كما هو معروف أن جماعة الحوثي تأسست في البداية باسم الشباب المؤمن في عهد الرئيس السابق صالح وكانت مدعومة من السلطة نفسها كمنافس للصحوة السنية التي أشعلها آنذاك الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله والذي كان يستقطب معهده الكثير من الشباب من الشمال والجنوب وبعض الدول الخارجية.
بعد أن خرجت هذه الجماعة قليلا من قبضة نظام صالح ومع الضغط المتواصل على الرئيس صالح من قبل حزب الإصلاح وشيوخ القبائل والعسكر التابعين للحزب لمواجهة الجماعة، أضطر صالح إلى مواجهة الحوثيين وكان لا يريد القضاء عليهم وإنما كان يريد إضعافهم لإرضاء حزب الإصلاح، وإبقائهم لاستخدامهم ضد خصومه إذا تطلب الأمر ذلك كما هي عادته.
شعبية الجماعة كانت تزداد يوماً بعد يوم وبعد كل حرب تخرج أقوى مما كانت عليه قبلها وتلاقي تعاطف الكثير من الناس في المحافظات الشمالية والجنوبية بشكل غير علني حينها، وهذا التعاطف يعود للظلم الذي ارتكبه النظام السابق في حق غالبية الشعب في الشمال وفي الجنوب الذي احتله بالقوة العسكرية.
أمّا بعد اندلاع ثورة فبراير 2011م التي أطاحت بصالح وعدداً من قيادات حزبه عاد صالح إلى تقوية علاقته بهذا الجماعة لأنه رأى بأنها القوّة الوحيدة على الساحة اليمنية التي يثق بها وتحقق مبتغاه، فاستمر في دعمها سراً وعلانية، وبالرغم من أن الحوثيين يرفضون الاعتراف بتحالفهم مع صالح ويقولون لا يعقل إن نتحالف مع من حاربنا ستة حروب وقتل خيرة رجالنا ولكن قد يكون صالح مستفيداً من حربنا مع الإخوان حسب قولهم، حيث أعلن أنصار الله (الحوثيين) مراراً وتكراراً أنهم في حرب مستمرة مع الإصلاح وفروعه ولا توجد لديهم أي مشكلة مع أي حزب آخر أو جماعات أخرى، وبالرغم أن الحوثيين أقلية من حيث عدد السكان ك فصيل سياسي أو حتى ك مذهب، والغالبية العظمى في اليمن من المذهب السني الشافعي، إلّا إن الكثير من اليمنيين من مختلف الأحزاب والفصائل والمذاهب وفي كل المحافظات الشمالية والجنوبية يتعاطفون معهم، وهذا التعاطف يعود إلى موقف معظم المواطنين ومعظم القوى السياسية من حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين فرع اليمن).
هذا الحزب (الإصلاح) منذ نشأته إلى اليوم ارتكب حماقات وورّث عداء مع جميع القوى السياسية ومع معظم التكتلات التي تطالب برفع المظلومية عن كاهل الشعب ومشكلة الحزب يرى بأنه هو الحزب الوحيد الذي يحق له تقرير مصير الشعب في الشمال والجنوب.
وإذا عدنا إلى نشأة هذا الحزب فقد أُنشئ لمقصد دنيء ما قصدهم لله والدين، قام بتشكيله الرئيس السابق صالح وتولى رئاسته الشيخ القبلي الراحل عبد الله بن حسين الأحمر بعد الوحدة المغدور بها مباشرة من أجل التنصّل من اتفاقيات الوحدة، وأوكل صالح حينها لحزب الإصلاح القيام بهذه المهمة لأنه لا يستطيع التملّص حينها من اتفاقيات الوحدة التي وقّع عليها شخصياً بالنيابة عن حزبه (المؤتمر)، وفعلاً قاموا بأكبر من ذلك كلاهما، فقد اختلقوا المشاكل وتنكروا لاتفاقيات الوحدة وقتلوا 150 كادر من كوادر الجنوب وفشلوا في عدّة محاولات أخرى، ونشروا الفوضى والإرهاب في عموم مناطق الجنوب خلال فترة 4 سنوات من عمر الوحدة، وهي الفترة الانتقالية بعد الوحدة بين الدولتين، كما قاموا في صيف عام 1994م بتجييش القبائل والعناصر الإرهابية وإلقاء المحاضرات داخل المعسكرات لتشجيع الضباط والجنود على القتال، وأفتوا فتواهم الشهيرة بجواز قتل كل الجنوبيين بما فيهم الأطفال والنساء باعتبار الشعب الجنوبي كفّار وملحدين، فماذا نتوقع من غالبية الجنوبيين الذين قتلوا أبنائهم ودمرت مساكنهم ونهبت ثرواتهم بفتاوى وبنادق هذا الحزب ومن معه؟، صحيح أن الجنوبيين يختلفون مذهبياً مع جماعة الحوثي ولا تربطهم فيهم أي علاقة ولكنهم يتمنون إن يتذوّق حزب الإصلاح المرارة كما أذاقهم إياها منذ عام 1994م إلى اليوم، والبعض يقول اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين.
كما أن حزب الإصلاح له عداء في الشمال مع الكثير من القبائل بسبب شيوخ بعض القبائل المتزعمين للحزب، وله صراع مع الدولة نفسها بسبب قيادات عسكرية موالية له تتمرد على بعض القرارات الرسمية، وله عداء مع حزب المؤتمر الشعبي العام حليفه السابق، ووصل عداء هذا الحزب إلى داخل اللقاء المشترك الذي يشكلون الحزب الأكبر فيه وقد ظهر التشقق داخل اللقاء المشترك واضحاً من خلال اتهام الإصلاح للاشتراكي بدعم جماعة الحوثي، كما كان خلاف الإصلاح والاشتراكي واضحاً أيضا خلال مجريات الحوار الوطني وكانت شراكتهم من أجل إسقاط الرئيس السابق صالح فقط، وعند كل محطة مهمة تظهر الخلافات والفوارق بين الحزبين وكذا بقية الأحزاب المنضوية تحت تكتل أحزاب اللقاء المشترك، للأمانة كنا نظن بأن الإصلاح حزب منظّم وفيه من الكوادر الكثير وكان البعض يأمل فيه خيراً رغم الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها قياداته ضد الشعب، ولكنه تبيّن أنه حزب لا يملك أي مشروع سياسي يفيد البلد بل لديه مشاريع هدّامة، هذا الحزب منذ أن تأسس وضع قدماً بالسلطة وقدماً بالمعارضة، هو من يُحكم، وهو من يفتي، وهو من يسيّر الدولة، وكذلك هو من يتحدث عن المظلومية، وهو من يجيّش أنصاره لافتعال الأزمات هنا وهناك، وهو من يقود التغيير.
وبحسب اتفاقية المبادرة الخليجية استلم الإصلاح نصف السلطة على حساب دماء الشباب التي سألت في 2011م، ولا زال يقود مليشيات خارجة عن النظام والقانون فهو يفتعل الحروب من خلال أجنحته المسلحة في الميادين، ويستخدم إعلامه ضد خصومه، ويضغط على الموالين له من القيادات العسكرية الموجودة في السلطة لمساندته، وعندما يُهزَم يشن حملته الإعلامية الشرسة ضد رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع.
مليشيات الإصلاح يقررون السلم والحرب بديلاً عن الدولة ويريدون من الرئيس ووزير الدفاع إن يقفوا إلى جانبهم، وهم ( الإصلاح) يهاجمون الدولة عندما تقوم بمحاربة عصابات الإرهاب والتخريب ويدعونها إلى التوقف، ويصفون قرارات الدولة بمحاربة الإرهاب بأنها حروب عبثية وإنهاك للجيش.
مليشيات الإصلاح شنت وتشن الحروب في أماكن مختلفة من الجنوب والشمال وكانوا يستخدمون الدولة كغطاء في فترة النظام السابق، ولم يعوا بأن الأمور قد تغيّرت وبأنه لا يمكن الاستمرار بذلك، ونتمنى منهم أن يفهموا بأن الإمساك بالسلطة والمعارضة في آنٍ واحد قد انتهى.
أمّا بالنسبة لجماعة الحوثي جميعنا يدرك بأن مشروعهم لن يتوقف في محطة معينة وليس لهم هدف معيّن يريدون تحقيقه، الحوثيون لهم أهداف لا يمكن أن تقف عند نقطه معينة ومشروعهم كبير وواسع وطموحهم له سقف مرتفع قد يتعدى حدود اليمن ولا أبالغ إن قلت بأن جماعة الحوثي لهم مشروع لن يتوقف إلا عند قيام الساعة، ويدرك الجميع بأن تمدد مذهب الحوثي ومشاريعه تشكل خطراً على المذاهب والمشاريع الأخرى، وبالرغم من هذا الإدراك عند الناس إلا أنهم لازالوا يتعاطفون مع الحوثي دام هناك حزب اسمه الإصلاح ظلم ونهَب وسلب وقتَل في الشمال والجنوب، هذه هي الحقيقة التي نلتمسها من العامة فلا نغالط أنفسنا ونغالط البسطاء من الناس بالإعلام المضلل والمخادع، وبالرغم من الخطر الذي تشكله جماعة الحوثي إلا أن هناك حسب ما نرى تناغماً بين رأي الأكثرية من اليمنيين وبعض الدول الخارجية بضرورة تحجيم الإصلاح أولاً.
وندعو الجميع الوقوف إلى جانب الرئيس هادي خصوصا في هذه الفترة العصيبة من تاريخ اليمن (جنوباً وشمالاً) لأن هناك أطراف عديدة تقوم بمحاربة الرئيس ومشروع الدولة بكافة الوسائل حتى الفصائل المتناحرة لا تجد بأساً بأن تتحالف ضد الرئيس لإجهاض مشروع الدولة لأنهم لا يستطيعون البقاء إلا في الفوضى والحروب لتحقيق أهدافهم في نهب وسلب ثروات البلد وظلم الناس.