عدن أونلاين/خليج عدن-حاوره جهاد محسن أكد الأخ "عمر جبران" القيادي في الحراك الجنوبي ورئيس حراك عدن، موقف الحراك بشأن الحوار الوطني المزمع انعقاده في اليمن، ومعالجة "القضية الجنوبية" وفق مخرجات المؤتمر الجنوبي الأول الذي أنعقد بالعاصمة المصرية في نوفمبر 2011م، وأقر فيه خيار الفيدرالية من إقليمين محددة بفترة زمنية يعقبها حق تقرير لشعب الجنوب وأوضح في سياق حواره مع "خليج عدن" أن المجتمع الدولي وكافة الأطراف في الدول الأوربية باتت تولي اهتماماً جاداً بالقضية الجنوبية، منوهاً بأنه لن يكون هناك استقرار في المنطقة مالم ينظر للقضية الجنوبية باعتبارها قضية دولة وشعب وهوية، وتقدم لها الحلول بطريقة ترضي الجنوبيين أنفسهم في مسألة تحديد خياراتهم فيما يتعلق بقبولهم بالوحدة أو بفك ارتباطهم عنها. وانتقد "جبران" إغلاق ساحات الحراك في عدن، معتبراً أن السلطة وأجهزة الأمن تحاول جر الأمور في عدن إلى مرحلة التوتر وتعكير صفو أمن المحافظة، وقضايا أخرى تحدث عنها في سياق هذا الحوار..
v بداية ما هو موقفكم في الحراك الجنوبي من الحوار الوطني؟ - بالنسبة للحوار الوطني المزمع إجراءه في اليمن، فأن موقفنا الحالي إزائه هو نفس موقفنا السابق الذي تمحور في المؤتمر الجنوبي الأول المنعقد في القاهرة خلال فترة نوفمبر 2011م، وهو الموقف الذي اتضح بشكل واضح في المذكرة التي قدمت للجنة أثناء فعاليات المؤتمر، ونحن مع الحوار وفقاً للمبادرة المطروحة في المذكرة. ومبدأ الحوار هو مبدأ حضاري، ولكن لا نريد أن يكون الحوار للحوار وإنما لابد من طرح كل القضايا بوضوح، والمذكرة التي قدمت للجنة أوضحت الهدف والغاية، وأكدت وجهة نظرنا فيما يتعلق بهذا الحوار وكيف له يجري.
v وما هي مطالبكم في الحراك، وعلى ماذا تعولون إقليمياً ودولياً بشأن معالجة القضية الجنوبية؟ - نحن واضحين في مطالبنا، وقلنا أن الوحدة التي تمت في عام 1990م ألغيت في عام 1994م، ولذلك فأنه لابد من صياغة جديدة لشكل ومفهوم الوحدة، إذا كانت هناك في وحدة سوف تضل وتستمر. أما إذا كان الأمر متعلق بالشكل الذي يطرحه الإخوة في - الشمال - عن حكاية الضم والإلحاق والفرع عاد للأصل، فأن هذا الكلام نرفضه، وهو يؤكد بأن الوحدة لم تعد قائمة أو موجودة منذ حرب صيف 1994م، وبالتالي لا بد من صياغة جديدة للوحدة، وهذه الصياغة نحن أوضحناها في البرنامج المطروح خلال المؤتمر الجنوبي الأول بالقاهرة، والتي تتجسد في دولة اتحادية من إقليمين، وإعطاء شعب الجنوب حقه في تقرير مصيره حول ما يتعلق بالوحدة أو باستعادة دولته، والقضية واضحة بهذا الخصوص.
