رمضان فرصة لا تعوض لمن ينتظر رياح التغيير ، ونسمات الإصلاح ، ووميض التوبة ، واشراقة الاستقامة ، ويتساءل في حيرة كيف أُغيِّر نفسي ؟ كيف أستفيقُ من غفلتي ؟ كيف أنْهضُ من كبوتي ؟ كيف أعالجُ واقعي ؟ إن مجرد التفكير في التغيير يُعدُّ بحد ذاته نوعاً من التغيير ؛ لأن هناك أُناساً أَلِفُوا حياة الغفلة، واستساغوا مسيرة الضياع ، واستحسنوا طريق الشهوات ، فهم لا يبحثون عن التغيير، ولا يشعرون بألم البعد عن الله. أخي الحبيب مادُمْتَ تبحث عن التغيير ، وتتطلع إلى السمو والارتقاء، فإن هذا يدل على حياة قلبك. والتغيير لايكتفي بهذا التفكير وإنما يحتاج إلى عزيمة عالية ، وتوبة صادقة، وخطى متسارعة ، وصبر ومجاهدة . - رمضان تغيير من المعصية إلى الطاعة ؛ ليصبح العبد من المتقين الأخيار ، ومن الصالحين الأبرار ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (. - رمضان تغيير من الرياء والسمعة إلى الإخلاص (يدع طعامَه وشرابه وشهوتَه من أجلي). - رمضان تغيير لمن هجر القرآن فيبدأ بالعودة إليه ويرتله في تدبر وخشوع ، فيرتب لنفسه جزءاً من القرآن يعتاد عليه حتى بعد رمضان. - رمضان تغيير للعادات التي اعتادها في الشهور الأخرى من امتناع عن المفطرات من طلوع الشمس إلى غروب الشمس، ومن النوم في الليل إلى السهر والقيام . - رمضان تغيير وثورة على الشياطين إذ تُصفَّدُ فيه مردتهم فلا يصلون إلى ماكانوا يصلون إليه . - رمضان تغيير للنفس وكبح جماحها، وضبط الهوى ليس في الامتناع عن المحرمات ، وإنما بالامتناع عن المباحات في نهار رمضان ، وقد قال تعالى:( إِنَّ الله لاَ يُغَيّرُ مَا بِقوْمٍ حتَّى يُغَيْرُوا مَا بأنفُسهِمْ) ، ويقول سبحانه وتعالى: ( ذَلِكَ بِأنَّ الله لَمْ يَكُ مُغَيّراً نِعْمةً أنْعمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتْى يُغَيِروا مَا بأنفُسهِمْ). - رمضان تغيير لمن ابتلاه الله بتعاطي الحرام من خمر ومخدرات ،أو دخان ومسكرات ، إذ صَبَرَ ساعات النهار فلا يفعل بعد إفطاره مايخل بهذه العزيمة القوية. إن الإرادة التي استطاعت أن تصوم لأكثر من اثنتي عشرة ساعة ، أتعجز عن مواصلة المسيرة الإصلاحية ؟ أتنهار آخر لحظات الإسفار؟ وإرخاء الليل الستار؟ تغيير للمرأة المسلمة التي أصبح حجابها مهلهلاً ، وثيابها فاتنة ، وليكن رمضان فرصة للحفاظ على الستر والعفاف ، والتمسك بالحجاب الشرعي طاعة للرحمن ، وإغاظة للشيطان. - رمضان تغيير من الأخلاق السيئة إلى الأخلاق الحسنة ( والصِّيامُ *جُنَّةٌ فإِذا كان* يومُ *صومِ* أحدِكم فَلاَ يرفُثْ ولا يصْخَبْ فإِنْ سابَّهُ أَحدٌ أو قَاتله فَليقُلْ إِني صائِمٌ ). - رمضان تغيير من التفرق والتشتت إلى الاتفاق والتوحد ،(صُومُوا لرؤيته وأفطروا لرؤيته..) فرمضان شهر يجسد معنى الوحدة الإسلامية بين المسلمين جميعاً فيصومون ويفطرون في وقت واحد ، بأمر رب واحد ،ودين واحد ،ولغتهم واحدة ، ويتجهون إلى قبلة واحدة . - رمضان تغيير ونصر لما حصل فيه من الغزوات والفتوحات والانتصارات كمعركة بدر وفتح مكة وعين جالوت وحطين وفتح الأندلس وغيرها.لقد زارنا رمضان هذه المرة وعروش بعض الطغاة قد تساقطت، والشعوب من الظلم انتفضت ، وسوريا من الطغيان تحررت ، والأمة بالأمل استبشرت.ومازال رمضان شهر الانتصارات إلى يوم القيامة. رمضان تغيير وثروة إذ تتضاعف فيه الحسنات ،وتتزايد فيه البركات، وتتفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران،ولله فيه عتقاء من النار وذلك كل ليلة.