شباب الثورة بعدن/ إرشيف عدن أونلاين/ فؤاد مسعد تتجه الأمور نحو التصعيد في غالبية الجبهات المفتوحة على المواجهات المحتملة- إن لم تكن قد بدأت كما في أرحب وأبين وتعز ونهم، وما تزال على أهبة الاستعداد في الحصبة تمهيدا للمواجهة الفاصلة والحاسمة في حال ظلت العملية السياسية تراوح مكانها دون أن يحقق الفرقاء ولا الوسطاء شيئا يذكر من شأنه العمل على إخراج البلد من وضعها الراهن.
صنعاء: توجد أكثر من قوة، أبرزها الحرس المخول بحماية الرئيس وأسرته ومساعديه، وترابط هذه الوحدات في جنوبصنعاء بالقرب من الرئاسة وتمد أذرعها الضاربة إلى أرحب ونهم والحيمة والصمع و كافة مناطق القبائل التي أعلنت تأييدها للثورة، وفي شمال صنعاء ترابط الفرقة الأولى مدرع التي رفعت قيادتها في اليومين الماضيين سقف تهديدها لأول مرة حين هددت بقصف الرئاسة إن استمرت اعتداءات الحرس الجمهوري على معسكرها، وهو ما أخذته قيادة الحرس على محمل الجد، إضافة لذلك تتحصن في منطقة الحصبة شمال صنعاءوجنوب المطار الزعامة القبلية لحاشد ممثلة بالشيخ/ صادق الأحمر الذي يقود تحالفا قبيلا مناوئا للسلطة التي انحسر تمثيلها وتواجدها في مربعات الحرس الجمهوري، وقبل يومين أعلن الشيخ الأحمر أمام تحالف القبائل المؤيدة للثورة أن صالح لن يحكم اليمن، معززا ذلك بعهود ومواثيق القبيلة اليمنية التي خرجت في غالبيتها عن بيت طاعة صالح مثلما تسلل أبرز حلفائه خارج دار الرئاسة وتركوه وحيدا إلا من مؤازرة القوات التي سيطر عليها أفراد الأسرة.
عدن: فيما يتعلق بالوضع في عدن الواقعة عسكريا في المنطقة الجنوبية التي تخضع للقائد السابق لحراسة الرئيس / مهدي مقولة قائد المنطقة الجنوبية. يبدو أن الوضع يختلف عن صنعاء حيث تتكافأ القوى ويتوازن الرعب، إذ ينفرد الكولونيل السابق والجنرال الحالي/ مقولة بأخذ زمام المبادرة طولا وعرضا دون أن توقفه أية قوة مناوئة لا عسكريا ولا قبليا، وهو ما يجعله يتغول في الحياة المدنية والسياسية للمحافظة والمناطق المجاورة ويمارس تدخلاته في كافة الأمور تحت مبرر حفظ الأمن سيما بعد تلويحاته المتكررة والمتوالية بدخول جماعات مسلحة إلى عدن كما فعلت في أبين المجاورة، وفيما تخلو الساحة للمقولة يمارس فيها هواياته لا يبدو أن قوة رفض وممانعة تتشكل لمواجهته أو الحد من تدخلاته خصوصا بعد ما صار يمثل كل السلطات بما فيها السلطة المحلية التي انحسر تمثيلها في الآونة الأخيرة بعد نزوح جماعي شهدته قيادة المحافظة، وبلغ ذروته برحيل- أو ترحيل عبدالكريم شائف الرجل الأبرز في معادلة السلطة المحلية بعدن منذ أكثر من عقد من الزمان، وهو ما يعني انحسار التمثيل المدني للسلطة إزاء التوسع والتمدد الذي يبديه مقولة حين أطل ببزته العسكرية بوصفه حامي الشرعية الدستورية، أليس هو آخر قائد منطقة عسكرية يتمسك بشرعية الرئيس الذي انفض الجميع من حوله ولم يبق إلا هذا ال"مقولة" حارسا عتيقا في قلعة الشرعية المهجورة.
