للصيادين في عدن حكايات وحكايات، بين الماضي والحاضر يقارنون، وعن الآلام والآمال يتحدثون... لا حاجة إلى السؤال في هذه الأمكنة، بمجرد أن يلقي الزائر السلام على عشاق البحر حتى يسيل من أفواههم كلام المعاناة. لم تعد الأيام كما كانت، دولة النظام والقانون حلت محلها مافيات اللادولة. مشاكل كثيرة تثقل هموم الصيادين وتعكر حياتهم، أباطرة السلب والنهب لم يتركوا لهم مجالا للتنعم بخيراتهم أو لتنفس هوائها في الحد الأدنى. غلاء الوقود والمعدات يدفعهم إلى الإعتماد على الوسائل البدائية، مواد المصانع التابعة لمتنفذين يمنيين تلوث مياههم وتلحق أضرارا بالغة بأسماكها وشعابها المرجانية، تلاعب أخطبوطات المال بالأسعار يؤدي إلى المزيد من التدهور في مستواهم المعيشي، وغياب الخدمات يحرمهم من أبسط مقومات الحياة الكريمة. ولا يقتصر الأمر على ذلك، الصيد العشوائي له حصته أيضا في إفساد المواسم على مستحقيها، كلما حان موعد تكاثر ثمار البحر تلقي الشركات المملوكة لأطراف النفوذ شباكها العملاقة في المياه، تجرف الأسماك على نحو كبير وخطير، وتستولي على أرزاق السكان الأصليين ومصدر عيش الكثيرين منهم. هكذا ترتسم معاناة الصيادين في عدن كجزء من فسيفساء ممتدة على كل مساحة الجنوب، وحده البحر يستمع إلى أصواتهم وتمتماتهم، ووحده ربما يمكن أن يستوعب ما في نفوسهم...