انتقالي حضرموت يرفض استقدام قوات أخرى لا تخضع لسيطرة النخبة    فيديو صادم يهز اليمن.. تعذيب 7 شباب يمنيين من قبل الجيش العماني بطريقة وحشية ورميهم في الصحراء    فضيحة: شركات أمريكية وإسرائيلية تعمل بدعم حوثي في مناطق الصراع اليمنية!    "حرمان خمسين قرية من الماء: الحوثيون يوقفون مشروع مياه أهلي في إب"    أرواح بريئة تُزهق.. القتلة في قبضة الأمن بشبوة وتعز وعدن    حرب وشيكة في الجوف..استنفار قبلي ينذر بانفجار الوضع عسكرياً ضد الحوثيين    صحفي يكشف المستور: كيف حول الحوثيون الاقتصاد اليمني إلى لعبة في أيديهم؟    رفض فئة 200 ريال يمني في عدن: لعبة القط والفأر بين محلات الصرافة والمواطنين    المجلس الانتقالي يبذل جهود مكثفة لرفع المعاناة عن شعب الجنوب    عن ماهي الدولة وإستعادة الدولة الجنوبية    الوضع متوتر وتوقعات بثورة غضب ...مليشيا الحوثي تقتحم قرى في البيضاء وتختطف زعيم قبلي    الدبابات الغربية تتحول إلى "دمى حديدية" بحديقة النصر الروسية    إنجاز عالمي تاريخي يمني : شاب يفوز ببطولة في السويد    مسلحو الحوثي يقتحمون مرفقًا حكوميًا في إب ويختطفون موظفًا    حرب غزة.. المالديف تحظر دخول الإسرائيليين أراضيها    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    بحضور نائب الوزير افتتاح الدورة التدريبية لتدريب المدربين حول المخاطر والمشاركة المجتمعية ومرض الكوليرا    - الصحفي السقلدي يكشف عن قرارات التعيين والغائها لمناصب في عدن حسب المزاج واستغرب ان القرارات تصدر من جهة وتلغى من جهة اخرى    شرح كيف يتم افشال المخطط    بدء دورة تدريبية في مجال التربية الحيوانية بمنطقة بور    "أوبك+" تتفق على تمديد خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و439 منذ 7 أكتوبر    ولي العهد الكويتي الجديد يؤدي اليمين الدستورية    رصد تدين أوامر الإعدام الحوثية وتطالب الأمم المتحدة بالتدخل لإيقاف المحاكمات الجماعية    الملايين بالعملة الصعبة دخل القنصليات يلتهمها أحمد بن مبارك لأربع سنوات ماضية    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    أولى جلسة محاكمة قاتل ومغتصب الطفلة ''شمس'' بعدن    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    بالصور.. باتشوكا يحصد لقب دوري أبطال الكونكاكاف    جدول مباريات وترتيب مجموعة منتخب الإمارات في تصفيات كأس العالم 2026    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    القبض على أكثر من 300 أجنبي في مديرية واحدة دخلوا اليمن بطريقة غير شرعية    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. الحروي يرد برسالة تاريخية إلى روح ألحمدي نيابة عن الصالح !!
نشر في حياة عدن يوم 20 - 10 - 2012

من نافلة القول إن الشهيد الحي الرئيس على الصالح (حفظه الله ورعاه وأدام الله في عمره ليرى حلمه في يمن جديد حقيقة قد اكتملت على يد رجال اليمن المخلصين من أبنائه الشباب)، بعد مرور ثلاثين عاما ونيف على قبوله بتولي مقاليد السلطة في اليمن، قد مرت عليه لحظات كثيرة من التفكير الجاد وهو يستعيد شريط ذكرياته الأولى في هذه السنوات الطويلة من عمر مشروع حركة التغيير الوطني وحدثته نفسه مئات وألوف المرات بان يبعث برسالة تاريخية مستعجلة شخصية بالغة السرية في ذكرى هذه المناسبة أو برسائل دورية سنوية أو كلما دعت الحاجة إلى رفيق دربه واعز واقرب زملائه وأصدقائه وقائده الأعلى ومنار طريقه وقدوته في الحياة، ولكنه كان يتراجع في اللحظات الأخيرة عن ذلك ويمُني نفسه أنه في يوما ما سوف يتسنى له القيام بذلك وهو رافعا رأسه عاليا واثقا من نفسه ومما سوف يقوله.
أما السبب الرئيسي الكامن وراء عدم حدوث ذلك بحسب وجهة نظري فلم يكن له علاقة بالوقت الذي قدر بأنه لم يكن يسعفه على مر الدوام وهو مازال في سدة السلطة بحجة إنه مازال أمامه الكثير كي يعمله فلم يكمل بعد مشوار رفيقه ليس هذا فحسب، لا بل-أيضا- كان نوع خاص من الحياء والخجل من نفسه أولا أن يظن به الرئيس الشهيد ألحمدي ورفاقه وممن ضحى بدمه وحياته من أبناء هذه الأمة كي تكون اليمن بحال أفضل منذ ثورة 26 سبتمبر العظيمة وتبلغ السفينة مأمنها بكل ما تحمله هذا الكلمة من دلالات ومعاني، قبل أن يكون من أولئك الذين يحيطون به من رفاقه وخصومه وأعدائه والذي قدر أنهم سوف يظنون أنها مؤشر هام عن ذروة لحظات الضعف والعجز التي وصل إليها قائد ورائد مشروع حركة التغيير الوطني.
وبالتالي مؤشرا عن عدم قدرته على مواصلة مشواره ومن ثم احتمالية تخليه عن الأمانة التي وضعت في عنقه وبين خلجات قلبه وحدا قات عينيه من قبل رفيق دربه الرئيس الشهيد ألحمدي الذي رأى فيه بفراسة المؤمن والخبرة بمعادن الرجال...الخ ما لم يراه هو في نفسه فاختاره لمواصلة دربه وطريقه من دون كبار قادته، وتحملها الرائد علي الصالح صاغرا وممتثلا لإرادة قائده الأعلى باسم اليمن دولة وشعبا ومجلسها الوطني منذ أول يوم له داخل القصر الجمهوري حاملا كفنه على كتفيه في لحظات كانت الأمة بحاجة إلى رجل استثنائي بحجمه.
ومع ذلك فأنني استطيع أن أجزم لخليفة مؤسس مشروع حركة التغيير الوطني الشهيد الرئيس ألحمدي رحمة الله عليه بعد مرور ثلاثة عقود ونيف القائد والإنسان والرجل صاحب القيم والأخلاق الرئيس على الصالح حفظه الله ورعاه أن هذه اللحظة التي لطالما طافت قريبة منك قد حانت بالفعل رضيت أم لم ترضى، ومن هذا اليوم سوف نسطر بأيادينا البيضاء النظيفة نحن أبنائك الشباب أبناء اليمن العظيم أول سطورها على صفحات ناصعة البياض من صفحات التاريخ اليمني المعاصر المشرفة إكراما وتقديرا وامتنانا لك ولرفاقك ولشهدائنا ولتضحيات وصبر ومعاناة أمتنا.
ولكني هذه المرة وفي هذه المناسبة بالتحديد سوف أستميحك عذرا محبة في الله بأن أرسلها نيابة عنك بقلمي الذي كرمه الله جل في علاه بالشرف الرفيع أن يكون بينكم ومعكم على الحق ضد الباطل وأهله، ولما لا فأنت لست بحاجة أن تتكلم عما قمت به ورفاقك من عناصر التيار التحديثي التحرري الوطني المعتدل طوال ثلاثة عقود ونيف، أما لماذا ؟ نرد بالقول على ذلك لان أفعالكم وأعمالكم العظيمة التي سطرها لكم التاريخ في صفحاته المشرقة، وما تتمنوه في قلوبكم ونراه في عيونكم لليمن رأي العين هو بقدر ما تتنفسوه من زخات هواء نقية، يفوق حد التصور والإدراك لدي الكثيرين من أبناء الأمة إلا في حدوده الدنيا وما دونها، نعم لقد كنتم (ومازلتم) تحفرون في الصخر بأياديكم الشابة الفتية العارية المنهكة، لا بل وتجدفون بها بتفاني وهمم وصبر منقطع النظير على سطح مياه البحر الذي تقف عنده سفينة الوطن دون يأس أو خجل من أنفسكم ومن الآخرين بأن هذا ضرب من المُحال بل هو المحُال بعينه.
أو نكوص عن تحمل المسئولية التاريخية أمام الله والشعب والتاريخ، بحجة أن الظروف المحيطة مناهضة وطاردة إلى حد كبير لأية خطوة تخطوها نحو ترجمة مشروع حركة التغيير الوطني، لا بل يشهد الله والتاريخ باسم الأمة وأبطالها الميامين والمخلصين وشهدائها الأبرار إذا كنت مخولا بذلك ومؤهلا كأحد أبنائها الأبرار لقد عملتم بدون كلل ولا ملل أكثر مما كان متوقعا منكم واجتهدتم قدر ما استطعتم إلى ذلك سبيلا تحت شعار (نعمل بالممكن ولا ننسى الطموح)، لذلك وجب ان تنالوا تقدير وامتنان واحترام اليمن دولة وشعبا وتاريخا وطموحا.
نعم قمتم بكل ذلك وانتم محاطون إلى حد النخاع من كل حدب وصوب بألد أعداء اليمن دولة وشعبا وتاريخا وطموحا وخصوم مشروع حركة التغيير الوطني مثلما يحيط السوار بالمعصم، والذين كانوا (ومازالوا إلى حد ما) يقبعون في تلك الدهاليز المظلمة والمستنقعات النتنة يحيكون الدسائس والمؤامرات من أصحاب القلوب القاسية والعقول المتحجرة الضحلة المتعطشة دوما وأبدا لنزيف الدماء الطاهرة الزكية، المنتمين للتيار التقليدي المحافظ (القبلي) والمتطرف(الديني) وشركائه الذين تتعارض مصالحهم الخاصة غير المشروعة قلبا وقالبا مع أولويات المصالح الوطنية العليا لليمن دولة وشعبا، فهم إن كانوا ومازالوا يحصلون على كافة الامتيازات المادية والمعنوية التي وفرها لهم ميل كفة المعادلة الداخلية لصالحهم بنسبة (1:3) في الفترة (1978-1989م) و (1994-2012م)، فإنهم في المقابل بالكاد يتحملون أو ليس لديهم استعداد لتحمل حتى أدنى مسئولية عن أفعالهم وجرائمهم التي ما انزل الله بها من سلطان بحق اليمن دولة وشعبا وتاريخا وطموحا.
فهم اليوم نجدهم قد أصبحوا بلا حياء ولا خجل من أنفسهم ومن الناس ثم من الله أوصياء على الشعب ومصالحه الوطنية وأياديهم ما زالت تقطر بدماء أبنائه الزكية الطاهرة وقلوبهم يملئها السواد المعتم وتطفو عليها الأحقاد والبغضاء والكبر والحسد والكراهية للشعب وطموحاته ومخازن بيوتهم تنو بما نهبوه ظلما وعدوانا من موارد وثروات وقوت الأمة وضعافها، أما تاريخهم وطموحاتهم لليمن فهي ظلام في ظلام حالك السواد، نعم اليوم نراهم بأم أعيننا يتدربون على صياغة شتى الجمل والعبارات التي يسحرون بها عقول وقلوب بعض أبناء الأمة ويتغنون بها ليل نهار، ويذرون بها الرماد على العيون تحت مرأى ومسمع العالم، باعتبارهم حماة وقادة للثورة المزعومة التي من خلالها كادوا ينجحوا نجاحا ساحقا في تدمير وتحطيم الجزء الأكبر والمهم من منجزات حركة التغيير الوطني بشقها المادي والمعنوي على مدار خمسة عقود ونيف لا بل كادوا أن يسددوا لها ضربة قاتلة ومميتة في الصميم لولا ستر الله تعالى ورحمته وحكمته، فلا نامت أعين الجبناء.
