إلى درجة التواطؤ على الواقع ؟ ؟