شيبان:الطرقات مفتوحة من جانبنا وننتظر وصول المواطنين عبر الطرق التي أعلنت المليشيا فتحها    وقفة جماهيرية بمحافظة مأرب تندد باستمرار مجازر الاحتلال الاسرائيلي في غزة    شاهد لحظة متابعة الرئيس العليمي بنفسه فتح فتح الطرقات في تعز "فيديو"    الاعلان عن فتح طريقان في مدينة تعز من طرف واحد    بينهم 4 نساء.. قائمة باسماء موظفي المنظمات الدولية الذين اختطفهم الحوثيون من منازلهم بصنعاء    الحكومة الشرعية توجه صفعة جديدة وثالثة للحوثيين(وثيقة)    الإصلاح يتضامن مع ضحايا الاختطافات الحوثية ويدعو لتكثيف الجهود للإفراج عن آلاف المختطفين اليمنيين    ناشط يعلق على نية الحكومة الشرعية طلب الحكومة الشرعية رفع العقوبات على الرئيس الراحل علي صالح ونجله احمد علي    - مواطن سعودي يتناول أفخر وجبات الغذاء مجانا بشكل يومي في أفخر مطاعم العاصمة صنعاء    عاجل: الجيش الأمريكي يعلن تدمير 5 طائرات مسيرة وصواريخ باليستية مضادة للسفن بمناطق سيطرة الحوثيين    قبائل حضرموت ترفض وجود أي مكونات عسكرية بالساحل الحضرمي.. انتصار لثوابت الجنوب    مسلح يقدم نفسه للعدالة في أبين بعد اتهامه بنهب مسافر    البنك المركزي يؤكد سريان قراراته ويحذر من تداول الشائعات    السعودية: بدء مناسك الحج في 14 يونيو وعيد الأضحى الأحد 16 يونيو    اليونيسف: أطفال غزة يعيشون كابوسا من هجمات متواصلة على مدى 8 أشهر    الحوثيون يعتقلون عشرات الموظفين الأمميين والإغاثيين في اليمن مميز    الوزير البكري يعزي في وفاة الكابتن علي بن علي شمسان    بينها دول عربية.. تسع دول خالفت السعودية في الإعلان عن موعد عيد الأضحى    تصعيد جديد.. الحكومة تدعو وكالات السفر بمناطق الحوثيين للانتقال للمحافظات المحررة    وزارة النقل تدعو جميع وكالات السفر المعتمدة للانتقال إلى عدن والمحافظات المحررة    مقاطعة غير معلنة من عيدروس الزبيدي لمؤسسات الشرعية: لا لشراكة عرجاء    البعداني يختار منتخب اليمن للمشاركة في غرب آسيا للشباب ( الأسماء)    مأرب تفشل مساعي عدن لتضييق الخناق على الحوثيين    «كاك بنك» يتولى النسخة الثانية من فعالية العروض (DEMODAY)    اليمن يفرط بالفوز على البحرين    تأهل تاريخي لفلسطين في تصفيات المونديال    عن ''المغفلة'' التي أحببتها!    القاص العمراني يروي ''مفاجآت ليلة ممطرة''    الإطاحة ب''سارق خطير'' بعد هروبه بها إلى مدينة أخرى شرقي اليمن    مواطن يقدم على ارتكاب جريمة قتل بحق ابنه الوحيد وزوجته بسبب إصرارهما على شراء سيارة    عامان ونصف مرا على الحرب في أوكرانيا.    تصريحات أمريكية مثيرة للجدل بشأن قرارات البنك المركزي اليمني في عدن بشأن العملة القديمة ووقف بنوك صنعاء!    ضغط أوروبي على المجلس الانتقالي لتوريد إيرادات الدولة في عدن إلى البنك المركزي    ناشطون يطلقون حملة إنسانية لدعم بائعة البلس في الضالع    منتخب مصر يواصل انتصاراته بتصفيات كأس العالم    ميليشيا الحوثي تهدد بإزالة صنعاء من قائمة التراث العالمي وجهود حكومية لإدراج عدن    مقاطع فيديو لجريمة بصنعاء هزت اليمن .. والحكومة تطالب المجتمع الدولي بالتدخل "شاهد"    زيدان ... أفتقد التدريب    رئيس اتحاد كرة القدم بمحافظة إب الأستاذ عبدالرحيم الخشعي يتحدث عن دوري الدرجة الثالثة    تصفيات اسيا للمونديال .. الاردن تتأهل للدور الحاسم    اشتراكي المقاطرة يدين