ان التاريخ لا يعيد نفسه الا بشكل هازل ومفارق ولكي يصحح الله من خلال ذلك الخطأ ويعيد الامور الى نصابها وينصف المظلوم من الظالم تصديقا لقوله تعالى :(وتلك الايام نداولها بين الناس). نحن في الجنوب المحتل قطعنا اكثر من ثماني سنوات في ثورة سلمية تحررية ,سعيا منا لاستعادة دولة الجنوب كاملة السيادة , وهذا حق مشروع .ولكن المؤشرات اليوم توحي بأن الجنوبيين سينجزون اكبر من هذا الهدف وتكمن الزيادة بعون الله تعالى وقدره في ان الجنوبيين سينتقمون من عصابات صنعاء التي غزت الجنوب في 94 م واحتلته ودمرت دولته وقتلت ابناءه وشردتهم واغتصبت ارضهم اكتر من عقدين من الزمن ,ويهزمونهم شر هزيمة و يطاردون فلولهم حتى جحورها ويصبح الجنوبيون هم الظاهرين الظافرين بأذن الله تعالى. وهذه هي المفارقات بين الحربين على النحو الاتي: 1- في حرب الاحتلال الاولى كان الجنوب منقسما على نفسه وكان قسما منه مشاركا في تلك الحرب الظالمة على الجنوب وكان الشمال موحدا ومجمعا على تلك الحرب بقيادة المخلوع صالح الذي كان في ذروة مجده الموهوم، بينما في هذه الحرب التي تدور اليوم فان الجنوب فيها موحد ماعدا اشخاص عملاء وذيول للاحتلال لا يمثلون حتى اسرهم ولكن الشمال منقسم سياسيا وشعبيا ومذهبيا . 2- في حرب94 كان الرئيس شماليا والعاصمة شمالية بينما في هذه الحرب الرئيس جنوبي والعاصمة جنوبية وان كان اكثر الجنوبيين يرفضون ان تكون عدن عاصمة مؤقتة ولكن تبقى هذه مفارقة ليقضي الله امرا كان مفعولا. 3- في حرب 94 كان يتشدق نظام صنعاء بالشرعية الدستورية معتبرا القيادة الجنوبية متمردة وخارجة عن الشرعية لان نظام صنعاء كان قد حصد اغلبية مقاعد البرلمان في انتخابات 93 لان لعبة الديمقراطية انطلت على الجنوبيين وجاءت بنتائج عكسية ولكن في هذه الحرب الظالمة الثانية صار الطرف الشمالي هو المتمرد واللاشرعي متمثلا بعفاش المخلوع الذي انطوى زمنه والمتمردين الحوثيين الذين لا شرعية لهم الا شريعة الغاب وشرعية القوة . 4- في الحرب الاولى وقف المجتمع الدولي متفرجا من استباحت الجنوب ان لم يكن داعما او متواطئا ماعدا اصوات قليلة ذهبت ادراج الرياح بينما في هذه الحرب الجديدة فان المجتمع الدولي والإقليمي يقف ضد استباحت الجنوب الى حد تدخله العسكري المباشر. 5- كان الحماس الشعبي في حرب 94 مشتعلا شمالا وخامدا جنوبا بينما هو الان خاملا شمالا ومشتعلا جنوبا. 6- كان الخطاب الديني في حرب 94 متوجها بقوة نحو الجنوب متهما الجنوبيين بانهم كفرة وملحدون وصدرت فتاوى بذلك بينما في هذه الحرب لم يصدق احد خطاب الحوثي بان الجنوبيين دواعش او قاعدة وكان الخطاب الديني الاقوى يتمثل بان الحوثيين شيعة اثنا عشرية وروافض،ومع ان الحرب الدائرة اليوم في الجنوب ليست طائفية الا ان الخطاب الديني قد اضر بالحوثيين والعفاشيين اصدقاء ايران التي تعتبر خصما للعرب وللسنة على حد سواء. 7- في الحرب الاولى كان نظام صنعاء الذي شن الحرب يتهم الجيش الجنوبي انه يتمترس بالمدنيين في عدن ولذلك صدرت الفتوى سيئة الصيت بضرب الجميع بينما اليوم يتهم العالم عصابات صنعاء التي تشن الحرب بانهم يتمترسون وراء المدنيين ليتقوا ضربات عاصفة الحزم . 8- في الحرب القذرة الاولى غادرت القيادات الجنوبية هروبا الى دول الجوار واليوم سنرى هروب القيادات الشمالية ربما الى اماكن ابعد من دول الجوار، اليست هذه مفارقة؟ وعلى الرغم من هذه المفارقات العجيبة فان مصدر الغزو في الحربين هي صنعاء أي الطرف الشمالي، ومن يتأمل اكثر فيما جرى في الحربين الاولى والثانية سيجد مفارقات اكثر وسبحان الله العظيم فهو الحق والعدل والمنتقم وهو القاهر فوق عبادة..