نعم من اليوم فصاعدا ومن أجل كل ذلك يجب أن تعرف سيدي القائد أن أبنائك من طلائع شباب الأمة قد أصبحوا على دراية ومعرفة بمعظم ما يدور حولهم، وبالتالي فقد أصبح لديهم الحق كاملا غير منقوصا أن يتكلموا بالنيابة عنك وعن رفاقك (بل هو الواجب بعينه) في رسائل تاريخية سوف اسطر أول سطورها بنفسي بعد إذنك إلى روح الرفيق القائد والرجل والإنسان ابن اليمن البار وشهديها إبراهيم ألحمدي رحمة الله عليه ورفاقه وأسكنهم فسيح جناته، قائلا لها.
نامي قريرة العين مرتاحة هنيئة النفس فلا تثريب اليوم على رفيق دربك الرئيس علي الصالح حفظه الله ورعاه لأنه تأخر كثيرا جدا في رفع رسائله الدورية إليك كي تكوني دائما في الصورة، وما ذلك تقصيرا منه حاشى لله بل كان مرجعة بطء حركة مشروع حركة التغيير الوطني جراء ما أوردناه آنفا من مؤشرات هامة بهذا الشأن، حيث كان يلوم نفسه على مر الدوام جراء ذلك، ويُمنيها بتلك الفرصة السانحة التي كان (ومازال) طوال فترة وجوده على سدة السلطة ينتظرها هو ورفاقه بفارغ الصبر والتأني خارج نطاق إرهاصات الصراع الأزلي واختلال كفة المعادلة الداخلية الحاكمة للبلاد لغير صالحهم، كي يصنعوا ما أعدوا أنفسهم لصنعه من أعمال وأفعال تاريخية في زمن قياسي إذا ما صح لنا القول ذلك.
لكن بالرغم من كل ذلك فاليوم بعد مرور ثلاثة عقود ونيف من رحيلك بجسدك عنا مازالت تعيش بيننا فدربك وطريقك الذي شققته بأظافرك ويديك العاريتين ورويته بحبك ودمائك الطاهرة الزكية مضى فيه بدون خوف ولا تردد واحد من أصدق وأشجع رجال اليمن وفرسانها ممن ائتمنتهم عليها قبل مماتك ووثقت بهم أكثر من ثقتك بنفسك بفراسة المؤمن الغيور على دينه وبلده وشعبه، أما أحلامك وطموحاتك في أن ترى سفينة اليمن الحبيبة قد وصلت إلى بر الأمن والأمان وانتقلت إلى مصاف الدولة المدنية البحرية الحديثة فهي إن كانت مازالت قاب قوسين أو أدنى من بلوغ غايتها ونعيش أدق واعقد فصولها في السنوات الحالية والقادمة، فإنها بالفعل قد أصبحت حقيقة من الحقائق الدامغة على أرض الواقع التي لا يستطيع أحد تجاوزها أو تجاهلها، نعم فاليوم أكاد أجزم أن هذه الحقيقة قد أصبحت بحجم قرص الشمس في كبد السماء.
فما لا يدركه الكثير من أبناء وطني بهذا الشأن بقصد أو بدون قصد هو أن المعطيات الظرفية للبيئتين الداخلية والخارجية في المرحلة الماضية قد حالت إلى حد كبير دون توفر البيئة الضرورية اللازمة إلا في حدودها الدنيا على أكثر تقدير لولوج مرحلة التنمية من أوسع أبوابها، فمهام البناء والتنمية والانجاز الحقيقي كانت ومازالت بحاجة ماسة إلى الأمن والاستقرار النسبي بحدوده المتوسطة على أقل تقدير، كي يتسنى لها من خلاله تهيئة البيئة اللازمة لتركيز عقول وقلوب وسواعد أبناء الأمة ومن ثم جهودها ووقتها ومواردها المحدودة باتجاهها.
إلا أن هذا الأمر لم يكن ممكنا بالمطلق في ضوء طبيعة ومستوى ومن ثم حجم التحديات والعراقيل والصعوبات المحيطة بمسيرة حركة التغيير الوطني على المستويين الداخلي والخارجي، سيما تلك التي كان لها علاقة وثيقة الصلة بطبيعة ومستوى ومن ثم حجم انغماس التيار التقليدي الإقليمي من خلال حلفائه المحليين من عناصر التيار التقليدي المحلي بأدق تفاصيل إدارة شئون الحكم في اليمن، وازدادت وتائره تصاعدا على كافة الأصعدة في الفترة الواقعة (1990-2001م)، جراء انقطاع العلاقات الرسمية اليمنية- الخليجية والسعودية منها- بوجه خاص.
أما الفترة اللاحقة فقد كانت بحق الأشد ضراوة والأكثر تركيزا إلى حد كبير، بحيث تمكنت من أخراج سفينة الوطن عن مسارها الذي كانت قد بدأت تستعد لسلوكه في العام 2004م، لا بل ونجحت في إيقاف حركتها إلى حد كبير، وهو الأمر الذي اتضح بصورة جلية في التحديات الضخمة التي شهدتها البلاد وتيارها التحديثي الوطني المعتدل منذ مطلع العام الماضي والحالي، فقد تعرضت مسيرة حركة التغيير الوطني ومشروعها المدني النهضوي إلى ضربات موجعة في ضوء الخسائر الضخمة التي نالت منه على الصعيدين المادي والمعنوي على حين غره؛ بحيث لا ندري إلى حد الآن كم هي بحاجة من الوقت للعودة إلى الحد الذي كانت قد وصلت إليه قبل ذلك.
إلا ان الشيء الذي يبعث على الاطمئنان والراحة إننا وقائدنا واقفون على المسار الصحيح الذي رسمت الجزء الأكبر منه بأناملك وأكمله رفيق دربك الرئيس علي الصالح الذي عبده ورفاقك من بعدك على مدار السنوات الطويلة الماضية، كي يصبح الحقيقة الأولى من الحقائق الدامغة في تاريخ اليمن المعاصر لا بل وعبدوه بحياتهم ودمائهم (في حادثة جامع النهدين عام 2011م) راضين مطمئنين بما كتبه الله تعالى وبدون أن تهتز لها رموش أعينهم أو ترتجف له خلجات قلوبهم.
نعم وألف نعم فعندما أحست عناصر التيار التقليدي وشركائه بأن نهاية هذا المسار ومن ثم الصراع الأزلي مع التيار التحديثي قد حانت بالفعل رمت بكل ثقلها في معركة مصيرية فاصلة وحاسمة، برزت بكل معالمها الرئيسة في أحداث العام الماضي ومازالت بعض أهم فصولها تجري لحد الآن، بالرغم من فشلها الذريع في تحقيق أية هدف ذي طابع إستراتيجي، في محاولة منها أن تعيد تكييف نفسها للحيلولة دون إمكانية القضاء عليها بصورة نهائية.
نعم هو ذلك بالفعل إلا ان إرادة الله تعالي كانت لها بالمرصاد فقد انقلب مسار حركة الأحداث الرئيسة رأسا على عقب لصالح التيار التحديثي في ذلك اليوم الأغر بدخول المتغير الشعبي الكاسح منذ تاريخ 25/3/2011م إلى قلب المعركة مباشرة في واحدة من أهم المعارك الرئيسة قاطبة في تاريخ اليمن المعاصر، متوجة ذلك بالإعلان ومن ثم التوقيع على أهم وثيقة في القرن ال21 خارطة الطريق الجديدة التي تمثلها (المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة).
