صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    مليشيا الحوثي توافق على عقد لقاء مباشر مع الحكومة الشرعية مقابل شرط واحد    الشيخ بن بريك: علماء الإسلام عند موت أحد من رؤوس الضلال يحمدون الله    أذكروا محاسن موتاكم.. فتشنا لمحاسن "زنداني" ولم نجدها    كيف علقت حركة ''حماس'' على رحيل الشيخ الزنداني    القبض على مقيم يمني في السعودية بسبب محادثة .. شاهد ما قاله عن ''محمد بن سلمان'' (فيديو)    لابورتا بعد بيان ناري: في هذه الحالة سنطلب إعادة الكلاسيكو    انقطاع الشريان الوحيد المؤدي إلى مدينة تعز بسبب السيول وتضرر عدد من السيارات (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    شبام يستعد توازنة أمام التعاون بالعقاد في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    قيادي حوثي يقتحم قاعة الأختبارات بإحدى الكليات بجامعة ذمار ويطرد الطلاب    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    ميلشيا الحوثي تشن حملة اعتقالات غير معلنة بصنعاء ومصادر تكشف السبب الصادم!    برئاسة القاضية سوسن الحوثي .. محاكمة صورية بصنعاء لقضية المبيدات السامة المتورط فيها اكثر من 25 متهم    دعاء مستجاب لكل شيء    الحوثيون يستجيبون لوساطة قبلية للسماح بإقامة مراسيم الدفن والعزاء للزنداني بصنعاء    في اليوم ال 199 لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.. 34151 شهيدًا ونحو 77084 جريحا    حزب الرشاد يعزي في وفاة الشيخ الزنداني عضو الهيئة العليا للإصلاح    - عاجل محكمة الاموال العامة برئاسة القاضية سوسن الحوثي تحاكم دغسان وعدد من التجار اليوم الثلاثاء بعد نشر الاوراق الاسبوع الماضي لاستدعاء المحكمة لهم عام2014ا وتجميدها    رئيس مجلس القيادة: برحيل الشيخ الزنداني خسرت الأمة مناضلاً جمهورياً كبيراً    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    الكشف عن علاقة الشيخ الراحل "عبدالمجيد الزنداني" مع الحوثيين    الزنداني كقائد جمهوري وفارس جماهيري    عودة الزحام لمنفذ الوديعة.. أزمة تتكرر مع كل موسم    رئاسة الجمهورية تنعي الشيخ عبدالمجيد الزنداني وتشيد بدوره في مقارعة النظام الإمامي    غضب المعلمين الجنوبيين.. انتفاضة مستمرة بحثا عن حقوق مشروعة    وزير الصحة يشارك في اجتماعات نشاط التقييم الذاتي لبرنامج التحصين بالقاهرة    ماني يتوج بجائزة الافضل في الجولة ال 28 من دوري روشن السعودي    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب تحتفل باليوم العربي للتوعية بآلام ومآسي ضحايا الأعمال الإرهابية    الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني يبعث برقية عزاء ومواساة الى اللواء احمد عبدالله تركي محافظ محافظة لحج بوفاة نجله مميز    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    تراجع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.. "كمل امكذب"!!    راتكليف يطلب من جماهير اليونايتد المزيد من الصبر    مجازر صباحية وسط قطاع غزة تخلف عشرات الشهداء والجرحى    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    انخفاض أسعار الذهب مع انحسار التوترات في الشرق الأوسط    ريال مدريد يقتنص فوزا ثمينا على برشلونة في "كلاسيكو مثير"    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    فاسكيز يقود ريال مدريد لحسم الكلاسيكو امام برشلونة    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    النقد الدولي: ارتفاع الطلب الأميركي يحفز النمو العالمي    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    الأهداف التعليمية والتربوية في قصص القاضي العمراني (1)    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكرى ال(42)لاغتياله : فيصل عبد اللطيف ألق ثورة أكتوبر وقائدها السياسي الفذ
نشر في عدن أون لاين يوم 21 - 04 - 2012


عدن اون لاين/ ملف أعده /أبوبكر الجبولي
منذ بدء تشكل لقوى الوطنية للإطاحة بالحكم الإمامي في شمال الوطن ،والإعداد لثورة 14أكتوبر ضد المستعمر البريطاني في الجنوب تألقت في سماء الوطن كوكبة متميزة من الوطنيين،حملت مشروع بناء الدولة المدنية الحديثة،وبسبب الرؤى الفكرية والسياسية المستنيرة لهذه الكوكبة لإنجاح المشروع الحضاري وتحقيق الطموحات الوطنية دفع أبرز رموزها حياتهم ثمنا لتلك التطلعات،ما يبين وحشية وشراسة القوى المناهضة لكل مشروع تحديثي، وتنوع أساليبها ووسائلها لإعاقة بناء الدولة المدنية ،دولة المؤسسات والنظام والقانون.هذه القوى التقليدية المعطلة للحداثة ما زالت تحكم قبضتها على الوطن، وتقاوم بناء دولته المدنية الحديثة،وتقوده في هذه اللحظات إلى التردي في مستنقع الفوضى وجحيم الخراب والفساد.
