عدن اون لاين/خاص أحيا الالاف من أبناء عدن في جميع مصليات العيد صلاة وخطبة العيد في جميع مديريات المحافظة ، فعلى ساحة ملعب علي باوزير بمدينة المعلا أحيا أبناء المديرية صلاة العيد وتوافدوا إلى المصلى بكثافة رجالا ونساء وأطفالا وشيوخا أدووا الصلاة في جو بهيج مليئ بالأفراح تعلوه التكبيرات والتهليلات ابتهاجا وشكرا لله. خطيب المصلى الشيخ / شوقي كمادي قال: أن المسلمين يتوجهون في هذا اليوم العظيم يوم النحر إلى تأدية فريضة عظيمة وهي نحر أضاحيهم تقرباً إلى الله عز وجل بقوله : يتوجه المسلمون هذا الصباح في مشارق الأرض ومغاربها بهذه الصلاة العظيمة ، في هذا اليوم الكبير يوم النحر ويوم الحج الأكبر، أفضل الأيام وأشرفها عند الله تعالى ، وأكثرها عملاً صالحًا ، ويتقربون إليه بذبح أنساكهم ؛ عبوديةً له سبحانه وذلاً وحبًّا وتكبيرًا وتعظيمًا ورَغَبًا ورَهَبًا ، يرجون رحمته ويخافون عذابه ؛ فالله أكبر على ما هدانا ، والله أكبر على ما أعطانا ، والله أكبر على ما يقبل مِن أعمالنا ، والله أكبر على ما يجزينا بها يومَ القيامة . واستطرد ( كمادي ) في خطبته : واصفا المشهد في هذه اللحظات والحجيج في يسيرون زرافات من مزدلفة إلى منى سائرين ( مهللين ومكبرين ) ليرمو الجمرات ويذبحوا لأنساك في قوله : الآن يسير إخوانكم الحجاج أرتالاً في إثر أرتال ، من مزدلفة إلى منى ، يسيرون في جموع غفيرة ، وأفواج مهيبة ، شعارهم وهم يسيرون : " التلبية والتكبير " ؛ ليرموا الجمار ، ويذبحوا الأنساك ، ويَحلوا الإحرام ، ويطوفوا بالبيت الحرام : { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ العَتِيقِ } [الحج:29]، وذلك بعد أن باتوا ليلة البارحة بمزدلفة ، ووقفوا عشية الأمس بعرفات ، فدعوا الله تعالى أثناء تَجَلِّيه سبحانه لهم من عليائه ، ومباهاته -جل وعلا- بهم ملائكته . فنسألُ الله تعالى أن يُسلِّمهم ويحفظهم ، وأن يقبل حجهم ، ويغفر ذنبهم ، ويشكر سعيهم ، ويستجيب دعاءهم ؛ فهذا من حقهم علينا ؛ فإنهم وقفوا بالأمس وقوفًا طويلاً يدعون الله تعالى لنا ، ويتضرعون إليه بحفظنا ، ويسألونه نجاتنا ، دعوا لنا ولأهلنا ولأولادنا ، دعوا لنا بالأمن والإيمان ، والاستقرار والرخاء ، وسألوا الله تعالى لنا المغفرة والعتق من النار ، ولهجوا يطلبونه الجنة لنا ، دعوا لنا في أشرف الساعات ، وفي أجلِّ المواقف وهو موقف عرفة ، ملايين الدعوات وصلت إلينا ونحن في بيوتنا ، ممن نعرف ومن لا نعرف ، أليسوا يدعون للمسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنات ، فندخل وأهلنا وآلنا في دعواتهم المباركات ؛ فالحمد لله الذي جمع قلوب المؤمنين على الإيمان ، والحمد لله الذي سخر بعضهم يدعو لبعض بظهر الغيب ، وهذا من بركات دين الإسلام . وأكد الشيخ / شوقي كمادي أننا نستقبل العيد والأمة الاسلامية تعاني جراحات عديدة واهمها ما يحدث لإخواننا في سوريا ، والآلام التي تعانيه الأمة. وتابع بالقول: إننا اليوم إذ نستقبل عيدنا بقلوب مكلومة ، تقطر دموعًا ودمآءً على جروح إخواننا النازفة في مشارق الأرض ومغاربها ، وأوصالها الممزعة ما بين مجهَز عليها وأخرى تقبع على قائمة الانتظار ، فإننا يحدونا أمل - بفضل الله ربنا ، ثم بفضل عملنا وتضحياتنا وجهادنا - أن نستردَّ كرامتنا وعزتنا المسلوبة ، وأن نطلق ملايين المسلمين من عقالهم ، ليؤدوا رسالة الله ، ويحققوا مشيئته في الأرض ، ويسعوا بالإسلام بين الناس ، ينشروا به العدل والسلام والحرية ، ويعيدوا به الحقوق إلى أصحابها المكبلين في فناء الظلم المحتوم . إن عيدنا الحقيقي قد قاربت شمسه على الطلوع ، وأوشك فجره على البزوغ ، وحينها سيطمس نوره كل بهارج الباطل الزائفة ، وأضوائه الحارقة ، وسيُدبِرُ شيطانه متخبطًا بضراطه وخيله ورجله ، تسبقه دموعه ، ويسعى بين يديه عويله ونشيجه ، معلنًا دحر الباطل ، وانتصار الحق ، وشيوع الحب والخير