الاوضاع التي سادت معظم مناطق اليمن وخصوصاً العاصمة صنعاء منذ منتصف سبتمبر 2014 م وحتى سقوط صنعاء في 21 سبتمبر بيد حركة الحوثيين او كما تسمى ( انصار الله ) , ومانتج عن ذلك من بروزهم كقوة مسيطرة على الارض وسعيها للتمدد الى محافظات آخرى , وخلال هذه الفترة ازداد ضعف الدولة وسقطت هيبتها وغابت سطوة المركز وانكشفت حقيقة المحتوى الفارغ للدولة ومؤسساتها العسكرية والامنية ,, ثم جاء الاحتفال بالذكرى الواحد والخمسين لثورة 14 اكتوبر بالاحتشاد الشعبي الجنوبي بمليونية في ساحة العروض بخورمكسر , لتكون تعبير واضح عن توق الجنوبيين الى الاستقلال , مثلها مثل المليونيات السابقة , ومع هذا الحشد الكبير في عدن والاوضاع المتردية في صنعاء , حينها ارتفعت اصوات جنوبية كثيرة انها الفرصة التاريخية للجنوبيين للسيطرة على ارضهم واتخاذ خطوات جادة لتحقيق مشروعهم بفك الارتباط والاستقلال او على الاقل اثبات وجودهم على الارض كقوة حقيقية مؤثرة يعمل حسابها ويتم التفاوض معهم في ترتيبات قادمه ,, ولكن – لكن مزعجة – لم يستطع الجنوبيين التقاط هذه اللحظة التاريخية والاستفادة من الاحداث وتسخيرها لمصلحة اهدافهم , واختلفت الاراء حول الاسباب لهذا الاخفاق , فالبعض اعتقد ان عدم وجود قيادة جنوبية موحده هو اهم الاسباب والبعض الاخر اعتقد ان الجنوب غير مهيأ لهذه الفرصة وعدم امتلاك الجنوبيين للقوة , , وغير ذلك من التبريرات . وبناءً على ماسبق استطيع القول ان هذه التبريرات فيها الكثير من الصحة ولكن ليس هنا اساس المشكلة , بل ان المشكلة تكمن – حسب رأيي – في عدم وجود تنظيم سياسي نضالي قوي يمتد من باب المندب الى المهرة ويحتوي كل الفئات الاجتماعية والفعاليات السياسية , تنظيم حقيقي ولا ابالغ اذا قلت يجب ان يكون ( حديدي ) له مؤسساتة العاملة مثل الاجهزة الاعلامية والمجموعات الخيرية للشهداء والجرحى , واقامة الفعاليات والنشاطات , واذا اقتضى الامر يكون له جناح مسلح وقت الحاجه ,,
وبوجود تنظيم قوي على امتداد الجنوب سوف ينتج بالضرورة قيادة موحدة تمثل الجنوب , فالبعض يظن ان غياب القيادة هو سبب وضع الجنوب , ولكن كيف لك ان تشكل قيادة بدون وجود كيان سياسي , او ان القيادة مجرد اسماء واشخاص ,
كما ان وجود تنظيم حقيقي سوف يكشف حقيقة بعض المكونات الهشه التي تتكاثر ونسمع عنها في المناسبات وهي ليست الا مجموعات لأفراد لاتتعدى كل مجموعة العشرة او العشرين شخص تربطهم مصالح وعلاقات مناطقية وقرابية ومصلحية ,, كما ستتضح حقيقة البعض الأخر من لديهم هواجس عرض صورهم في الفعاليات و حب الظهور في القنوات التلفزيونية والصحف والمواقع الالكترونية , فكثيراً مانسمع عن صفات تطلق على أفراد لاتنطبق عليهم , فهذا قيادي في الحراك الجنوبي , وذاك ناشط سياسي جنوبي , وغيرهم من يتحدث بأسم الحراك وهناك من يتحدث ويفاوض بأسم الجنوب ,, وغير ذلك من الفوضى التي سمحت لبعض المتسلقين امتطاء صهوة القضية الجنوبية كما سهلت اختراق الحراك الجنوبي .
ان حقيقة ازمة الجنوب ليست في غياب قيادة موحدة فقط بل ان غياب تنظيم سياسي نضالي حقيقي هو اهم الاسباب والتي ادى الى التشتت والتشرذم وعدم ادارة القضية وضياع الفرصة تلو الاخرى , وقد لاتحين فرصة قادمة .