سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الشهيد (سفيان صالح الداعري) .. قصة نضال وتضحية قوبلت بجحود ونكران ترك مقاعد دراسته الجامعية وقدم أغلى ما لديه وكوفئ بترك جثته وحرمان أسرته من مستحقات الدفن !
الحوثيون رفضوا تسليم جثمانه لوالده .. وقيادة المنطقة العسكرية الرابعة أوقفت صرف مستحقاته ! لم يتردد الشاب "سفيان صالح سيف الداعري" - ذو ال"19" عاماً والمولود تحديداً عام 94م في قرية النقيل وادي (ذي ردم) بمديرية حبيل جبر ردفان بمحافظة لحج - لحظة واحدة في تلبية نداء الواجب حين دقت طبول الحرب وبدأت فلول المليشيا الحوثية تقترب من وكر وعرين الذئاب الحمر ، إذ حمل ذلك الشاب اليافع بندقية والده تاركاً مقاعد دراسته الجامعية في كلية التربية ردفان ليلتحق مع زملائه في جبهات القتال مدافعاً عن الأرض والدين والعرض من تلك المليشيات التي بدأت باجتياح المحافظات الجنوبية ووصولها إلى مشارف العند بمحافظة لحج . مواقف بطولية سجل الشاب سفيان الداعري حضوراً مميزاً ومواقف بطولية كبيرة أثناء قتاله إلى جانب زملائه من شباب المقاومة الجنوبية في جبهة (بلة) التي شهدت معارك عنيفة لم تتمكن خلالها المليشيات الحوثية المعززة بمختلف الأسلحة والمعدات من التقدم شبراً واحداً أمام صمود واستبسال المقاتلين في الجبهة والذي كان الشاب (سفيان) في مقدمة صفوفهم مشاركاً في تنفيذ الكثير من المهام القتالية التي نفذها بشجاعة منقطعة النظير هو ورفاق دربه اللذين استشهد الكثير منهم . عدد من زملاء الشهيد سفيان صالح سيف الداعري روَوا ل"الأمناء" بعضاً من تلك المواقف البطولية التي جسدها رفيق دربهم ومسيرة نضالهم ، ومن بين تلك المواقف حين استشهد زميله الشاب المقاوم البطل عمران شايف القطيبي في جبهة (بلة) ولم يستطع أحد الوصول إلى مكانه لانتشال جثمانه ، حيث انبرى الشاب (سفيان) ومجموعة من زملائه وأبَوا إلا أن يقوموا بهذه المهمة رغم معرفتهم المسبقة بخطورتها وأن تنفيذها قد يفقدهم حياتهم ، خاصة وأن مليشيا الحوثي تقوم باستهداف كل من يحاول الاقتراب من جثمان الشهيد ، غير أن كل ذلك لم يثنِه هو ورفاقه من القيام بتلك المهمة ونجاحهم في انتشال الجثة فكان الثمن تعرضه للإصابة بعد رفضه الانسحاب إلا بعد انتشال جثة رفيق دربه (عمران) . العودة إلى ساحات الوغى لم يرضخ الشاب "سفيان" لنصائح والده المناضل المعروف صالح سيف الداعري ولا لنصائح أصدقائه بأن يمكث في منزله عقب خروجه من المستشفى حتى يتماثل للشفاء ومن ثم العودة إلى ميادين القتال ، حيث أبى إلا أن يكون بين رفاقه المقاتلين ليعود إليهم حاملاً جراحه وأوجاعه التي لم يبُح بها لهم مخافة أن يجبروه على العودة إلى منزله . بعد تحقيق الانتصارات على مليشيات الحوثي والمخلوع صالح في جبهة (بلة) وتقدم قوات المقاومة الجنوبية صوب مناطق كرش والشريجة كان الشاب (سفيان الداعري) في مقدمة الصفوف متنقلاً من موقع إلى آخر باحثاً عن الشهادة التي كان يتمناها ويحلم بها ودائما ما يحدّث بها رفاقه وهو أن أمنيته أن يموت شهيداً مقبلاً غير مدبرٍ في ساحات القتال .. (سفيان) .. واليوم الموعود صبيحة يوم ال"24" من نوفمبر 2015م كان الشاب (سفيان) ضمن مجموعة من المقاتلين تم اختيارهم لتنفيذ مهمة قتالية لاقتحام أحد المواقع التي تتحصن فيها القوات الشمالية التابعة للانقلابيين في منطقة الركيب في الشريجة والمطلة على منطقة (الحويمي) ، حيث نفذ أولئك الأبطال مهمتهم وخاضوا قتالاً شرساً استطاعوا خلاله القضاء على العشرات من عناصر المليشيات المتمركزة في الموقع ، حيث قاتل الشاب