صنعاء: تبدو ساحة التغيير المكان الأبرز للتدليل على واحدية الثورة الشعبية بما تضج به من مكونات مختلفة وخطابات متعددة وكيانات متنوعة، بيد أن ذلك التنوع والتعدد لا يزال يضفي على الثورة وساحتها زخما ثوريا لا تنطفئ شعلته إلا بتحقيق أهدافه كاملة غير منقوصة، و مع ظهور تحالفات عسكرية وقبلية لحماية الثورة إلا أن ذلك لم يعطل إمكانات الثوار ولم يشل من قدراتهم ولم يحد من نشاطهم، وحين تطفو على السطح مواجهات السلطة مع حلفاء الثورة تظل ساحة التغيير بمنأى عن العنف والمواجهات المسلحة تأكيدا على "سلمية الثورة حتى النصر"، كما هو شعار آخر جمعة احتشد فيها الملايين في كافة المحافظات، وكما هو المبدأ الأصيل في الثورة منذ انطلاقتها، وظل الثوار يؤكدون ذلك في كل مناسبة على الرغم من الاتهامات التي تطالهم من إعلام السلطة، ويظل توحد الثوار في هدف رئيس واحد يتمثل في إسقاط النظام عامل قوة يجمع الكثير من خصوم السلطة وضحايا ممارساتها على مدى أكثر من ثلاثة عقود، سواء في ذلك أحزاب المعارضة أو القبائل أو العسكر أو الحوثيين. عدن: توجد أكثر من ساحة للثورة، أولها مخيم الشهداء في المنصورة حيث يقود الساحة شباب 16 فبراير، وهو المكون الذي فك ارتباطه بالثورة الشعبية وأعلن انخراطه مع الخطاب الذي يتبناه الحراك الجنوبي والمتمثل في "فك الارتباط"، وساحة الحرية بكريتر وشهدت في الفترة الماضية فعاليات متعددة، ونتيجة اتهام الساحة بالتبعية للإصلاح على خلفية التواجد الملحوظ لعناصره فيها تعرضت لحرب إشاعات مستمرة كما لم تسلم من اعتداءات ومحاولات اقتحام فشلت جميعها واستمرت الساحة محتفظة بشيء من نشاطها ، كما توجد في الشيخ عثمان والمعلى وغيرها ساحات ومخيمات تقيم الأنشطة وتدعو للفعاليات، وقد ظهرت في عدن عشرات المكونات الثورية، نسق بعضها في إقامة عدد من الفعاليات والوقفات الاحتجاجية وانفرد البعض الآخر بفعاليات أحادية، ولا تزال المحافظة تشهد بين فترة وأخرى إقامة مسيرة أو مظاهرة أو تنظيم ندوة أو الترتيب للقاءات واجتماعات، ومع ذلك يظل عدم التنسيق والتعاون والتكامل بين مختلف هذه المكونات أمرا ملحوظا وتجلى أثره في إخفاق الجميع في الوصول لنتيجة ايجابية تتعلق بخدمة المجتمع أو التخفيف من مشاكله أو مواجهة التحديات التي تهدد المحافظة، وفي مقدمتها التحديات الأمنية والمعيشية، وتجدر الإشارة إلى تنازع القوى الموجودة بين خطابات مختلفة، يتمثل بعضها بالخطاب الثوري الداعي لإسقاط النظام ويدعو الحراك الجنوبي لفك الارتباط مع الشمال بينما تتمسك رابطة أبناء اليمن وبعض القوى المدعومة من الاشتراكي وبعض حلفائه بخيار الفيدرالية وإعادة صياغة الوحدة. صنعاء: يمكن ملاحظة تعدد القوى الحليفة للثورة التي يجمعها هدف إسقاط النظام ومواجهة رئيسه وأولاده بعدما غدوا هدفا موحدا للجميع بما فيهم الفرقاء والمتصارعون في السنوات الماضية، وفي حال قررت القوات الموالية للرئيس خوض أي مغامرة فإنها تضع في الحسبان نقاط القوة لدى الخصوم مهما بدت أقل تأثيرا لكنها جديرة بالقراءة. وكانت العاصمة احتضنت قبل أيام إعلان "التحالف القبلي" لدعم الثورة، الذي ضم غالبية مشائخ واعيان اليمن المناصرين للثورة, ممثلين لجميع القبائل اليمنية