إعلان عدن التاريخي.. بذرة العمل السياسي ونقطة التحول من إطار الثورة    الدوري الاوروبي .. ليفركوزن يواصل تحقيق الفوز    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    لملس يفاجئ الجميع: الانتقالي سيعيدنا إلى أحضان صنعاء    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    تضامن حضرموت يحلق بجاره الشعب إلى نهائي البطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت بفوزه على سيئون    مجلس وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل يناقش عدداً من القضايا المدرجة في جدول أعماله    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    المنخفض الجوي في اليمن يلحق الضرر ب5 آلاف أسرة نازحة جراء المنخفض الجوي باليمن    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجموعة القاهرة توجه رسالة للأمم المتحدة بشأن الوضع في اليمن وما يخص الجنوب
نشر في شبوه برس يوم 10 - 11 - 2012

وجهت مجموعة القاهرة مذكرة رسمية للأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الدولي عبر مبعوثه الى اليمن السيد جمال بن عمر تضمنت رؤيتها لمجمل العملية السياسية في اليمن وموقفها من قضية الحوار .
وشملت الورقة عدد من النقاط التي قالت أن من شأن تطبيقها تجنيب اليمن ويلات الاحتراب والتناحر وأهمها دور المجتمع الدولي في حثّ السلطة والقوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في الشمال على الاسهام الآيجابي في أن تكون قضية الجنوب، فعلا لا قولا، ووفقا لما يرتضيه شعب الجنوب، حجر الزاوية في عملية بناء المستقبل، بما يحفظ ويصون وشائج الإخاء والمحبة والشراكة بين الشمال والجنوب، ولضمان انسياب وتبادل المصالح بينهما، وبما يصون الأمن والاستقرار الأقليمي والدولي ولأهمية الورقة وما تضمنتها من نقاط ننشرها كما وردت الينا :
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد / بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة المحترم
السادة / رئيس وأعضاء مجلس الأمن المحترمين
بواسطة السيد / جمال بن عمر مساعد السكرتير العام للأمم المتحدة والمبعوث الدولي لليمن
يطيب لنا أن نتوجه اليكم برسالتنا هذه بصدد الوضع في اليمن، ولتوضيح مطالب شعب الجنوب في الوصول الى حلّ حقيقي وعادل يلبي حقوقه المشروعة، وفي المقدمة حقّه في تقرير مصيره.
كما نغتنم الفرصة للتعبير عن امتناننا للجهود الإقليمية والدولية المبذولة لإخراج اليمن من معضلاته المعقدة التي تواجهه، ونخصّ منها الجهود الحثيثة التي يبذلها السيد جمال بن عمر مساعد السكرتير العام للأمم المتحدة ، المبعوث الدولي الى اليمن .
معالي الأمين العام
لا يخفى عليكم تعاظم خطورة ترك الأوضاع الراهنة في اليمن عرضة للتأثيرات السلبية المتولدة عن الصراع المحتدم بضراوة على السلطة في صنعاء. وأمست جليّة حقيقة ان الحفاظ على قوة الدفع الناجمة عن المبادرة الخليجية والجهود الدولية الرامية الى الوصول الى حلّ حقيقي وعادل للمشكلة السياسية المستفحلة في اليمن، لن يتأتى اطلاقا سوى عن طريق سدّ الثغرة التي أتسمت بها تلك المبادرة والجهود الدولية المكملة لها. ولتوفير الوقت والجهد نحو بلوغ الحلّ الحقيقي، فان علينا ان ندرك ان الطرائق والمنهجية المتّبعة حاليا، الناجمة أساسا عن الثغرات التي تتسم بها العملية السياسية المستندة الى المبادرة الخليجية بصيغتها الراهنة، ستؤدي بكل تأكيد، مهما خلصت النوايا، الى مراوحتها في ذات المكان، ان لم تؤد الى تعرّضها الى انتكاسة كارثية ، لا يتمناها اي مخلص يرنو الى الخروج الآمن والمنصف من الوضع الراهن. وعليه، فاننا، مخلصين ، نحذّر من خطورة التعامل مع قضية سياسية ومعقّدة ومركّبة كالمسألة اليمنية، باعتبارها قضية ادارية محضة، تخضع لموجبات الالتزام المكتبي بالجدولة الزمنية للمبادرة الخليجية لا غير، وتتجاهل جوهر وخلفيات وأبعاد المشكلة الحقيقية في اليمن، والمتمثلة حصريا في أزمة الوحدة، التي وقّع عليها طرفاها الاعتباريان في 22 مايو 1990: جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية. ان الاعتراف بالخلل الذي انتاب صيغة وحدة حرب 1994، وما نتج عنها من ثورة شعبية سلمية في الجنوب، والتي تبعتها لاحقا الثورة الشبابية في الشمال، أضحت اليوم حقيقة ماثلة لا خلاف عليها، وباعتراف علني وصريح ومدوّن حتّى من قبل العديد من المشاركين الفعليين في عملية وأد الوحدة والاجهاز عليها. وباعتراف الجميع، فان القضية الجنوبية تشكل أساس وجوهر المشكلة السياسية اليمنية، ولهذا فان التعثر الذى يواجه العملية السياسية الراهنة يرجع لتجاهل المقدمات والخلفيات التالية:
1) نشأت الازمة السياسية اليمنية مع اعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، بسبب الطريقة التى تمت بها، وكذا تعامل الطرف الشمالى ونظرته ( الفرع والأصل)، وممارساته الغير وحدوية مع شعب الجنوب ، مما اثار الاستياء والغضب الشعبى الجنوبي العارم. ومن المعلوم ان عدة محاولات تمت لاحتواء الازمة، منها مثلا ما جرى فى 1991م عبر الاتفاق على برنامج البناء الوطنى والاصلاح السياسى والاقتصادى، الذى ووجه بعراقيل متعمدة ومخطط لها ، برغم اقراره من قبل مجلس النواب فى 15ديسمبر 1991م. وقد بلغت تلك المحاولات ذروتها في العام 1992 بالحرب غير المعلنة ضد الجنوب وسياسييه وكوادره التي طالت بالاغتيال السياسى أكثر من 150 شخصية جنوبية.
2) ثم تطورت الازمة السياسية على نحو متصاعد في العام 1993. ومرة اخرى ذهب الجنوب لحوار وطنى لحل الازمة سياسيا، حيث تم التوصل الى وثيقة العهد والاتفاق الموقع عليها بتاريخ 20 فبراير 1994 في عمّان – المملكة الأردنية الهاشمية ، ولكن الاخوة فى صنعاء لم يرق لهم مشروع بناء دولة مدنية لا مركزية ، يسودها النظام والقانون، تلك الدولة التي كانت جوهر وثيقة العهد والاتفاق. وبدلا من السير لتنفيذ تلك الوثيقة التاريخية، شنوا الحرب التي كان الجنوب كما تعرفون ساحتها. الوحيدة. وتتذكرون – معالي الأمين العام - عندما شنّت حرب 1994 على الجنوب، سارع مجلس الأمن الدولي للوقوف بحزم أمام الوضع في اليمن، في قراريه رقمي (924) (931) لعام 1994، اللذين اتخذهما بالإجماع في جلستيه المنعقدتين بتاريخ 1 يونيو 1994م و 29 يونيو عام 1994م ، واللذين أشارا الى (أن الخلافات السياسية لا يمكن حسمها عن طريق استعمال القوّة). كما أكّد البيان الصادر عن اجتماع الوزراي لمجلس التعاون الخليجي المنعقد في مدينة أبها بتاريخ 4 - 5 يونية 1994م على : "ان بقاء الوحدة اليمنية لا يمكن ان يستمر الا بتراضي الطرفين" و " انه لا يمكن اطلاقا فرض هذه الوحدة بالوسائل العسكرية". الا ان صنعاء كان لها خيارا آخرا ، فاجتاحت الجنوب بالرغم من تعهدها حينذاك بالالتزام بالعودة للحوار، بموجب رسالة القائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء د. محمد سعيد العطّار في 7 يوليو 1994، الموجهة لمجلس الأمن الدولي. ولم يحدث ان استجابت صنعاء للحوار بين الطرفين منذ ذلك الوقت حتى اليوم، رغم كل الدعوات والمطالبات الدولية. وبدلا عن ذلك، مارست أبشع وسائل الاعتداء على الجنوب شعبا وأرضا وثروة . الا ان الشعب الصابر المكافح في الجنوب رفض الاستسلام لهذا الواقع ، وهبّّ يقاومه سلميا ومدنيا بعناد وتصميم لم يفتر منذ العام 1994، مقدما من أجل نيل أهدافه في استعادة دولته المدنية وهويته ، آلاف الضحايا من شهداء وجرحى ومشوهين ومشردين ومعتقلين .
ان قرارات مجلس الأمن وبيان المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي تؤازرهما الوقائع المعلومة على الأرض منذ 1994 وحتى اليوم، تحمل معان ذات قيمة اذا ما تمت الاستعانة بها والاحتكام اليها ، بما من شأنه سدّ الثغرة في صلب المبادرة الخليجية ، تلك الثغرة التي تسببت في اضعاف وعرقلة المجهود الأقليمي والدولي المبذول. ذلك ان العراقيل التي تواجه المبادرة الخليجية والجهود الدولية المكملة لها انما نجمت عن عدم مخاطبة جوهر المشكلة وأسّها المتمثل في القضية الجنوبية، وعدم وضع وارساء الطرق والوسائل والمعالجات التي تكفل حلا ثابتا ومنصفا لقضية العلاقة المستقبلية بين الشمال والجنوب. ومنذ 1994م، واصل شعب الجنوب وسائل سلمية حضرية متعددة التعبير عن رفضه للواقع الذى فرضته الحرب ، الا ان جواب صنعاء كان على الدوام المزيد من الممارسات العدوانية ضد شعب الجنوب. وبالرغم من القمع ، فان شعلة القضية الجنوبية لم تنطف حتى اليوم. حيث عبّر ويعبّر شعب الجنوب يوميا، وبمختلف شرائحة السياسية والفكرية والاجتماعية، عن حقيقة أن الأزمة في اليمن هى ازمة الوحدة التي فرضت بالقوة منذ 1994. وفي العام 2007 ، انطلق الحراك الجنوبى السلمى فى عملية سلمية مدنية الطابع، مناديا بحل القضية الجنوبية على أسس عادلة ومنصفة، فووجه بابشع وسائل القمع من قتل واعتقال وتشريد. ووصل عد الشهداء الى اكثر من الف شهيد، والآف والجرحى والمعاقين والمشردين والمعتقلين. وبعد خمسة أعوام من انطلاق و تصاعد الحراك الجنوبى السلمى، انطلقت ثورة الربيع العربى، ووصلت الى صنعاء وبقية مدن الشمال فى فبراير 2011م . و بينما كانت ساحات الجنوب مشتعلة فى نضال سلمى مدني، يرفض الظلم وينادي باحقاق الحقوق السياسية المشروعة لشعب الجنوب، جرت محاولات عديدة مع قوى المعارضة فى الشمال لتنسيق النضال ضد نظام الرئيس اليمني السابق / صالح، و توصلنا معا الى تفاهمات مشتركة عدة مرات، سرعان ما يتم الانقلاب عليها والتنكر لها، تحت تأثير القوى المتنفذة القبلية والعسكرية، التى تنفر من مجرد الحديث عن بناء الدولة المدنية في اليمن.
تعلمون – معالي الأمين العام - ان استمرار حالة الانسداد في الوضع السياسي في اليمن ينذر كل يوم بعواقب وخيمة لا طاقة لأحد – داخليا وأقليميا ودوليا - بتحملها. ويعود ذلك في الأصل الى الخلل البنيوي الذي أصاب في مقتل الصيغة الوحدوية المشوهة التي تلت 22 مايو 1990، بالاضافة الى حرب 1994 زما سبقها وتلاها من ممارسات لا وحدوية أجهضت مشروع الوحدة السلمية الطوعية. معالي الأمين العام ان القلق الشديد يساورنا جرّاء تعامل المبادرة الخليجية ، ومن ثم قرارات مجلس الامن الدولى اللاحقة لها، مع القضيّة الجنوبية من منظارها الحقوقي والقانوني والانساني فحسب. ورغم دعواتنا المتكررة لمعالجة وحلّ الجوانب القانونية والحقوقية والانسانية، والدفع بايجاد حلول فورية عادلة لها، يتوجّب أن تظل تلك المعالجات جزءا من مسار متكامل يهدف الى مخاطبة الحلول السياسية الأشمل. ولهذا فاننا نؤكد على ان الحوار الذي يدعى اليه اليوم، لا يمكن ان يكلل بالسداد بينما لم تحل قضايا المسرحين المدنيين والعسكريين من أعمالهم قسرا، واستعادة الأراضي والممتلكات والمؤسسات المنهوبة العامّة والخاصّة. وكذلك الايقاف الفوري للمحاكمات الصورية الكيدية ضد صحيفة "الأيام" العدنية المستقلة ، وتعويضها تعويضا عادلا، واطلاق سراح السيد احمد العبادي المرقشي المعتقل لا قانونيا على خلفية قضية اضطهاد صحيفة "الأيام". وكممهدات ضرورية أخرى لاستعادة الثقة المتبادلة، تندرج كذلك ضرورة وقف كافة الاعمال القمعية في حق أبناء الجنوب، ووقف الاعتقالات والتعذيب، و اطلاق سراح المعتقلين، ومحاسبة المسئولين عن الفضاعات والاعتداءات الشنيعة المرتكبة تجاه العزّل من أبناء الجنوب، والمستمرة حتى يومنا هذا. و لايمكن اكتمال الحديث عن الحلول السياسية المرجوة، ومساعيكم الحميدة في هذا السياق، دون ان لفت عنايتكم الى خطورة استمرار الوجود الكثيف للمعسكرات الشمالية في المدن الجنوبية، كعامل افساد الطابع المدني للحياة في الجنوب، و لمناخات التفاهم والحوار ، وعدم السماح باشراك ابناء الجنوب في الدفاع عن أراضيهم وممتلكاتهم في وجه العصابات الارهابية.
ان ذلك يتطلب التنفيذ الفوري لاخراج تلك المعسكرات خارج المدن الجنوبية، واتخاذ التدابير العملية الفورية لايقاف تدفق السلاح والتدريب العسكري للمليشيات الارهابية في مختلف محافظات الجنوب، ووقف فتح فروع لجامعة الايمان في عدن وبقية المحافظات الجنوبية فورا. ان تجاهل القضية الجنوبية في بنود ومضمون المبادرة الخليجية، وقرارات مجلس الأمن الأخيرة، وفي المحاولات الجارية للدفع بالحوار القائم على تلك المبادرة، بدون الأخذ بالاعتبار تعريف ومضمون تلك القضية وفقا لما يرتضيه أهل الحق المعنيين، يعني حدوث حتمي لثلاثة بدائل كارثية ، يمكن تلخيصها كما يلي:
1. تأجيل وترحيل الحل الناجع للمشاكل الحقيقية، والاكتفاء بما هو شكلي وحسب. وهذا يعني ترك الوضع يتأرجح بين تأثيرات القوى التقليدية المناهضة لبناء دولة مدنية في اليمن، شمالا وجنوبا، وبين محاولات شراء الوقت لحشد مختلف الأطراف المتصارعة في الشمال لقواها المسلحة لحسم الصراع عسكريا وقبليا لصالح أحد الأطراف المتصارعة على السلطة، وبالتالي ترك المجال فسيحا لتراكم المخاطر المحدقة باليمن – في الشمال والجنوب - والمنطقة والعالم، بحيث يصعب حلها مستقبلا، ما سوف يؤدي الى حدوث الانفجار المؤجل، وبالتالي تدهور الوضع برمته والانحدار به نحو الصوملة، وهي النذر التي كثيرا ما حذّر منها العديد من العقلاء حتى في الشمال نفسه، بل حتى الرئيس عبدربه منصور هادي، عندما حذّر من ذلك المآل تكرارا وعلنا خلال جولته الدولية الأخيرة.
2. ترك المجال مفتوحا للقوى التي تعمل ليل نهار من أجل تحويل الجنوب – تحديدا – الى ارض طالبانية مفتوحة لعمليات دؤوبة ومنظمة باتقان، حيث تجري منذ فترة طويلة عملية تسليح العصابات الارهابية ، وتعميق جذور الارهاب وترسيخ قواعده وتصدير كل شروره الى الجنوب. ذلك كله يجري في سياق استكمال المخطط الهادف الى خلخلة وتغيير التركيبة السكانية المدنية في الجنوب، وإستكمال مخطط تدمير الجنوب والإستحواذ على ما تبقى من أراضيه وثرواته، وتكريس المصالح الغير مشروعة الهائلة لجحافل المتنفذين التي تحققت في الجنوب، والاجهاض على اية آمال لجعل الجنوب معادلا موضوعيا ايجابيا للأمن والسلام الأقليمي والدولي. اننا ننبّه الى ان السماح بتمرير ذلك المخطط يعني اعادة انتاج الدولة الفاشلة الراعية للارهاب والفساد. واسمحوا لنا ان نؤكد لمعاليكم بأن لا مجال لدحر ذلك المخطط لجهنمي الا بانجاج الجهود الاقليمية والدولية، من خلال اعادة تصحيح مسار العملية السياسية المرتكزة حاليا على المبادرة الخليجية بصيغتها الراهنة، التي هي في أمس الحاجة الي التطوير والتحديث الذي يتماشى مع قضية بحجم وحساسية قضية شعب الجنوب.
3. تأجيج حالة انعدام الثقة وزيادة وتيرة الخصومة والتناحر بين الشمال والجنوب على مرّ الأيام، بل وحتى في اطار الشمال نفسه بمختلف مكوناته وتعقيداته المعروفة، بما يعقّد في نهاية المطاف الحلول المرجوة مستقبلا، ويضر بتمتين وشائج الأخوة، والتي تحقق وتحفظ مصالح كل الأطراف المعنية – شمالا وجنوبا، وكذلك مصالح الأطراف المعنية على المستويين الأقليمي والدولي.
اننا نود لفت عنايتكم الى انه لم يعد مقبولا اطلاقا، من قبل غالبية شعب الجنوب وقواه لسياسية الفاعلة، الاستمرار في تجاهل جوهر المسألة السياسية في اليمن، وهو مستقبل العلاقة بين الشمال والجنوب على أسس جديدة، وتجاهل الحاجة الى توفير الشروط الكفيلة بتحقيق مشاركة جنوبية نديّة وفاعلة في البحث في اعادة النظر في صيغة تلك العلاقة المستقبلية، وبما يحفظ للجميع حق التمتع بعلاقات مستقبلية راسخة قائمة على الأخوّة والمجورة الحقّة والتعاون المشترك. وقبل كل شئ، فان اقامة علاقات جديدة صحيّة ومتكافئة من شأنها صيانة المصالح المشتركة بين الجنوب والشمال. وبالتالي فان اية حلول لا تقوم على الاعتراف بالحق المشروع لشعب الجنوب في تقرير مصيره، واستعادة دولته، وفقا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ وقواعد القانون الدولي، من شأنها ان تعيق تقدم العملية السياسية الحوارية في اليمن، وتفرغها من كل مضمون حقيقي .
معالي الأمين العام
واننا إذ نتوجه إليكم برسالتنا هذه، نؤكد لكم ان شعب الجنوب بكافة اتجاهاته السياسية والفكرية والاجتماعية، وبمختلف قواه السياسية الفاعلة التي تقف اليوم على أرضية توافقية سياسية شعبية واسعة متينة، ملتزمون بالاشتراك في عملية البحث عن الحلّ الذي يتوافق مع مصالحه العليا. واسمحوا لنا ان نذكّر بحقيقة ان شعب الجنوب ذهب مرارا الى مائدة الحوار في الأعوام 1991م و1994م ، ولأن تلك الحوارات لم يتم ضمانتها من قبل الجهات الراعية حينذاك، فكان ان شنّت عليه حروب انتقامية غير معلنة ثم معلنة، كان من نتائجها قتل اتفاقية الوحدة و اجتياح الجنوب واحتلاله عسكريا. وعليه، فاننا نضع أمامكم مايلى:
1) نعتقد مخلصين بأن الحقائق والأدلة الدامغة على الأرض، كلها تؤكد على الحاجة الماسّة الى اعادة النظر في مسار العملية السياسة الراهنة، واعادتها من جديد الى مجراها القويم، الملبي لمطالب وحقوق شعب الجنوب. ونجدد أمام معاليكم رغبتا الأكيدة في الدخول في الحوار السياسي الذي ينطلق من ان قضية الجنوب هي أس المسألة اليمنية برمتها، مؤكدين لكم في وضوح لا لبس فيه من انه اذا اريد للجنوب وممثليه المشاركة في العملية السياسية لايجاد حلول منصفة وقابله للاستمرار في اليمن، لابد من ايجاد صيغة واضحة لمخاطبة القضية الجنوبية ، وفقا لما يرتضيه شعب الجنوب، لا ما تمليه مصالح ورغبات طرف واحد من أطراف المشكلة التي تعصف باليمن منذ 1991.
2) نناشدكم بارسال لجنة دولية خاصّة لتقصى لحقائق. وتوكل لها مهمة زيارة الجنوب بكل محافظاته ومديرياته المخلتفة ، وتستمع مباشرة من شعبه بفئاته المختلفه لهمومه وتطلعاته، كما هي على أرض الواقع.
3) افساح المجال امام شعب الجنوب، ممثلا بحراكه الجنوبي السلمي ، بكل أطيافه السياسية والاجتماعية، للعرض أمام مجلس الأمن الدولي قضية شعب الجنوب ومطالبه العادلة المشروعة.
4) نتطلع الى تفهمكم لأهمية الإسراع في العمل على خلق آلية جديدة تذهب بالعملية السياسية مباشرة الى جوهر المشكلة الحقيقية في اليمن، من خلال ايجاد مسار مختص بالبحث بين ممثلي الجنوب والشمال برعاية وضمانة اقليمية ودولية، في أحدى مقرات مجلس التعاون الخليجي او الجامعة العربية أو الأمم المتحدة.
5) حثّ السلطة والقوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في الشمال على الاسهام الايجابي في ان تكون قضية الجنوب، فعلا لا قولا، ووفقا لما يرتضيه شعب الجنوب، حجر الزاوية في عملية بناء المستقبل، بما يحفظ ويصون وشائج الاخاء والمحبة والشراكة بين الشمال والجنوب، ولضمان انسياب وتبادل المصالح بينهما، وبما يصون الأمن والاستقرار الأقليمي والدولي. ونحن اذ نجدد شكرنا وتقديرنا لجهودكم المخلصة ، نتطلع الى تفهمكم وعنايتكم بما ورد في رسالتنا هذه، واتخاذ ما يلزم من خطوات وقرارات، بما يساهم في صيانة الأمن والاستقرار محليا وأقليميا ودوليا.
القاهرة
9نوفمبر2012م
وجهت مجموعة القاهرة مذكرة رسمية للأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الدولي بان كي مون عبر مبعوثه الى اليمن السيد جمال بن عمر تضمنت رؤيتها لمجمل العملية السياسية في اليمن وموقفها من قضية الحوار .
وشملت الورقة عدد من النقاط التي قالت أن من شأن تطبيقها تجنيب اليمن ويلات الاحتراب والتناحر وأهمها دور المجتمع الدولي في حثّ السلطة والقوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في الشمال على الاسهام الآيجابي في أن تكون قضية الجنوب، فعلا لا قولا، ووفقا لما يرتضيه شعب الجنوب، حجر الزاوية في عملية بناء المستقبل، بما يحفظ ويصون وشائج الإخاء والمحبة والشراكة بين الشمال والجنوب، ولضمان انسياب وتبادل المصالح بينهما، وبما يصون الأمن والاستقرار الأقليمي والدولي ولأهمية الورقة وما تضمنتها من نقاط ننشرها كما وردت الينا :
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد / بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة المحترم
السادة / رئيس وأعضاء مجلس الأمن المحترمين
بواسطة السيد / جمال بن عمر مساعد السكرتير العام للأمم المتحدة والمبعوث الدولي لليمن
يطيب لنا أن نتوجه اليكم برسالتنا هذه بصدد الوضع في اليمن، ولتوضيح مطالب شعب الجنوب في الوصول الى حلّ حقيقي وعادل يلبي حقوقه المشروعة، وفي المقدمة حقّه في تقرير مصيره.
كما نغتنم الفرصة للتعبير عن امتناننا للجهود الإقليمية والدولية المبذولة لإخراج اليمن من معضلاته المعقدة التي تواجهه، ونخصّ منها الجهود الحثيثة التي يبذلها السيد جمال بن عمر مساعد السكرتير العام للأمم المتحدة ، المبعوث الدولي الى اليمن .
معالي الأمين العام
لا يخفى عليكم تعاظم خطورة ترك الأوضاع الراهنة في اليمن عرضة للتأثيرات السلبية المتولدة عن الصراع المحتدم بضراوة على السلطة في صنعاء. وأمست جليّة حقيقة ان الحفاظ على قوة الدفع الناجمة عن المبادرة الخليجية والجهود الدولية الرامية الى الوصول الى حلّ حقيقي وعادل للمشكلة السياسية المستفحلة في اليمن، لن يتأتى اطلاقا سوى عن طريق سدّ الثغرة التي أتسمت بها تلك المبادرة والجهود الدولية المكملة لها. ولتوفير الوقت والجهد نحو بلوغ الحلّ الحقيقي، فان علينا ان ندرك ان الطرائق والمنهجية المتّبعة حاليا، الناجمة أساسا عن الثغرات التي تتسم بها العملية السياسية المستندة الى المبادرة الخليجية بصيغتها الراهنة، ستؤدي بكل تأكيد، مهما خلصت النوايا، الى مراوحتها في ذات المكان، ان لم تؤد الى تعرّضها الى انتكاسة كارثية ، لا يتمناها اي مخلص يرنو الى الخروج الآمن والمنصف من الوضع الراهن. وعليه، فاننا، مخلصين ، نحذّر من خطورة التعامل مع قضية سياسية ومعقّدة ومركّبة كالمسألة اليمنية، باعتبارها قضية ادارية محضة، تخضع لموجبات الالتزام المكتبي بالجدولة الزمنية للمبادرة الخليجية لا غير، وتتجاهل جوهر وخلفيات وأبعاد المشكلة الحقيقية في اليمن، والمتمثلة حصريا في أزمة الوحدة، التي وقّع عليها طرفاها الاعتباريان في 22 مايو 1990: جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية. ان الاعتراف بالخلل الذي انتاب صيغة وحدة حرب 1994، وما نتج عنها من ثورة شعبية سلمية في الجنوب، والتي تبعتها لاحقا الثورة الشبابية في الشمال، أضحت اليوم حقيقة ماثلة لا خلاف عليها، وباعتراف علني وصريح ومدوّن حتّى من قبل العديد من المشاركين الفعليين في عملية وأد الوحدة والاجهاز عليها. وباعتراف الجميع، فان القضية الجنوبية تشكل أساس وجوهر المشكلة السياسية اليمنية، ولهذا فان التعثر الذى يواجه العملية السياسية الراهنة يرجع لتجاهل المقدمات والخلفيات التالية:
1) نشأت الازمة السياسية اليمنية مع اعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، بسبب الطريقة التى تمت بها، وكذا تعامل الطرف الشمالى ونظرته ( الفرع والأصل)، وممارساته الغير وحدوية مع شعب الجنوب ، مما اثار الاستياء والغضب الشعبى الجنوبي العارم. ومن المعلوم ان عدة محاولات تمت لاحتواء الازمة، منها مثلا ما جرى فى 1991م عبر الاتفاق على برنامج البناء الوطنى والاصلاح السياسى والاقتصادى، الذى ووجه بعراقيل متعمدة ومخطط لها ، برغم اقراره من قبل مجلس النواب فى 15ديسمبر 1991م. وقد بلغت تلك المحاولات ذروتها في العام 1992 بالحرب غير المعلنة ضد الجنوب وسياسييه وكوادره التي طالت بالاغتيال السياسى أكثر من 150 شخصية جنوبية.
2) ثم تطورت الازمة السياسية على نحو متصاعد في العام 1993. ومرة اخرى ذهب الجنوب لحوار وطنى لحل الازمة سياسيا، حيث تم التوصل الى وثيقة العهد والاتفاق الموقع عليها بتاريخ 20 فبراير 1994 في عمّان – المملكة الأردنية الهاشمية ، ولكن الاخوة فى صنعاء لم يرق لهم مشروع بناء دولة مدنية لا مركزية ، يسودها النظام والقانون، تلك الدولة التي كانت جوهر وثيقة العهد والاتفاق. وبدلا من السير لتنفيذ تلك الوثيقة التاريخية، شنوا الحرب التي كان الجنوب كما تعرفون ساحتها. الوحيدة. وتتذكرون – معالي الأمين العام - عندما شنّت حرب 1994 على الجنوب، سارع مجلس الأمن الدولي للوقوف بحزم أمام الوضع في اليمن، في قراريه رقمي (924) (931) لعام 1994، اللذين اتخذهما بالإجماع في جلستيه المنعقدتين بتاريخ 1 يونيو 1994م و 29 يونيو عام 1994م ، واللذين أشارا الى (أن الخلافات السياسية لا يمكن حسمها عن طريق استعمال القوّة). كما أكّد البيان الصادر عن اجتماع الوزراي لمجلس التعاون الخليجي المنعقد في مدينة أبها بتاريخ 4 - 5 يونية 1994م على : "ان بقاء الوحدة اليمنية لا يمكن ان يستمر الا بتراضي الطرفين" و " انه لا يمكن اطلاقا فرض هذه الوحدة بالوسائل العسكرية". الا ان صنعاء كان لها خيارا آخرا ، فاجتاحت الجنوب بالرغم من تعهدها حينذاك بالالتزام بالعودة للحوار، بموجب رسالة القائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء د. محمد سعيد العطّار في 7 يوليو 1994، الموجهة لمجلس الأمن الدولي. ولم يحدث ان استجابت صنعاء للحوار بين الطرفين منذ ذلك الوقت حتى اليوم، رغم كل الدعوات والمطالبات الدولية. وبدلا عن ذلك، مارست أبشع وسائل الاعتداء على الجنوب شعبا وأرضا وثروة . الا ان الشعب الصابر المكافح في الجنوب رفض الاستسلام لهذا الواقع ، وهبّّ يقاومه سلميا ومدنيا بعناد وتصميم لم يفتر منذ العام 1994، مقدما من أجل نيل أهدافه في استعادة دولته المدنية وهويته ، آلاف الضحايا من شهداء وجرحى ومشوهين ومشردين ومعتقلين .
ان قرارات مجلس الأمن وبيان المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي تؤازرهما الوقائع المعلومة على الأرض منذ 1994 وحتى اليوم، تحمل معان ذات قيمة اذا ما تمت الاستعانة بها والاحتكام اليها ، بما من شأنه سدّ الثغرة في صلب المبادرة الخليجية ، تلك الثغرة التي تسببت في اضعاف وعرقلة المجهود الأقليمي والدولي المبذول. ذلك ان العراقيل التي تواجه المبادرة الخليجية والجهود الدولية المكملة لها انما نجمت عن عدم مخاطبة جوهر المشكلة وأسّها المتمثل في القضية الجنوبية، وعدم وضع وارساء الطرق والوسائل والمعالجات التي تكفل حلا ثابتا ومنصفا لقضية العلاقة المستقبلية بين الشمال والجنوب. ومنذ 1994م، واصل شعب الجنوب وسائل سلمية حضرية متعددة التعبير عن رفضه للواقع الذى فرضته الحرب ، الا ان جواب صنعاء كان على الدوام المزيد من الممارسات العدوانية ضد شعب الجنوب. وبالرغم من القمع ، فان شعلة القضية الجنوبية لم تنطف حتى اليوم. حيث عبّر ويعبّر شعب الجنوب يوميا، وبمختلف شرائحة السياسية والفكرية والاجتماعية، عن حقيقة أن الأزمة في اليمن هى ازمة الوحدة التي فرضت بالقوة منذ 1994. وفي العام 2007 ، انطلق الحراك الجنوبى السلمى فى عملية سلمية مدنية الطابع، مناديا بحل القضية الجنوبية على أسس عادلة ومنصفة، فووجه بابشع وسائل القمع من قتل واعتقال وتشريد. ووصل عد الشهداء الى اكثر من الف شهيد، والآف والجرحى والمعاقين والمشردين والمعتقلين. وبعد خمسة أعوام من انطلاق و تصاعد الحراك الجنوبى السلمى، انطلقت ثورة الربيع العربى، ووصلت الى صنعاء وبقية مدن الشمال فى فبراير 2011م . و بينما كانت ساحات الجنوب مشتعلة فى نضال سلمى مدني، يرفض الظلم وينادي باحقاق الحقوق السياسية المشروعة لشعب الجنوب، جرت محاولات عديدة مع قوى المعارضة فى الشمال لتنسيق النضال ضد نظام الرئيس اليمني السابق / صالح، و توصلنا معا الى تفاهمات مشتركة عدة مرات، سرعان ما يتم الانقلاب عليها والتنكر لها، تحت تأثير القوى المتنفذة القبلية والعسكرية، التى تنفر من مجرد الحديث عن بناء الدولة المدنية في اليمن.
