حقيقة يزداد المؤمن كلما تفكر في صنائع الأيام يزداد إيماناً بحكمة الله عز وجل في تحريمه لما حرم وكذلك في ذمه لما ذم ،فمن ذلك ذم ربنا عز وجل للجهل الذي هو ضد العلم ووصف به قرآننا ونبينا الحقبة التي سبقة الإسلام ، فتفكرت لما هذا الجهل والجاهلية مذموم لهذا الحد في الإسلام ؟ فأجابني واقع أمتي اليوم وخاصة بلدي وخاصة الخاصة ومن هم حولي ، فرأيت وأيقنت كم هو الجهل وضعف العلم وضحالة الفكر والثقافة لدى بعض الناس وكثيرمنهم من (المفسبكين) كم يوقعهم في دوام الأمور ومطبات المواقف والأحكام فتراه يعادي ويوالي ويخاصم ويصادق ويحب ويبغض ويشتم ويمدح، ثم تكتشف أنه لايدري شيئاً وأحيانا بالكلية عمن يوالي ويعادي ويخاصم ويصادق ويحب ويبغض إلا مايسمعه ممن سمعه أو لقنه، يعني كأنه آلة تردد مايريده ومايطلبه منها صانعها دون خيار سوى لمسة زر يتحرك بها لا أقل ولا أكثر . على سبيل المثال التقيت قبل قليل بأحد هذه الأصناف بعد أن لاحظت منه كثرة السباب والشتائم المقذعة على اتجاه وأصحاب فكر معين فراسلته بقصد النصح إشفاقاً عليه وقلت لعل الرجل أساء إليه أحدهم ، وبعد أخذ ورد مع تحملي لردوده المتشنجة سألته بعد أن هدأت حدته أسئلة بسيطة جداً عن هؤلاء الخصوم وماذا يعرف عنهم في معلومات بسيطة فلم يجب وأخذ يزداد حدة ليوحي لي أنها أسئلة بسيطة وأنا أستهزأ به ، ثم تدرجت لأبسط منها مما يستطيع أن يجيب عليها طفل في المستوى الأساسي فتفاجئت بالكارثة أن الرجل صفر على الشمال بل أحياناً يأتي بردود مضحكة للغاية ، فقلت في نفسي سبحان الله ألا ما أحكم ربي يوم أن ذم الجهل ووصف به كفار قريش وعباد الأصنام وحذر منه وحث على العلم ومدح حامله والمشتغلين به ووعدهم جزيل ثوابه ورفع منزلتهم في الدنيا قبل الآخرة كي يخرجنا من الظلال إلى الهدى ومن الظلمة إلى النور ومن العبودية للعبيد إلى عبودية الأحرار لله وحده ، ثم حدثت نفسي حينها واستنتجت لأخبركم بأن كثير ممن تبتلون باعوجاج فكرهم وسوء خلٌقهم وأخلاقهم وفسادهم وإفسادهم بكافة أنواعه إنما هو ناتج عن جهل مطبق لاعن عناد وكبر وعمد فابدؤا أحبائي وقرائي الكرام بتوجيه الصغير وإرشاد الكبير ونشر المعلومة وحث من حولك على التسلح بالعلم فإنه والله ما ألم بأمتنا اليوم بعد عصيان الله إلا داء الجهل ،الذي أثمر الانحراف والعصيان والتخلف في كل ناحية من نواحي حياتنا وبدوري أنصح من يحاور أو يريد إبلاغ فكرة ويتحمس لمبدأ أو جهة أو رأي أن يبدأ ثم يستمر على نشر المعلومة وطرح الأسئلة والنقاشات التي تؤدي للإلمام بهذه المعلومة كأستاذ يواجه طلابه حتى يتحقق من الطرف الآخر وما عنده من بضاعة ولا يلتفت لمن ينعق هنا أو هناك لأنه سيكتشف حينها أنه يشير إلى الشمس في رابعة النهار ومن حوله لا يرونها ويكذبونه في وجودها ويشتمونه في الظهيرة بأنه مخادع وكذاب، لأنهم في الأصل لا يرونها بالفعل وعلى أعينهم جدار رهيب من الظلمة والعمى الحسي ثم يكتشف بعد أن أخذه الغضب إلى الجنون ضاناً أنهم يعاندون وهم في الأصل بحاجة إلى رحمة وشفقة وفعلا وحقاً لا يرون ولا يعلمون .