انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    الريال ينتظر هدية جيرونا لحسم لقب الدوري الإسباني أمام قادش    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    أول تعليق من رونالدو بعد التأهل لنهائي كأس الملك    جامعة صنعاء تثير السخرية بعد إعلانها إستقبال طلاب الجامعات الأمريكية مجانا (وثيقة)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    وفي هوازن قوم غير أن بهم**داء اليماني اذا لم يغدروا خانوا    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    الخطوط الجوية اليمنية توضح تفاصيل أسعار التذاكر وتكشف عن خطط جديدة    الانتقالي يتراجع عن الانقلاب على الشرعية في عدن.. ويكشف عن قرار لعيدروس الزبيدي    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    مقتل واصابة 30 في حادث سير مروع بمحافظة عمران    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    احتجاجات "كهربائية" تُشعل نار الغضب في خورمكسر عدن: أهالي الحي يقطعون الطريق أمام المطار    العليمي: رجل المرحلة الاستثنائية .. حنكة سياسية وأمنية تُعوّل عليها لاستعادة الدولة    الكشف عن قضية الصحفي صالح الحنشي عقب تعرضه للمضايقات    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    غارسيا يتحدث عن مستقبله    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    الرئيس الزُبيدي يعزي رئيس الإمارات بوفاة عمه    رئاسة الانتقالي تستعرض مستجدات الأوضاع المتصلة بالعملية السياسية والتصعيد المتواصل من قبل مليشيا الحوثي    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    مأرب ..ورشة عمل ل 20 شخصية من المؤثرين والفاعلين في ملف الطرقات المغلقة    عن حركة التاريخ وعمر الحضارات    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    بعد شهر من اختطافه.. مليشيا الحوثي تصفي مواطن وترمي جثته للشارع بالحديدة    رئيس الوزراء يؤكد الحرص على حل مشاكل العمال وإنصافهم وتخفيف معاناتهم    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    الشيخ الزنداني يروي قصة أول تنظيم إسلامي بعد ثورة 26سبتمبر وجهوده العجيبة، وكيف تم حظره بقرار روسي؟!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    التعادل يحسم قمة البايرن ضد الريال فى دورى أبطال أوروبا    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناضل زين اليافعي يروي ذكريات حرب التحرير ضد قوات الاستعمار البريطاني
نشر في عدن أون لاين يوم 14 - 10 - 2012


عدن أون لاين/ حاوره/ صلاح سيف:
بعد عناء طويل في عملية البحث عن المناضلين المغمورين الذين شاركوا في عملية الكفاح المسلح (العمليات الفدائية) ضد الاستعمار البريطاني عثرت على المناضل الفدائي زين صالح محمد اليافعي أحد جرحى حرب التحرير في اللوكندة المجاورة لسوق القات في مدينة كريتر وساعدني في الوصول إليه صديقي المبدع ورسام الكاريكتير أحمد يحي الذي تولى مهمة إقناع المناضل زين صالح في الموافقة على إجراء هذا الحوار, نظرا لتعكر مزاج معظم المناضلين الذين أصبحوا يشعرون أن الحديث للصحافة أصبح يمثل نكئ لجراحهم التي نزفت في جبهات القتال أثناء الكفاح المسلح في ظل إصرار مسئولي الدولة منذ الاستقلال حتى اليوم على ان تبقى حياة المناضلين المعيشية بعيدا عن اهتماماتهم حيث يتقاضى المناضل الجريح أو أسرة الشهيد شهريا مبلغ (5000) ريال من دائرة شهداء وجرحى حرب التحرير , ويعد هذا المبلغ الزهيد بحد ذاته إهانة لتاريخهم وتضحياتهم الكبيرة.


س/ حدثنا عن الخطوات الأولى لمسيرتك النضالية متى بدأت ؟
نزلت إلى عدن قادما من يافع وعمري ثلاث سنوات نظرا لمعاناة الحياة التي كان نعيشها في الريف فنشأت وترعرعت في عدن حتى جاء نداء قيادة ثورة 26 سبتمبر عبر إذاعتي صنعاء وصت العرب تطالب أبناء اليمن بالتوجه إلى جبهات القتال للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر
حينها كنت في مدينة عدن وكانت سيارات نقل المتطوعين إلى تعز متوفرة في مدينة الشيخ عثمان حيث تم توفيرها من قبل قيادة الجبهة القومية وكانت تنقل المتطوعين من عدن إلى الشريجة ومن الشريجة يسافرون إلى تعز , لكني لم أذهب إلى تعز , بل سافرت إلى ردفان ومن ردفان سافرنا مجموعة بقيادة سعيد صالح سالم رحمة الله عليه إلى جبل يسلح خارج العاصمة صنعاء وكنا حينها سرية كاملة حيث تم استقبالنا وتدريبنا هناك على استخدام سلاح الكلاشينكوف والقنبلة الروسي والبازوكة ثم تم توزيعنا على جبهات القتال وكان ذلك في أواخر 1963 م لكني لم استمر هناك سوى اربعين يوم حيث جاءني خبر بأن أمي مريضة فعدت إلى يافع للاطمئنان على الوالدة وبقيت هناك عدة اشهر ثم عدت إلى مدينة عدن.
