- ملف أعده / غازي العلوي : تهل علينا الذكرى ال(51) لثورة ال14 من أكتوبر المجيدة ذكرى ثورة الأجداد الأفذاذ الذين تحملوا مرارة الاستعمار وقسوته ذكرى الثورة العظيمة التي انطلقت شرارتها الأولى من قمم جبال ردفان الشماء ضد المستعمر البريطاني البغيض وإمبراطوريته التي كان يطلق عليها ( الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس ) والتي استطاع ثوار أكتوبر بإمكانياتهم البسيطة وعزيمتهم القوية هزيمتها وطردها من أرض الجنوب وذالك بفضل تضحيات الأبطال الصناديد الذين منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر والذين لاشك وأن التاريخ سوف ينصفهم من خلال كتابة مآثرهم وتاريخهم وما قدموه من تضحيات بتجرد تام وإنصاف لكل من أسهم في تلك المرحلة النضالية الخالدة بعيدا عن التهميش وتزييف الحقائق أو التنكر لتلك الكوكبة وللشهداء الذين قدموا أرواحهم ودماءهم قربانا لهذا الوطن حتى يعيش حرا على كامل تراب أرضه . غُصة وألم ذكرى ثورة ال14 من أكتوبر لا شك بأنها تحمل العديد من الدلالات والمعاني في نفوس المناضلين خاصة من أبناء ردفان الذين أمدهم الله بطول العمر ومازالوا على قيد الحياة وإن كان في القلب غُصة وألم من الواقع المرير الذي باتوا عليه في زمن الجحود والتنكر والتهميش لبطولاتهم وأدوارهم النضالية وتنصل الدولة عن القيام بواجبها في رعايتهم وتقديم لهم كافة سبل الرعاية والاهتمام . يتذكر الوالد المناضل سالم شايف مثنى عمر بكل فخر واعتزاز تلك الأيام التي قضوها في سهول وأودية وجبال ردفان أثناء قتال من سماهم ب(الإنجليز) وكيف كان النفر منهم يتقاسم مع رفيق دربه كسرت الخبز وحبات الرصاص , ويضيف في سياق حديثة ل"الأمناء" : ( لقد انطلقت ثورة ال(14) من أكتوبر ضد الظلم والقمع والتعسف الذي كان يمارسه الاستعمار البريطاني ولأننا قد جبلنا على عدم الرضوخ للظلم والقمع والاضطهاد فقد أشعل أبناء ردفان ثورتهم ضد المستعمر البريطاني وقد واجه الثوار أوقات عصيبة وقاسية ولحظات صعبة لايمكن وصفها في مواجهة أعتا قوة عسكرية وجيش مجهز بأحدث الأسلحة والمعدات ولكن بعزيمة وإصرار وإرادة الثوار تم تحقيق النصر ولكنني وفي هذه اللحظات أتذكر الشهداء الذين سقطوا خلال تلك المعارك , أتذكر والدي الشهيد شائف مثنى عُمر وراجح غالب بن لبوزة وغيرهم من الشهداء الذين سقطوا ورووا بدمائهم الزكية تربة هذا الوطن الطاهر) .
ويتطلع المناضل سالم شايف العُمري اليوم وبعد مرور واحد وخمسون عاما منذ انطلاق ثورة أكتوبر بأن يحضى مناضلو ثورة أكتوبر بحقهم من الرعاية والاهتمام والتقدير من قبل الدولة ويقول ( رغم ماقدمناه نحن وآباءنا في سبيل هذا الوطن في سبيل الثورة إلا أنني لم أحصل على أي شيء من قبل الدولة التي وللأسف تقوم بمنح المرتبات والهبات لأشخاص ليس لهم من النضال أي شيء ونحن الذين تمرقت جباهنا بتراب هذا الوطن وكل الصحاري والجبال والسهول والوديان تعرفنا ولنا بصمات تم حرماننا من تلك المعاشات رغم ضالتها غير أنني أتعشم بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي بأن ينظر ألينا وإلى ماقدمناه من تضحيات وينصفنا مع العلم بأنني قد حصلت على عدة أوسمة ومنها أوسمة حرب التحرير التي تم منحي إياها أبان حكم الرئيس علي سالم البيض ووسام تم منحي إياه من قبل علي احمد ناصر عنتر ومازلت محتفظا بها وأتمنى من الرئيس هادي بأن يعيد لثورة وثوار أكتوبر مجدهم وتاريخهم المشرف .