الاعتداء على رئيس نقابة المهن الفنية الطبية بمحافظة تعز    المنتخب الوطني الأول يتعادل مع البحرين في تصفيات آسيا وكأس العالم    عدن.. الورشة الخاصة باستراتيجية كبار السن توصي بإصدار قانون وصندوق لرعاية كبار السن    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    الوحدة التنفيذية للاستيطان اليمني    في وداع محارب شجاع أسمه شرف قاسم مميز    مدير منفذ الوديعة يعلن استكمال تفويج الحجاج براً بكل يسر وسهولة    العشر الأوائل من ذي الحجة: أفضل أيام العبادة والعمل الصالح    لم تستطع أداء الحج او العمرة ...اليك أعمال تعادل ثوابهما    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    من جرائم الجبهة القومية ومحسن الشرجبي.. قتل الأديب العدني "فؤاد حاتم"    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    خراب    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجه آخر لليمن
نشر في حياة عدن يوم 01 - 08 - 2010

آخر مشاهد الأزمة اليمنية هو الإعلان يوم الخميس الماضي 29 يوليو عن تشكيل لجنة للحوار الوطني تضم 200 عضو نصفهم من حزب المؤتمر الشعبي الحاكم وحلفائه، والنصف الآخر من أحزاب اللقاء المشترك المعارض وشركائه. ولا أحد يستطيع التكهن بمستقبل هذه اللجنة، أو يخمن قدرتها الفعلية على الأخذ بيد البلاد للخروج من مسلسل الأزمات وتضعها على سكة الاستقرار والإصلاح.
أكثر ما يثير الدهشة لزائر اليمن هذه الأيام، وخصوصاً إذا أتيحت له فرصة الاطلاع على الوجه الآخر لهذا المجتمع العريق، هو أن لليمن وجهاً آخر مضيئاً بخلاف الوجه الذي يراه العالمُ منذ مدة ليست قصيرة من خلال أزمات اليمن السياسية المتراكبة والمتزامنة: أزمة الحراك الجنوبي. وأزمة الصدام المسلح بين الدولة والحوثيين في محافظة صعدة والمناطق المتاخمة لها في الشمال. والأزمة الاقتصادية المتفاقمة واستمرار تراجع قيمة الريال اليمني وفقدانه حوالي 20% من قيمته منذ مطلع العام الحالي أمام الدولار الأمريكي (بلغ سعر الدولار 243 ريالاً يمنياً عصر الجمعة الماضي في سوق الصرافة بعد أن كان يساوي 208 ريالات في يناير الماضي).
وسائل الإعلام العالمية والعربية تغفل عن متابعة ملامح الوجه المضيء لليمن الذي يمتلئ بنماذج مجتمعية مشرفة تكافح من أجل الحياة الكريمة على مدار الساعة، والأهم من ذلك أنها تسعى لتأمين السلم الأهلي، وتوثيق عرى التضامن المجتمعي بجهود ذاتية بعيداً عن حلبة الصراع السياسي/الاحترابي. وللأسف فإن وسائل الإعلام اليمني لا تقل غفلة عن هذا الوجه من الإعلام العالمي والعربي لوجه اليمن الآخر.
الإعلام يركز فقط على إبراز ملامح الوجه المأساوي الصراعي الاحترابي، ولا تقصر في الحديث أيضاً عن "الفساد" الذي تزكم رائحته أنوف الجميع، ويشكو منه الجميع أيضاً (حكومة ومعارضة ومنظمات دولية) دون أن تظهر في الأفق شطآن النجاة من أجل الخروج من طاحونة هذا الفساد. وكما هو الحال في أغلب البلدان العربية، لا تزال أكبر قضايا الفساد مقيدة ضد مجهول، رغم كثرة الأحاديث والمؤتمرات عنه، وآخرها المؤتمر الثاني الذي عقدته الشبكة العربية لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد يومي (26 و27 يوليو 2010) بالتعاون مع الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في اليمن، وبرنامج إدارة الحكم في الدول العربية التابع للأمم المتحدة.