س/ متى عدت على عدن ؟
في بداية 1964 م وكانت الأوضاع قد تغيرت حيث بدأت المظاهرات المطالبة برحيل الاستعمار تزداد يوما بعد يوم بعد قيام ثورة 14 أكتوبر بقيادة راجح غالب لبوزة من جبال ردفان .
س/ بعد عودتك إلى عدن إلى أين توجهت؟
بقيت فيها وكنت أشارك في مقدمة المظاهرات المطالبة برحيل الاستعمار البريطاني حيث كان حماس الشباب كبير جدا وكان الاستعمار يواجه تلك المظاهرات بقمع شديد حيث كان يستخدم القنابل المسيلة للدموع ويضربنا بالعصي ويعتقل بعض قيادات تلك المظاهرات التي زلزلت الارض تحت أقدام الاستعمار و مثلت لقواته عامل قلق شديد الذي بدأت تشعر بأن بقائها في عدن لن يطول كثيرا فبدأت تواجه المظاهرات بالقمع الشديد و المفرط.
س/ من الذي كان يدعوا ويقود تلك المظاهرات ؟
التنظيم الشعبي للجبهة القومية , حيث كانت الجبهة القومية تمتلك تنظيمات سرية في غاية التنظيم والدقة وتتواجد في كل القطاعات , و كان التنظيم الشعبي متغلغل في قطاعات الطلاب والقطاع العمالي والقطاع النسوي وكل قطاع له قيادة سرية لم نكن نعرفها , لكن تلك القيادات هي من كانت تدعوا للمظاهرات وتقودها حيث تقوم بتوزيع المنشورات اليوم الأول لقيادات الصف الثاني الذي كانوا يوزعوا لنا المنشورات وكانت تلك المنشورات تبعث الروح الثورية وتوقد حماس الجماهير وتحث الجماهير على المشاركة الفاعلة في المظاهرات والمسيرات بالإضافة إلى تحديد يوم المظاهرة ومكان خروجها وطريق سيرها , وكنا نحن من شدة حماسنا نقوم بتوزيع تلك المنشورات للناس ونبلغهم بتوقيت المظاهرة ومكانها وطريق سيرها واستمريت أودي هذا الدور حتى انظميت للعمل الفدائي في الجبهة القومية بداية 1965 م
س/حدثنا عن طريقة انضمامك للعمل الفدائي في الجبهة القومية ومن الذي نظمك للجبهة؟
ج/ الذي قام بتنظيمي محمد عبد الخالق وكان صديقي ويعمل في إدارة البلدية بعدن حيث كان عضوا في الجبهة القومية ويعمل في القطاع الفدائي ولم اكن اعرف ذلك رغم اني كنت صديقه ومن المقربين منه, وعندما لاحظ مشاركتي الدائمة في مقدمة كل مظاهرة أخذني جانبا وسألني عن سبب وجودي ومشاركتي في كل المظاهرات , فشرحت له وجهت نظري بضرورة طرد الاستعمار بأي ثمن حتى ولو بالكفاح المسلح فأنا مستعد للقتال لكني لا أعرف القيادات العسكرية في الجبهة القومية ولا قيادات وأعضاء العمل ولكن أسمع بأسمائهم الحركية فقط دون أن اعرفهم بصفة شخصية ولذلك ابسط شئ اقدمه لوطني هو المشاركة في المظاهرات , فطرح عليا فكرة الانضمام للعمل الفدائي , فقلت له اتمنى ذلك ولكن لا اعرف احد حتى يوصلني لقيادات العمل الفدائي , قال لي خلاص هذه مهمتي وانصرف.
س/ماذا حدث بعد ذلك هل قام بتنظيمك مباشرة ؟
ج/ لا ولكن جاءني بعد يومين شخص اخر اسمه الحركي صلاح فأخذني جانبا وسألني هل تعرف محمد عبد الخالق فقلت له نعم هو صديقي , ثم سألني عن موضوع الحوار الذي دار بيني وبين محمد عبد الخالق وفي يتعلق برغبتي في الانضمام للعمل الفدائي , فقال لي لماذا تريد المشاركة في العمل الفدائي فحدثته عن تأثري بالثورة الجزائرية وعن نضال وتضحيات "تشي جيفارا" فقال بعد ذلك سوف نأتي إليك عند الحاجة و كنت في تلك الفترة ومعجب بالثورة الجزائرية وتضحيات الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي ومتأثرا بافكار "تشي جيفارا " التحريرية وقد شكل تأثري بها ملاح تشكيل شخصيتي وحبي للعمل في القطاع الفدائي حتى تمكنت من الوصول إليه.