تعلمون – معالي الأمين العام - ان استمرار حالة الانسداد في الوضع السياسي في اليمن ينذر كل يوم بعواقب وخيمة لا طاقة لأحد – داخليا وأقليميا ودوليا - بتحملها. ويعود ذلك في الأصل الى الخلل البنيوي الذي أصاب في مقتل الصيغة الوحدوية المشوهة التي تلت 22 مايو 1990، بالاضافة الى حرب 1994 زما سبقها وتلاها من ممارسات لا وحدوية أجهضت مشروع الوحدة السلمية الطوعية. معالي الأمين العام ان القلق الشديد يساورنا جرّاء تعامل المبادرة الخليجية ، ومن ثم قرارات مجلس الامن الدولى اللاحقة لها، مع القضيّة الجنوبية من منظارها الحقوقي والقانوني والانساني فحسب. ورغم دعواتنا المتكررة لمعالجة وحلّ الجوانب القانونية والحقوقية والانسانية، والدفع بايجاد حلول فورية عادلة لها، يتوجّب أن تظل تلك المعالجات جزءا من مسار متكامل يهدف الى مخاطبة الحلول السياسية الأشمل. ولهذا فاننا نؤكد على ان الحوار الذي يدعى اليه اليوم، لا يمكن ان يكلل بالسداد بينما لم تحل قضايا المسرحين المدنيين والعسكريين من أعمالهم قسرا، واستعادة الأراضي والممتلكات والمؤسسات المنهوبة العامّة والخاصّة. وكذلك الايقاف الفوري للمحاكمات الصورية الكيدية ضد صحيفة "الأيام" العدنية المستقلة ، وتعويضها تعويضا عادلا، واطلاق سراح السيد احمد العبادي المرقشي المعتقل لا قانونيا على خلفية قضية اضطهاد صحيفة "الأيام". وكممهدات ضرورية أخرى لاستعادة الثقة المتبادلة، تندرج كذلك ضرورة وقف كافة الاعمال القمعية في حق أبناء الجنوب، ووقف الاعتقالات والتعذيب، و اطلاق سراح المعتقلين، ومحاسبة المسئولين عن الفضاعات والاعتداءات الشنيعة المرتكبة تجاه العزّل من أبناء الجنوب، والمستمرة حتى يومنا هذا. و لايمكن اكتمال الحديث عن الحلول السياسية المرجوة، ومساعيكم الحميدة في هذا السياق، دون ان لفت عنايتكم الى خطورة استمرار الوجود الكثيف للمعسكرات الشمالية في المدن الجنوبية، كعامل افساد الطابع المدني للحياة في الجنوب، و لمناخات التفاهم والحوار ، وعدم السماح باشراك ابناء الجنوب في الدفاع عن أراضيهم وممتلكاتهم في وجه العصابات الارهابية.
ان ذلك يتطلب التنفيذ الفوري لاخراج تلك المعسكرات خارج المدن الجنوبية، واتخاذ التدابير العملية الفورية لايقاف تدفق السلاح والتدريب العسكري للمليشيات الارهابية في مختلف محافظات الجنوب، ووقف فتح فروع لجامعة الايمان في عدن وبقية المحافظات الجنوبية فورا. ان تجاهل القضية الجنوبية في بنود ومضمون المبادرة الخليجية، وقرارات مجلس الأمن الأخيرة، وفي المحاولات الجارية للدفع بالحوار القائم على تلك المبادرة، بدون الأخذ بالاعتبار تعريف ومضمون تلك القضية وفقا لما يرتضيه أهل الحق المعنيين، يعني حدوث حتمي لثلاثة بدائل كارثية ، يمكن تلخيصها كما يلي:
1. تأجيل وترحيل الحل الناجع للمشاكل الحقيقية، والاكتفاء بما هو شكلي وحسب. وهذا يعني ترك الوضع يتأرجح بين تأثيرات القوى التقليدية المناهضة لبناء دولة مدنية في اليمن، شمالا وجنوبا، وبين محاولات شراء الوقت لحشد مختلف الأطراف المتصارعة في الشمال لقواها المسلحة لحسم الصراع عسكريا وقبليا لصالح أحد الأطراف المتصارعة على السلطة، وبالتالي ترك المجال فسيحا لتراكم المخاطر المحدقة باليمن – في الشمال والجنوب - والمنطقة والعالم، بحيث يصعب حلها مستقبلا، ما سوف يؤدي الى حدوث الانفجار المؤجل، وبالتالي تدهور الوضع برمته والانحدار به نحو الصوملة، وهي النذر التي كثيرا ما حذّر منها العديد من العقلاء حتى في الشمال نفسه، بل حتى الرئيس عبدربه منصور هادي، عندما حذّر من ذلك المآل تكرارا وعلنا خلال جولته الدولية الأخيرة.
2. ترك المجال مفتوحا للقوى التي تعمل ليل نهار من أجل تحويل الجنوب – تحديدا – الى ارض طالبانية مفتوحة لعمليات دؤوبة ومنظمة باتقان، حيث تجري منذ فترة طويلة عملية تسليح العصابات الارهابية ، وتعميق جذور الارهاب وترسيخ قواعده وتصدير كل شروره الى الجنوب. ذلك كله يجري في سياق استكمال المخطط الهادف الى خلخلة وتغيير التركيبة السكانية المدنية في الجنوب، وإستكمال مخطط تدمير الجنوب والإستحواذ على ما تبقى من أراضيه وثرواته، وتكريس المصالح الغير مشروعة الهائلة لجحافل المتنفذين التي تحققت في الجنوب، والاجهاض على اية آمال لجعل الجنوب معادلا موضوعيا ايجابيا للأمن والسلام الأقليمي والدولي. اننا ننبّه الى ان السماح بتمرير ذلك المخطط يعني اعادة انتاج الدولة الفاشلة الراعية للارهاب والفساد. واسمحوا لنا ان نؤكد لمعاليكم بأن لا مجال لدحر ذلك المخطط لجهنمي الا بانجاج الجهود الاقليمية والدولية، من خلال اعادة تصحيح مسار العملية السياسية المرتكزة حاليا على المبادرة الخليجية بصيغتها الراهنة، التي هي في أمس الحاجة الي التطوير والتحديث الذي يتماشى مع قضية بحجم وحساسية قضية شعب الجنوب.
