ان المتابع لتوالي وتسارع الاحداث اليوم ومن خلال التطور الطارئ في الفترة الاخيرة يدرك جيدا ان هناك محاولة لاعادة انتاج دولة جديدة بديلة للدولة القائمة اليوم والتي اثبتت جكومتها انها رغم نجاحها التوافقي السياسي الذي جنب البلاد ويلات الحرب وامكانية السقوط فيها الا انها فشلت اقتصاديا بكل ما تعنيه الكلمة, لقد فشلت في صناعة الواقع المامول من الناس بعد الثورة العارمة التي غطت كل محافظات الوطن تقريبا, وفشلت في اخراج البلاد من الازمات التي كانت قائمة حين قيام الثورة وفي فترة عمر الثورة, بل انها وبتقاعسها الامني وتساهلها في كثير من الاحيان ادت الى انتاج ازمات جديدة تضاف للازمات السابقة. وفي فترة الحوار الوطني الذي نعتبره الفيصل بين الحق والباطل والفارق الرئيسي لتقييم القوى التي تسعى لبناء الدولة من تلك التي لا تسعى الى ذلك بل الى تخريبها وتعطيلها وابقاء البلد في الظلام التعليمي والسياسي والتاريخي والعلمي قبل الظلام في ليل لا اضواء فيه الا اضواء النيران المتصاعدة من الاطارات المشتعلة في الشوارع او اضواء تلك الطلقات الصاعدة من افواه البنادق, في تلك الفتره ظهرت الكثير من القوى في مواقف واضحة من موضوع الدولة ومن موضوع فرض الدولة على الارض, مواقف مؤيدة لموضوع ايجاد الدولة ككيان قائم على الارض وفرضه ومعاقبة من يحاول الاخلال بهذا التواجد وقوى تسعى الى ان تظل الدولة هي نفس دولة النظام السابق, دولة لا تتعدى حدودها قصر الرئاسة او ميدان السبعين, وهذه القوى لا تسعى ابدا الى ان تكون البلاد بلا دولة بل بالعكس تماما هي تريد ان توجد دولة كشكل وغلاف سياسي يعطيها التبرير للتسول باسم الدولة ولطلب المساعدات والمعونات باسم هذه الدولة وبين تلك القوى التى ترى ان البلاد هذه بلاد متعددة الموارد قليلة الايراد و لا تحتاج الا الى اليمان بالدولة كاداة قمع بيد السلطات الحاكمة لتفرض وجود الدولة وتبسط سلطتها وهيبتها على الارض, وبين هذين الموقفين ظهرت مواقف لا توصف الا بانها مواقف خجلى لا ترلاقى ابدا الى مواقف الرفض العلني لفرض الدولة ولا الى التاييد المطلق او حتى التاييد المقبول لوجود وفرض هيبة الدولة. يبدو ان الاخ رئيس الجمهورية من يتحملوا مسؤولية الاستشارات المباشرة الى جانبيه الايمن والايسر قد ادركوا هذا وادركوا ان اغلب هذه القوى وبالذات تلك التي لا ترى الدولة الا غطاء سياسي لتواجدها وتكاثرها وتناميها وفرض عين لنموا وتطور هذه القوى, ادركوا ان هذه القوى يجب ان تستبعد قليلا من المشهد السياسي وكان استبدالها او تحييد دورها وتفعيل دور القوى الاخرى سيكون بداية لانفلات البلد الى وضع اسواء مما هو فيه اليوم فقرروا ان يكون الاستبدال هو من المنطقة التي لا يمكن المزايدة عليها والتي يعتبر الكل ان اقصائها او رفض تواجدها سيكون اعلان حرب على واحد من اهم مبادئ الحياة بالنسبة للقوى التنفذة, فقرروا جميعا عن اتفاق او عدمه, عن ادراك او بالسليقة وبالفطرة, عن تخطيط استراتيجي مطول او كخيار لا يوجد عنه بديل ان يستبدلوا هذه القوى اليوم بقوى من الجنوب. اليوم نرى قوى الحراك الجنوبي بجميع تياراتها تسعى ركضا وزحفا باتجاه العاصمة صنعاء لتعلن تاييدها ليس لمشروع الدولة التي كانت قبل الثورة ولا لمشروع الدولة التي يسعى البعض لايجادها كدولة توافق بل يسعون جميعا لتاييد الدولة الافتراضية الخارجة من صفحات مخرجات الحوار الوطني اليمني الدولة التي يفترض الكل منهم ومنا ايضا انها مشروع الاخ رئيس الجمهورية. الكل اليوم من القيادات الجنوبية سواء من كان مدفوع من ايمانه الكامل بان هذا هو المخرج الوحيد لبناء الدولة ومن تدفعه الحمية الى الدفاع عن الرئيس وعن مشروعه ومن تدفعهم الخبرة السياسية للايمان بالممكن المتوفر كل هؤلاء اليوم يتدافعون نحو العاصمة صنعاء ليعلنوا للاخ الرئيس اننا نحن جنودك ونحن رجال الدولة التي تريدها. انهم اليوم يعلنوا صراحة ان شكل الدولة القادمة هو الشكل الجنوبي المفترض الذي كان يجب ان يكون ولم يكن. وقريبا ستثبت لنا الايام ان التشكيل والتغيير للحكومة افرادا منهم او كحكومة كاملة سيتحمل الجنوب والحراك خاصة منه الجزء الاهم في هذا التغيير.