س/ هل عاد إليك بعد ذلك وماذا طلب منك ؟
نعم جاءني بعد يومين وأخذني إلى منزله وأعطاني المصحف الشريف ومسدس ثم وضع المصحف على المسدس وأخذ مني قسما بأن أعمل لأجل الوطن بطريقة سرية فأديت القسم وخرجت من منزله وأنا مسرور جدا وكان ذلك بداية عام 1965 م وفي اليوم التالي من اداء القسم استدعاني إلى منزله وكان في اجتماع (للحلقة) حينها تعرفت على خمسة أشخاص أخرين هم أعضاء (الحلقة) وهي أصغر مكون في العمل الفدائي حيث كان يتم تقسيم العمل الفدائي إلى حلقات وكل حلقة تتكون من فرد إلى ستة أفراد ولها قائد ونائب للقائد ولم نكن حينها نعرف الاسماء الكاملة لبعضنا البعض فقط نتعرف على الاسماء الحركية فقط , كما عرفت اثناء الاجتماع أن صلاح هو قائد الحلقة حيث طلب من أعضاء الحلقة بعد ان عرفني بهم وضمني إلى الحلقة التي يقودها ان نلتزم بالعمل الفدائي والحفاظ على سرية العمل الفدائي حتى وإن تعرض أحدا منا للاعتقال وتم تعذيبه أو قتله عليه أن يحافظ على اسرار العمل الفدائي وعلى أعضاء الحلقة وعدم الاعتراف بأسمائهم حتى ولو قتلوه المهم أن لا نفشي بأسرار العمل الفدائي وكنا كفدائيين معرفتنا ببعض تنحصر في إطار الحلقة الواحدة التي لا يتجاوز عدد أعضائها ستة أفراد وإذا تلاقينا في مكان عام لا نسلم على بعض ونمر بجوار بعض مثل الغرباء خاصة إذا كان في حد منا مراقب أو مشتبه تجنبا للوقوع في دائرة الشبهة ولم نكن نعرف الفدائيين في الحلقات الأخرى من شدة التنظيم السري الدقيق لفدائي الجبهة القومية .
س/ من هي بقية الأسماء الحلقة التي كنت فيها مع ذكر اسمائهم الحركية؟
ج/ الخضر محمد عبدالله واسمه الحركي صلاح و قد عرفت اسمه الحقيقي بعد فتره طويلة من العمل تحت قيادته , ومحمد علي سيف واسمه الحركي "شبر" ومازال على قيد الحياة مغترب في المملكة العربية السعودية حيث سافر للعمل في المملكة بعد الصراعات التي حدثت لاحقا , ومحمد عبد الخالق واسمه الحركي "خالد"وقاسم صالح علي واسمه الحركي "علي" ومحمد أحمد بشر واسمه الحركي "بشر" وكان اسمي الحركي اسكندر وقد كان صلاح قائد الحلقة وأنا نائب له.
س/ متى نفذتم أول عملية فدائية ضد قوات الاستعمار البريطاني وأين كانت تلك العملية ؟
ج/ في قبراير 1965 م وكانت في مدينة كريتر حيث استهدفنا دورية عسكرية للانجليز كانت واقفة بجانب المتحف الحربي وعليها عدد من الجنود حيث قمنا بوضع الخطة وكان معنا (2) قنابل واحدة معي والأخرى مع القائد صلاح ومسدسين وآلي رشاش , واتفقنا على أن نلقي القنابل على الجنود الانجليز أنا والقائد صلاح وبقية الخلية يتمترسوا في مداخل الطرق المؤدية للمتحف بأسلحتهم من أجل توفير الحماية لنا في حالة رد علينا الجنود الانجليز الذين كانوا يقفون في أخر شارع المتحف مقابل الماركت حاليا, فمسئوليتهم الرد عليهم والتصدي لهم حتى ننسحب , وبعد ان ألقينا القنابل على الدورية أطلق الجنود الذين كانوا مقابل الماركت النار باتجاهنا فرد عليهم رفاقنا ولم يسمحوا لهم بالتقدم تجاه المتحف حتى تمكنا من الانسحاب انا وصلاح وهربنا كل واحد في اتجاه حيث كان العملية في الظهر وكنا متفقين على أن نلتقي في الطويلة بعد العصر حيث كان معي "كشك " صغير هناك نخبي فيها السلاح , فالتقينا ثلاثة واثنين تخلفوا فبدأنا نشعر بالقلق والخوف عليهم من ان يكونوا ماتوا في العملية او اعتقلوا , وظلينا قلقين عليهم وبعد المغرب جاءوا إلى الطويلة حيث كنا ننتظرهم في "الكشك" فشعرنا بفرحة كبيرة وزادت ثقتنا بأنفسنا اكثر كون تلك العملية كانت هي الأولى ولم نمر بمثل تلك الظروف من قبل.
س/ كم كان عدد الضحايا من الجنود الانجليز في هذه العملية ؟
ج/ قتل اثنان من الجنود وجرح ثلاثة اخرين بالإضافة إلى إحراق سيارتهم.