v وماذا عن موقف الدول الدائمة في "مجلس الأمن" وتصريحات سفراء الدول الأوربية في صنعاء، وتأكيدهم حول أن معالجة "القضية الجنوبية" لابد أن تتم في إطار يحفظ لليمن وحدته؟ - نحن نحترم أراء الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وحوارات سفراء دول الاتحاد الأوربي ومجلس التعاون الخليجي، ونحن هنا عندما نشير إلى الوحدة اليمنية التي تمت في عام 1990م، فأن تلك الوحدة لم تعد قائمة اليوم لا في النفوس ولا على أرض الواقع. لذلك نقول أن الحديث حول ما يمس اليمن ووحدته، عليه أيضاُ أن لا يمس استقراره وليس وحدته فقط، لأن الوحدة ليس غاية بذاتها وإنما هي وسيلة للوصول إلى مشروع حضاري مدني متطور يجمع الجنوب بالشمال في إطار منظومة سياسية وثقافية واقتصادية متكافئة، وفي ظل وجود مواطنة متساوية وعدالة اجتماعية وإلى آخره، وهذه المسائل كلها لم تحددها الوحدة التي فشلت بحد ذاتها، وما يطرح من حديث عن وحدة اليمن والحفاظ على يمن موحد، هذه العوامل مرتبطة بالاستقرار، ولا يمكن أن يوجد هناك استقرار مالم توجد عدالة. لذلك فنحن نطالب بأنه لابد من إعادة النظر في موضوع الوحدة بطريقة تضمن للجنوب حقه كشريك أساسي فيها، وليس مجرد طرف تابع أو بنت عادت إلى الأم، لأننا في الجنوب دخلنا الوحدة كطرف أصلي وليس كفرع عاد إلى الأصل. والحديث عن وحدة اليمن واستقراره وأمنه، لن يترسخ إلا من خلال معالجة حقيقية وشاملة لموضوع الوحدة، وهذه المعالجة كما أسلفت طرحناها في مؤتمر الجنوب الأول بالقاهرة، وأوضحنا بأنه لابد من إعطاء شعب الجنوب حقه فيما يتعلق بوحدته وبخياراته، والشعب الجنوبي هو وحده من سيحدد ماذا يريد وماذا يقرر، هل يريد الوحدة أم يريد فك الارتباط واستعادة دولته، فالقضية برمتها تعود إلى الشعب في حق تقرير مصيره. ويجب على الدول التي تريد الحفاظ على مصالحها في المنطقة، أن تراعي مصالح الجنوب وتحترم حقه في تحديد خياراته، وإذا أردنا أن يكون هناك استقرار في المنطقة يجب أن يقابله أيضاً حالة استقرار في الجنوب، وحلاً صحيحاً للقضية الجنوبية بما يرضي الشعب وتحفظ حقه في الحياة. ونحن نسمع دائماً في لقاءاتنا مع سفراء الدول الأوربية، بأنهم مع يمن موحد ومستقر، وكلمة مستقر هذه ضع تحتها (خطين) لأنه إذا لم يتم النظر إلى "القضية الجنوبية" كقضية سياسية وكقضية دولة وشعب ووطن وهوية، فأنه لا يمكن أن نصنع استقرار، والمجتمع الدولي يريد أن يكون هناك استقرار، وعلى الآخرين أن يفهموا ويستوعبوا هذا الكلام، إذا لم تحل "القضية الجنوبية" لن يكون هناك استقراراً في المنطقة.
v لكن "المجتمع الدولي" وجميع الأطراف الأوربية تتحدث عن "القضية الجنوبية" باعتبارها قضية ثانوية من عدة قضايا تعاني منها اليمن؟ - لا.. لا أعتقد أن ذلك صحيحاً، لأن المجتمع الدولي بات ينظر الآن إلى "القضية الجنوبية" بنظرة متفهمة وجادة، ونحن من خلال ما نلمسه في لقاءاتنا مع سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ودول الاتحاد الأوربي، فأنهم لا ينظرون إلى "القضية الجنوبية" بنظرة أحادية أو باعتبارها قضية ثانوية، وجميع الأطراف في المجتمع الدولي، متفهمة وتعي أبعاد القضية الجنوبية وتوليها اهتماماً كبيراً.
v وماذا بشأن نتائج اللقاءات التي تجري حالياً بالخارج، بين بعض القيادات السياسية الجنوبية، مع لجان الاتصال المكلفة من قبل الحاكم في صنعاء، هل يتم إطلاعكم عليها؟ - نعم.. نحن على اطلاع دائم ومستمر حول ما يدور ويجري من لقاءات وحوارات تتعلق بالأخوين الرئيسين "علي ناصر محمد" و "حيدر أبوبكر العطاس" وكل لقاءاتهم وحواراتهم التي تجري في الخارج نحن نطلع عليها أولاً بأول، ولدينا رؤية واحدة وأراء واضحة بشأن المواضيع التي تطرح، والجميع متفقاً حول "القضية الجنوبية" وأحقية شعب الجنوب في تقرير مصيره.