سفيان والبعض من رفاقه حتى انتهاء ما بحوزتهم من ذخائر وتمكن البعض منهم من الانسحاب ، وفضّل هو ورفيق دربه المقاوم "مثنى ثابت لعضب" البقاء في مواقعهم لتأمين عملية الانسحاب لرفاقهم وظلا يقاتلان حتى استشهدا في ذلك الموقع . الشهيد وجزاء سينمار لم تشفع المواقف البطولية التي اجترحها الشاب سفيان الداعري ومسيرة كفاحه ونضاله لدى قيادات الجيش والتحالف العربي بأن تقابل وفاءه بالوفاء وشجاعته بالشجاعة بل أن قوات الجيش ممثلة بقيادة محور العند والمنطقة العسكرية الرابعة وطيران التحالف عجزوا عن انتشال جثته هو وزميله التي ظلت ملقاة في الموقع الذي لا يبعد عن مواقع قوات الجيش والمقاومة سوى بضعة كيلو مترات في منطقة الركيب في الشريجة والمطلة على منطقة (الحويمي) . والد الشهيد ورحلة البحث عن جثمان ولده والد الشهيد (سفيان) المناضل / صالح سيف الداعري لم يتمالك نفسه وحزّ في نفسه أن تظل جثمان ولده مرمية في العراء بعد عجزه في إقناع قيادات الجيش بالتقدم لانتشال جثمان ولده كأقل تقدير وواجب نظير ما قدمه خلال المعارك ، حيث قرر المغامرة وخوض معركة لا تقل عن معركة القتال بالأسلحة في جبهات القتال للوصول إلى موقع استشهاد فلذة كبده ليطفئ لظى شوقه وحرقته لفقدانه بالتمكن ولو من تجميع رفاته ومواراته الثرى مثله مثل باقي الشهداء الذين سقطوا في ساحات القتال . مشاهد حزينة وموقف مؤلم .. يقول المناضل صالح سيف الداعري أثناء سرده ل"الأمناء" قصة متابعاته لاستخراج جثمان ولده (سفيان) بأنه غامر بحياته وأنفق كل ما بحوزته في سبيل الوصول إلى جثمان ولده ، حيث تمكن من الوصول إلى القيادي الحوثي "أبو علي الحاكم" وقائد محور تعز والذي وجّه بالسماح له للوصول إلى موقع جثة ولده وانتشالها ، غير أنه فوجئ وعند وصوله إلى الموقع ومشاهدته لجثمان ولده وهو في ذلك المنظر الذي قال بأنه يدمي القلب ويهد الجبال العتيقة ، حينها رفض قائد لواء الراهدة القيادي الحوثي (أبو أحمد) السماح له بانتشال الجثة وأخذها لمواراتها الثرى مشترطاً مبادلتها بعددٍ من الأسرى لدى الجيش والمقاومة وهو الأمر الذي لم يتمكن من تنفيذه وحال دون تحقيق حلمه بانتشال جثة فلذة كبده والتي ماتزال حتى اللحظة في ذلك الموقع .. لم تقف مأساة أسرة الشهيد وتخاذل القيادات العسكرية بل وعجزها عن تقديم أقل واجب للشهيد وهو انتشال جثمانه بل تعدتها إلى حرمان أسرة الشهيد من مستحقاتهم المالية التي يتم منحها لأسرة كل شهيد بعد استشهاده والمتمثلة بذلك المبلغ الذي لا يساوي فراق ساعة واحدة لفلذة كبدهم والذي لا تساويه كنوز الدنيا بأسرها والمقدر ب(عشرة) آلاف ريال سعودي أسوة بباقي الشهداء الذين تقوم قيادة محور العند والمنطقة الرابعة صرفه لأسرة كل شهيد .. مسك الختام من هنا ومن على منبر صحيفة "الأمناء" نهمس في أذن قيادة المنطقة العسكرية الرابعة اللواء فضل حسن العمري وقيادات الجبهات وقوات التحالف العربي ونقول لهم : أهذا هو الجزاء الذي تكافئون به أسر من قدموا أرواحهم وهم في ريعان شبابهم لتصلوا إلى ما أنتم عليه اليوم وحتى ننعم نحن هنا بالأمن والأمان ؟!.. أليس من حق أسرة الشهيد سفيان الداعري الحصول على جثمانه وإن تطلّب الأمر بمقايضتها بعشرات الأسرى ؟! .. أليس من واجبكم وكأقل شيء تقدموه لأسرة الشهيد أن تمنحوها حق فلذة كبدها في الدفن والاهتمام والرعاية ؟! .. أليس من حقهم ذلك أم أن هناك تمييز وكيل بمكيالين حتى في الشهداء ؟!. رحم الله الشهيد سفيان صالح سيف وأسكنه فسيح الجنان .. والخزي والعار لكل متخاذل نكث بوعده للشهداء وتحايل حتى على أبسط مستحقاتهم ..