س/ كيف كنتم تستطيعون إخفاء السلاح وتمريره إلى المكان الذي تنفذون فيه العملية؟
ج/ كان يوجد عسكري من شرطة كريتر عضو في الجبهة القومية وكان اسمه عبدالله محسن جبر مهمته نقل السلاح الذي سوف ننفذ فيه العملية وكان معظمه سلاح خفيف مسدس أو قنبلة حيث كان يضعه في جيبه ويمر دون أن يركز عليه الانجليز كونه شرطي , وكان يسبقه شخص أخر من أعضاء الحلقة إلى المكان حيث يقوم بمهمة استطلاعية للمكان ويقوم باستلام السلاح من الشرطي جبر دون أن يشعر فيه أحد ثم نأتي نحن فيما بعد ونأخذ منه السلاح منه فينصرف هو إلى مكان أخر كون مهمته انتهت ونقوم بتنفيذ العملية التي رتبنا لتنفيذها.
س/ من الذي كان يحدد ويختار الهدف أنتم في الحلقة أم القيادة العليا؟
ج/ القيادة هي من تحدد بعض الأهداف خاصة في العمليات الفدائية الكبيرة ونحن ننفذها ونقوم بوضع خطة التنفيذ التي نراها مناسبة وإذا وجدت تعليمات أو خطة مسبقة وضعتها القيادة نلتزم بتنفيذها إذا وجدناها مناسبة للتنفيذ وإن كانت صعبة التطبيق نعدها حسب تصوراتنا نحن الفدائيين والقيادة كانت تترك لنا خيارات التنفيذ في كثير من العمليات باستثناء العمليات المعقدة والكبيرة كانت تضع الخطط و تشاركنا مثل حصار يونيو و في العمليات الصغيرة فنحن من نحدد الهدف ونعد خطة التنفيذ.
س/ من هي الشخصيات القيادية التي كنتم تعملون تحت قيادتها في عدن؟
ج/ كانت القيادة العليا مكونة من عبد الفتاح اسماعيل وسالم ربي على ومحمد صالح مطيع وعمر علواني ومحمد سالم باهديلة وعبد النبي مدرم وأخرين .
س/ هل كنتم تلتقون القيادة بعد أو قبل تنفيذ أي عملية فدائية ؟
ج/ في البداية لم نكن نعرفهم معرفة شخصية ولا نقابلهم ولكن كانوا يرسلوا لنا واحد من القيادات يجتمع بنا نيابة عنهم وينقل لنا التوجيهات والأوامر فكانوا يرسلوا لنا عبدالله كمراني وكان اسمه الحركي فهد فقد كان يلتقي بنا ويعطينا توجيهات القيادة ثم يبلغ القيادة بنتائج الاجتماع والحوار الذي دار بيننا .
س/ كثوار وفدائيين في عدن كيف كنتم تنظروا لما يحدث من حصار لصنعاء وما تتعرض له ثورة 26سبتمبر من مؤامرات خارجية وداخلية ؟
ج/ كنا نتابع بقلق وألم شديد حيث كانت الثورة واحدة سواء في الشمال أو الجنوب فثورة سبتمبر كانت مقدمة لثورة أكتوبر وللأمانة ٌأقولها لو لا ثورة 26 سبتمبر ما كانت قامت ثورة أكتوبر حيث تدرب معظم ثوار أكتوبر في المحافظات الشمالية أثناء ذهابنا للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر , وكان السلاح والدعم كله يأتينا من المحافظات الشمالية خاصة محافظة تعز, ولذلك يا ابني نحن شعب واحد وكنا في تلك الفترة موحدين أفضل من اليوم ولم تكن توجد بيننا التصنيفات المناطقية أو المذهبية والطائفية , فكان يوجد في خليتي اثنين من أبناء الشمال , ولم اعرف أنهم من الشمال إلا في احداث يناير حينما حلت علينا مصيبة الفرز المناطقي التي غرسها الاستعمار حيث كنا كلنا يمنين أبناء شعب واحد وكان الاستعمار يصنف ابناء الجنوب الذين من خارج عدن بالبدو وأبناء المحافظات الشمالية جبالية, لكن هذا التنصيف كان مرفوض بيننا ولم يكن احد يجرؤا على ذكر هذه التصنيفات التي نراها اليوم.
س/ هل تفتكر أول عملية فدائية نفذت في عدن ومن الذي نفذها وأين كانت ؟
ج/ نعم أول عملية فدائية كانت هنا في مدينة كريتر نفذتها القيادة العسكرية العليا للجبهة القومية في بداية 1964 م بقيادة عبدالفتاح اسماعيل وسالمين واستهدفت ضابط كبير في المخابرات البريطانية وكان اسمه خليل.
س/ مقاطعا اسمه خليل يبدو انه لم يكن ضابط انجليزي فاسمه عربي ؟
ج/ نعم كان يمني ولكن كان ضابط كبير في الاستخبارات البريطانية وكان مخلص لسلطات الاستعمار في عمله ولم تكن فيه أي ذرة وطنية حيث كان يجلس يراقب الثوار في الجبهة القومية ويرصد تحركاتهم ثم يقوم بمطاردتهم أو يبلغ عنهم الإدارة البريطانية كي تعتقلهم , وللأمانة أقولها فالقيادة لم تغتاله إلا بعد وجهوا له ثلاثة انذارات للبيت بأن يحترم نفسه ولا يطارد أبناء وطنه و في أخر انذار حذروه إن لم يكف عن مطاردات وملاحقة الثوار وأعضاء الجبهة القومية سيقتلوه.
