برأسيتين.. قطر تعبر إلى المونديال    لبنان تقترب من الآسيوية.. واليمن تضرب بتسعة    تراجع أسعار النفط    تسجيل هزة أرضية في خليج عدن    قوات الجيش تصد محاولة تسلل للميلشيات الحوثية شرق مدينة تعز    دهس امرأتين في شبوة من طقم عسكري    مقتطفات من خطاب الرئيس الزُبيدي في مهرجان الضالع    العليمي يمهد لتحالف مع الحوثيين لشن حرب على الجنوب    صعود الذهب إلى قمة تاريخية جديدة    الحوثي يكشف عن سر انقلاب "اسرائيل" على اتفاق وقف عدوانها على غزة    مصرع 20 شخصا إثر اندلاع حريق في حافلة بولاية راجستان بالهند    المنتخبات المتأهلة لكأس العالم 2026    منتخبنا يكتسح بروناي بتسعة أهداف في تصفيات كأس آسيا    صنعاء تعيد رسم موازين القوة العالمية    قراءة تحليلية لنص "الأمل المتصحر بالحرب" ل"أحمد سيف حاشد"    قراءة تحليلية لنص "الأمل المتصحر بالحرب" ل"أحمد سيف حاشد"    قوة أمنية تعتقل ناشطين في عدن    الأمم المتحدة تكشف حجم الدمار في غزة وفاتورة إعادة الإعمار    اليمن يقترب من التأهل لكأس آسيا 2027 بعد اكتساح بروناي    مبابي يتصدر قائمة أفضل مهاجمي العالم ومرموش يتفوق على رونالدو    أصبحت حديث العالم ...فأر يقتحم مباراة بلجيكا وويلز في إطار تصفيات كأس العالم .!    المنتخب الوطني الأول يكتسح بروناي بتسعة أهداف نظيفة في تصفيات آسيا    السلطة المحلية في تعز تحتفي بذكرى 14 أكتوبر وتؤكد المضي على درب الثوار    اندلاع حريق في مخيم للنازحين بأبين    عدن.. ضبط سائق باص حاول اختطاف فتاة    السامعي يعزي الصحفي رفيق الحمودي بوفاة والده    عبدالله العليمي: التصعيد الحوثي الإيراني في اليمن يهدد فرص السلام    ترامب: المرحلة الثانية من اتفاق غزة بدأت وحماس ستتخلى عن سلاحها    في ذكرى ثورة أكتوبر ال62.. الكثيري يؤكد: لا تفريط ولا تراجع عن هدف استعادة الدولة الجنوبية    انقذوا حياة الصحفي صادق حمامة    شبام.. القلب النابض في وادي حضرموت يرفع اليوم صوت الجنوب العربي عالياً    صحيفة.. التفاتة إماراتية لوضع التعليم الصعب في اليمن    اجتماع بوزارة الاقتصاد يناقش مشاريع تعديل عددا من القوانين    صندوق النقد يرفع توقعاته للنمو في السعودية إلى 4% في 2025    ما سر حضور رئيس فيفا قمة شرم الشيخ؟    دراسة: الإقلاع عن التدخين في مرحلة متقدمة يبطئ تدهور الذاكرة    يونيسيف:81٪ من مرافق المياه في غزة خارج الخدمة    الضالع بعيون ابينية    شوفت ايه في الصور؟.. ما تراه أولا يكشف الكثير عن شخصيتك (اكتشف نفسك)    مبادرة بيئية بمديرية الصومعة في البيضاء    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    ضبط سائق باص ارتكب حادث دهس وفرّ من موقع الحادث    448 مليون ريال إيرادات شباك التذاكر في السعودية    بعد إضراب شامل للمخابز.. تعديل سعر الخبز في مدينة تعز    الطريق إلى رجاح    انتقالي وادي وصحراء حضرموت يطلع على التحضيرات النهائية للجنة الحشد النسوية    مرض الفشل الكلوي (23)    القلم الذي لا ينقل أنين الوطن لا يصلح للكتابة    أزمات متكررة ومعاناة لا تنتهي    موقف فاضح للمرتزقة في مصر    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    عدن.. صرف مرتب واحد بالاستدانة ومصير مجهول لمرتبين رغم وعود الحكومة بالجدولة    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    ورثة المرحوم " الشيباني " يجددون بيانهم ضد عبد الكريم الشيباني ويتهمونه بالاستيلاء والتضليل ويطالبون بإنصافهم من الجهات الرسمية    طريقة مبتكرة تعتمد على جزيئات الذهب لعلاج أمراض خطيرة!    قطاع الحج والعمرة يعلن بدء تطبيق اشتراطات اللياقة الطبية وفق التعليمات الصحية السعودية لموسم حج 1447ه    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفيدرالية كبديل عن الانفصال
