إحدى التظاهرات المصرية المطالبة بإسقاط فلول النظام السابق عدن أون لاين/ كتب/ فؤاد مسعد* أثبت فوز أحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية المصرية و تأهله لخوض جولة الإعادة أن النظام المصري الذي انتفضت في وجهه ثورة الخامس و العشرين من يناير لا يزال يخوض معركة البقاء، حتى و لو كان رئيسه يقبع خلف قضبان السجن المؤبد، إذ بدا شفيق و فريقه خلال الجولة الأولى من الانتخابات مصرين على الفوز بمنصب الرئاسة و بدون اكتراث بما أفضت إليه الثورة من واقع جديد يفترض أنه قذف بهم إلى مزبلة التاريخ بلا رجعة، و الأدهى من ذلك كله أن الفريق شفيق يتحدث باسم الثورة و أهدافها و يتعهد بالمحافظة عليها متناسيا أنها قامت أساسا لإنقاذ البلد من النظام الذي كان يرأسه مبارك بينما كان هذا ال"شفيق" رئيس وزرائه و تحت إشرافه و بقية رموز النظام قتل المئات من شباب الثورة. بدأت قبل يومين جولة الإعادة و بعد ايام قليلة يصير هناك أول رئيس لمصر بعد الثورة، إما مرشح الحرية و العدالة الدكتور/ محمد مرسي أو مرشح فلول النظام السابق أحمد شفيق، و هنا يأتي السؤال: إلى أين سيتجه الناخبون المصريون من غير الكتلتين التصويتيتين المحسوبتين لهذا المرشح أو ذاك، خصوصا الكتل التصويتية الكبرى التي تجاوز تعداد بعضها المليون صوت؟. يخوض الدكتور مرسي و معه حزبه (الحرية و العدالة) و كتل و تيارات و أطراف سياسية و اجتماعية مختلفة المعركة الانتخابية في مواجهة مرشح نظام مبارك مهما حاولت أبواق الدعاية و التضليل أن ترسم للمعركة ظلالا أخرى و غير مطابقة لواقع المواجهة، إذ تعمل آلة التضليل التابعة لفلول النظام المخلوع على إعادة إنتاج نفسها بالأدوات ذاتها التي ثار ضدها الشعب المصري، و بكل صفاقة تزعم هذه العصبة أنها الوحيدة القادرة على تحقيق الأمن و الاستقرار، و تعزف حملة شفيق على هذه القضية أكثر من غيرها، كما لو كانت عناصر إثارة الفوضى تتلقى الأوامر من شفيق نفسه، و حسب تعبير محلل سياسي تساءل: هل يحتفظ شفيق بأرقام تلفونات العناصر التي تثير المشاكل الأمنية حتى يتكلم بهذه الثقة المبالغ فيها عن قدرته في نشر الأمن، و صدقته بعض الأوساط خصوصا من ساءهم وجود بوادر انفلات أمني في بعض المدن المصرية. و إن كان مرسي و فريقه يعملون جاهدين لما يطلقون عليه "إنقاذ مصر" في سياق استعادة دورها الريادي و استنهاضها من جديد للقيام بالدور الوطني و العربي و الإسلامي الذي عرفت به منذ مئات السنين، فإن السيد شفيق هو الآخر و معه فلول الحزب الوطني المنحل وجدوا الفرصة مواتية للحديث عن الثورة و ميدان التحرير و ربما موقعة الجمل، في محاولة لتقمص دور الثائر الذي يواجه أعداء الثورة و المتربصين بالوطن والمتآمرين عليه، و في ذلك تضليل مفضوح للرأي العام المصري و الخارجي، متناسين أن هذا الفريق كان على رأس حكومة مبارك سيئة السمعة التي تورطت بالاعتداءات الدامية على شباب الثورة ناهيك عن تمريرها مشاريع الفساد التي رعاها نظام المخلوع. و مثل هذا الطرح الذي يتبجح به أتباع النظام المصري السابق أمثال شفيق و حملته الانتخابية لا يستبعد أن تقوم به الفلول في أي بلد يخوض استحقاقا ديمقراطيا و يواجه قوى الثورة التي أطاحت بتك الأنظمة و رموزها و قيمها السلبية، خصوصا إذا وجدوا الفرصة أمامهم مواتية للانتقاص من الثورة و النيل من أهدافها، و يحسب للثورة التونسية أنها تمكنت عبر الدستور و القانون و القضاء من التصدي لتلك الفلول التي حاولت العودة إلى السلطة عبر الانتخابات التشريعية، و وقف القضاء التونسي بالمرصاد لأي محاولة تسلل يقوم بها محسوبون على النظام السابق سواء على شكل تيار أو هيئة أو أفراد. و في مصر وجدت توجهات جادة على صعيدي التشريع و التنفيذ من شأنها الحيلولة دون وصول الفلول للسلطة من جديد، لكن تسرب شفيق من بين ثقوبها يسيء لها كثيرا.. بمعنى انه في حال استقرت الأوضاع في اليمن بعد الفترة الانتقالية الحالية و ذهب اليمنيون لانتخابات الرئاسة لا يستبعد أن يطالعنا عبده الجندي أو ياسر اليماني أو طارق الشامي و هم يروجون لأحد عناصر النظام الذي عاث الفساد في اليمن ثلث قرن، و يقدمونه بوصفه حامي حمى الثورة و ربان سفينة الوطن، و هو وحده المعني بتحقيق أهداف الثورة، و ربما تأتي ابواقها الإعلامية لتتباكى على شهداء الثورة و تؤكد أنهم سقطوا دفاعا عن شرعية "علي صالح"، ولعلهم قبل استشهادهم أوصوا اليمنيين بانتخاب بقايا النظام لأنهم أكثر تجسيدا لمبادئ الثورة و أكثر إخلاصا لقيمها و أكثر حرصا على تحقيق أهدافها. و حين نرى و نطالع السيد شفيق و معه جوقة التضليل نتوقع أيضا أن يطالعنا البركاني بعد فترة و قد حمل المبخرة أمام أحمد أو عمار أو خالد أو طارق و أخذ يصهل في الشوارع داعيا لانتخاب رموز الثورة و أبطال مجزرة جمعة الكرامة و أخدود ساحة الحرية بتعز، سيقول انتخبوهم فهم كانوا في طليعة من فجر الثورة ضد الشباب الذين تجمعوا في الساحات و الميادين، ربما يدعو الناخبين للاضطلاع بدورهم الوطني في انتخاب هؤلاء الثوار الأحرار كي نضمن تحقيق أهداف الثورة التي خرجنا من أجلها، سيقول كي تتحقق كل أهداف الثورة انتخبوا هؤلاء الأبطال الميامين الذين لم تتلطخ أياديهم بدماء الأبرياء من شباب الثورة كما تلطخت أيادي غيرهم!! انتخبوهم كي لا يتم اختطاف الثورة ولا سرقتها، فهم العيون الساهرة التي تسهر على راحتكم، و من أجل أمنكم و استقراركم، كما فعلها أحمد شفيق في مصر. و ستركز دعاية بلاطجة نظام صالح فيما لو خاضوا المعركة الانتخابية القادمة على توفير الأمن و إعادة الكهرباء، يعني أنهم سيستغلون علاقاتهم الطيبة مع عناصر التخريب التي تترصد لخطوط الكهرباء و سيقولون لهم: يا أصحابنا خلاص ما في داعي للفوضى، نحن طلبنا منكم تقوموا بهذه الأعمال في الفترة الماضية كي نثبت أننا نستطيع إثارة الفوضى و إرباك الحكومة، أما اليوم فالمطلوب منكم أن تكفوا عن تلك الممارسات كما كنتم أيام زمان، و لا يهمكم، طلباتكم كلها ستنفذ!!. الفريق أحمد شفيق نسي كل جرائم نظام سيده مبارك و راح يقدم نفسه كما لو كان أحد ثوار التحرير الذين نالوا شرف إسقاط مبارك و إحالته للتحقيق و السجن، و ظهر شفيق بعد صدور الحكم ضد مبارك ليعده انتصارا للقضاء، و قال هذا دليل على أنه لا أحد فوق المحاسبة، فعلا يا شفيق لا أحد فوق المحاسبة حتى أنت لا تنسى أن قانون العزل في انتظارك، و لن يقبل المصريون أن يتخلصوا من فرعون لينصبوا أحد زبانيته زعيما لهم.