س/ ونفذوا وعدهم وقتلوه؟
ج/ نعم قتلوه وكان يجب عليهم أن يفعلوا ذلك حيث اجتمعت القيادة وحكموا عليه بالإعدام وتم اغتياله في جولة السفينة بمدينة كريتر ونفذ العملية عبد الفتاح وسالمين حيث جاءوا بسيارة ومعهم اسلحتهم الرشاشة فوجدوه واقف في ركن الحافة المقابلة للجولة فأطلقوا عليه الرصاص وقتلوه ثم ألقوا قنبلة دخانية وانسحبوا بسيارتهم وكان القاء القنبلة الدخانية من أجل أن تغطي عملية انسحابهم حتى لا يعرف الناس رقم السيارة والأشخاص الذين فيها.
س/ ما هي ابرز عملية فدائية خاطرتم بحياتكم من أجل تنفيذها ؟
كانت العملية التي نفذناها ضد جنود الانجليز الذين كانوا على سطح إحدى العمائر يحرسون معسكر عشرين التابع للانجليز وقمنا بتنفيذها أنا والقائد صلاح حيث كانت عملية فدائية نوعية , وكان فوق العمارة خمسة جنود يحرسون معسكر عشرين من سطح العمارة الواقعة خلف المعسكر وكان يوجد عمارة أخرى خلفها اكبر منها من حيث الارتفاع ومطلة عليها وكان يجب علينا ان ننفذ العملية من فوق تلك العمارة فصعدنا أنا وصلاح بأسلحتنا الرشاشة إلى سطح العمارة وكسرنا القفل حق باب السطح حتى لا نسبب مشاكل لصاحب الدور الأخير بعد ان وزعنا بقية أعضاء الحلقة إلى مجموعتين بحيث تبقى مجموعة في الحافة بمحاذاة بوابة معسكر عشرين ومجموعة أخرى امام السينما فقلنا لهم إذا خرجت قوة من المعسكر اضربوا عليهم بينما نتمكن من الانسحاب ,فقمنا بتنفيذ العملية و اطلقنا الرصاص على الجنود فقتلنا اثنين و اصبنا ثلاثة اخرين فخرجت قوة كبيرة من المعسكر بعد العملية مباشرة وكانت أكبر من قوتنا ولم يتمكنوا رفاقنا من صدها ولم نتمكن من الانسحاب بسرعة فاختفينا في شقق العمارة حيث أختفى صلاح عند واحد معروف في العمارة ونجى من الاعتقال وأنا دخلت شقه كلها نساء وطلبت من احداهن ان تعطيني فوطة وشميز فغيرت ثيابي وتركتها في صحن بالحمام وعندما جاء الجنود الانجليز فتحت إحدى البنات وقالت لهم هذا أخي أبكم لا يسمع ولا يفهم شئ , فتشوا البيت وعثروا على ثيابي في الحمام ثم عثروا في سطح العمارة على القفل الذي كسرناه فاشتبهوا بي وأخذوني معهم إلى سجن رأس مربط بعد ان ضربوني بأعقاب البنادق ضرب مبرح حتى نطقوني و شقوا رأسي. .
س/ حين اعتقالك هل تعرضت للضرب وكيف تمت معاملتك من قبل الانجليز ؟
ج/ اكيد تعرضت للضرب حيث كانوا يضربونا بأعقاب البنادق أو بأسلاك الكهرباء واستخدموا اساليب ترهيب وتعذيب كثيرة ضدنا وتعذبت كثير في اول شهر حيث كانوا يأتوا يصحوني من النوم ليحققوا معي وبقيت ثلاثة اشهر في المعتقل مضت كلها تحقيقات وضرب لكنهم لم يستطيعوا أن يحصلوا مني على أي معلومة فأفرجوا عني حيث كان الانجليز إذا اعتقلوا شخص ولم يستطيعوا أن يحصلوا منه على أي اعتراف يفرجوا عنه بعد ثلاثة أشهر.
س/ بعد الإفراج عنك أين ذهبت ؟
ج / بقيت في عدن رغم ان القيادة حقنا كانت تريد ان ترحلني إلى الريف لأن أي شخص يتم اعتقاله من قبل الانجليز ويتم حلاقة رأسه كانت القيادة ترحله لمدة شهرين ثلاثة , لكن انا رفضت ارحل وأصرت على البقاء في عدن حيث جلست أسبوع واحد رابط رأسي في البيت لأني كنت مازلت مصاب من أثر الضرب بأعقاب البنادق على رأسي ثم عدت للعمل الفدائي .
