ما الذي يفرق بين عمليات التخريب المتعمدة التي يقوم بها البعض المناوئ للنظام لكابلات الاتصالات في بعض المحافظات الجنوبية من البلاد والقطع المتعمد للاتصالات من قبل الحكومة، ممثلة بوزارة الاتصالات، حيث تعيش هذه المحافظات، بخاصة لحج، الضالع وأبين حالة من العزلة لا مثيل لها ؟، فلا أعتقد أن هناك حكومة تعاقب أبناءها كما تعمل حكومتنا الحالية، فلم نسمع أن حكومة ما في العالم تعاقب أبناءها بقطع خدمة الاتصالات عنهم كما هو الحال مع الوضع القائم اليوم في الجنوب . المحافظات الجنوبية معزولة عن بقية محافظات البلاد منذ أشهر، وللأسف رضخت شركات الاتصالات السيارة العاملة في البلاد لقرار كهذا يطالبها بإغلاق أبراجها وخدمة تواصلها مع عملائها في هذه المحافظات، ولا أحد يعلم لماذا قرار كهذا لا يناقش داخل مجلس الوزراء وحتى داخل مجلس الدفاع الوطني، الذي يناقش كل صغيرة وكبيرة في البلاد حتى يرفع الظلم الواقع على أبناء الجنوب، لأن البلاد لا تعيش حالة طوارئ، والاتصالات هي أفضل وسيلة ليعرف الناس ماذا يدور في البلاد، وإذا كانت هناك خشية أمنية من وقوع أحداث مخلة باستقرار الوضع ؛ فهناك أكثر من طريقة لملاحقة الفارين والمطلوبين، أما العقاب الجماعي لسكان محافظات بأكملها فإنه لا يجوز . المطلوب من الحكومة أن تنظر إلى البلد كلها بعين واحدة ؛ فاستمرار قطع الاتصالات عن أبناء بعض المحافظات الجنوبية يزيد من احتقان الأوضاع فيها أكثر وأكثر، وإذا ما أراد النظام احتواء ما يحدث في هذه المحافظات فليس بالعقاب الجماعي كما يحدث اليوم، لهذا فإن مطالبة الحكومة ووزارة الاتصالات بأن ترفع هذا الحصار المفروض على الاتصالات في هذه المحافظات واجبة، على الحكومة أن ترفع العزلة عن المحافظات الجنوبية التي تعيشها منذ أشهر، فهناك مصالح أناس تتضرر من جراء انقطاع الاتصالات، ولا يجب أن يتم تفويت مثل هذه القضية لأن تداعياتها السلبية ستكون أكبر على الأزمة القائمة أصلاً . لا يجب أن تعطى أوراق جديدة للأزمات التي تعتمل في البلاد، فمثل هذا القرار الذي اتخذته الحكومة ولا تزال مستمرة فيه يدفع الكثير من المترددين في معاداة النظام إلى الالتحاق بالحراك، لأن الدولة مست جزءاً من نمط حياتهم، لهذا فإن المطلوب أن يتم التحرك فوراً ل " إعادة الارتباط " بالمواطنين في هذه المحافظات عن طريق إعادة الحرارة إلى هواتفهم، وليس " فك الارتباط " عنهم، والتأخر في معالجة هذه القضية ستكون نتائجه وخيمة، ولن يكون بمقدور السلطة أن تعالج ما قد دمرته النفوس بفعل فاعل . قطع الاتصالات عن بعض محافظات البلاد، وأعني هنا بالتحديد لحج والضالع وأبين، يؤكد أننا لا نزال نعيش عصر الشمولية، ولم تفدنا الديمقراطية ولا التعددية ولا الحرية في شيء، فلا زلنا نتبع نفس الأساليب التي كان النظامان السابقان يتبعانها ضد المواطنين، بل ونمارس أسوأ من ذلك في كثير من الأحيان .