نشر في حياة عدن يوم 21 - 01 - 2012

تعالت في الاونة الاخيرة اصوات سياسية واجتماعية وشعبية كثيرة في اليمن، تنادي بان الظرف والوقت المناسبين قد حانا للجنوبيين لاعلان استقلالهم،وقيام دولتهم وذلك استنادا الى مبدأ حق تقريرالمصيرللشعوب. حيث صواب ممارسة هذا الحق في الظرف الملموس ، مع اختيار النظام الملائم كتعبير عملي عن ذلك باعتبارهم كانوا دولة مستقلة وذات سيادة ومعترف بها دوليا بكل مقوماتها وركائزها الوطنية والسياسية قبل ان يندمجوا في وحدة غيرمتكافئة مع الشمال في العام1990م معبرا عنها في المرحلة الراهنة في اطارفيدرالي كتعبير عملي موضوعي وصائب عن حق تقرير المصير. وكصيغة سياسية لضبط العلاقة على هذا الشكل ،وعلى اساس ممارسة الديمقراطية اسلوبا للحكم بعد ان اثبت فشله خلال عشرون عام من عمر هذه الوحدة، كأفضل خيار لمعالجة مشاكل دولة كبيرة تعاني من التنافس المحموم بين القبائل على السلطة والثروة والسلاح من جهة ومن جهة أخرى كحل للمأزق التاريخي الذي نعيش فيه الآن حيث وصلنا إلى نقطة الصفر بعد أن اوشكنا على تدمير دولة الاستبداد المركزي التي أقامها النظام على أنقاض دولتي التشطير.
واٍزأ هذه الاصوات وجدت بشكل عام نوعين من ردود الأفعال المعارضة والمستنكرة بشدة لهذا التوجه العقلاني الواقعي الذي يفرضه علينا التفكير الوطني السياسي الموضوعي بعيدا عن العواطف والشعارات وما يقال في وسائل الإعلام!..النوع الأول يعتقد أن الدعوة للفيدرالية هي بالضرورة دعوة للإنقصال او التقسيم .. وهؤلاء إما أن لديهم سوء فهم لحقيقة النظام الفيدرالي المطبق في عدة دول من العالم بدون أن نشهد فيها تلك الإنقسامات والإنفصالات المزعومة.. وأما أنهم يفهمون جيدا ما معنى الفيدرالية ولكنهم لأسباب مصلحية وقبلية عنصرية يخفونها ويخشون من النظام الفيدرالي لأنه في إعتقادهم سيغير موازين القوة والثروة في الخارطة اليمنية لغير صالحهم.. وهؤلاء قبليون متعصبون اغلبهم يخفون عصبيتهم تحت زي وطني ويتباكون - في الظاهر - على الوحدة الوطنية بينما هم في حقيقة الأمرانما يتباكون على شئ آخر!،
وقسم من الناس ينبري لمناقشة الفكرة، من دون الإطلاع على حيثياتها، أو فلسفتها، كما انه لم يحمل نفسه حتى عناء الإطلاع على نماذج من الأنظمة الفيدرالية في هذا العالم، والتي هي تجارب إنسانية قبل أن تكون وطنية أو إقليمية، وكلنا نعرف ان من لم يمتلك الخلفية المناسبة لفكرة ما، لا يمكنه أن يناقشها بشكل منطقي معقول، ولذلك نرى الجاهل بأمر ما يتهجم على الفكرة المطروحة للنقاش ويشتمها، أكثر مما يناقشها نقاشا علميا ومنطقيا رزينا، فهو يميل إلى العاطفة عند الحوار، أكثر من اعتماده على العقل والمنطق، فلا يجوز أن نناقش الفكرة، خاصة إذا كانت مهمة واستراتيجية للغاية، بخلفيات ضعيفة، أو بأحكام مسبقة، أو بمواقف متشنجة، أو بالاعتماد على الشائعات والقيل والقال، فقد يكون الخير كله فيها، فنخسرة ونحرم أجيالنا منه.