س / حدثنا عن مواقف طريفة عشتها أثناء حياتك الكفاحية ضد الاستعمار البريطاني؟
ج/ اتذكر ان جبهة التحرير كانت تدعوا لتنفيذ إضرابات عمالية احتجاجية ونظرا لطبيعة الخصام والتنافس بين الجبهة القومية ومنظمة التحرير كنا نقوم بنقل العمال إلى أماكن اعمالهم في مناطق أخرى خارج مدينة "كريتر" على سيارات خاصة توفرها قيادات الجبهة القومية, حتى لا يشاركوا في الإضراب , وفي إحدى المرات تم ايقاف السيارة التي كنت أقودها وعليها بعض العمال مقابل جامع أبان حاليا من قبل نقطة تفتيش تابعة للانجليز وقاموا بتفتيش السيارة فعثروا على مسدسي الشخصي بالإضافة إلى "شنطة" رصاص في خانة السيارة فقاموا بإنزال العمال من السيارة واحتجزوني حيث أخذوني إلى مكان القيادة وكانت في مقر البنك حاليا , وفي صباح اليوم الثاني جاءوا وأخذوني من مكان القيادة بهدف نقلي إلى سجن مربط لكنهم بعد تحركهم من البنك تعرضت السيارة لإطلاق نار كثيف من ثوار الجبهة القومية وكنت أنا مكتف وممدد في السيارة ولم يتمكنوا من عبور الشارع فأعدوني إلى شرطة كريتر ووضعوني عهدة عند قيادة الشرطة , فتم وضعي في زنزانة وجاء قائد الشرطة فضل ثابت محسن وكان موالي لجبهة التحرير وبدءا يحقق معي فقام بشتمي ووجهي لي اتهامات خطيرة حيث اتهمني بقتل عدد من الأشخاص بمسدسي الشخصي , لكنه لم يستطيع أن يخرج مني أي معلومة أو اعتراف أثناء التحقيق, فقام العسكر الموالين للجبهة القومية بإبلاغ قائد الحلقة صلاح ومحمد عبدالخالق صديقي في الحلقة, بأني معتقل في شرطة كريتر وعند الساعة العاشرة فوجئت بمجئ (2) ضباط وقالوا نحن من معسكر طارق وطلبوا من قائد الشرطة تسليم المتهم زين صالح وكان معهم أمر بنقلي إلى المعسكر وعملوا لقائد الشرطة استلام بالشخص المتهم ومسدسه الشخصي وأثناء إخراجي من الزنزانة سلموني للضابطين وبعد مغادرتنا مقر الشرطة تفاجأت بأن الضابطان اللذان جاءا لاستلامي هما قائدي صلاح ورفيقي محمد عبد الخالق قد تنكروا بزي الأمن البريطاني و وزروا أمر بالإفراج عني وكان مقلب كبير تجرعه قائد شرطة كريتر فضل ثابت محسن.
س/ ما الذي حدث بعد ذلك من ردة فعل تجاه هذه الخدعة (المقلب)؟
ج/ أرادت القيادة ترحيلي إلى ابين لعدة أسابيع حتى تهدأ الشرطة وينسوا الحادثة حيث وكانوا خائفين عليا من فضل ثابت محسن قائد شرطة كريتر لا يعتقلني او يقوم بتبليغ الاستخبارات البريطانية لأعتقالي كوني قد صرت مطلوب للجيش البريطاني , لكني رفضت السفر وأصرت على البقاء .
س/ مقاطعا أقصد ردة فعل الجيش تجاه قيادة الشرطة على خروجك بتلك الطريقة وكيف كانت ردة فعل قائد الشرطة تجاهكم ؟
ج/ جاء الجيش البريطاني واخذ قائد الشرطة والعسكر المناوبين إلى معسكر طارق وحققوا معهم لمدة ساعتين ثم أفرجوا عنهم, وكان قائد شرطة كريتر ثابت محسن غاضب بسبب خروجي بتلك الطريقة وكان ينوي اعتقالي , فذهب إليه صلاح ومحمد عبدالخالق ومحمد علي سيف وضباط من معسكر (20) موالين للجبهة القومية وهددوه بالكف عن ملاحقتي وإلا سوف يغتالوه لو حدث لي مكروه , فتوقف عن ملاحقتي وكان كلما قابلني في الطريق يوقف سيارته ويصافحني ولم يجرؤا على اعتقالي لأنه كان يدرك أن القيادة سوف تغتاله.