بعيداً عن تلك الملامح القاتمة في وجه اليمن، رأيتُ ملامح أخرى ترسم وجهاً مشرقاً مترعاً بالأمل، متدفقاً بالحيوية، عازماً على تجاوز محنته؛ ومتفاعلاً أيضاً مع قضية فلسطين والحصار المفروض على غزة. الأدلة على ذلك شاهدناها في القرى الصغيرة، كما في المدن والمراكز الحضرية الكبيرة. وهذه ثلاثة منها تشهد على ما أقول:
المشهد الأول: كان يوم الجمعة الموافق 18 شعبان 1431ه/30 يوليو 2010. ذهبت والدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة لزيارة قرية "سنبان" بمديرية "عنس" بمحافظة "ذمار" (وهي محافظة أثرية سياحية تقع على مسافة 100 كم جنوب العاصمة صنعاء). وذلك بدعوة كريمة من الدكتور/ صالح السنباني، الأستاذ بجامعة صنعاء، وعضو مجلس النواب عن التجمع اليمني للإصلاح، والصديق الدكتور محمد الظاهري أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، والدكتور عبد الله العزعزي أمين الدائرة الثقافية للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، وهو أيضاً رئيس نقابة هيئة تدريس جامعتي صنعاء وعمران.
كانت المناسبة هي تخريج الدفعة الثانية من حفظة القرآن الكريم (بقرية سنبان) وعددهم 14: منهم 5 بنين، و9 بنات، مع الاحتفال أيضاً بعرس جماعي ل48 عروسا وعروسة من أبناء "سنبان" التي يبلغ سكانها حوالي ثمانية آلاف نسمة تقريباً، وهو الحفل التاسع الذي تنظمه جمعية أهلية أنشأها د. صالح السنباني وبعض رجال القرية باسم "دار سنبان لتحفيظ القرآن الكريم وعلومه". بعض العرائس احتفلت بعرسها وحفظها للقرآن في الليلة نفسه.
إلى هنا والأمر عادي، ولكن الجديد هو كما أخبرنا الدكتور صالح أن إجمالي تكلفة العرس الواحد لا يتجاوز 1000 دولار أمريكي (حوالي 240.000 ريالاً يمنياً). وأخبرنا أن ثمة اتفاقاً عاماً بين جميع العلائلات على عدم تجاوز هذا المبلغ، لتيسير زواج الشباب، ولوقف سباق الإسراف والبذخ بين القادرين؛ وتغليب مشاعر الأخوة والتكافل الإسلامي على مشاعر الغيرة والحسد، أو العجز والحقد بين الناس. الجديد أيضاً هو مشاركة عدد كبير في الحفل من أساتذة الجامعات، على رأسهم رئيس جامعة الإيمان الشيخ عبد المجيد الزنداني، وأعضاء من مجلس النواب (ثلاثة أعضاء)، وبعض المسؤولين الحكوميين بالمحافظة، ووزير الأوقاف (الذي اعتذر وأرسل تبرعاً مالياً قيماً لدعم مشروعات الدار). والجديد كذلك هو التكافل بين "سنبان" والقرى المجاورة لها، وحرص كثير من أبنائها على الحضور والمشاركة في هذه المناسبة.
بعد انتهاء حفل "سنبان" قال لي د. سيف عبد الفتاح: السياسة بالمعنى الغربي الصراعي تورث الحروب والدماء والثارات، وبالمعنى الشرعي الإصلاحي تورث العمران والنماء؛ هي تعمر القلوب بالقرآن، والمجتمع ببناء أسر جديدة تكون مهيأة للعمل والإنتاج. قلت له صدقت وأحسنت.
المشهد الثاني في الوجه المشرق لليمن هو حضور "الخدمة التركية" في ثلاث مدن يمنية كبرى هي صنعاء، وتعز، وعدن. و"الخدمة" المقصودة هي عمل طوعي يهتم بالتعليم، والصحة، والرعاية الاجتماعية. هذا النوع من الخدمة أسسه الشيخ محمد فتح الله كولن، الداعية التركي الشهير (كولن تعني البسام بالعربية). وينتشر تلامذته ومحبوه بخدمتهم هذه في أكثر من 150 دولة حول العالم، ولهم أكثر من 1000 مدرسة، وعدة قنوات فضائية هادفة، وصحيفة يومية باسم "الزمان"، وأكثر من جامعة، وأكثر من مستشفى على مستوى رفيع.