وقد يسخر هذا الموضوع لماّرب سياسية وشخصية بفعل نقص الوعي الشعبي للمواطن في الثقافة السياسية ..ومع تردد الاخبار التي سمعناها من مصادرعدة خلال الايام السابقة عن انعقاد مؤتمر دولي ستستضيفه مدينة المكلاء خلال شهر مارس القادم بهذا الخصوص فانني أتوقع أن تثار زوبعة سياسية واعلامية حول الفيدرالية في اليمن من قبل بعض الاطراف،ممن سيدعون- بانهاعامل للتجزئة وسيتباكون على وحدة الوطن أرضا وشعبا(وطبعا إعلام الجزيرة ومحلّليها جاهزون لذلك ويعدون العدة من الآن)وسيقولون أنها مطلب خارجي في احسن الأحوال وسيخلطون ،كعادتهم، كل الأوراق وسيعتبرون الفيدرالية مظهرا للانفصال والعنصرية وسيخلصون إلى أنها حرام وان المنادين بها من أهل النار وضد العروبة والإسلام وان كل الشرف والوطنية ووحدة اليمن شمالا وجنوبا يقتضي رفض الفيدرالية الكافرة.. وحتى نصل إلى اخماد هذه الزوبعة ونتخلص من شرور هولاء الافاقين والاسلاميين الاوصوليين وعيرهم من المستبدين يجب على جميع القوى الحية والفاعلة بنخبها وجماهيرها في البلاد شمالا وجنوبا أن تأخذ دورها في العمل وتثقيف المواطنين حول هذا الموضوع وعدم تجاوز القواعد الشعبية كما يفعل السياسيون عادة ، وكمحاولة منا على هذا الطريق بعد ان تعمقنا كثيرا بالقراءة في هذا الموضوع ولاثراءه بالافكار والاراء التي تكونت لدينا ، نقول وبالله التوفيق:
إن نظام الحكم الفيدرالي يعني فيما يعنيه الاتحاد وليس الانفصال فهو أسلوب يعتمد على توزيع السلطات بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية وعدم تركيزها في جهة واحدة لمنع الاستبداد والتخلص من أخطاء المركزية الخطيرة في التحكم وعدم إفساح المجال للجميع وكبت الطاقات المحلية ومنعها عن الإبداع والعمل فضلا عن أنها-الفيدرالية- تؤدي إلى إيصال الخدمات للجمهور بأسرع وقت ممكن وبأفضل الوسائل لان أهل مكة أدرى بشعابها – كما يقولون- بفضل إن القائمين على الحكومة المحلية هم أهل الدار يفهمون حاجاتها وطبيعة سكانها وهمومهم لا كالمتربعين على عرش السلطة في العاصمة يقررون كما يشاءون في ظل النظام المركزي.وهناك بون شاسع بين الفيدرالية وشكل نظام الحكم في البلاد، فالفيدرالية شكل من أشكال الدولة او الوحدة وطريقة من طرق تنظيم العمل فيها فهناك الدولة البسيطة التي نحن عليها الان وهناك الدولة الفيدرالية وهناك الدولة الكونفدرالية (وهذه خيارات طرحها الجانب الشمالي على الجانب الجنوبي الذي اختار الاندماجية وفضلها عنها) قبيل البدء بخطوات تحقيقها بين الشطرين وللشعوب ان تختار شكل هذه الدولة بحسب طبيعة كل شعب وخصوصياته وما قد ينجح عند طرف قد لا ينجح عند الآخر بخلاف ماحدث للوحدة اليمنية الاندماجية،