تاريخ ثورة أكتوبر يتعرض للتزوير الجحود والنكران والظلم الذي تعرض ومازال يتعرض له مناضلو ثورة أكتوبر من أحفاد الذئاب الحُمر لم يتوقف بحرمانهم من الرعاية والاهتمام والتقدير من قبل السلطة بل أنه تعدى ذالك ليصل إلى تحريف وتزييف الحقائق وتعمد تجاهل بل وطمس التاريخ النضالي لشخصيات نضالية لها صولات وجولات جاءت بشهادات العدو البريطاني الذي وثق ماقام به الثوار في ردفان ومكانة كل ثائر والتي للأسف الشديد جاء من يزور تلك الشهادات التي أراد الله سبحانه وتعالى أن تظهر الآن لأن التاريخ لن يستطيع أي شخص أو جهة مهما كانت مكانتها أن تزوره أو تغير ملامحه .
ثورة 14 أگتوبر التاريخ المفترى عليه يسرد اللواء/ سالم علي بن حلبوب بعضاً من تلك الحقائق التي جرى تزويرها بفعل ضغوطات مورست على بعض المؤرخين من قبل جهات وشخصيات نافذة , حيث قال : عندما وضع حكام اليمن الجنوبي أنفسهم خلف الستار الحديدي بعد 30 نوفمبر 1967م كانوا قد ورثوا عن الاستعمار البريطاني أرشيفاً ضخماً يتضمن الوثائق الهامة خلال الحقبة الاستعمارية التي دامت مائة وتسعة وعشرين عاماً وقامت السلطة بتحريف الحقائق وخير دليل على ذلك التقرير البريطاني للفترة من 16/10/1963م وحتى 28/12/1963م وعنوانه (الموقف القبلي وتقييم الامكانات) والذي نشره اليوم بعد خمسين عاماً على صدوره قد قطع الشك باليقين وأظهر التلاعب بالترجمة العربية وحذف أسماء المناضلين لا لشيء سوى أنهم جميعا ينحدرون من أسر عريقة ويحملون الأفكار القومية العربية ولا يوجد لهم أي انتماء حزبي سوى الانتماء الى هذا الوطن الذين هبوا للدفاع عن الثورة والجمهورية ولم يكن بإيعاز من حزب أو جهة كما تشير التقارير البريطانية الاستخباراتية التي حصلنا عليها، وأصبح من حق كل مواطن أن يعرف الحقيقة التي غابت عنه طويلاً وذلك من خلال النص الانجليزي للتقرير البريطاني وما جاء مخالفاً له في ترجمة كتاب التاريخ العسكري لليمن والذي واجه مؤلفه ضغوطاً لا تحتمل من قبل السلطة، وبعد ذلك تم النقل عنه وكان آخرهم ما نشر في صحيفة (14 اكتوبر)، بعددها رقم (15891)، الصادر بتاريخ الأحد 13 اكتوبر 2013م)، تحت عنوان (بدايات الثورة في تقارير المخابرات البريطانية) إعداد وحدة المعلومات بالصحيفة واستندوا الى كتاب التاريخ العسكري وليس إلى التقرير البريطاني بفقراته الأولى والثانية والثالثة. فتاريخ ثورة 14 اكتوبر تاريخ مفترى عليه وجب إعادة كتابته من واقع الوثائق البريطانية والمصرية واليمنية فهذا الشيخ سيف مقبل عبدالله القطيبي ومعه المشايخ ومنهم الشهيد الشيخ راجح غالب لبوزة والشيخ عبدالحميد بن ناجي المحلائي وغيرهم ممن عددهم التقرير البريطاني لم تكن وراءهم أحزاب سياسية توجههم وتخطط لهم فهم وطنيون بالفطرة وبالوراثة