المبادرة الخليجية واليتها المزمنة برعاية جمال بن عمر بدأت مقدمات فشلها تلوح في الافق و اخبار سقوطها المدوي سيصل حتما لكل بقاع العالم نتيجة ما قد تشهده اليمن في الاشهر القليلة القادمة من تراجع يؤدي الى اضطرابات سياسية وتفاقم للحالة الامنية الراهنة بسبب الفشل المنتظر للمبادرة الخليجية التي تعمد من قام بأعدادها وصياغتها إهمال كثير من قواعد صياغة المبادرات التي توضع لإيجاد حلول الازمات السياسية وقضايا الشعوب . ان تجاهل الموضوعية عند صياغة المبادرة الخليجية وعدم دراسة دقيقة وكاملة للمشاكل والازمات التي يمر بها اليمن اولا ومن ثم القضية الجنوبية التي هي الاخرى يلزمها مبادرة دولية خاصة بالجنوب سوف نتطرق لها لاحقا. ان فرض الحلول بقوة السلاح او بقوة القانون الدولي لن يؤدي الى الاستقرار السياسي والامني المرجو من المبادرة الخليجية وهو ما تعول عليه بعض القوى السياسية ومجلس الامن . ان النواقص الجوهرية للمبادرة تؤسس لفشل الديمقراطية التي يروج لها كشعارات في المبادرة الخليجية ليس إلا . ان ما جاءت به المبادرة الخليجية بمثابة صناعة لقوالب منتجات خالية من المضامين المؤدية الى الفوائد المرجوة من تلك العملية , حيث كان المضمون الحقيقي مجرد عناوين لقضايا لم يكن لها وجود واهداف بعيدة المنال حتى وان استخدم القانون الدولي او القوة التي لن تكون بديلاً عن تسمية المشاكل والمتسببين واقرار الاجراءات ومن ثم وضع المبادرة في صورتها الحالية , ان الرهان على مؤتمر الحوار الوطني بإخراج اليمن من الاوضاع الخطرة محليا وتأثيراتها اقليميا ودوليا بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية والامنية غير المسبوقين اولا بالإضافة الى الازمة السياسية الام , حتى وان انعقد ذلك المؤتمر التي تدل المؤشرات صعوبة انعقاده , وفي حالة الانعقاد الشكلي للمؤتمر سوف ينتج مخرجات ضعيفة وغير قابلة للتطبيق فضلا عن عدم توفر شروط وامكانية استمراريتها .
ان سطحية النظرة الى مكونات الواقع جعلت المبادرة تفتقر الى الادوات التي كان يفترض وضعها بعد تحليل وحسابات لعدد من الجوانب التي اوجدت المشاكل والازمات ولكن حلت محل تلك الاحتياجات اهداف سياسية لقضايا ومشاكل تراكمت على مدى عقود من الزمن انهكت كاهل المواطن وقضت على فرص الاستفادة من النشاطات الاقتصادية واسست للفساد الذي يعتبر المجال الوحيد الذي اكتسب تطورات هائلة في اشكاله وطرق تحقيقه وتصاعد ارقامه , الى جانب المشاكل السياسية والقبلية والاقتصادية والامنية وانتهاك الحقوق في كل المجالات التي تجاهلتها المبادرة الخليجية , حيث اكتفت بعدد من الاجراءات في جوانب التشريع والهيئات مع ترك المتسببين في تلك الاوضاع والذين لم ولن يسمحوا بان تتضرر مصالحهم التي ترتبت على مدى عقود من الزمن وهي ذات القوى التي سوف تشكل المسبب الرئيسي في الفشل المرتقب للمبادرة الخليجية ..ان الموقف الصحيح والصريح والشجاع من المتسببين في الاوضاع الراهنة سوى من كان في السلطة او المعارضة يعتبر اهم عامل نجاح قد اغفل تماما في المبادرة الخليجية , ولعل أهم الأسباب لفشل المبادرة يكمن في تقدير المراقبين للأوضاع في اليمن عدم وضع معالجات صريحة ومواقف واضحة من المتسببين بالأوضاع الراهنة والازمات المتفاقمة سواء كانوا اولئك في السلطة او المعارضة وهو من العوامل الهامة التي اغفلتها تماما المبادرة .
ان الايجابية الوحيدة للمبادرة الخليجية استثناء قضية الجنوب ,ذلك في حد ذاته مكسب للجنوب , الذي دمرت كل مؤسساته المدنية والعسكرية والامنية بعد عام 1990م,
وبعد الغزو العسكري عام 1994م واحتلال وتكفير شعب الجنوب حدد شعب الجنوب وبوضوح موقفه من خلال برنامج واهداف ثورة 2007م في استعادة دولة الجنوب وبموجب ذلك اصبح الجنوب عامل رئيسي اخر لفشل المبادرة . اذا كان المجتمع الدولي يهمه فعلا امن واستقرار المنطقة عليه ان يدرك ان مبادرة دولية خاصة بالجنوب هي الضمانة الاكيدة والوحيدة لتحقيق ذلك الهدف وبالتالي يفترض ان تقوم الاممالمتحدة ممثلة بمجلس الامن بدراسة واقعية للاحتياجات الاستراتيجية لمصالح دول العالم المتمثلة في جوانب النقل والاتصالات والاستثمار وتوفير الامن والاستقرار كل تلك العوامل لن توفرها النظرة الحالية للأوضاع الراهنة في الجنوب والحلول غير الواقعية التي ترددها بعض الدول وتتمسك بها القوى التي لا يهمها الامن والاستقرار في المنطقة والعالم بقدر ما يهمها مصالحها في النفوذ والاستحواذ والتوسع على حساب الجنوب وشعبه . ان المبادرة الدولية المقترحة للجنوب يجب ان ترتكز على تصحيح الاخطاء التي وردت في المبادرة الخليجية وعلى اساس عودة دولة الجنوب وليس عودة النظام السابق في الجنوب قبل 1990م , كما ينبغي ان تبدأ بمرحلة انتقالية في الجنوب تؤدي في نهاية المطاف الى اعادة بناء الدولة المدنية الحديثة بالاستفادة من التراكم الحضاري المكتسب منذ مطلع القرن العشرين . على ان يكلف رئيس للجنوب ومجلس وزراء وجمعية وطنية لفترة لا تقل عن عامين ولا تزيد عن ثلاثة اعوام , وعلى ان لا يكونوا في تلك الهيئات من سبق لهم حكم الجنوب قبل وبعد 1990م وايضا من تقلد منصب وزير قبل وبعد 1990م او من القيادات العسكرية قبل وبعد 1990م ومن يقع في حكمهم . ان قضايا وحقوق الشعوب قي الحرية والعدالة والسلم والامن والاستقرار يجب ان لا تلغيها مصالح الدول أي كانت تلك المصالح .