إحدى الدبابات المرابطة أعلى جبل خنفر المطل على مدينة جعار - عدن أون لاين عدن أون لاين/ عبداللاه سُميح*: بدا وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد منتشيا وصلبا، وهو يؤكد صباح أمس الأربعاء ل"خليج عدن" حسم المعارك في مدينة شقرة الساحلية بمحافظة أبين خلال الساعات القادمة، على غرار مدينتي زنجبار وجعار اللتان طُهرتا قبل يومين، حيث قال" أن الجيش وبمساندة اللجان الشعبية في المحافظة سيتمكنون من طي صفحة القاعدة إلى الأبد، ولن تتكرر الأخطاء الماضية مجددا." وأشار وزير الدفاع اليمني أثناء زيارته للوحدات العسكرية المرابطة أعلى جبل خنفر المطل على مدينة جعار إلى أن هذه الحملة العسكرية ضد عناصر القاعدة ستتضمن كل أماكن تواجدهم في شتى مناطق اليمن، بما فيها مدينة عزان بمحافظة شبوة، وقال :"سنضطر لملاحقتهم كأفراد حتى تكون نهايتهم إلى غير رجعة. وقال أن الجيش الحكومي على أهبة الاستعداد لنقل معركته إلى مدينة عزان بمحافظة شبوة خلال الأيام القليلة القادمة لتطهير المعقل الرئيس لعناصر القاعدة بعد إجلائهم من جعار وزنجبار. النصر والقهر وجهان لا يلتقيان عند مدخل مدينة الكود المدخل الغربي لزنجبار، شعرت بمعنى النصر في وجوه الجنود المرابطين على مداخل المناطق والقرى في أبين، إلا أن حجم الدمار في ذات المنطقة سرعان ما سرق الابتسامة، بإمكاني أن أقول أن معظم منطقة الكود متضررة بشكل يجعلنا أمام محنة أخرى يواجهها النازحون، باستثناء المناطق الشمالية الشرقية منها، فحتى المساجد لم تسلم من قذائف الأطراف المتصارعة. فعلا، لم استطع احصاء حجم الدمار الذي أصاب مدينة زنجبار عموما، وأثناء توغلنا إلى الأحياء الداخلية للمدينة شوهد الكثير من الأهالي الذين عادوا لتفقد منازلهم وأخذ أغراض إضافية منها، للعودة إلى مكان النزوح، فتطهير مدينتهم من عناصر "أنصار الشريعة" لا يعني أنها صالحة للعيش، فهي بحاجة لأعمار قد يطول عن مدة الحرب الضروس فيها.
أحد الأهالي في جعار: الجيش سيطر بسلاسة ولم تكن هناك أي معارك شرسة مباشرة اتجهنا نحو الهدف من الزيارة.. مدينة جعار – أو ما أسماها المسلحون ولاية وقار -، وكانت حركة السكان فيها شبه طبيعية، صادفنا أحد المواطنين واستفسرنا عن ما دار قبل ليلة الأمس.. فأجاب :"لقد انسحب عناصر "أنصار الشريعة" عند الرابعة والنصف من فجر الثلاثاء، لنفاجئ فيما بعد بدخول القوات الحكومية إلى المدينة، وكان ذلك متزامنا مع اشتباكات متفرقة، حتى بزغت الشمس لنرى الجيش مسيطر على المدينة". وكانت القوات الحكومية قد أعلنت تطهير المدينة فجر الثلاثاء بعد معارك عنيفة دارت بينهم وبين عناصر "أنصار الشريعة" سقط خلالها خمسة جنود وجرح العشرات، فيما قتل العشرات من عناصر القاعدة – حد تعبيرها . وقال مصدر عسكري ل"خليج عدن" ان تطهير أبين قد تم على أربعة محاور، حيث كان المحور الأول من دوفس والكود ووصولا إلى زنجبار، فيما المحور الثاني من جهة الحرور – بين جعار ولحج – حتى جعار، وكان الثالث امتدادا من مديرية لودر شرقي المحافظة حتى منطقة العرقوب الجبيلة، وكان المحور الرابع من شرقي زنجبار وصول للمجمع الحكومي. وقبيل مغادرة "أنصار الشريعة" فجر الثلاثاء وزعوا منشورا يحتوي على كلمات مهذبة في حق الأهالي ومتوعدة لحكومة الوفاق حيث قال المنشور :" نقول للحكومة العميلة:قد كانت المعركة بعيدة من قصوركم وإدراتكم ولكنكم صدقتم دهاقنة السياسية الأمريكية وغرتكم أموالهم، فانتظروا إيها الحمقى ما يسؤوكم بحول الله وقوته، وأما نحن فقد كان هذا العام عام الإعداد والتهيئة للقيادات والخبراء والاستشهاديين، فانتظروا المعركة في قصوركم ولن ينفعكم الأمريكان بعد اليوم".
جعار قليلة الدمار والرايات السوداء لا زالت ترفرف مدينة جعار لم تنل حظا كبيرا من الدمار الذي نالته شقيقتها زنجبار، باستثناء عدد من المنازل والمحلات والمرافق العامة. عند مدخل المدينة يتمركز عدد من أعضاء اللجان الشعبية المناهضين لأنصار الشريعة، إلا أن رايات الجماعة التي سيطرت على المدينة لا تزال أعلى رؤوسهم، في الأعمدة وأزقة وجدران الشوارع الداخلية للمدينة، يقول أحد أعضاء اللجان الشعبية :"إننا بانتظار حملة موحدة لإزالتها جميعا"، وعلى مقربة منهم يفترش رجل مسن الأرض تحت مظلته ليبيع المشتقات النفطية المعدومة في المدنية، بأسعار جنونية". الكثير من المواطنين متفائلون بدخول الجيش إلى مناطقهم، حيث يقول مراد جابر:"أن الوضع سيتحسن بإذن الله بعد سيطرة الجيش على مدينتهم، بعد أن طفح الكيل بهم من تلك المعارك التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل، لقد كنا مضطهدين لا نستطيع قول شيء، إلا تنفيذ ما يمليه علينا أشخاص قد لا نعرفهم"، وتابع :"لقد أزدادت أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في المدينة بعد أن قطع طريق التموين ووصل سعر كيس الدقيق إلى 9 الآف ريال، إضافة لأزمة المشتقات النفطية والحاجيات الضرورية كالماء البارد". ويأمل مراد أن يتعاون الجيش مع المواطنين وتستقيم الحكومة مع الشعب، مطالبا بوضع حدا للتشرد والتهجير. مواطن يشكو الحنين لأنصار الشريعة وعلى النقيض يقول أحد الأهالي في المدينة، ان الوضع الأمني كان أكثر استتبابا عند سيطرة أنصار الشريعة على جعار، وقال بأن الخدمات كانت متوفرة كالماء والكهرباء دون دفع أي رسوم، وقبيل مداهمة الجيش للمدينة انقطعت الكهرباء، وتجول العبث والفوضى في المدينة عقب سيطرة الجيش. وتمنى أن يواصل الجيش اليمني في الحفاظ على ما بدأه أنصار الشريعة، وقال :"لقد كان الواحد منا يذهب للصلاة ويترك محله مفتوحا على مصراعيه، دون أن يفكر أحد الأهالي بسرقته، لأنهم كانوا يقيمون الحدود على كل متجاوز". عقب انسحاب أنصار الشريعة فجر الثلاثاء من مدينة جعار تحت مبرر (حقنا للدماء) فوجئ الأهالي بقيام مجاميع منهم بمباشرة النهب والسلب للأماكن العامة والخاصة التي تركها مالكوها وعاشوا النزوح، مما كاد أن يقحم الجيش الحكومي في صراع آخر من الأهالي، وتمكنت القوة المرابطة أسفل جبل خنفر استعادة بعض الأغراض المنهوبة – حد قول أحد الجنود.