اليوم وفي هذه البقعة الجغرافية من العالم نقف على مفترق طرق و في لحظات تاريخية فارقة في حياة الأمم والشعوب .. والعاقل المتبصر الذي ينظر إلى الصورة الكلية لحياة البشر على هذا الكوكب يكاد يجزم بعدم أهمية الاسم الجامع لنا كبشر في هذه البقعة من الكرة الأرضية يكفي أننا نسكن ونعيش منذ زمن بعيد هنا ربما يصل إلى البداية الأولى للبشرية. لدينا كبشر على هذه الأرض عشرات الأسباب والدوافع والمصالح لكي نتوحد ونلتقي ونتكامل في هذا العالم القائم على المصالح والتوازنات والتكتلات الكبيرة العابرة للحدود الوطنية والقومية .. عالم يقوم على التدافع والتبادل في كل شيء وعلى كل صعيد. فلم يعد هناك شيء محتكر وخاص بأمه من الأمم أو شعب من الشعوب. لماذا وفي ظل كل هذه المتغيرات الدولية والإقليمية والثورات الشبابية الشعبية . لماذا يراد لنا في جنوب اليمن أن نسلك طريقاً أخر بعيداً عن القرية الكونية . مخالفين كل السنن الكونية وقوانين علم الاجتماع وقواعد السياسة التي أجمعت عليها البشرية ومن أهمها أن التوحد والتقارب أفضل من التمزق والتفرق .. وأن السياسة فمن الممكن وأن الممكن أمس قد لا يكون ممكناً اليوم وإن المراجعة والتقويم للتجارب ثم تصحيحها أفضل بكثير من الهدم ثم البناء من جديد.. وقفات: - من العجب أن شعوب الأرض تثور وتطرد المستبدين ونحن نناضل ليعود المستبدين لحكمنا من جديد وقد كانوا من أسباب وصولنا إلى ما نحن فيه من أوضاع وفشل لكل المشاريع السابقة - بات في حكم المؤكد والمُجمع عليه أننا فشلنا في مشروع التشطير (23م) والذي عانى منه الجميع وأستهلك عقدين من الزمن والكثير من الضحايا والثروات وفشلنا في مشروع الوحدة الاندماجية وفي صيغتها السابقة والتي أخذت أيضاً عقدين من الزمن والكثير من الألم والجروح. فكان لزاماً علينا اليوم أن نفكر ونخرج بمشروع ثالث لا يمت بأي صلة مع المشروعين الماضيين. - هل مكتوب علينا نحن الجنوبيون أن نعيش كل أعمارنا في النضال والنضال الأخر. من اليمين الانتهازي إلى اليسار الاقصائي ومن الزمرة إلى الطغمة ومن الوحدة بدون مقدمات إلى فك الارتباط بدون شروط. أم أنه عقاب لنا بسبب ثورتنا على المستعمر البريطاني الذي خلّف لنا بعد رحيله من يؤدبنا ويعيدنا إلى بيت الطاعة وقد سمعنا في مرحلة سابقة من يرحب بعودة المستعمر لأنه أرحم في نظرهم. - كما انه لا أصنام في الدين فكذلك في السياسة وتحديد مصائر الشعوب ومستقبل أبنائها لا للصنمية التي عفى عليها الزمن ولا يعقل أن نرهن مصيرنا بالعاجزين والمتشائمين وتجريب المجرب مصيبة وطامة . - وإن كان هذا في الأشخاص والقيادات فكذلك في الأعمال والمنجزات التي هي من فعل البشر ونجري عليها الخطأ والزلل ومن ثم يجوز بل يجب نقدها وتقويمها وتصحيح المسارات وإعادة التذكير بالأهداف والمآلات.