لم يكن أسوأ المتشائمين قد فكر أو تخيل أن يصير الحال على ما هو عليه الآن في بيحان التي لم يعد بحوزتها ما يمكن أن تقدمه لزائريها فضلا عن أبنائها الذين لم يعد في إمكانهم أن يباهوا بها في أي محفل أو أن تتوسع مطالبهم السياسية والخدمية لهذه المنطقة التي لم يقابلها أبناؤها إلا بالعقوق والنكران.. إن ما يجعل القلب يدمي والعين تبكي ويجعل الجبين يندى خجلا أن بيحان اليوم ليست إلا غابة خربة غابت نواطيرها عن ثعالبها تعبث و تعبث في كل أرجائها في ظل غياب تام للسلطة التي تتصارع فيها مراكز القوى ليس إلا لمزيد من النفوذ الذي ولاشك سيتبعه مزيدا من العبث بالمال العام والحقوق العامة في ظل وجود ضعفاء النفوس الذين لم يكونوا إلا عونا للظلمة والعابثين في وضع أقل ما يقال عنه أنه متردي .. والسؤال التائه عن إجابته أين التيارات الحزبية والتكوينات السياسية ومن نقول أنهم شرفاء أو عقلاء في هذه البلدة الظالم أهلها.. لماذا سكتوا؟! لماذا لم نسمع تنديدا ولم نقرأ منشورا يدين الأفعال العبثية في بيحان ذات التاريخ العتيق؟! أم أنه كما يقول إخواننا المصريون :"اللي اختشوا ماتوا"؟! لماذا لانسمع جعجعتهم إلا في المناسبات الوطنية التي يرفعون شعاراتها زورا وبهتانا أو المناسبات الانتخابية لدغدغت مشاعر الجماهير من أجل المزيد من التسلط على رقابهم أو اعتلاء ظهورهم للمناصب السيادية التي تقربهم إلا أصحاب النفوذ زلفى؟! ألانخشى أن تصيبنا دائرة أو يصيبنا عذاب أليم في ظل التخلي التام عن مسؤلياتنا التاريخية أمام الله والناس أجمعين .. قولوا كلمة حق لكم وللتاريخ في يوم من أيام الدهر تنادت قريش إلى حلف الفضول لنصرة المظلوم وحماية الحقوق العامة وهي التي لم تسجد قبل ذلك لله سجدة فسجل ذلك لها التاريخ وامتدح فعلها سيد البشرية.. إنني أعلم أن البعض قد أصم أذنيه عن استغاثات المكلومين والمظلومين وقد جعل غشاوة على عينيه وطمس على قلبه وأصر واستكبر استكبارا فلا يسمع ولايرى ولا يعي إلا لما أشرب من هواه.. ولهؤلاء نقول ناصحين: ارفقوا بانفسكم فلن تكونوا أقوى سلطة من فرعون ولا أكثر مالا من قارون ولا أوسع أرضا من الوليد ابن المغيرة فكل هؤلاء لفظهم التاريخ ولم تبق إلا ذكراهم السيئة السمعة أتمنى أن نستفيد جميعا من التاريخ في وضع جار على الناس في أمنهم وأعراضهم ومصالحهم ولم يبق شيئ إلا وطالته يد الفساد والناس بين مكبل في رجله قيد وفي فمه البليغ لجام.