والعدل ، حتى لا يترك الإسلام بيت حجر ولا مدر إلا تغلغل فيه ، بإسلام أهله أو بإيمانهم بمبادئه وشرائعه.. فضلاً من الله ونعمة ، والله عليم حكيم . نعم ؛ إن ديننا اليوم في أمس الحاجة إلينا ، فقد تكالبت عليه كلاب الدنيا من كل حدب وصوب ، فلا الداخل سَلِم من المؤامرات والتآمرات ، ولا الخارج كفَّ عن التخطيط والتفكيك والتدمير ، فمنافقو الداخل لا يختلف حالهم عن كافري الخارج ، فهما وجهان لعملة واحدة ، فالداخِليُّون سُوسة تنخر في عصا الأمة ، كلما اتكأت عليها لتقوم أكلت بعضها ، فتمشي خطوة وتكبو خطوات ، تقدم رجلاً وتؤخر أخرى . فمن يقف سدًا حصينًا أمام محاولات السيطرة وبسط النفوذ ؟! ومن يعيد الأمة إلى سماء الشريعة السمحة ، ليستمتعوا بصفائها ونقائها من غير تحريف أو تقصير أو غلو أو كهنوت ، فتُدِرُّ عليهم من خيراتها ، وتُمطر على أهلها لبنًا وعسلاً ؟! { وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } . وشدد الشيخ/ كمادي على مفهوم تربوي عظيم تتعلمه الأمة الإسلامية من تقديم الأضحية وإراقة الدم ، وكيف ان الاسلام علّمنا الفداء في قصة أبينا ابراهيم عليه السلام وابنه اسماعيل وقال : أمة الإسلام : العيد يومُ الفداء ؛ عيدُ الأضحى يوم التضحية والفِداء ، يوم الفرَح والصَّفاء ، يوم المكافأة من ربِّ السماء للنَّبِيَّيْنِ الكَرِيمَيْن " إبراهيم وإسماعيل " صاحِبَي الفضل والعَطاء ، أراد الأعداءُ بإبراهيم سُوءًا ، لكنَّ الله لطَمَهم وأبعَدَهم ، وجعَلَهم من الأسفَلِين ، كما يجعَلُ كلَّ أعداء الدِّين إلى يوم الدِّين : { فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ } [الصافات: 98] . أمَّا إبراهيم -عليه السلام- فله شأنٌ آخَر ، وطريقٌ آخَر ، وهدفٌ آخَر : { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ } [الصافات: 99]، رَجآءٌ مشروع ، يريد فقط الصالحين لإصلاح الأرض ، وبِناء التوحيد : { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ } [الصافات: 100] ، ودعاء المخلصين مسموعٌ ومُجابٌ في التوِّ واللحظة : { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ } [الصافات : 101] . طريق الأنبياء هكذا ، والتابعين من الموحِّدين هكذا ، السماء تَتعاوَن مع المُصلِحين ، مع الموحِّدين ، مع المُخلِصين ، العامِلين للدين ، تُمهِّد طريقَهم ، وتُذلِّل عَقباتهم ، تَجبُر كسرَهم ، وتُحقِّق رَغباتهم ، وتنصر أهدافهم . إبراهيم - عليه السلام - يُمتَحن ؛ ليُمنَح ، ويُختَبر ؛ ليَعلُو ، ويُبتَلى ؛ ليَسمُو : { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ } [الصافات: 102] بدَأ يَمشِي ، وهنا أعظَمُ مرحلة الحب من الوالد لولده ، لكنَّ الله أرادَ إخلاصَ قلبِه، وتمحيصَ فؤادِه، واصطِفاء نفسه، واجتِباء وجهته : { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } [الصافات: 102] . رُؤيَا فيها ذبح الابن ؛ طاعةً لله ، ويُبلَّغ الابنُ من الوالِد ذاتِه : { يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى } [الصافات: 102]؛ فيردُّ الغُلام بالمستوى نَفسِه من الشَّجاعة والإخلاص ، من التضحِيَة والفداء ، من الأدب الرفيع ، والذَّوق العالي ، وتقديم المشيئة ؛ لأنَّ الموقف موقف فتنة ، ولا ينتصر عليها المرء ، ولا يخرج منها المبتلَى إلاَّ بإذن الله ، وعون الله ، وفضل الله : { قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } [الصافات: 102]. وجاءَتْ لحظة الحسم : { فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ } [الصافات: 103]، فكان الاستِسلام من النَّبِيَّيْنِ لأمرِ الله ، وكان الحب من الكريمين لطاعة الله بالمستوى نفسه ، والأداء ذاته : (أَسْلَمَا) ، وهُنا تدخَّلت السَّماء ، الله شهد الموقف ، وصدَّق عليه ، فنادَى وجازَى : { وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } .