في ملحمة بطولية رائعة جسدت مدى التضحية والفداء للوطن الجنوبي شهدت مدينة المكلا وكافة مدن محافظة حضرموت مسيرات كبرى شارك فيها مئات الالاف من أبناء الجنوب في أول أيام الهبة الشعبية التي دعا لها حلف قبائل حضرموت . ففي مدينة المكلا احتشدت الجموع الغفيرة في ساحة الهبة الشعبية أمام البريد العام بعد أدائهم لصلاة الجمعة في مساجد المدينة كلاً في منطقته ، ليشكلوا بعدها زخماً جماهيرياً ثورياً غير معتاد ، رافعين أيديهم بالأعلام الجنوبية وصور الرئيس علي سالم البيض والشهيد بن حبريش ومرددين في الوقت نفسه هتافات الثورة الجنوبية المطالبة برحيل الإحتلال اليمني والتحرير والإستقلال .
لكن قوات الجيش والأمن اليمني حاولت بقدر الإمكان تفريق هذه الجموع البشرية الهائلة التي أرعبت نظامهم في صنعاء مما أدى إلى إغلاق الإتصالات والإنترنت بكافة أنواعها لساعات ، وقام جنود بإطلاق الأعيرة النارية بمساعدة من قبل المستوطنين تجاه هذه الجموع عندما اقتربت من سوق القات بكبس العمودي .
فسقط على أثرها الشهيد البطل عمر علي بازنبور ، وجرح رفيق دربة علاء علوي شائف وأصيب بطلقتين الأولى في بطنه والأخرى في يده وهو يتلقى العلاج حالياً في مستشفى إبن سيناء العام .
لكن الجماهير الجنوبية في المكلا عندما سمعت بهذا المصاب ، هبوا هبة رجل واحد تجاه سوق القات الكائن في كبس العمودي ، وقام أبطال الثورة التحررية الجنوبية بإحراق هذا السوق .
فقام نظام الإحتلال اليمني بعد سماعة بإحراق الوكر الرئيسي لمستوطنيهم بحشد قواته لضرب المواطنين العزل الذين خرجوا في ساحات وميادين مدينة المكلا ، فعزز من تواجده في ديس المكلا وأستحدث النقاط العسكرية المدججة بالسلاح والعتاد الثقيل لكي يقضي على الهبة الشعبية الكبرى التي خرج بها الشعب الجنوبي في مختلف المحافظات .
المشهد لم يغب عن بقية مديريات المحافظة ففي غيل بن يمين والشحر وغيل باوزير وحريضة ورخية والضليعة ويبعث ودوعن وساه ورخية وحجر والديس الشرقية وزمخ ومنوخ وقصيعر والريدة الشرقية سيئون وتريم والقطن وشبام وحورة ووادي العين قام أبنائها وقبائلها بإسقاط مديرياتهم ورفع الأعلام الجنوبية وصور الرئيس علي سالم البيض في معظم المرافق الحكومية والنقاط العسكرية الذي سيطروا عليها .
وبهذا تصبح مدن محافظة حضرموت وبقية مدن الجنوب في شبة سقوط ونهاية لنظام ظالم إحتل هذه الأرض المباركة بالقوة العسكرية في الحرب الشعواء التي شنها في صيف 1994م .