كثر الحديث هذه الأيام ومع اقتراب نجاح الثورة الشعبية السلمية وتحقيقها لأهدافها عن موضوع القضية الجنوبية حتى امتلاءات بها صفحات الصحف وعناوينها الرئيسية والفرعية وتناولتها كثير من المواقع الالكترونية بالدراسة والتحليل وزاد عدد المنظرين لها الذين انبروا فجأة ليدللوا على أهمية القضية الجنوبية وضرورة بقائها حية لا تموت في خضم الثورة الشعبية الجارفة وكل ذلك لا باس به من منظار الحرص على القضية ومعرفة وجهات النظر المختلفة حولها ورؤية كل فئة للحل حتى أكثرها تطرفا مثل خيار الانفصال وفك الارتباط وكل ذلك مقبول , لكن الغير مقبول هو إصرار مجموعة ما على أن خيارها هو الحل وانه يمثل خيارا لكل الجنوبيين ومن يقول بغير رأيها يتهم بمحاولة واد القضية وبالخيانة للجنوب وقضيته ويوصف بالتأمر والعمالة أو انه من أصحاب المصالح وغيرها من التهم . ونريد التوقف عند خيار الانفصال و فك الارتباط وهي من الخيارات المطروحة لحل القضية الجنوبية من قبل بعض أبناء الجنوب . ولنا أن نتسال هل يمكن أو هل يعقل أن نعوذ إلى ما قبل العام 1990م ؟ وهل يمكن لعقارب الزمن أن تعود إلى الوراء ؟ وهل من الممكن عودة اليمن إلى شطرين لا نعرف كيف ستكون العلاقة بينهما ؟ أو كيف ستكون الأوضاع السياسية في داخل كل شطر ؟ أليس العودة إلى التشطير تحقيق لرغبة عند البعض ربما جاءت نتيجة انفعال في لحظة ما ولظرف ما ؟ بينما قرار الوحدة الذي يصوره البعض على انه كان ارتجاليا ومستعجلا وأملته الظروف والمتغيرات الدولية إلا انه كان يحقق رغبة عارمة وأمل وتطلع عند كل اليمنيين فجاء خيار رباني قدرته القدرة الإلهية ليتوافق مع خيارات البشر . لكن دعونا نعود إلى مناقشة هؤلاء الذين يرون أن الحل للقضية الجنوبية لا يمكن أن يتم إلا عن طريق الانفصال أو فك الارتباط فنسألهم . لماذا من حقهم هم فقط أن يفرضوا حلولا لا يجمع عليها اليمنيون ولا حتى الجنوبيون منهم ؟ ولماذا عليهم أن يدمروا أعظم منجز حضاري وتاريخي في تاريخ اليمنيين منذ ألاف السنيين ؟. الم تكن الوحدة هي حلم كل أبناء اليمن عبر أجيالهم المتعاقبة ؟ بل الم تكن الأرض اليمنية ارض واحدة منذ الأزل ؟ ارض التبابعة العظام . لماذا علينا أن نتنازل عن هذا الحلم الذي أصبح حقيقة لان هناك من أبناء اليمن من أساء للوحدة بسوء أفعاله وتصرفاته ؟ ثم أليس كثرة الحديث عن الانفصال في هذا الوقت والثورة الشعبية العظيمة في أوج عنفوانها وقرب انتصارها هو محاولة قد لا تكون برئيه في كسر تقدم سيل الثورة المتعاظم وصنع الحواجز في طريقها ؟ الم تكن القضية الجنوبية في بدايتها قضية حقوقية ببساطة , أليس الحل الناجع للقضية هو زوال هذا النظام الفاسد الذي لم يسئ للجنوب وأبناءه فقط بل أساء لكل شبر في اليمن ولكل أبناء اليمن . أليس القضية اليوم اكبر من قضية الجنوب , لقد كبرت القضية وتحولت من مجرد قضية حقوقية مطلبيه إلى قضية سياسية بامتياز كما يقول بعض الساسة ثم تحولت إلى قضية اليمن كله . لذلك أرى أن الحل يجب أن يتسع باتساع حجم القضية وبما أن القضية اليوم حجمها اليمن فالحل لها هو حل لكل قضايا اليمن ابتداء من القضية الجنوبية مرورا بقضية شمال الشمال صعدة ومرورا بقضايا أبناء تهامة والجعاشن في المناطق الوسطى ووقوفا عند اكبر القضايا وأهمها على الإطلاق وهي بناء الإنسان اليمني . نحن اليوم أمام ثورة شعبية يجب أن تعيد لليمن و لليمنيين مكانتهم الحقيقية بين الأمم ,أهل الحضارة والعروبة وحماة الإسلام وحاملي راية الفتح الإسلامي . نحن اليوم أمام ثورة شعبية يمنية مباركة يجب أن تعيد لليمن معنى انسايته التي افتقدها من عقود بحيث يشعر انه إنسان ذو قيمة مثل الآخرين يتمتع بالحرية والكرامة , ثم يأتي الحديث عن قيم الحرية والمساواة والعدل والمواطنة المتساوية يجب أن يكون اليمني اينماء كان والى أي قبيلة انتمى يجب أن يشعر انه مواطن من الدرجة الأولى ويحظى بمعاملة راقية وبامتياز, كل اليمنيين يجب أن يكونوا مواطنين من الدرجة الأولى بحيث لا توجد درجات أخرى لتقسيم أبناء اليمن . هذه الأهداف التي يجب أن يعمل عليها كل أبناء اليمن اليوم وغدا والتي يجب أن تكون عليها مدار لقاءاتهم وحواراتهم ونقاشاتهم وتفكيرهم وكتاباتهم .يجب أن يتربى شباب الثورة وجيلها القادم على هذه المعاني ويحرصوا عليها وتتحول إلى برامج في حياتهم العملية يجب أن تعيد الثورة رسم معاني الولاء للوطن الذي افتقده الكثيرين بدلا من الولاء للقبيلة أو الجهة أو الطائفة أو الحزب . يجب أن نتعلم كيف ننظر إلى المستقبل بروح الأمل والتفاؤل ونسيان الماضي واخذ الدروس والعبر منه ليكون دافع لتفادي الوقوع في الأخطاء و تكرارها . يجب أن نتشبث بأهداف الثورة السامية لأنها منحة ربانية أرادها الله لنا فلا نضيعها ونعمل وفق إرادة الله الغالبة الرحيمة بأهل اليمن والإيمان.