وصلت "الخدمة" التركية لليمن سنة 1998، وبدأت في صنعاء بتأسيس مدرسة تشمل: حضانة، وأكاديمية الأطفال، ومدرسة أساسية، ومدرسة ثانوية. وبلغ مجموع طلابها هذا العام حوالي 600 طالب وطالبة موزعين على المستويات المذكورة. وثمة مشروع كبير يجري العمل فيه لبناء مقر جديد للمدرسة بمساحة إجمالية 25000 متر مربع، بقدرة استيعابية تتجاوز 1000 طالب وطالبة. ومن صنعاء انتقلت الخدمة إلى مدينة تعز، وافتتحت مدرسة عام 2003م تضم اليوم 250 طالباً وطالبة من الحضانة وحتى الصف الثاني عشر. ومن تعز انتقلت إلى مدينة عدن، وافتتحت فيها مدرسة عام 2006م تضم حالياً 300 طالب وطالبة من الحضانة وحتى الصف العاشر. والخطوة التالية ستكون افتتاح مدرسة العام المقبل في مدينة المكلا، بمحافظة حضرموت. حسبما أفادنا الأستاذ/ محمد يلماظ، أحد تلامذة الشيخ فتح الله، الذي استقبلنا في المدرسة التركية الدولية بصنعاء بابتسامة عذبة لم تفارق وجهه طول الوقت، رغم أنها المرة الأولى التي نقابله فيها، وكذلك الأستاذ كامل عون (يمني) الذي يعمل في الخدمة التركية باليمن، ويجيد اللغة التركية بطلاقة، وأفادنا بكثير من المعلومات عن تطورها في اليمن منذ دخولها سنة 1998.
الإحصاءات التي اطلعنا عليها في المدارس التركية باليمن تقول إن 90% من طلابها يمنيون، وأن 10% فقط هم من أبناء الجاليات الأجنبية من 16 دولة. ومجموع العاملين في المدارس 40 تركيا، و130 يمنيا. وإلى جانب المستوى التعليمي الراقي الذي تقدمه على يد مدرسين يمنيين، ومن خلال المقررات اليمنية الرسمية، تقوم "الخدمة" بالتعاون مع رجال الأعمال الأتراك وبمشاركة طلابها بتنفيذ مشروعات خيرية موسمية، مثل: توزيع المواد الغذائية في رمضان لعدد 1200 أسرة، وتوزيع لحوم الأضاحي لعدد 10000 أسرة تقريبا. إضافة لمخيم طبي مجاني تم تنفيذه 2009 وشارك فيه 30 طبيبا تركيا قدموا من خلاله خدمة المعاينة المجانية وصرف الدواء وإجراء بعض العمليات الجراحية، وتنقل المخيم في عديد من محافظات اليمن.
المشهد الثالث يحتاج لمقالة مستقلة، وهو مشهد الإعداد لتسيير قافلة من السفن لكسر الحصار الصهيوني على غزة. وحتى كتابة هذه السطور لا تزال الاستعدادات قائمة على قدم وساق لتنظيم عملية جمع التبرعات، وسيكون غداً الإثنين (2/8) يوماً مفتوحاً على القنوات الفضائية اليمنية لهذا الغرض. ويأمل منظمو الحملة أن يجمعوا خمسة ملايين دولار أمريكي، من المؤكد أنها ستقتطع من قوت كثير من المتبرعين، ولكنهم يشعرون أنهم يقومون بواجب شرعي وإنساني تفرضه الأخوة الإسلامية، من أجل إغاثة الملهوفين من أبناء الشعب العربي الفلسطيني. خطباء الجمعة في مساجد اليمن أمس (31/7) شددوا على أن القافلة اليمنية لفك الحصار تعد نوعاً من أنواع التكافل بين أبناء الأمة الواحدة التي يجب أن تكون كالبنيان يشد بعضه بعضا.
هذا هو الوجه المشرق لليمن الذي ترسم ملامحه قيم الإسلام التي تحض على التضامن محلياً بين أبناء القرى، وعالمياً بين أبناء الأمة جميعاً من عرب وعجم. فهل يعي السياسيون المحتربون هذا الدرس؟ وهل آن لهم أن يوفروا ويستثمروا جهدهم لإظهار هذا الوجه المضيء لليمن؟.
span style=\"color: #333399\"
span style=\"color: #333399\"*السبيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.