من مشائخ واعيان وشخصيات اجتماعية. وفيه أكد المجتمعون التعايش مع الدولة المدنية، كما أكدوا أن هذا التحالف يهدف إلى الإسهام في إنجاح الثورة وحماية أهدافها والحفاظ على مكتسباتها, والارتقاء بالقبيلة نحو تطبيق مفاهيم الدولة الحديثة. وأكد الشيخ صادق الأحمر الذي تم اختياره رئيسا للتحالف ان من اهم واجبات التحالف إنهاء الصراعات والثأر وقطع الطرقات، مضيفا: نريد دولة مدنية كلنا في قانونها سواء ونضع الرجل المناسب في المكان المناسب. و في البيان الختامي الصادر عن اللقاء أكد التحالف التزام القبائل اليمنية المؤيدة للثورة التضامن في الحماية والدفاع عن ميادين وساحات الحرية والتغيير في كافة أنحاء الجمهورية، معتبرا أي عدوان أو تهديد للساحات والميادين او القبائل والافراد المناصرين للثورة عدوانا على كل القبائل اليمنية, وأن رد العدوان بالطرق الممكنة واجب عيني على كل فرد من أفراد هذه القبائل. و دعا التحالف "دول الجوار للوقوف إلى جانب الشعب اليمني وثورته السلمية من اجل ما اعتبرته دفع الظلم والفقر والاستبداد السياسي الذي مارسه النظام."
عدن: في مواجهة القوة الغاشمة التي تمتلكها شرعية مقولة تبدو جبهة الممانعة شبه مفككة، وسبقت الإشارة إلى تنازع الخطابات والأهداف والمطالب داخل هذه الجبهة التي تضم اللقاء المشترك وشركائه المنضوين في لجنة الحوار الوطني، ومكونات الثورة، إضافة للحراك الجنوبي والرابطة، وعدد من الكيانات والمنظمات الحقوقية والمدنية، فيما يتعلق بالمشترك اقتصر دوره المباشر على فعالية يتيمة نفذها في الثالث من فبراير في إطار ما عرف يومها ب"الهبة الشعبية"، وانحسر هذا الدور إلى المشاركة غير المباشرة في فعاليات الثورة و إصدار البيانات والبلاغات كلما رأت ذلك ممكنا. وأخيرا.. جاءت استقالة رئيس لجنة الحوار الوطني المحافظة لتشير عن قرب لمعوقات تقف في طريق المشترك وحلفائه في الثورة خصوصا بعدما دشن في الأيام الماضية سلسلة جهوده الرامية لتشكيل مجلس تنسيق للفعاليات السياسية والمدنية في عدن، و في معرض حديثه عن أسباب الاستقالة قال رئيس اللجنة فضل علي عبدالله إن المماحكات بين أطراف اللقاء المشترك أعاقت هذا المشروع، وهذا ما يجعل قيادات أحزاب اللقاء المشترك بعدن أمام مهمة تاريخية، سيما الاشتراكي والإصلاح كقوى بارزة في الساحة سياسيا وجماهيريا وتقع على عاتقهم مهمة انجاز الدور الوطني المناط بهم، ويتمثل في حده الأدنى بالعمل الدؤوب لتلافي أخطاء الفترة الماضية وسلبياتها وجمع كلمة الثوار وتوحيد الجهود لما يفضي لإيجاد كيان جامع قوي وفاعل يضم كافة الأطراف ويسترشد بمختلف الرؤى والأفكار الهادفة لخدمة المحافظة بما تمثله من رمزية وما تتميز به من موقع استثنائي، إذ الملاحظ أن عدن لا تنقصها القدرات والمؤهلات بقدر ما تحتاج من الفرقاء إعطاءها الأولوية اللازمة لمواجهة ما يقف في طريقها من تحديات لا تستثني أحدا، وإن ظهور عدن كما لو كانت جزرا متباعدة وقرى نائية من الخلافات والاختلافات لن يخدم سوى أعدائها المتربصين بأمنها واستقرارها والساعين لنشر الخراب فيها وإلحاق الضرر بها وبمواطنيها الذين يجدون أنفسهم في مواجهة مكشوفة وغير مأمونة العواقب مع تلك التحديات والأخطار.