في الوقت الذي يواصل فيه الطيران اليمني ضرب الحوثيين في محافظتي صعدة وعمران في الشمال، نسب موقع \\"الاشتراكي نت\\" لمصادر عسكرية أن الجيش اليمني يحشد -في محور حرف سفيان- أكثر من ثلاثة ألوية عسكرية، إضافة إلى دعم من الطيران والصواريخ بعيدة المدى. وما زالت المعارك محتدمة بين الطرفين، حيث (علق) الآلاف من المدنيين بعد أن تقطعت بهم السبل. وحسب \\"الاشتراكي نت\\" فإن منطقة (المنزلة) قد سقطت في أيدي الحوثيين ولم تستطع القوات الحكومية استعادتها. وما بين كتابة ونشر هذا المقال ربما تجد مستجدات مهمة. وقد دعت الأحزاب المعارضة إلى وضع حد للهجوم على الحوثيين (الشيعة) في شمال اليمن. وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تنامي انفصال الإقليم عن اليمن، ويتحول إلى بؤرة جديدة تقض مضجع النظام الإقليمي في المنطقة وليس في اليمن وحده! وقد أشارت أحزاب المعارضة إلى أن \\"دعوات انفصال الجنوب تتطلب حلا عادلا وشاملا يضع الجنوب في مكانه الطبيعي كطرف في المعادلة الوطنية وكشريك في السلطة والثروة\\". وحذرت الأحزاب المعارضة من خطورة تهديد الكيان السياسي والاجتماعي، ودعت إلى \\"رفض الفردية الاستبدادية والقهر والعنف\\"، وإلى \\"قيام المؤسسية وسيادة القانون والمواطنة المتساوية والمشاركة الشعبية في السلطة والثروة وصناعة القرار\\"! وتلك إشارة لسوء أوضاع الجنوبيين من أبناء الوحدة. وتلك أفكار نعتقد أنها شرعية ويمكن الأخذ بها لوقف النزيف اليمني الداخلي، وللحؤول دون انفصال الجنوب، أو أي جزء آخر من اليمن. ولقد اشتكى العديد من أبناء الجنوب من تداعيات الوحدة التي قامت منذ 19 عاماً. وشعر بعضهم بأن امتيازات الوحدة تطال نعماؤها أهل الشمال، ولا تصلهم. بل إن بعضهم يزعم أن الوحدة جعلت منهم مواطنين من الدرجة الثانية، كما أن اليمن يواجه على رغم فقره، تنامي وجود أعضاء \\"القاعدة\\"، أي أن محنته ثلاثية الملامح، وليس بينها أي ملمح حلو! ولئن كان الحوثيون من الإخوة الشيعة، فإن بلاداً عربية عديدة توجد بها أقليات إثنية وعرقية، ولا يجوز بأي حال من الأحوال تحويل كل ركن تسكنه أقلية إلى كيان منفصل يقتطع من الدولة الأم، وإلا لأصبح في العالم مئات الآلاف من الدول، وتحولت مكتسبات الحضارة الإنسانية إلى \\"مزارع\\" لملوك الطوائف. والقضية في الأساس تكمن في أهمية سيادة القانون في أي بقعة من العالم، واليمن جزء من هذا العالم! وما لم تتمكن الحكومة اليمنية من بسط القانون والعودة إلى الشرعية الدستورية والعدالة الاجتماعية -دون تفرقة في الحقوق والواجبات لجميع فئات الشعب اليمني- فإن البلد معرّض لحالات انشطار، أو حرب عصابات قد تحتاج لوقت طويل. كما أن دعوات الانفصال لن تتوقف ما دام هنالك شعور بالغبن من قبل بعض فئات الشعب اليمني. ونحن ندرك أن المجتمع اليمني مجتمع قبلي -شأنه شأن العديد من الدول التي لا تعتمد الدولة المتمدينة في معاشها اليومي، وتلك ممارسة قد تغذي روح الكراهية والمفاضلة والانتقام بين أبناء المجتمع الواحد. وفي هذا الوقت خرج الزنداني -الأسبوع قبل الماضي- محذراً مما وصفه \\"الأطماع الأميركية في منابع النفط والسواحل الجنوبية، في حال سقوط الدولة اليمنية \\". وأشار إلى أن \\"القضاء في اليمن غير مستقل مالياً، وأنه ما زال تحت التأثير المالي والإداري\\". وقال \\"إن استقرار الأوضاع في اليمن لا يكون إلا بالعودة إلى الشعب\\". والحال أننا نعتقد أن فتح جبهات داخلية في اليمن لن يفيد البلاد بأي شيء. كما أن إطلاق الاتهامات أو نظريات المؤامرة على أميركا -عندما لا يستطيع أهل الحل والعقد معالجة مشكلاتهم في العالم الإسلامي والعربي- أيضاً ليست ضمن أوراق اللعبة السياسية الناجحة. واليمن بحكم موقعه الجغرافي، ومجاورته دول مجلس التعاون، وهو يسعى لأن يكون عضواً كامل الأهلية في هذا التجمع الخليجي، ليس من مصلحته أن يكون ساحة حرب، بالقرب من أغنى منطقة في العالم. وبالطبع لن يسمح المجتمع الدولي لأية \\"عصابة\\" أو حتى \\"قطاع طرق\\" بتهديد المنطقة والعبث بمنابع النفط التي تتجه إليها أنظار العالم. كما أن للولايات المتحدة علاقات وطيدة مع جميع دول مجلس التعاون، وهذه الدول قد وقعت اتفاقيات جماعية وثنائية من أجل ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة مع الولاياتالمتحدة وأوروبا. وحتماً فإن أميركا وأوروبا لن تقفا مكتوفتي الأيدي إن تطاير شرر الحرب أو أعمال القرصنة ليصل إلى أي أنبوب نفط في المنطقة! ناهيك عن العصابات الإرهابية التي عادة ما تتكاثر في مستنقعات الحروب الأهلية وتتخفى بملابس \\"الإصلاح\\" والصلاح خلف أقنعة شتى، حتى تحين فرصتها للانقضاض على من حولها وتصل إلى أهدافها. والراهن أن الحالة اليمنية تستدعي موقفاً عربياً موحداً، على رغم الجهود الخيرة التي قامت بها بعض الدول -ومنها دولة قطر- من أجل وقف النزيف اليمني. ونحن على يقين -حتى في حال قمع الجيش لحركة الحوثي- أن نزعات الانفصال والتمرد لن تهدأ ما لم تتحقق شروط المواطنة الحقة، ويشعر الجميع بأنهم أبناء وطن واحد يستظل الجميع في ظله بعدالة وطمأنينة، وتتحقق فيه مطالب الشعب كلها. وعليه، فإن هذه الحالة تحتاج إلى علاج سريع وفاعل ليس فقط في الشمال، بل وفي الجنوب أيضاً، حتى وإن استلزم الأمر تغيرات \\"جوهرية\\" في البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتشريعية. فكل الحكومات تأتي وتذهب، بينما تبقى الأوطان والشعوب. span style=\"color: #333399\" (الإتحاد الاماراتية )