وتتميز الدولة الفيدرالية عن الكونفدرالية بأنها اكثر اتحادا وقوة لذلك فقد انتشرت في اغلب مناطق العالم ولم تشهد تجربة فيدرالية مشاكل تستحق التوقف عندها في جميع الدول التي طبقتها كسويسرا وألمانيا تقريبا وامريكا واكثر من ثلاثة أرباع دول العالم، ويعتبر الشكل الفيدرالي للدولة الطريقة الأكثر نجاحا لادارة الشعوب المتنوعة سياسيا اوثقافيا او اقتصاديا او جهويا او اجتماعيا او دينيا لأنها تضمن خصوصيات كل نوع وتحقق طموحاته كاملة فلا مكان للاضطهاد والاستعلاء والإلغاء أو التهميش الذي يمارس عليها في ظل الدولة البسيطة.وعلية تعد الصيغة الفيدرالية أمانا للمظلومين وراحة لهم من الاستبداديين وتحقق مصالحهم بأيسر الطرق ومن خلالهم هم, فيطمئن الناس ويشعرون بإنسانيتهم وتعود لهم مواطنتهم بالتدريج بعكس الحرمان والكبت والأحقاد التي تنشا بسبب توحيدهم بالقوة تحت سيطرة سلطة واحدة مركزية كما حدث للوحدة الاندماجية منذ صيف 94م. والفيدرالية بذلك - كطريقة لإدارة الدولة – تختلف عن شكل نظام الحكم أو طريقة الإدارة السياسية له فأنظمة الحكم متعددة فهناك النظام الرئاسي الذي يمنح رئيس الدولة سلطات واسعة ويتم اختياره مباشرة من قبل الشعب عن طريق الانتخابات الرئاسية وهو يختار أفراد حكومته كسلطة تنفيذية وطبعا تكون مستقلة عن السلطة التشريعية التي أيضا يختارها الشعب ولها صلاحيات وسلطات تختلف عن صلاحيات السلطة التنفيذية التي يقودها الرئيس فضلا عن استقلال السلطة القضائية عنهما معا، وهو ما يعرف بمبدأ الفصل بين السلطات، وتختلف الدول بحسب تطورها حول رسم طبيعة العلاقة بين هذه السلطات بين انفصال تام أو تعاون غير متداخل..
وعلى ذلك يمكننا ان نزعم زعما قاطعا بان الدعوة للفيدرالية اليوم – ليست دعوة للتقسيم والإنفصال كما يردد البعض بسوء فهم أو بسوء نية بل هي دعوة وطنية واقعية عقلانية ترى في الفيدرالية الحل البديل عن الانفصال التام بين الشطرين والعودة الى ماقبل العام90م والخيار العملي العملي الشافي لكثير من مشكلات اليمن المزمنة التي تتطلب في معالجتها التعامل معها بشكل واقعي عملي يراعي حقائق الواقع وطبائع اليمنيين بعيدا عن الشعارات والكلام الذي يقال في وسائل الإعلام !.. فالفيدرالية هي دعوة صادقة مع النفس الى إعادة تشكيل الوحدة على أساس سليم وصحيح وقوي ومريح يرضي الجميع عن طريق الإعتراف بالواقع الثقافي والمدني والاجتماعي للجانبين وهي صمام الأمان وقارب النجاة والحل الامثل والمرحلي للخروج من هذا المأزق التاريخي وهذا العجز الكبير الذي نتخبط فيه الآن ..لان العدول الى الفيدرالية يجب ان يكون في الوقت الراهن أيسر وأهون بكثير جدا ً من محاولة توحيد دولتين متخاصمتين بينهما نعرات كبيرة وثارات مريرة فيمالا قدر الله و قرر الجنوبيون الانفصال إن لم يبقى امامهم اي خيار اخر غيرذلك !.. فأشد ما أخشاه أن يأتي اليوم الذي نقول فيه: يا ليتنا أخذنا بالنظام الإتحادي والحل الفيدرالي!.. فإذا كان اليوم في نظر البعض شرا فسيكون غدا أاخف الضررين وأهون الشرين!ولكن بعد فوات الاوان.. ويا ليت قومي يعلمون,,,