من يسترجع مشاهد الوطن شماله وجنوبه خلال الخمسة العقود المنصرمة يجد أنه خسر كوكبة نادرة من رموزه الوطنية وهو في أمس الحاجة إليهم ،ناهيكم عما جرته جرائم تصفيتهم من دماء ودمار ودورات عنف عبثت بشكل الخارطة السياسية والاجتماعية والأمنية للوطن،ومنهجت للقتل والتصفيات والاغتيالات، وتهم الخيانة والتآمر، وهي المفردات التي تجذرت كأسلحة قذرة بأيدي أطراف النزاع في الساحة الوطنية اليوم. والثورة المضادة
تلك القامات الفذة لم تسقط بأيدي حكم الإمامة الذي أطاحت به ثورة 26سبتمبر 62م،ولا برصاص المستعمر البريطاني المطرود في 30 نوفمبر 67م،وإنما التهمتهم عجلات دورات العنف وجولات الصراع العديدة شمالا وجنوبا بين إخوة الكفاح في الثورة.إما في الاقتتالات الدموية أو بالاغتيالات السرية. جولات العنف تلك أثخنت وما زالت جسد الوطن بالمآسي والجراح والتهمت أعظم رموزه.يأتي في مقدمة تلك الرموز فيصل عبد اللطيف الشعبي،محمد محمود الزبيري ، علي عبد المغني ،قحطان الشعبي ، محمد أحمد نعمان، عبد الفتاح إسماعيل، عبد الرقيب عبد الوهاب،علي عبد العليم، إبراهيم الحمدي، سالم ربيع علي، محمد صالح عولقي، سيف الضالعي ، علي عنتر، جار الله عمر، عبد العزيز عبد الولي، صالح بن حسينون ، محمد صالح مطيع، سعيد صالح سالم، صالح مصالح قاسم ،نور الدين قاسم ،علي شائع هادي، سلطان القرشي، عبد السلام مقبل، الصديق أحمد الجفة وغيرهم الكثير .
يظل الشهيد فيصل عبد اللطيف القائد السياسي الفذ لثورة 14أكتوبر الأبرز في هذه الكوكبة، لأسباب عدة أبرزها أهمية المشروع القومي الذي حمله إلى اليمن والجزيرة العربية عندما،أسس أول فرع لحركة القوميين العرب في اليمن والجزيرة العربية. أو لنبوغه وتعدد مجالات تألقه في ميادين الكفاح المسلح وقيادة العمل الفدائي والنضال السياسي والفكري، وإما لدوره المتميز في تحمل المهام الجسام رغم صغر سنه في قيادة الثورة وإرساء قواعد أول دولة مستقلة عرفها جنوب الوطن في تاريخه( جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية )أو في بشاعة جريمة اغتياله في الزنزانة،وما أسست له تلك الجريمة الغادرة من دورات عنف وتصفيات دموية بشعة نخرت كيان الجبهة القومية، وصدعت جسد الدولة،وامتدت أضرارها الفادحة لسنوات طويلة تعبث بخارطة الجنوب سياسيا واجتماعيا وثقافيا وأمنيا واقتصاديا.
كما قلت سابقا بأنه في ظل تاريخ كثيرا ما تعرّض للتزوير والتشويه والإهمال وندرة المراجع تعد الكتابة عن رموز وطنية فذة تركت بصمات خالدة تزين جبين الوطن في مختلف مراحل تاريخه ضرب من المغامرة غير مأمونة العواقب،لا سيما إذا كانت تلكم الرموز بحجم زعيم وطني فذ وقائد فدائي وسياسي للثورة مثل فيصل عبد اللطيف. غير أن حق الاجتهاد وإخلاص النية وصغر سن الكاتب يشفع له سهوه وتقصيره.
الوادي البائس في الصبيحة ينجب الأفذاذ
من يجهل التاريخ يصعب عليه أن يصدق أن وادي شعب،ذلكم الوادي البائس في أقصى شمال شرق بلدة الصبيحة
تدفق بكوكبة كبيرة من الزعماء والرواد والكفاءات ممن أثروا وما زالوا بعطاءاتهم شتى مناحي الحياة السياسية والثقافية والقانونية والاجتماعية.في مقدمة هذه الكوكبة الزعيمان الخالدان فيصل عبد اللطيف والشهيد الرئيس قحطان الشعبي،وإلى جانبهما نخبة من الرواد والكفاءات الوطنية أمثال د. ياسين سعيد نعمان،علي محمد سالم الشعبي،عبد القوي محمد رشاد، محمد عبد العليم علوان، سعيد عبدالله محمد، فضل علي عبدالله،عبد الحميد الشعبي ،سعيد راوح.الشيخ عزالدين ألسروري, وغيرهم الكثير
في الذكرى الثانية والأربعين لاستشهاده سنمر في هذا السفر المتواضع بمرافئ صغيرة جدا في حياة القائد السياسي الفذ لثورة 14اكتوبر الشهيد الخالد فيصل عبد اللطيف أبرز الأفذاذ الذين فاض بهم وادي شعب في أخصب وأندر طفراته، ليملأ ألقه سماء الوطن بكله.
