عقب استقالة كل من رئيس الجمهورية قحطان الشعبي ورئيس الحكومة فيصل عبداللطيف في 22 يونيو 1969 وتسلم الشيوعيين السلطة بقيادة عبدالفتاح اسماعيل وسالم ربيع علي (سالمين) تم نقلهما من مسكنيهما إلى معتقل الفتح وبعد يومين من التعذيب الجسدي البشع أغتيل فيصل بالزنزانة ضرباً بالرصاص ورفضت السلطة وبقاياها لليوم الإفصاح عن المكان الذي دفنوه فيه، ونقل الرئيس قحطان لكوخ خشبي بمنطقة الرئاسة ليعتقل فيه إنفرادياً دون محاكمة أو تحقيق أو حتى تهمة، وفي معارك الإطاحة برئيس مجلس الرئاسة سالمين قصف الكوخ وأصيب قحطان بشظايا فيما قتل كل الجنود المكلفين بحراسته وعندماعثرواعليه بعد يومين جالساً تحت شجرة نقلوه لمكان إعتقال آخربمنطقة الرئاسة ظل معتقلا فيه طوال عهد عبدالفتاح ثم بعهد علي ناصر الذي فيه تم إغتياله بمستشفى مصافي النفط. فقد نقلوه للمستشفى وأرقدوه به لعمل فحوصات وعلاجات وهي أول مرة منذ إعتقاله قبلها ب 12 سنة يرقدوه بالمستشفى ولذلك عندما علمت شعرت بأنهم في طريقهم لتصفيته جسدياً وبالفعل لم تمر غير أيام قليلة إلا وأعلنت عدن فجأة عن وفاته بنوبة قلبية! وعرفت أنهم قتلوه ومن الأسباب ما يلي: قبل أن أبدأ وأهلي بالهروب من اليمن الجنوبي في 1976 وعند زيارتي الأخيرة لوالدي قال "لو سمعتم في يوم من الأيام أنني مت وأنا بالسجن فأعلموا أنني مت مقتول" وكان الله يرحمه كل ما يتنبأ به يتحقق حتى صرنا نأخذ كلامه كأنه كلام منزل. لماذا لم تواتية النوبة القلبية القاتلة إلا وهو ممدد بالمستشفى؟ هم أرادوا ذلك لكي يقول بيان إعلان وفاته بأنه مات وهو بمستشفى المصافي ليوحوا للناس بالداخل والخارج أنهم كانوا يهتمون بصحته ويعالجونه وبأفضل مستشفى بعدن! ولماذا قتلوه بينما كان محبوساً منذ 12 سنة؟ لأنه في ذلك الوقت كثرت عليهم المطالبات الخارجية بإطلاق سراحه. ولاحقاً علمت بأن مدير المستشفى أستقال في اليوم التالي وأن استقالته لها علاقة بوفاة قحطان الشعبي. وأتصل بي بنفس يوم إعلان الوفاة الرئيس علي عبدالله صالح وأفادني بأنه أبلغ الرئيس علي ناصر بأنه سينزل عدن ليشارك في جنازة قحطان لكنه رد عليه بأنه لن يكون هناك جنازة رسمية! وبإصرار من المناضل علي عنتر (الرجل الثاني في لدولة) أخرجت لقحطان جنازة رسمية وشعبيةليوارى جثمانه الثرى بمقبرة الشهداء بكريتر وسار أمام الجنازة فرقة عسكرية تعزف الموسيقى الجنائزية وتقدم المشاركون في الجنازة الشهيد علي عنتر والأخ أنيس حسن يحيى عضو المكتب السياسي للحزب الإشتراكي وشارك فيها قلة قليلة من قادة الحزب والدولة والمئات من مناضلي الجبهة القومية الذين تواروا في السنين السابقة في قراهم ليبعدوا عن التصفيات الجسدية التي طالت في السبعينات مئات من مناضلي حرب التحرير 95% منهم ينتمون للجبهة القومية. وأندهش علي عنتر عندما رأى أولئك المناضلين وكان يظن أنهم صفوا جسدياً وقال لمن حوله بأنه سعيد لرؤية أولئك المناضلين وأنهم جاؤوا من كل مكان في الجنوب ليشاركوا في جنازة الرجل الذي قادهم في حرب التحرير من الإحتلال البريطاني. للتأمل : بعد يومين من جنازة قحطان خرج كل قادة الحزب والدولة للمشاركة في جنازة إمرأة كانت لها حظوة لديهم! وتقدمهم علي ناصر محمد (الرئيس، رئيس الحكومة، الأمين العام للحزب)! للإنصاف: علي عنتر كان رجل بحق وفيه نخوة وشهامة وكان شجاعاً وفيه وفاء، صارعهم في المكتب السياسي ليخرج لقحطان جنازة رسمية وشعبية وفرض رأيه عليهم بالقوة بعدما أهان بعضهم وذكرهم بمن هو قحطان الشعبي. =================== *نقلاً من صفحة الكاتب (للقراء المهتمون) بفيسبوك الشهيد قحطان الشعبي