ان المطالبة بتحقيق النظام الفيدرالي في ظل دولة مابعد النظام الفاسد بمؤسساتها من اعلى الهرم الى السلطات الثلاث والدستور الواحد الذي يجب ان يعدل او يجدد قبل الاستفتاء عليه،لن تتوقف لانها تخدم الشعب اليمني في اجزاء الوطن المختلفة و ترسخ نظام يسهل اداء الخدمات التي ترتبط بحياة الناس اينما كانوا وحيثما وجدوا ، وهذه من اهم سمات هذا النظام، هذا ان لم تتطورهذه المطالب مع اي رفض قد يواجهها ..
وفي ضوء هذه المعطيات تأتي اهمية الاخذ بالنظام الفيدرالي في اليمن الجديد وباسرع الخطوات ضمانا لتثبيت اسس الدولة الجديدة والخروج من المآزق التي نشاهدها ونلمسها يوما بعد اخرومنذ وقت طويل،
افلا يجدر بنا دراسة موضوع الفيدرالية بعمق وجدية ومتابعة احوال الدول والشعوب التي تعيش في ظل هذا النظام المثالي ومقارنتها مع غيرها من الدول الاخرى التي تطبق الانظمة المركزية. ومحاولة الحكم بنظرة محايدة وموضوعية بعيدا عن الاهواء للوصول لمعرفة الحقيقة المجردة، وذلك دون نشر الفزاعات والمخاوف من أن الفيدرالية هي حالة انفصال للوطن وكأن المطاليبين بها ليسوا وطنين ولاتهمهم مصلحة اليمن بل وربما طلاب سلطة او منافع شخصية والامر ليس كذلك فالمطالبون بالفيدرالية هم الوطنيون الحقيقيون الذين ناضلوا وقاوموا طغيان صالح ونظامه ولم تحتويهم حبائل النظام المنهار بمغرياته التي سقط فيها الكثير من ضعاف النفوس وهم المتنورين والمثقفين من ابنا الشعب في الجنوب والشمال وقادة الفكر فيه ..
ان تطوير صيغة المطالب الحالية بالفيدرالية الى صيغة الاستقلال والانفصال مرهونة بموقف احد الطرفين منها ومن المبادرة الخليجية ان لم تجد طريقها للنجاح وانزلقت البلاد إثر ذلك الى اتون الفوضى والحروب الاهلية في الشمال على وجه التحديد فإن العامل الخارجي/ الموضوعي وغير الموضوعي، المتمثل بمدى تأثير الموقف الاقليمي للبلدان الخليجية ، وكذلك تأثير البلدان العربية، على القضية الجنوبية والاعتراف بها كقضية سياسية، يجب حلها بشكل يضمن حق تقرير المصير. والعامل الدولي ، ويتمثل في موقف تلك الدول ممن لها مصالح اقتصادية وجيوسياسية في الجزيرة العربية وباب المندب والسواحل الجنوبية بشكل عام ، وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها من القضية الجنوبية في المنطقة والتعامل معها بشكل يضمن لها المحافظة على هذه المصالح . في الوقت الذي نجد ان النظرة الدولية الى القضية الجنوبية، لاتزال حتى الان نظرة انسانية وليست سياسية وموقفها من قضية اقرار حق تقرير المصير للشعب الجنوبي بما في ذلك الانفصال مازال مرتبطا بنجاح او فشل المبادرة الخليجية التي قوبلت بمباركة اقليمية وعربية ودولية لانظير لها .