3. تأجيج حالة انعدام الثقة وزيادة وتيرة الخصومة والتناحر بين الشمال والجنوب على مرّ الأيام، بل وحتى في اطار الشمال نفسه بمختلف مكوناته وتعقيداته المعروفة، بما يعقّد في نهاية المطاف الحلول المرجوة مستقبلا، ويضر بتمتين وشائج الأخوة، والتي تحقق وتحفظ مصالح كل الأطراف المعنية – شمالا وجنوبا، وكذلك مصالح الأطراف المعنية على المستويين الأقليمي والدولي.
اننا نود لفت عنايتكم الى انه لم يعد مقبولا اطلاقا، من قبل غالبية شعب الجنوب وقواه لسياسية الفاعلة، الاستمرار في تجاهل جوهر المسألة السياسية في اليمن، وهو مستقبل العلاقة بين الشمال والجنوب على أسس جديدة، وتجاهل الحاجة الى توفير الشروط الكفيلة بتحقيق مشاركة جنوبية نديّة وفاعلة في البحث في اعادة النظر في صيغة تلك العلاقة المستقبلية، وبما يحفظ للجميع حق التمتع بعلاقات مستقبلية راسخة قائمة على الأخوّة والمجورة الحقّة والتعاون المشترك. وقبل كل شئ، فان اقامة علاقات جديدة صحيّة ومتكافئة من شأنها صيانة المصالح المشتركة بين الجنوب والشمال. وبالتالي فان اية حلول لا تقوم على الاعتراف بالحق المشروع لشعب الجنوب في تقرير مصيره، واستعادة دولته، وفقا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ وقواعد القانون الدولي، من شأنها ان تعيق تقدم العملية السياسية الحوارية في اليمن، وتفرغها من كل مضمون حقيقي .
معالي الأمين العام
واننا إذ نتوجه إليكم برسالتنا هذه، نؤكد لكم ان شعب الجنوب بكافة اتجاهاته السياسية والفكرية والاجتماعية، وبمختلف قواه السياسية الفاعلة التي تقف اليوم على أرضية توافقية سياسية شعبية واسعة متينة، ملتزمون بالاشتراك في عملية البحث عن الحلّ الذي يتوافق مع مصالحه العليا. واسمحوا لنا ان نذكّر بحقيقة ان شعب الجنوب ذهب مرارا الى مائدة الحوار في الأعوام 1991م و1994م ، ولأن تلك الحوارات لم يتم ضمانتها من قبل الجهات الراعية حينذاك، فكان ان شنّت عليه حروب انتقامية غير معلنة ثم معلنة، كان من نتائجها قتل اتفاقية الوحدة و اجتياح الجنوب واحتلاله عسكريا. وعليه، فاننا نضع أمامكم مايلى:
1) نعتقد مخلصين بأن الحقائق والأدلة الدامغة على الأرض، كلها تؤكد على الحاجة الماسّة الى اعادة النظر في مسار العملية السياسة الراهنة، واعادتها من جديد الى مجراها القويم، الملبي لمطالب وحقوق شعب الجنوب. ونجدد أمام معاليكم رغبتا الأكيدة في الدخول في الحوار السياسي الذي ينطلق من ان قضية الجنوب هي أس المسألة اليمنية برمتها، مؤكدين لكم في وضوح لا لبس فيه من انه اذا اريد للجنوب وممثليه المشاركة في العملية السياسية لايجاد حلول منصفة وقابله للاستمرار في اليمن، لابد من ايجاد صيغة واضحة لمخاطبة القضية الجنوبية ، وفقا لما يرتضيه شعب الجنوب، لا ما تمليه مصالح ورغبات طرف واحد من أطراف المشكلة التي تعصف باليمن منذ 1991.
2) نناشدكم بارسال لجنة دولية خاصّة لتقصى لحقائق. وتوكل لها مهمة زيارة الجنوب بكل محافظاته ومديرياته المخلتفة ، وتستمع مباشرة من شعبه بفئاته المختلفه لهمومه وتطلعاته، كما هي على أرض الواقع.
3) افساح المجال امام شعب الجنوب، ممثلا بحراكه الجنوبي السلمي ، بكل أطيافه السياسية والاجتماعية، للعرض أمام مجلس الأمن الدولي قضية شعب الجنوب ومطالبه العادلة المشروعة.
4) نتطلع الى تفهمكم لأهمية الإسراع في العمل على خلق آلية جديدة تذهب بالعملية السياسية مباشرة الى جوهر المشكلة الحقيقية في اليمن، من خلال ايجاد مسار مختص بالبحث بين ممثلي الجنوب والشمال برعاية وضمانة اقليمية ودولية، في أحدى مقرات مجلس التعاون الخليجي او الجامعة العربية أو الأمم المتحدة.
5) حثّ السلطة والقوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في الشمال على الاسهام الايجابي في ان تكون قضية الجنوب، فعلا لا قولا، ووفقا لما يرتضيه شعب الجنوب، حجر الزاوية في عملية بناء المستقبل، بما يحفظ ويصون وشائج الاخاء والمحبة والشراكة بين الشمال والجنوب، ولضمان انسياب وتبادل المصالح بينهما، وبما يصون الأمن والاستقرار الأقليمي والدولي. ونحن اذ نجدد شكرنا وتقديرنا لجهودكم المخلصة ، نتطلع الى تفهمكم وعنايتكم بما ورد في رسالتنا هذه، واتخاذ ما يلزم من خطوات وقرارات، بما يساهم في صيانة الأمن والاستقرار محليا وأقليميا ودوليا.
القاهرة
9نوفمبر2012م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.