من يتابع اليوم عمليات الاغتيالات التي تحدث وبشكل متناسق وانتقائي يدرك ان هناك قوى تسعى ليس لخلط الاوراق فقط او محاولة اغتيال فلان او علان من الناس, انها ليست محاولة لتصفية أفراد لأسباب شخصية. لقد كانت الفترة الاولى من الوحدة اليمنية من 1990 - 1993 هي اكثر فترات الاغتيال السياسي وضوحا وكانت الفترة التي نشأت فيها اول الخلافات بين قيادات الشطرين المتوحدين وبدأت تتبلور هذه الخلافات في تصفيات جسدية كانت اكبر معوق لتثبيت الوحدة اليمنية في حينها والسعي لبناء الدولة المدنية اليمنية الحديثة, فقد استغلت بعض القوى انشغال المسؤولين عن القرار السياسي حينها ببعض الخلافات التي لم تكن بالحجم الذي يعادل الحفاظ على الدولة وبناءها وتغاضت عن تلك الاغتيالات او بالأخص تساهلت مع الامر فتزايد بشكل مستمر الى ان وصل الى الوضع الذي ادى الى تهيئة القيادات السياسية حينها للحرب المفتوحة, لقد كان الطرف المستهدف حينها ينظر ان الاغتيالات لا تعنيه كطرف بل تعني بعض الافراد لأسباب شخصية إلخ .... وادى هذا التساهل الى ان وصلت الاغتيالات الى اعلى المناصب في ذلك الطرف واليوم تحاول بعض القوى ان تبرر عمليات الاغتيال انها انتقائية وليست عشوائية وان من يتعرضون للاغتيال ليسوا الا من كان لهم وضع معين ووظائف معينه و يتناسوا ان هذا لن يكون الا البداية فقط وان القادم سيشمل كل من يكون هناك مبرر لاغتياله, وقد يكون المبرر القادم اقل بكثير مما يمكن ان يكون في حسبانهم. لا نريد ان يكون الاغتيال وسيلة من وسائل الابتزاز السياسي او ان نتعامل معها كونها كذلك لأننا نبرر قتل ابنائنا دون اي فائدة ترجى من ذلك لصالح الوطن فهم لم يقتلوا في معركة دفاع عن الوطن بل قتلهم من يرى الوطن لا يتعدى مصلحته الشخصية, لا نريد ابدا ان يكون هناك تبرير لمن يقوم بعملية الاغتيال وان يكون ردنا عليه هو بالانتقاد والرفض والشجب التنديد, لا نريد ان نكون وسيلة لاغتيال ابنائنا بسبب صمتنا عن ذلك مهما كانت الايادي التي تقوم بالاغتيالات ومهما كان فكر الفراد الذين ينفذون هذه العمليات الا ان الواضح انهم يملكون معلومات اكثر دقة من مجرد متابعة الاشخاص الذين يريدون اغتيالهم انهم على صلة بجهات تمتلك اكثر مصادر المعلومات ثقة وامان ودقة, ليس الاغتيال مجرد فكرة تبناها شخص او اشخاص لاغتيال شخص او اشخاص اخرين ان هذا الاغتيال هو محاولة لاغتيال الحلم الكبير الذي سعى الكل من اجله انه محاولة لتقويض العملية السياسية في اليمن انه محاولة لاغتيال العملية الوحيدة في كل ثورات الربيع العربية التي تسير نحو الانتقال السلمي الكامل للسلطة دون المرور بالحرب اننا نمر بمرحلة اغتيال الحلم الوطني الذي خرج الشعب كل الشعب ليتبناه في 2011, خرج شباب الثورة في ساحات الثورة يطالبون ببناء الدولة الحديثة والدعوة للتغيير وخرج شباب الحراك الجنوبي في الجنوب يؤيدون هذه الثورة ويدعمونها بقوة وخرج انصار النظام السابق والذي قامت الثورة ضده ليعلنوا انهم مع بناء الدولة مهما كانت اخطاء الماضي, اجتمع كل هؤلاء على طاولة حوار يريدون من خلال اجتماعهم تحقيق ذلك الامل الذي يتمناه كل يمني في الريف قبل المدينة وفي الصحراء والبادية قبل الحضر, حلم بناء الدولة.