إن التجربة التي عاشها الشعب اليمني منذ اعلان الوحدة الاندماجية بين شطريه والى اليوم أثبتت فشل الدولة المركزية في تحقيق الأمن والحرية والرخاء للمواطن ، بل على العكس ساهمت هذه الدولة في زرع الفتن الطائفية و الوطنية والسياسية والمذهبية والقبلية والاجتماعية وزادت من توسيع الشرخ السياسي والاجتماعي الموجودليس فقط بين الجنوب والشمال بل وبين اطراف سياسية ومناطقية وجهوية ومذهبية متعددة وأصبحت الهوية والقبلية تلعب دورها في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المجتمع وتقلص دور الحركات المدنية التي تحمل برامجا وطنية للتغيير،كما ان اغلب المشاكل الاقتصادية والمعيشية التي نعاني منها اليوم ظهرت بوادرها مع تحقيق الوحدة الاندماجية بين الشطرين..
والعالم الان يتجه الى التمكين والى اللامركزية المجتمعية والى الحكم المحلى ، وهى فيدراليات بتسميات واساليب مختلفة ،ولكنهااساليب علمية وفنية وليست عقائدية او تعبويه كما يعتقد البعض ، بل هى اساليب ونظام يغلب عليها الجانب الفنى المهنى ، خصوصا فى المجالات الادارية والقانونية ،
ومن ناحية اخرى ، عمليا ما الذى يناسب اليمن غيرنظام الحكم الفيدرالي ؟، وما الذى يحقق التنمية ويحقق العدالة فى توزيع المنافع والثروات ، ما الذى يحقق الحد من الفساد ، والحد الادنى من الاحتقان والحفاظ على الترابط الاجتماعي والسياسي بين الكيانات الوطنية للشعب ، انها ظروف موضوعية هى التى تجعلك تتجه الى النظام الفيدرالى او المركزي ، واريد ان اوضح هنا ان الاصل هو المركزية ثم تطورت الى اللامركزية وهى تبقى فيها درجة من المركزية ولكن الفيدرالية هى نظام لنقل وتوزيع حقيقى للسلطات ، والفيدرالية لا علاقة لها بالدين ولا بالايدلوجيات وغيرها انما هى نظام سياسى ادارى فيه تفويض حقيقى للاختصاصات التقريرية والتنفيذية ، وللاسف يوجد قصور فى فهم هذه الانظمة من الناحية العملية ، نتيجه التاثير بثقافة النظام السابق ، من حيث التعبئة القبلية التى عمل على نشرها وتاثر بها الكثير،
إن ما يحملنا على القول بنظام القيدرالية ما نلاحظه بوضوح من ظروف سياسية واجتماعية ومعيشية سيئة تدفع إلى الاخذ بالنظام الفيدرالي، الذي تسعى إليه الأحزاب والتيارات السياسية والجماهيرية والوطنية في الشمال والجنوب وفي كل جهات الوطن ، بهدف التخلص من الإستبداد والتسلط السياسي، وإلغاء العنصرية القبلية والمذهبية و السياسية، التي قد تهدد وحدة اليمن ووحدة شعبه، فالطريق الأمن والسليم إنما يكمن في (إشراك) جميع اليمنيين في الحكم والإدارة لضمان وحدة الشعب اليمني، بإشراف ورقابة الدولة والسلطة المركزية، وفي حدود نظام دستوري يعين ويحدد صلاحيات كل من المركز (العاصمة) والاقليم او الحكومة المحلية، ويقوم على أساس العدل، والديمقراطية، وتكافؤ الفرص، وبالشورى والرقابة، لتحقيق أهداف الشعب في البناء والإعمار، والأمن والإزدهار الإجتماعي واقامة صرح الدولة المدنية الحديثة التي يتطلع اليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.