يذهب الجمل بما حمل ، ووحده يبقى حراك جنوب الوطن قويا ، فهو لا يحتاج إلى وجود النظام كي يظل متماسكا ، كما لا يحتاج إلى تنظيرات تحاول أن تتنبأ بغده ، فالحراك وإن كان يبدو لك أنه منقسم يحمل في تكوينه كل تفاصيل قوته وتماسكه ، لاشيء يخيف ، فما دام أن أهدافه واضحة ن ومادام أنه قادر على تحقيق ما يريد فلن تثنيه أواهم ما ،عن السير قدما في إعادة الاعتبار لمضامين 22مايو 1990م، وتفكيك منظومة 7/7 العفنة التي انتصرت وهما وانهزمت واقعا . عبد الرزاق ، قد أختلف معك ، لكن ذلك كمثقف وكاتب لا يدفعك إلى أن تلتف على من يريد أن يعري بؤس منطقك ، ومنطلقاتك النظرية المجردة عن الواقع والتي تتحدث في سياق ما يقال وما يهجس تفكيرك ليس الا، بحيث يمكن أن تضمر سخرية أو عداء ما له. أنت لست قريبا من أبناء جنوب الوطن ، كما أن جيوبهم مغلقة لا تفتح كي تمنح ، فهي تضع كل من يقول أنه مناضل أمام محك واقعي وليس درامي ، وبالتالي يكشف الواقع معادن المناضلين ، وهنا يمكن قياس من ينفع ومن لا ينفع ، هم يدركون أيضا أن الاستحقاقات التي تتحدث عنها مجرد عبث فمقاصدهم لا تصب في مجرى الخيارات الضيقة والاستحقاق الحقيقي الذي يسعون إليه ابتداء هو حقهم في الشراكة في السلطة والثروة والقرار ، دون ذلك هم أكثر إدراكا منك باستحقاقاتهم التي سحقتها قوى القهر والفيد والغنيمة وكائنات الطقوس التي توجت الوطن بارتداداته وخيباته المستدامة صدقني عبد الرزاق الجنوب لا يحتاج إلى نصائحك ، هو يعي إلى أي مدى هو قوي منطلق يستنطق غضبه باتجاه ما يعيد التفاؤل والابتسامة التي سرقتها جحافل الغنيمة والقهر ، هو يحتاج الى أن تكف قلمك إذا كان لك قلب وطن ينبض بمن فيه ، يحتاج إلى أن توجهه باتجاه السلطة كي تضرب في جذر الخلل وكي تحفز السكون من حولك وضمن نطاقك الجغرافي الذي لم تحركه لسعة سوط او جوع أو قهر او إذلالا ، فمال لجرح ميت بإيلام –كما قال الشاعر- وجنوب الوطن ليس قوته وقراره بيد أحد -كما ذهبت-فهو يستمد قوته من تكوينه الحي الفاعل والمنفعل والمتفاعل ، ولذلك فنحن فقط مجرد متسولين عاجزين من يدري فقد يمنحنا يوما من قوته قوة ومن نخوته نخوة ومن حريته حرية. هو الوحدوي حقا ، فيما قوى الفيد تمارس الانفصال بكل سلوكها ودمويتها وعنجهيتها ،تمارسه قولا وعملا ، استغلالا ، وأغلالا صفدت بها حرية الكلمة ، وحق الكتابة. عبد الرزاق ، استمنح الأرزاق من مكمنها الحقيقي واربط حجرا على بطنك وجع ، وضع قلمك في المكان الذي يجب ان يكون ، ولا تملي على أبناء الجنوب أوهامك كما لو أنك العليم الخبير . صدقني عبد الرزاق نحن على اتفاق فيما تريد لكنك تصر على خرق قواعد اللعبة ، وهنا تكمن هزيمتك ، أنت تتحدى منطق الحقائق من منطلقات تمليها عليك غرائز متعددة ، فيما أنطلق من واقع لا يحتاج إلى توقعات وفقاعات تجعله على غير ما هو عليه ، ولو أدركت سر شحوبي الآن، لأدركت أننا حين نقف إلى جانب الجنوب لا نقف إلى جانب ما في "الجيوب" ، ولكن الى جانب الوطن ككل ، فهذا الجنوب الثائر المتحرك المنتظم المتناسق بطريقة تخدع قدرتك على الرؤية فتراه انقساما هو في الحقيقة يجسد وحدة الغد ويصيغها بإتقان محترف لا تملي عليه رغبة التفكيك إرادتها إلا من حيث كونها دافعة ومهماز تنشيط لخلايا شمالك النائمة في غيبوبة منجزات الوهم التي خدرت بها ، فيما هم قبائل يفتك بعضهم ببعض في سياق لعبة تشتيتية أجاد الزعيم حبكها . تعال لنتفق عكس ما تقول ووفق ما أقول ، أو لنختلف وفق منطق أن الذي يمارس التفكيك عملا اخطر ممن يرفعه شعارا ، وأن الانفصال العملي يبدأ حين تكون الممارسة باعثة على ذلك النحو ، قد تؤتي الشعارات أكلها ..من يدري ، لكنها تراكم قوتها لتتحول إلى قوى مادية حين يظل سلوك الإقصاء هو السمة السائدة التي وسمت منظومة العفن الحاكمة . [email protected]