والتي وإن كانت بالدرجة الأساس عبارة عن التزام المجتمع الدولي والإقليمي- الخليجي أمام نفسه والعالم بالحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، وأهمية بل ضرورة انتقال اليمن إلى مصاف الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون، البوابة الأساسية والوحيدة لإمكانية ولوج مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة المنشودة، وفقا- لما أصبحت تمليه طبيعة المصالح الحيوية الدولية، فإنها في نفس الوقت ما هي سوى إعلان رسمي عن خروج اليمن دولة وشعبا وتيارها التحديثي ومشروعها المدني النهضوي مكللا بالنصر على خصومه وأعدائه في أول وأهم مرحلة من مراحل الصراع الأزلي.
نعم هي البشرى بعينها ارفعها إلى روح سيدي القائد الشهيد إبراهيم ألحمدي ورفاقه الأبرار وأبناء الأمة، باسم قائد مشروع حركة التغيير الوطني ورفاقه وشعبه، فخارطة الطريق الجديدة (المبادرة الخليجية..) قد اختطتها أيادي الرجال المخلصين من قيادات وعناصر حركة التغيير الوطني وعبدتها دمائهم وأرواحهم، لا بل وعرقهم ووقتهم الذي لم يبخلوا به منذ 33 عاما والعشر سنوات ونيف الأخيرة منها- بوجه خاص- في مسيرة حركة التغيير الوطني شبه الصامتة التي خرجت عن صمتها إلى حد كبير، أطمئنوا بمشيئة الله فخارطة الطريق الجديدة لم تكن وليدة اللحظة نفسها بل هي تتويج حقيقي وامتداد طبيعي لمسيرة حركة التغيير شبه الصامتة منذ عشر سنوات ونيف، التي يقودها التيار التحديثي الوطني المعتدل في اليمن بالتعاون والتنسيق ومن ثم الشراكة مع التيار التحديثي الوطني المعتدل في السعودية بقيادة الملك عبدالله بن عبد العزيز حفظه الله ورعاه.
فسفينة وطن ال22 من مايو العظيمة منذ فترة تشق طريقها بثقة نحو أقدارها ومصيرها ومكللة بنصر الله وتوفيقه، ومزهوة بخروجها شبه الأمن من دوامة وهيجان أمواج البحار التي أوقفتها عن الحركة تماما منذ سنوات عدة لا بل وكادت تغرقها، نعم فالأحلام قد تصبح حقيقة في يوما ما بالاجتهاد والصبر والإيمان، نعم إذا كنا في هذه الأيام والأيام القادمة منشغلون جدا في محاولة قطف ثمار هذا النصر المؤزر على كافة المستويات؛ من خلال محاولة إسقاط الواقع الجديد على واقع المعادلة الداخلية الحاكمة للبلاد منذ ثلاثة عقود ونيف، كي تكتمل بشائر هذا النصر من خلال سياسات وقرارات سياسية وتنموية.... ضخمة جدا تنقل الشعب ومصالحه الوطنية العليا كرقم صعب ومحوري إلى قلب المعادلة نفسها بدون تردد ولا خوف على أنقاض التوازنات التي سادت في الفترة السابقة بمشيئة الله ورجال اليمن المخلصين، فإنه مازال أمامنا نحن طلائع شباب الأمة الكثير نعم الكثير لنقوم به بعد الإعلان الرسمي في الأشهر القليلة القادمة عن ولوج اليمن مرحلة الدولة المدنية البحرية الحديثة-وفقا- لما أوردته من مؤشرات لها شأنها في مقالنا المنشور تحت عنوان (قراءة في البعد الاستراتيجي: اليمن وإمكانية التحول إلى دولة بحرية عظيمة)...الخ.
وفي الأخير أسال الله تعالى في هذه العجالة شبه الجامعة المانعة أن أكون قد كفيت ووفيت نيابة عن أبناء الأمة قيادة وشعب حركة التغيير الوطني إلى أبناء الأمة قيادة وشعب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
والله ولي التوفيق وبه نستعين



(1) باحث في العلاقات الدولية والشئون الاستراتيجية وكاتب ومحلل سياسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.