v وما مرد الانقسامات القائمة في صفوف الحراك بالداخل وبين القادة الجنوبيين بالخارج، مع أن الجميع يتحدث عن قضية واحدة؟ - لا توجد هناك انقسامات في الحراك الجنوبي السلمي، وتجري الآن إجراءات عدة ومحاولات جادة لتوحيد صف جميع هذه الأطراف والمكونات في إطار مكوناً واحداً، أو في إطار تشكيل ما يشبه الجبهة الوطنية، حتى يتم الدخول في المستقبل ضمن حوارات عبر ممثلاً واحداً يمثل شعب الجنوب في مختلف حواراته القادمة. والجهود التي تبذل الآن في سبيل توحيد هذه المكونات ولم شملها تحت غطاء مكون واحد، لاشك سوف تسهم بشكل متسارع في دفع عملية حل ومعالجة القضية الجنوبية في نطاق تحفظ مصالح شعب الجنوب.
v بصراحة ما هي إشكالية الحراك، هل هي إشكالية انعدام رؤية واضحة بشأن معالجة القضية الجنوبية، أم تعدد زعامات ومشاريع مختلفة، وبرأيكم من هو الممثل الشرعي حالياً للجنوبيين في الداخل والخارج؟ - عوامل الاختلاف هي من طبيعة البشر، والاختلاف في مثل كل هذه الأمور والقضايا طبيعة بشرية، ولكن كما قلت كل المكونات في الحراك تتفق على هدف واحد وهو استعادة الدولة. أما الاختلاف حول آلية المعالجة فهذه ليست إشكالية ويمكننا الاتفاق بشأنها، والوصول إلى قاسم مشترك يجمع بين جميع الأطراف والكيانات وهذا ما نسعى إليه جميعنا في الوقت الحاضر. ونحن نعتبر أن الحراك الجنوبي هو الحامل الأساسي للقضية الجنوبية في الداخل والخارج، وبكل مكوناته وهيئاته فهو لا يزال يمثل لحمة واحدة، وإن اختلفت بعض الآراء ووجهات النظر في بعض مكونات الحراك فأن الهدف يظل واحد، واختلافنا لا يخرج عن نطاق الوسائل التي نناضل بها، أو عن طريقة المعالجة والآلية التي نسعى خلالها إلى حل القضية الجنوبية في إطار يضمن للشعب الجنوب حريته في اختيار وحدته أو استقلاله، ومازلنا نعتبر أن الحراك الجنوبي بكل هيئاته ومكوناته يعتبر حالياً هو المتصدر والحامل الشرعي للقضية الجنوبية.
v ولكن البعض في الجنوب متخوفاً في حال تم الانفصال، أن يعود الجنوب مجدداً إلى واجهة الصراعات الداخلية، خصوصاً وأن هناك من يروج لمشروع استعادة دولة اتحاد الجنوب العربي، وظهور سلاطين يتبنون رؤى خاصة تتحدث عن مستقبل الجنوب بعد مرحلة فك الارتباط؟ - أولاً شعب الجنوب هو وحده من يملك الحق الكامل في تحديد مصيره المتعلق حول مسألة التقرير، عبر استفتاء يخيره بين الاختيار في الاستمرار في دولة الوحدة، أو في الحصول على استقلاله واستعاده دولته، أما موضوع المخاوف التي تطرقت إليها، فأن الحديث بشأنه سابق لأوانه، ولا أعتقد أن الوضع الراهن محلياً وإقليمياً ودولياً، سوف يسمح عن وجود صراعات كتلك التي تحدثت عنها. لأننا نحن في الجنوب نتحدث عن دولة ديمقراطية، ونبحث عن دولة توجد فيها حرية في الرأي وحرية في تعدد الأفكار، نتكلم عن دولة تتجه نحو اقتصاد السوق الحر وتبني اقتصاداً وطنياً متيناً، دولة تصون فيها الحرية بالكامل وتقدس فيها حرية حقوق الإنسان، يعني نريد دولة ديمقراطية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأملنا في المستقبل ان نوصل إلى تأسيس هذه الدولة. أما بشأن المخاوف التي ذكرتها، فهذا لا يعني لنا الآن أي شيء، لأن الجنوب قد حدد موقفه حول التصالح والتسامح الذي شمل جميع أبنائه، وهو جاد في هذا الموضوع ومصر على أن تسير هذه الأمور على هذا النحو الراقي في علاقة الجنوبيين وتسامحهم فيما بينهم. وما يتعلق بالماضي وبعض ما حدث من سلبياته فيمكننا معالجتها والاتفاق عليها، ولن يكون في اعتقادي هناك خلافات أو مشاكل والصراعات قد تحدث في المستقبل.
