يوما عن يوم تتكشف عورات حكومة الفساد ، وتتساقط أقنعة لطالما توارت تحتها وجوه رفعت شعار العِفّة والنزاهة وهي منها براء كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب ، وجوه لطالما أتحفتنا بالتغني بالنزاهة والوطنية والعمل لصالح هذا الشعب الصابر على مرارة وشظف العيش والعذاب والحرمان من أبسط الحقوق ، شعارهم الكذب والدجل والنفاق والاسترزاق واتخاذ المناصب وسيلة للكسب والثراء وتأمين حياة أولادهم وأولاد أولاد أحفادهم بما لم يكونوا يحلمون به أو حتى مجرد التفكير . طوال أشهر مضت ظل الجنوبيون يصرخون وبأعلى صوتهم من فساد حكومة الشرعية اليمنية التي يرأسها د.أحمد عبيد بن دغر ، والذي تجاوز كل حدود المعقول وقضى على أي بارقة أمل قد تلوح في الأفق بإصلاح ما يمكن إصلاحه بعد أن وصل فساد هذه الحكومة إلى انتهاج سياسة العقاب الجماعي بحق أبناء الجنوب واستخدام حرب الخدمات وسيلة للانتقام ومحاولة إذلالهم ، إلى جانب حرمان الموظفين من مرتباتهم ونهب المعونات والتلاعب بقوتهم وقوت أسرهم .. وغيرها من صور وأوجه الفساد التي لامست شتى المجالات. ومع كل ذلك يخرج البعض من المسترزقين والدجالين من عبدة المال لينعت الجنوبيين ويتهمهم بالعمالة بل والخيانة العظمى ؛ لأنهم وقفوا في وجه تلك الحكومة وطالبوا بإسقاطها ومحاكمتها ، ولم تبارح تلك الأدوات في الدفاع عن ذلك الفساد وتلميع الحكومة بالإنجازات والمشاريع الوهمية عبر وسائل الإعلام التي تمولها الحكومة وتنفق عليها الملايين للقيام بتلك المهمة وتسخير كل جهودها لمحاربة الجنوبيين الذين دافعوا عن شرف وكرامة وزراء الحكومة يوما ولّو مدبرين ذليلين يجرون ذيول الهزيمة والانكسار ، بعد أن استباحت مليشيا الحوثي حتى غرف نومهم ، صوب فنادق الرياض وتركيا وقطر وغيرها من البلدان .
"هروب" الجبواني و"استقالة" جباري والصيادي اليوم وبعد مرور عام وأحدَ عشرَ شهراً منذ تشكيلها ، فقد بات تهاوي عروش حكومة الكذاب الأشِر يتراءى أمام أعين الجميع ، ولم يعد ثمة مجال لإنكار أو تجاوز هذه الحقيقة التي لا ينكرها إلا من يعيشون خارج كوكب الأرض . حيث أعلن عبدالعزيز جباري ، نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية استقالته ، وغادر وزير النقل صالح الجبواني المقرب من قطر إلى لندن، وهو الذي دأب في الفترة الأخيرة على مهاجمة التحالف العربي، وهي مواقف وصفها المراقبون بكونها مناورة استباقية للتحولات التي قد تفضي إلى إخراجهم من الحكومة خصوصاً أنهم لا يمتلكون أي ثقل سياسي أو شعبي. ولعل استقالة "الفاتح" الوزير صلاح الصيادي الذي أعلن قبل أسبوع عقب مغامرته النزغة بدعوته لإنقاذ الرئيس هادي من الأسر أو الإقامة الجبرية - كما سمّاها - وإساءته لدول التحالف العربي بأنه لن يعود إلى عدن إلا فاتحاً - حسب قوله - لن تكون الأخيرة بل سوف تتبعها استقالات وانشقاقات سوف تعصف بحكومة الفساد التي يحاول وزراؤها تسجيل مواقف يرون بأنها لصالحهم تحفظ لهم ماء الوجه ، خصوصاً وأن ثمة أنباء تتحدث عن قرارات وشيكة سوف تُصدر بإقالة ومحاسبة عدد كبير من وزراء حكومة الكذاب الأشر ، فلهذا يسارع البعض منهم للاستقالة قبل أن تصلهم العاصفة ويجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها بين أسوار الإقامة الجبرية الحقيقة ، ويصبح لسان حالهم ينطق ( أصبحت لا عاد من يوسف ولا من قميصه ! ) .. ومن المتوقع ، وفقاً لمراقبين لتحولات المشهد اليمني المتسارعة، أن تشهد جبهة الشرعية حالة مخاض عنيفة، ستفرز واقعاً جديداً يتناسب مع طبيعة التحولات على الأرض التي شهدتها السنوات الثلاث الماضية، وهو ما يفسر تلويح بعض الأطراف اليمنية بالاستقالة من الحكومة أو إطلاقها لتصريحات مناهضة بعد أن أيقنت أنها ستكون خارج أي حكومة قادمة.