فالقائد الشيخ سيف مقبل عبدالله هو ابن الشيخ مقبل عبدالله لخرم القطيبي يعرفه العثمانيون والبريطانيون والإمام أيضاً بأنه كان العنصر المزعج لسياسة الجميع وعند اعتقاله في قعطبة كان سبباً وذريعة لبريطانيا ان تمطر المدن اليمنية بالقنابل حتى وافق الإمام الإفراج عنه مع زميله عبدالنبي العلوي وتم توقيع اتفاقية 11 فبراير 1934م بين الامام وبريطانيا «هذا يهم الاستاذ سيد مصطفى سالم». وقبل أن يغادر المنطقة الشيخ سيف مقبل ومن معه نحو اليمن الجمهوري شاهد الفتن بين القبائل الردفانية المتقاتلة فيما بينها ووضعها هذا لا يمكنها أن تكون المنطقة انطلاقة الثورة فيها فبدأ أولا بالإصلاح بين القبائل كما تشير الوثائق المرفقة، وكذا التقرير البريطاني.
ثم بعد ذلك توجه الى قعطبة وبمعيته 102 شخص من ضمنهم المشايخ راجح غالب لبوزة وعبدالحميد ناجي المحلائي ومحمد ناجي المحلائي وسعيد صالح المحلائي وبقية العدد، وكان مسؤولهم الشيخ سيف مقبل عبدالله القطيبي أمام القيادة اليمنية . بدأت أخباره تصل الى السلطات البريطانية بأنه يحظى باهتمام القيادتين المصرية واليمنية فأقدمت على تحطيم منزله في 26 يونيو 1963م. عادت المجموعة الأولى بقيادة الشيخ راجح غالب لبوزة بعد أن تم تأمين مواقعها لقوة احضرها الشيخ سيف مقبل وفقاً للاتفاق المبرم بينه وبين وزير الداخلية العقيد محمد الرعيني . وبينما كان في جبهة حجة يقود الدفعة الثانية المقدر عددها بأربعمائة وخمسين فرداً بلغه استشهاد الشيخ راجح غالب لبوزة ابلغ قيادة لواء حجة وغادرها الى إب، حيث التقى بقائدها المقدم أحمد بن أحمد الكبسي وكذا العميد صفوت محمد عبدالله وتم صرف خمسة وعشرين ألف طلقة وأعداد من القنابل اليدوية وكان هذا بالتشاور بين القائدين صفوت والكبسي وتوجه الشيخ سيف مقبل الى ردفان أواخر اكتوبر 1963م لتجديد الاتفاقات السابقة بالصلح بين القبائل وعمل صلح شامل بين هذه القبائل وبدأ التحضير والتمهيد للكفاح المسلح وأدركت السلطات البريطانية خطورة الموقف فوجهت الإنذارات للأهالي تحذرهم بما قد يلحق المنطقة إذا ما تعاونوا مع الشيخ سيف مقبل ومن معه وعددتهم بالاسم (انظر المنشور). وفي يوم 12 ديسمبر 1963م بدأ القتال (انظر البرقية المرسلة من الشيخ سيف مقبل الى قائد لواء إب المقدم أحمد الكبسي والبرقية المرسلة الى إذاعة صنعاء وما جاء في التقرير البريطاني والذي على إثرها جاءت حملة أطلق عليها كسارة اللوز كان مقرراً لها 24 ديسمبر 1963م إلا أنها أجلت لأسباب عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية 1964م. وجاء خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في عيد النصر ببور سعيد يوم 23 ديسمبر 1963م معلناً بدء ثورة الجنوب وكلف اللواء عزت سليمان بالإشراف على