v ولكن ألآ تعتبر أن وجود أكثر من مكون وأكثر من قيادي في الحراك، يبدد من أمل التفاوض مع الدول والمنظمات الدولية للوصول إلى صيغة واضحة وموحدة بشأن القضية الجنوبية؟ - نحن قلنا حول ما يتعلق بمسألة تعدد الكيانات في الحراك الجنوبي، بأننا نسعى إلى توحيد كل الكيانات الموجودة في إطار صفاً وقيادة واحدة تمكنها من الدخول في حوار يتم الموافقة عليه، وفقاً للشروط التي يطرحها الحراك ومكوناته، والجميع سيدخلون الحوار بصوت واحد، والطرف الوحيد الذي يمثل حالياً الجنوب هو الحراك الذي هو حامل للقضية الجنوبية.
v من وجهة نظرك ما هو الخيار الأجدى "للقضية الجنوبية" هل خيار الفيدرالية أو فك الارتباط؟ - هذا الخيار يعود بطبيعة إلى شعب الجنوب في تقريره، وشخصياً أنا مع حل الفيدرالية في إقليمين وضمن مرحلة تؤطر بفترة زمنية مؤقتة يتم الجميع الاتفاق عليها، وأن تتوج هذه المرحلة في النهاية إلى استفتاء يعطي شعب الجنوب حقه في تقرير مصيره.
v وماذا بشأن الصراع الدائر بين حزب الإصلاح والحراك في محافظة عدن؟ - لاعتقد بأن هناك صراع بين الحراك والإصلاح يجري في الوقت الحاضر، صحيح أن في الفترة الماضية حصلت احتكاكات في الشارع، لكن حالياً لا أرى أي شيء من ذلك الصراع يحدث أو يدور لا من جانب الحراك ولا من جانب الإصلاح والإشكاليات التي حدثت تم التغلب عليها. v ختاماً كيف تنظرون إلى ما يجري في مدينة عدن، من انفلات أمني وانتشار للعنف والفوضى؟ - موضوع الانفلات والاختلالات الأمنية هي مسؤولية تتحملها السلطة وتتحملها المحافظة، وعلى السلطة والمحافظة أن تتحمل مسؤوليتها في حفظ الأمن والاستقرار، وعليها أن لا تتعرض إلى ساحات الحراك وأن تتركه يمارس نشاطاته بطريقة سلمية بعيداً عن العنف، أو بعيداً عن دفع الأمور باتجاه التوتر الأمني. والذي يحصل الآن أنه تتم محاولة لإغلاق ساحات الحراك بطريقة غير صحيحة وغير سليمة، بينما الساحات في الشمال دائماً لا نجد أحداً يقوم باعتراضها أو يقوم بإغلاقها، فلماذا في عدن وفي الجنوب تطبق مثل هذا السياسات الهادفة إلى اعتراض الحراك وإغلاق ساحاته. وما حدث لساحة المنصورة وإغلاقها من قبل الأمن مسألة خاطئة، وبرأيي أعتبر أن كل ما يجري الآن في عدن وفي كل المحافظات الجنوبية، مسألة مقصودة ومسؤولية تتحملها المحافظة وأجهزة الأمن، فالحراك يمارس نشاطه في ساحة المنصورة وفي ساحة كريتر، وينظم مختلف فعالياته ومسيراته بطريقة سلمية، لماذا يتم اعتراضه وقمع نشاطاته ومسيراته بهذه الطريقة العنيفة وغير المقبولة، ولكن ويبدوا من هكذا مواقف وتصرفات أن السلطة والمحافظة تريد وتصر على أن تعكر صفو الأمن في هذه المحافظة، وتقود الأمور إلى المزيد من التوتر والاحتقان والتصعيد.