عدن اونلاين/خاص/كتب: فؤاد مسعد منذ حادثة جمعة النهدين تأكد لكل صاحب بصيرة أن من يمسك بمقاليد السلطة مجرد عصابة لا تمت بأية صلة للدولة ومؤسساتها، ولا يتحلى أفرادها بأي مقدار من الشعور بالمسئولية تجاه البلد الذي وقع ضحية بين مخالبهم وأنيابهم، وما يعانيه الشعب من حروب مفتوحة وحصار جائر وعقوبات جماعية واعتداءات متواصلة يؤكد هذه الحقيقة، لقد ظل علي صالح لسنوات طويلة ممسكا بمقاليد السلطة، لا بصفته موظفا لدى الشعب ولكن باعتباره مالكا يحق له التصرف بموارد البلد والعبث بمقدراتها وبيع ثرواتها والتفريط بسيادتها والمتاجرة بدماء أبنائها، ألم يقل للأمريكان: اقتلوا وأنا سأقول إنني القاتل؟ وعلى هذا الأساس جاء غلمانه المدللون بالعقلية المتخلفة ذاتها ليرثوا السلطة كحق مكتسب، واصلوا تدمير الدولة والعبث بمؤسساتها وسرقوا المال العام ليشتروا به الذمم ويبسطوا نفوذهم غير المشروع، حتى يحلو لهم التربع على عرش رأوه فارغا إلا من شخص "الوالد" الذي قدم البلد بكل ما فيها ومن فيها هدية للأنجال والأصهار بعد نجاحه في تطويع حفنة من المنافقين والانتهازيين الذين لا يتورعون عن المتاجرة بضمائرهم ومواقفهم كلما طلب منهم ولي نعمتهم ذلك، اليوم يتأكد لكل ذي عين أن الدولة بمعناها الحقيقي لا وجود لها في الواقع الذي يتحكم فيه عصبة من الأشرار، المؤسسات الدستورية صارت أكذوبة تلوكها الأبواق الناعقة في وسائل الإعلام التابعة للعصابة الحاكمة، وغلمان القصر الذين يدسون أنوفهم في كل صغيرة وكبيرة، الحقيقة البارزة أن الجيل الثاني من آل عفاش "أحمد ويحيى وطارق وعمار" هم من يملكون السلطات الحقيقية، والبقية مجرد موظفين بصلاحيات محدودة لا تتجاوز الخطوط التي رسمها لهم" علي بابا"، و من يفكر بالاقتراب منها فمصيره محتوم ومعلوم بالضرورة، القرارات التي تنفذ على وجه السرعة ليست الناتجة عن اجتماعات مجلس الوزراء ولا مجلس النواب، بل ما يقرها أولو الأمر والنهي في الأسرة الحاكمة وفي غرف أحمد وأولاد عمه، وبالتالي فلم يكن مستغربا أن الأسرة تواصل أداءها باقتدار دون أن تكترث للبرلمان الذي انتهت مدته القانونية قبل شهور، ومثله مجلس الوزراء أو الحكومة المقالة أو حكومة تصريف الأعمال، أو غيرها، لتتعطل كل مؤسسات الدولة ولتتوقف عن ممارسة عملها الشكلي والديكوري مادام "حمران العيون" يقبضون بنواصي الجيش والأمن، ومادام غالبية المسئولين مجرد دمى تتحرك وفق ما يراد لها، يخطئ من يعول على من تبقى من المسئولين في اتخاذ موقف حازم، إذ لا حول لهم ولا قوة ولا قدرة بعيدا عن تدخلات الأسرة، وما حدث قبل يومين للسفير الفرنسي مجرد دليل ضمن كثير من الأدلة تؤكد سقوط البلد ومؤسساتها في أياد طائشة وغير أمينة، ولا عزاء لوزير الخارجية الذي كان يتصور أن العمل الدبلوماسي من صميم عمله، لكنه اكتشف بعد سنوات من الخدمة أن الولد أحمد هو المخول بكل شاردة وواردة، بما فيها التصريح باسم وزارة الخارجية، وغيره من الوزراء ليسوا أحسن منه حالا، هل يدري وزير الدفاع بحقيقة ما ترتكبه قوات أحمد في أرحب وتعز ونهم، و هل يقوى وزير الداخلية على مخاطبة يحيى صالح باعتبار الأخير ضابط في وزارة الأول أم العكس؟ ما يحدث في مراكز صنع القرار يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الأطفال تجاوزوا الحد وتطاولوا على الدولة اليمنية وصاروا يقررون ما يحلو لهم نيابة عن الجميع، وبما يتوافق ومصلحة الأسرة في البقاء على الكرسي مهما كانت التضحيات. ما يصدر عن أشخاص محسوبين على النظام بين فترة وأخرى هو تعبير عن احتياج الأسرة ومصالحها ولا يعبر بالضرورة عن موقف مسئول للدولة أو ما تبقى من مؤسساتها الشكلية، كما لا يخفى على أي متابع هامشية المؤتمر الشعبي كحزب يفترض أنه حاكم، وتبعيته للأسرة، مهما حاول بعضهم أن يتقمص دور صاحب القرار، وما صراخ سلطان البركاني وطارق الشامي أو تعليقات عبده الجندي وياسر اليماني أو تحليلات أحمد الصوفي إلا محاولات بائسة لإثبات أنهم ليسوا مأجورين لخدمة شخص ورّثهم لابنائه وغدوا أبواقا تنعق وفق رغبة نافخيها. لو كان لليمنيين دولة ومؤسسات كغيرها من الدول لما تجرأ ضابط فاشل دراسيا ومريض نفسيا من قيادة أبرز الوحدات العسكرية لخوض أكثر من حرب لأن الشعب قرر الخروج على حكم أبيه الفاسد والمتخلف. لماذا يظهر العسكري البليد/ يحيى عفاش على وسائل إعلام النظام وهو يهدد بكسر رقاب المعارضين والثوار؟ أليس لأنه يرى في الثورة تهديدا مباشرا لمصالح غير مشروعة حصل عليها ببركات العم علي، وبفضل إدارته للبلد بطريقة همجية وخيانته للأمانة غدا هذا الضابط قائدا لمؤسسة أمنية ما كان له أن يكون أحد منتسبيها – ناهيك عن قيادتها- لولم يكن نجل شقيق العفاش الأكبر! اليمنيون اليوم في مواجهة مصيرية تديرها عصابة مارقة وباغية وخارجة عن القانون، كل ما يهمها البقاء على السلطة لفترة أطول، ولن يتورعوا عن ارتكاب أي عمل عدواني تجاه الشعب، بل على العكس من ذلك تفننوا في استخدام الوسائل غير المشروعة لتحقيق مآربهم المريضة ولا يزالون يمارسون كل عمل يروه مناسبا مهما كانت خسته وحقارته، ما يضاعف معاناة اليمنيين في هذه المرحلة أن خصومهم يحتفظون بقدر كبير من التخلف وتنطوي أنفسهم على الحقد والضغينة و تلازمهم بشكل دائم عقدة الشعور بالنقص، وبالتالي فعلى الثوار أن يتوقعوا من هذه العصبة الفاسدة أي عمل انتحاري كتلك التي تقترفها عصابات الجريمة حين ينكشف أمرها، وتشعر أنه لم يعد أمامها سوى رقصة الموت الأخيرة، أما الثورة فماضية في طريقها للنصر القريب بإذن الله، ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا.