واقعنا المشاهد اليوم يؤكد على [فُشُو] "الأمية الفكرية" أو "الفقر المعرفي والديني" ونظرا لتعدد ميادين الفكر تعددت ميادين الأمية الفكرية، فهناك : أمية في الفكر العلمي، وأمية في العلوم العقلية، وأمية في الآداب والفنون, وأمية في الفكر السياسي، وفي الفكر الاقتصادي, وأمية في العلوم الشرعية والدينية. وهناك أبعاد كثيرة تقف وراء هذه الأمية منها : - غياب المؤسسات الثقافية والتعليمية في الاضطلاع بالدور الحقيقي المنوط بها في قيادة المعلم والمثقف. فلم نعد نرى المربي المثقف الذي يحب مهنته ويسعد بتربية الأجيال بالقدوة والفكر السليم، وأصبح أسلوب التعليم عندنا لا يحمل ثقافة ولا يثري فكرا، حتى أصبح الطلاب معبئين بالمعلومات عن طريق الحفظ والتلقين دونما التركيز على الفهم والتفكير والإبداع. - أضف إلى ذلك كارثة العولمة التي سرقت منا شبابنا في كل شيء : المأكل والملبس والفكر والثقافة .. الخ، فضلا عن الاستخدام السيئ للأجهزة الالكترونية التي أخذنا منها أسوأ ما جاءت به، حتى أصبح الشباب يجيدون معرفة "المفاتيح الإلكترونية"، ولكنهم بكل أسف لم يعرفوا "المفاتيح الإنسانية". - تراجع المؤسسات الدينية وغياب دور المسجد في التوعية والإرشاد ونشر الفكر الوسطي الصحيح الذي يجمع بين التراث ومستجدات العصر. - الادعاء : وهو مرض استشرى بين بعض الناس الذين يخيل إليهم أنهم بمعلوماتهم البسيطة والضئيلة قد بلغوا مرتبة العلماء، فبدلا من أن يجلسوا مجالس المستفتين, ويتحلوا بأخلاق طلاب العلم، نراهم يجلسون مجالس الإفتاء وهم إلى الجهل والفقر المعرفي أقرب ! والحالة الفكرية المثلى أراها تتمثل في "التزويد بالثقافة المتوازنة" التي تجمع بين العقل والنقل، والتجربة والوجدان، والتي تجعل صاحبها على وعي بالذات وبالآخر، وبالتاريخ والمستقبل والمصير. *من صفحة الكاتب على الفيس بوك