أوروبا تصعد عمليا ضد صالح وتبحث تجميد أمواله ومعاونيه.. ووزير خارجية فرنسا يتحدث عن جرائم ستحيل رأس النظام إلى الجنايات الدولية عدن اونلاين/ خاص/ عبدالرقيب الهدياني توكل كرمان تعتقد أن جائزة نوبل واستحقاقها شهادة السلام لا تعني شيئا إذا لم يتحقق العدل ويقاد القتلة أعداء السلام إلى حبل المشنقة .. توكل كرمان ترى أن الجائزة الحقيقية للسلام يجب أن ترتسم على كل المدن اليمنية وأن يعم الأمن كل ربوع الوطن ومن مقتضيات ذلك أن يتحرك العالم ليكف يد القاتل الذي استمرئ قتل العزل والشباب المطالبين بحقوقهم في ساحات الربيع العربي. لا قيمة لجائزة توضع في الصدور ، الجائزة الحقيقية يجب أن تتجسد في سلام يعم الأرجاء ويعيشه الشعب الذي خرج بصدور عارية يواجه البارود وماصي الدماء. هكذا ترى توكل كرمان فلسفة نوبل وجائزته الشهيرة والثمينة ويؤيدها في هذا كل الملايين من أبناء شعبها، لذلك هاهي تلقي بكل ثقل نوبل وملايينه وجائزته لتطارد القاتل وتسوقه إلى السجن، كما طاردته بالأمس في الساحات وهي تهتف ضده (الشعب يريد إسقاط النظام).
يوم عاد صالح من الرياض زعم أنه يحمل حمامة سلام، فإذا بجائزة نوبل تأتي طيعة لامرأة ثائرة من ألد خصومه، قال أيضا أنه يحمل غصن زيتون ، لكن مجلس الأمن الدولي أرسل إليه كرتا أحمرا مضمونه ( go aute ).
برأيي أن ثاني أشد صفعة تلقاها صالح كانت يوم فوز توكل كرمان بجائزة نوبل، بعد الصفعة القاسية الأولى بانشقاق اللواء علي محسن قائد الفرقة المدرعة، كانت الأولى على المستوى المحلي وبسببها اهتز النظام وتساقطت أركانه بفعل هذا الزلزال المدوي ، فجاءت الثانية عبر توكل ، آخذة صفة العالمية، وهاهي حمامة السلام يطير في الفضاء الفسيح تحشد الدعم الدولي ، وهي مصرة على استخدام كل ثقل ومميزات هذه الجائزة لقيادة صالح ومعاونيه القتلة إلى حبل المشنقة.
اليوم تقف الشابة اليمنية توكل بكل جسارة أمام العالم وهي تتحدث بنبرة ملؤها ثقة ويقين (صالح سيحاكم ، أعدكم أنه سيحاكم ...) ، هي ذات النبرات القوية التي ظلت تتردد بصوت الملكة توكل عبر قناة الجزيرة الفضائية طيلة أشهر الثورة وحتى اللحظة ( كلما سقط منا شهيد .. يا علي يهتز عرشك ) وفعلا تواصل سقوط الشهداء وتواصل بالمقابل انهيار القصر وحراس المغارة.
توكل الشامخة التي علمتنا جميعا معنى النضال والمكابدة والعزم والإصرار، كانت في إطار شقة صغيرة في مقر منظمتها الحقوقية (صحفيات بلا قيود) ثم تقدمت باتجاه ساحة الحرية بصنعاء (أمام مبنى مجلس الوزراء) تنظم الفعاليات الحقوقية المطلبية أسبوعيا وكان حضورها بالعشرات والمئات.
توكل فضاء بلا حدود ، وطموح لا يأبه بعثرات الطريق ، من صنعاء تمددت باتجاه ساحات وميادين الحراك الجنوبي في الضالع ولحج وعدن وحضرموت ، حتى وقد ضاقت بها بعض الأفكار الضيقة والمنغلقة (جنوبا) والمثبطة الخائرة (شمالا)، استمرت بنت كرمان بنفس الروح ، لتأتي (الفكة من مكة)-حسب المثل الشعبي اليمني- ومكة اليوم التي أقصدها، إنما هي تونس الخضراء، التي انطلق منها ربيع الثورات العربية ، فكانت (توكل)نا على موعد مع هذا الفصل الثوري الذي طالما استعدت له ومن جامعة صنعاء عبر مئات الطلاب بدأت المسيرة. ساحة التغيير صارت ساحات للحرية بامتداد الجمهورية اليمنية التي رفض نظامها المستبد يوما أن يمنح توكل كرمان ترخيصا لصحيفة أسبوعية ، فمنحها العالم جائزة عبور دولية تمكنها من إيصال ما تريد إلى صانعي القرار الدولي في عواصم العالم دون استثناء.
هل في قدرات علي عبدالله صالح العقلية أن يقف لحظة تأمل ثم يسلم بالهزيمة ويرفع الراية البيضاء ، كيف أن هذه الشابة التي أطلق لكل عفاريته من لدن وزير إعلامه اللوزي بمضايقتها في مهنة الصحافة ، إلى أحقر فرد من جنوده الذين طالما اعتدوا عليها في الساحات والميادين ووضعوها في المعتقل، كيف أن هذه الشابة تستطيع اليوم أن تفتح أبواب مؤسسات دولية وتخاطب أكبر شخصيات السياسة بينما لا يستطيع صالح أن يفتح معهم خط اتصال ولو بالهاتف ولدقائق معدودة ؟!!.
حمامة السلام تجوب اليوم عواصم المجتمع الدولي بكل حفاوة وترحاب ، في حين يعيش الرئيس صالح أسوأ أيامه معزولا يتجرع مرارة الخيبات المتوالية على رأسه من كل اتجاه. توكل تكيل وتجمع الإدانات وتسوقها حتى يكتمل نصاب صالح فيحق عليه العذاب ويبوء بملف الجرائم التي اقترفها بحق الشعب اليمني العظيم، توكل وبلا كلل أو ملل تغزل خيوط المشنقة التي ستطوق عنق صالح الآثم. لا تستغربوا أو تتعجبوا مما قد يحدث ، ففي تاريخنا اليمني أحداثا غرائبية عدة ، لقد انهار سد مأرب بقوة فأر، وسطر لنا القرآن الكريم ذكرا بسبب حكمة امرأة ، وهاهو نظام مستبد تعمر ثلاثا وثلاثين عاما يطوى كلفافة بالية بأصبع شابة لا يزيد سنها عن اثنين وثلاثين ربيعا.