س/ ما هي المهمة التي اوكلت لحلقتكم أثناء محاصرة ثوار الجبهة القومية لمدينة كريتر حصار "يونيو" أريد معرفة ما علق بذاكرتك من أحداث اثناء فترة الحصار ؟
ج/ أثناء الحصار كنا متواجدين مع القيادة العليا في عمارة الجبلي وعمارة الكاكو في الخساف والعمارتان مواجهتان لباب عدن في العقبة وكانت مهمتنا حماية البوابة من دخول قوات الانجليز التي كانت متواجدة خلف باب عدن بالدبابات ومختلف الأسلحة الثقيلة وكانت القوة الثانية التابعة لجبهة القومية في العمائر المواجهة للبنك ومهمتها التصدي لقوات الانجليز المتواجد خلف المحكمة مقابل عدن مول حاليا, وشارك في قيادة حصار (20) يونيو كل من عبد النبي مدرم وسالمين وعمر علواني ومحمد سالم باهديلة حيث كنا في عمارة واحدة وتمكنا من التعرف على القيادة وبعض الحلقات والخلايا التي كانت تنفذ عمليات في مناطق أخرى بعدن أثناء الحصار ولم نكن نعرفها من قبل , وكان القطاع الطلابي والقاع الشعبي يقومان بتوفير المواد الغذائية ونقلها إلينا في العمائر , وفي الأيام الأولى للحصار وصلت معلومات لسالمين تفيد بوجود اسلحة في بدروم شركة (توني بس) وكان مقرها في القطيع ومن أجل أن نقوم بنهب تلك الاسلحة كان علينا التنسيق مع أفراد شرطة كريتر الموالين للجبهة القومية نظرا لأننا كنا ننسق معهم اثناء تنفيذ أي عملية فدائية ,واعتمدنا على سالمين من اجل القيام بالتنسيق مع أفراد الشرطة كونه القائد ثم تحركنا بأسلحتنا الخفيفة و شاحنتين نوع قلاب كي نحمل السلاح على متنها وعند وصولنا كقر الشركة كسرنا أقفالها وفتحنا أبوابها ونزلنا البدروم وعندما بدأنا بإخراج الصناديق التي وجدناها في البدروم تعرضنا لإطلاق نار من جهة مجنة العيدروس فقال لنا سالمين توزعو إلى مجموعتين مجموعة تقوم بإخراج الصناديق والمجموعة الاخرى تتولى مهمة الرد على مصدر الرصاص حتى تنجح العملية وعندما انتهينا من تحميل الصناديق على الشاحنات انسحبنا وعدنا إلى العمارة بعد أن استشهد علينا اثنين من رفاقنا وأصيب ناصر عقيل بعياري في كتفه.
س/ بعد وصولكم للعمارة ماذا وجدتم في الصناديق هل وجدتم اسلحة بالفعل حسب البلاغ الذي وصل لسالمين؟
ج/ وجدنا ثلاثة صناديق عبارة عن مسدسات مع الذخيرة وبقية الصناديق كانت عبارة عن مسدسات صيد خاصة بالطيور مع الذخيرة الخاصة بها , واتضح لنا بعد العملية أن مصدر إطلاق النار علينا كان من أفراد شرطة كريتر الموالون للجبهة القومية حيث تلقوا اتصال تلفوني من أحد أعضاء جبهة التحرير مفاده ان اعضاء جبهة التحرير سوف يقومون بنهب شركة البس, وعندما عرفوا أن من نفذ العملية أعضاء الجبهة القومية جاءوا إلى العمارة واعتذروا وسلموا أنفسهم واعترفوا بأن البلاغ الذي وصلهم كان بلاغ خاطئ , فتم الإعفاء عنهم واعترف سالمين أن الغلطة كانت غلطته هو لأنه لم ينسق مسبقا مع أعضاء الشرطة فقال احكموا عليا يا رفاق فالغلطة غلطتي انا وسأقبل بالعقوبة التي تقضوا بها عليا , ولأنه كان القائد وكنا نحبه كثيرا سامحناه.
ثم جاءتنا أوامر من القيادة بإحراق أي شركة اجنبية في كريتر , فقمنا بإحراق شركة " الهيلمن" وكانت عبارة عن شركة لبيع الشاحنات الكبيرة و مقرها في شارع اروى بالخساف فأحرقناها بكل ما فيها من شاحنات نقل كبيرة باستخدام الزجاجات الحارق , بالإضافة إلى إحراق شركة "باتا" وكنت تتبع تاجر يهودي وهي عبارة عن محل يعرض فيه منتجات الشركة من الأحذية العالمية وكان مقرها تحت قصر الجزيرة بجوار جولة الميدان وسط كريتر وقد أصيبا ثلاثة من رفاقنا في الحلقة بحروق طفيفة نتيجة انفجار المكان الذي كان مكضوم وفيه مكيف فأسعفناهم إلى منزل الدكتور عبد العزيز الدالي فهو طبيب أسنان وأحد أعضاء الجبهة وكان يعالج المصابين من أعضاء الجبهة القومية في منزله .
س/ بعد ذلك كيف تمكن الانجليز من دخول مدينة كريتر؟
ج/ جاءتنا أوامر من القيادات العليا برفع الحصار والانسحاب إلى مواقعنا السابقة فانسحبنا في المساء وفي صباح اليوم الثاني بعد (16) يوم من الحصار حيث جاءت قوات انجليزية جديدة غير القوة السابقة أعتقد أنها من الحرس الملكي وكانت أشد قسوة وخبث من القوة السابقة وأكثر خبرة قتالية .
س/ كانت كل العمليات الفدائية التي شاركت فيها بداخل كريتر هل شاركت في عمليات فدائية خارج حدود كريتر؟
ج/ بعد عملية الدمج القسري للجبهة القومية مع منظمة التحرير جاءتنا تعليمات من القيادة بوقف العمليات العسكرية في عدن, ونظرا لحبنا للعمل الفدائي انتقلنا أنا وصلاح ومحمد عبد الخالق إلى منطقة دار سعد للاستطلاع وكانت دار سعد منطقة ريفية تابعة لسلطنة لحج حينها , فوجدنا مواقع مناسبة للعمل الفدائي ضد القوات الانجليزية , فنسقنا مع احد القياديين في الجبهة القومية واسمه عثمان ابو علي البحيري وشخص اخر اسمه سلطان فمدونا بسلاح ثقيل مدفع الهون وأسلحة رشاشة نوع كندا خشبي مع الذخيرة ثم عرفونا على بعض العناصر المؤيدة للجبهة القومية في دار سعد وكنا بعد تنفيذ أي عملية فدائية نقوم بوضع السلاح عندهم في البيوت ثم نعود إلى كريتر لنرتاح يومين ثم نعود إلى دار سعد لتنفيذ عمليات فدائية ضد قوات الانجليز المتواجدة في نمبر (6) حيث كانت توجد نقطة تفتيش على مدخل مدينة الشيخ عثمان وكان يتواجد فيها قوات انجليزية كبيرة مزودة بالدبابات والأسلحة الثقيلة بجوار النقطة , وفي إحدى العمليات قام اسكندر قائد علي باستهداف القوات الانجليزية بقذيفة البازوكة فأصاب الهدف وسقط عدد من الجنود بين قتيل وجريح وبعد دقائق من العملية جاءت طائرة مروحية أخذت الجنود القتلى والمصابين ونقلتهم إلى عدن وفي اليوم التالي استهدفنا القوات الانجليزية في نقطة دار سعد بقذيفة هون , فردت علينامباشرة بقذيفة بازوكة فأصبت حينها بشظايا البازوكة في قدمي اليمنى إصابة خطيرة فنقلوني إلى منزل أحد المناصرين للجبهة القومية وكان يعمل ممرض في مستشفى الجمهورية أجرى لي الإسعافات الأولية في منزله وفي اليوم الثاني ورمت رجلي , فجاء القائد صلاح لزيارتي وابلغه الممرض وشخص اخر كان بجواري اسمه أمين سالم معروف أن إصابتي خطيرة ويجب نقلي للمستشفى لإجراء عملية جراحية , وخلال ساعاتيين عاد صلاح ومعه الدكتور عبدالعزيز الدالي فأخذوني من البيت إلى مستشفى الجمهورية لإجراء عملية جراحية وأثناء مرورنا من نقطة التفتيش بنمبر (6) بدار سعد أوقفتنا قوات الجيش البريطاني في النقطة فأخرج الدكتور عبدالعزيز الدالي بطاقته وعرف بنفسه بأنه طبيب وعنده مصاب يريد اسعافه بعد ان تعرض لدهس بالسيارة ,فسمحوا لنا المرور وأجريت لي عملية جراحية حيث تم ربط الاعصاب التي تمزقت و ظليت راقد في المستشفى لمدة شهر كامل.
س/ بعد خمسين عام من ثورتي سبتمبر وأكتوبر هل تشعرون أن الاهداف التي ناضلتم من أجلها قد تحققت على أرض ؟
للأسف لا الشديد لن نناضل من أجل وصول اليمن إلى الوضع الذي وصلت اليمن إليه اليوم , بل ناضلنا من الحرية والتحرر من الاستبداد والاستعمار وإقامة الحكم الجمهوري العادل لكل أبناء اليمن شمالا وجنوبا , كانت ثورة الشعب واحدة وكنا موحدون شمالا وجنوبا أثناء المراحل والمنعطفات المختلفة التي مرت بها ثورتي سبتمبر وأكتوبر حتى تخلصنا من الحكم الإمامي الاستبدادي البغيض في شمال الوطن والاستعمار البريطاني في جنوبه , دخل رفاق النضال في صراع طويل ومرير على السلطة في شطري الوطن منذ 5/ نوفمبر 1967 م في شمال الوطن و 19/ مارس 1968 م في الجنوب واليمن غارقة في انقلابات وصراعات على السلطة وحروب داخلية بين شطري اليمن كلفتنا الكثير والكثير كل ذلك كان على حساب عملية التنمية وبناء الإنسان , لذا فإن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وبطريقة سلمية في 22/ مايو 1990 م كانت هي أهم إنجاز تاريخي خلال مسيرة ثورتي سبتمبر وأكتوبر , لكن حرب صيف 1994 م مثل انتكاسة كبيرة لذالك الحلم العظيم الذي راود كل اليمنيين في 22 مايو 1990 م بسبب الإجراءات الخاطئة التي أعقبت الحرب من قبل النظام السابق الذي سرح عشرات الآلاف من الكوادر في القطاعين المدني والعسكري من أعمالهم وقضى على كل ما تحقق من انجازات ومكتسبات ثورة 14أكتوبر التي تحققت لأبناء الجنوب خاصة واليمن عامة,
ولذا أتمنى أن تعيد ثورة الشباب السلمية الاعتبار لأهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر وأن يتم تصحيح الاخطاء التي أرتكبها النظام السابق منذ 7/ 7/ 1994 م وأن يعاد الناس لأعمالهم وأشغالهم وتعاد لهم حقوقهم , بما يحافظ على وحدتنا ونسيجنا الاجتماعي.
نقلا عن صحيفة الثورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.