· قالوا صف لنا عدن..قلت:عدن مدينة البقع والوجع ،وهي مثل نشوة الكييف والسكر تارة ،ولمن عرفها وعشقها ،غصة وحرقة وندامة لا تنتهي أبدا!!عدن وطن بلا منتهى ..بلا فضاء..بلا قبيلة .. بلا عشيرة .. بلا عنوان.. بلا سلطان،أهلها مثل نوارسها في السماء ؛طائرة مهاجرة آيبة متعبة..أناسها كالبجع البيضاء في زرقة اليم الفسيح الذي لا متسع فيه للطيور الباحثة لها عن موضع قدم وحياة تنعم بالسكينة والرزق دونما منغصات أو خوف. * عدن ثغر حزين ،وابتسامة منكسرة، وعروسة شاخ عمرها في مغازلة الأحلام والرجال،رفضت الاقتران بإمبراطورية الشمس والضباب،وفي زمن الرفاق اعتمرت كوفية جيفارا وحملت على كتفيها ونهديها غترة ليلى الخالد ،وفي يديها كلاشينكوف أحرار العالم،وفي فمها أنشودة مارسيل خليفة(منتصب القامة أمشي ..مرفوع الهامة أمشي) .في عهد الاقتصاد والتجارة والتوحد غرقت وضاعت عدن بين مستلزمات السوق وأدواته،وبين وجودها في حقبة الحرب الباردة والزمن الثوري.. الآن وبعد السنون العجاف هذه أمامكم عدن بلا ملمح ووجه، بلا كبرياء أو حلم ،بلا ماض أو حاضر ،بلا اقتصاد أو تاريخ،بلا بحر أو تراب..بلا مكان ،بلا إنسان، بلا روح بلا وجود بلا هوية.. هكذا صارت قبلة لجيوش التتار وللطامعين والعابثين ،فمثلما كانت ملاذا لأحرار الكون ومنفى لأهلها وعشاقها ،هي اليوم مفتوحة ..مستباحة .. حرة ..نائحة ثكلت كل شيء ،الجمال والأحلام والرجال والهوية والزمن الجميل ووو...