ثورة الجنوب تحت اسمها الكودي «عملية صلاح الدين». وفي تاريخ 4 يناير 1964م قامت القوات البريطانية بتنفيذ العملية المؤجلة مستخدمة كافة أنواع الأسلحة ضد منطقة ردفان وفي ذلك اليوم سقط الشهيد المقدم أحمد الكبسي في بلاد الروس وهو في طريقه من صنعاء الى مقر عمله ووصل الشيخ سيف مقبل ليقدم العزاء بهذا المصاب الجلل والتقى بالعميد صفوت محمد عبدالله ليبلغه عن تطور الأحداث في ردفان والعمل المستقبلي بعد استشهاد المقدم الكبسي فأبلغه العميد صفوت أن الرئيس جمال عبدالناصر قد قرر الدعم المطلق للثورة في الجنوب وأن الترتيبات قائمة على قدم وساق وأن ما قمتم به من إصلاح بين القبائل يعتبر تمهيداً لانطلاقة الثورة وكذا المعارك التي قمتم بها حتى تشكلت قيادة الجبهة القومية في يوليو 1964م من قبل الأخ المناضل علي أحمد السلامي. كنت قد استكملت كتابة مشاركتي بمناسبة العيد ال46 للاستقلال المجيد 30 نوفمبر 1967م، ووجدت أنه من الواجب عليّ إنزال التقرير البريطاني للربع الأخير من عام 1963م باللغة العربية والانجليزية حتى يتضح الفرق بين ما ورد في النسخة الأصلية وبين ما ورد في كتاب التاريخ العسكري لليمن لمؤلفه سلطان ناجي والذي عرفت أن ضغوطاً قد مورست عليه من قبل السلطة آنذاك في عدن بشطب الأسماء التي تضمنها التقرير وعلى رأسهم الشيخ المناضل سيف مقبل عبدالله القطيبي والشيخ عبدالحميد ناجي المحلائي وآخرون، مبينة أسماؤهم في التقرير المنشور، فقمت بالاتصال بالأخ المناضل الرئيس السابق علي ناصر محمد الذي كتب مقدمة الكتاب ووجدت منه كل تفاهم مبدياً أسفه واعتذاره لكل من ذكرهم التقرير البريطاني بالاسم ولم يذكروا بكتاب التاريخ العسكري. ثم بعد ذلك اتصلت بالشخصية الوطنية المعروفة المناضل الكبير عبدالله عبدالمجيد الأصنج رحمه الله تعالى بحكم قرابته من أسرة مؤلف كتاب التاريخ العسكري، وهو على فراش المرض وقلت له: لا أريد أن أزعجك سوف اتصل بك مرة أخرى، فأصر عليّ إلا أن أتحدث بما عندي، فقلت له بالحديث الذي جرى بيني وبين المناضل الرئيس علي ناصر محمد، فقال لي: «أنا أعرف الموضوع، والاستاذ سلطان ناجي -رحمه الله- واجه ضغوطاً وأنا أعرف المناضل الشيخ سيف مقبل القطيبي ومن شملهم التقرير جميعاً، فاعتذر لي منهم جميعاً وأعطهم وعداً منّي بأن الطبعة الجديدة للكتاب سوف تنزل مصححة ووفقاً للتقرير البريطاني»، فقلت له: إنني سوف أبلغ المعنيين باعتذاركم شريطة أن ما تم الاتفاق عليه معكم سوف يتم نشره في صحيفة «26سبتمبر»، فوافق لي على ذلك، بعدها أبلغت الدكتور منصور سيف مقبل القطيبي وأخاه المناضل صالح سيف مقبل القطيبي باعتذار الزعيمين، فقبلا مشكورين، لكنهما تحفظا بحقهما ومن معهما من المناضلين في حالة عدم التنفيذ بما تم الاتفاق عليه مستقبلاً.