خلال اليومين الماضيين تناقلت وسائل الإعلام أخبار طلبات من حكومات ليبيا وقطر والإمارات للعمالة اليمنية في مختلف التخصصات، وقيل أن حكومة ليبيا وحدها طلبت اثنين مليون نسمة بتخصصات عدة. تذكرت حينها مقولة المهاتما غاندي: يجب ألا تفقدوا الأمل في الإنسانية .. أن الإنسانية محيط ، وإذا ما كانت بضع قطرات من المحيط قذرة فلا يصبح المحيط بأكمله قذرا. لأول مرة نقرأ في الصحافة الخليجية قاطبة كل هذا الاهتمام بالشأن اليمني والغوص في تفاصيل مشاكلنا واحتياجاتنا، حد قول صحيفة سعودية عريقة (من العار أن يبقى اليمن فقيرا وهو جار للخليج). لأول مرة في تاريخ اليمن نرى هذا التصميم الدولي على حل مشاكل اليمنيين قاطبة، نرى جمال بن عمر وهو يطوف محافظات الجمهورية يستمع ويطرح الحلول ومعه سفراء أوروبا والصين وروسيا ودول الخليج، وكأنهم مسئولون تنفيذيون يناقشون الفرقاء (منظمات وأحزابا وحركات) ويتفقدون الواقع، ويتوعدون كل من يخالف بالعواقب الوخيمة. المبعوث الأممي والسفراء يحددون خارطة الطريق مفصلة، ويضعون لكل الأطراف (رئيس بالإنابة وحكومة ولجنة عسكرية) ما يجب أن يقوموا به، إلى حد أن يطلب السفير البريطاني من عبدربه منصور إقالة القاتل قيران من تعز وتجار الحروب من المسئولين العسكريين وضرورة إشراك الأحزاب والشباب في إدارة المحافظة، ليعالج جراح هذه المحافظة التي شهدت أكبر مجازر قوات صالح طوال العشرة شهور ماضية. قد يعتبره البعض تدخلا سافرا في الشئون الداخلية لنا كيمنيين ويأتي الحديث عن السيادة والاستقلال ومن هذه المصطلحات ، نقول أن يتدخل العالم ليضع عجلات قطارنا على سكة الحديد حتى نمضي إلى المستقبل ، أفضل من تدخلاته الماضية عبر الطائرات التي قتلتنا عبر إدارة صالح في المعجلة وأبين وشبوة وأرحب وغيرها. أتدرون لماذا العالم سيتحرك بكل جدية لمساعدتنا؟ لأنهم عايشونا عشرة أشهر من عمر ثورتنا العظيمة، رأوا تفاصيل شخصيتنا الفذة في الساحات وشبابنا ونسائنا يواجهون سلاح الموت بصور عارية وورود ملونة تصدر عطرا. رأوا القبيلة اليمنية التي طالما عبر عنها نظام صالح باعتبارها متخلفة همجية وهي اليوم تقف في ساحات النضال السلمي في أكثر المناطق والمحافظات تمسكا بالعادات والتقاليد، رأوا هذه القبيلة ورجالها العظماء وهم يقاتلون الإرهاب المصطنع من قبل نظام صالح في أبين. لسان حال العالم يقول: هذا شعب عظيم ، خرج إلى الساحات والميادين لأنه يريد العيش الكريم واستمر في أطول ثورة وأنقاها في الربيع العربي -حتى الآن تقريبا-، وقد كسر الصورة السلبية التي مثلها صالح للعالم عن اليمني الإرهابي المتسول الذي رضي بأن يجعل منه مسئولوه، شعبا كسيحا ومعلولا يقتات به في مؤتمرات المانحين من لندن إلى برلين والرياض إلى حد أن تعلن إحدى الشركات الخليجية على منتجاتها من حفاضات الأطفال:( إشتر حفاضات بامبرز لتساعد في لقاح أطفال اليمن). العالم وقف يرقب حركتنا وثورتنا عبر وسائل الإعلام التي لم نغب عنها ساعة واحدة على مدى العشرة الأشهر الماضية، تكونت لدى المتابعين وصناع القرار في كل قارات الدنيا الصورة الجديدة لشعب مكافح يستحق أن يعيش. الثورة فجرت كما ضخما من الطاقات، لقد تفاجئنا ونحن نستمع لشبابنا وشاباتنا وهم يتحدثون في وسائل الإعلام بكل طلاقة وحيوية وتلقائية، ووضحوا للدنيا من نحن وماذا نريد وماهي أهدافنا واحتياجاتنا وما نعانيه طوال مسيرة حكم الفساد. لا يستطيع سياسي ومراقب في كل هذا العالم أن ينكر إبداعات جديدة جاء بها شباب الثورة في ساحات اليمن وميادينها لم يشهدها العالم قاطبة، كثافة المظاهرات في كل محافظات الجمهورية، لم ير العالم من قبل مسيرات نسائية بضخامة ماشهدته محافظات إب الخضراء بالتحديد وصنعاء وحتى في أرياف دمت ومريس قعطبة ويريم، وسقوط شهيدات تعز، لم يعش العالم مسيرة راجلة كهذه التي انطلقت من تعز إلى إب ثم صنعاء. باختصار العالم شاهدنا فأكبر فينا الثبات والتصميم والصمود والتضحية والرقي والسلمية، ولهذا أجزم أن العالم (أشقاء وأصدقاء) سيتسابقون لمساعدتنا في معركة الحياة الكريمة بعد أن أثبت شعبنا أنه جدير بأن يحياها. هل تتذكرون تلك المرأة المصرية التي كنا نشاهدها على قناة الجزيرة من يوم سقوط مبارك، وهي تبكي من الفرح وتهتف: اليوم راح الشر ، المعاناة راحت ، مافيش بعد اليوم عذاب ...) أجزم بكل ثقة أن الأيام القادمة حبلى بالمفاجئات التي لم نكن نتصورها، ستأتي خيرات الربيع وسيعم الخير أرجاء الوطن وستعود الأيام السعيدة إلى اليمن السعيد.