في دار متواضعة تعرف ب (دار المشائخ ) في قرية شاغث بوادي شعب في أقصى شمال شرق الصبيحة رأى الزعيم الفذ فيصل عبد اللطيف الشعبي النور في يونيو 1936م.ومن عتبات تلك الدار التي ما تزال أطلالها باقية خطا أولى خطواته نحو آفاق الوطن اليمني بل والعربي.
والده الشيخ عبد اللطيف عبد القوي ناصر الشعبي أول النابغين الذين جاد بهم وادي شعب ،درس في الهند وتركيا وجاب أقطار عديدة،كان شيخا قبليا شهيرا ومثقفا وسياسيا كبيرا، حمل مشروعا جديدا لإعادة تشكيل الخارطة السياسية للجنوب العربي، بيد أن المشروع أجهض باغتيال الشيخ عبد اللطيف في مدينة الحوطة حاضرة السلطنة العبدلية في ظرف لا يزال غامضا حتى اليوم.
درس فيصل الابتدائية في جبل حديد بمستعمرة عدن،وفي المدرسة المحسنية بسلطنة العبادل أكمل الإعدادية،ثم سافر إلى القاهرة لدراسة الثانوية. تخرج بمؤهل بكلاريوس في التجارة والاقتصاد من إحدى جامعات القاهرة عام 62م،وفور تخرجه عاد إلى عدن ليعمل في سلطنة العبادل،ثم سكرتيرا لوزير التجارة في الحكومة الوطنية( حكومة الاتحاد الفدرالي للجنوب العربي ) التي تأسست في 11شباط 59م.
لم يلج فيصل عبداللطيف معترك السياسية ومناهضة الاستعمار مبكرا فحسب بل تألق فيه كقائد سياسي فذ.فقد انخرط مبكرا في حركة القوميين العرب عام 56م وهو طالبً في إحدى جامعات القاهرة وعمره لم يتجاوز 20عاما ،وفي عام60م أسس أول فرع لحركة القوميين العرب في اليمن والجزيرة العربية.
مثله مثل ابن عمه الزعيم الخالد قحطان الشعبي ورفاقهما بفرع حركة القوميين العرب ،آمن فيصل إن تحرير الجنوب من الاستعمار لن يتحقق إلا بالكفاح المسلح،بعد أن فشلت في تحريره كل وسائل القوى السياسية التي تمسكت بالخيار السلمي والمساومات، لذا بدأ قحطان وفيصل ورفاقهما بفرع حركة القوميين العرب وحركة التحرر الوطنية اليمنية يعدون للثورة المسلحة لتحرير الجنوب.
إذا كانت الثورات تفرضها ضرورة التحرر من نير الاستعمار أو اقتلاع الأنظمة الفاسدة والمستبدة ،وإذا كان العباقرة هم من يخطط للثورات والشجعان من ينفذها فإن قحطان الشعبي وفيصل عبد اللطيف لم يكونا العبقريان المخططان لثورة التحرير فحسب،بل كانا قائداها السياسيان الجسوران، وأبرز قادة الكفاح المسلح وأبطاله حتى رحيل المحتل، ومن ثم قيادة الدولة الوليدة .
لعب فيصل إلى جانب قحطان الشعبي الدور الرئيس في التحضير للكفاح المسلح والعمل الفدائي والسياسي لتحرير الجنوب.
إذ عقد بصنعاء في 24 فبراير 63م لقاء عام برئاسة قحطان الشعبي،حضره مئات الشخصيات من أبناء الجنوب من مختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم القبلية والاجتماعية والمناطقية،وبمشاركة حركة القوميين العرب وحزب الشعب الاشتراكي، تمخض عن تشكيل لجنة تحضيرية برئاسة قحطان أنيط بها وضع ميثاق لكيان وطني يقود الكفاح لتحرير الجنوب المحتل.تلاه في11أغسطس 63م اجتماع في تعز برئاسة قحطان الشعبي حضره رموز وزعامات قبلية واجتماعية ومستقلون وابرز قادة حركة القوميين العرب في مقدمتهم فيصل عبد اللطيف وعبد الفتاح إسماعيل وسيف الضالعي وآخرون ،صدر عنه بيان تأسيس الجبهة القومية لقيادة الكفاح المسلح والسياسي لتحرير جنوب اليمن باسم ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل) التي عدلت تسميتها فيما بعد إلى ((الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل) كفصيل ثوري ينتهج الكفاح المسلح لتحرير الجنوب. انتخب في الاجتماع قحطان الشعبي أمينا عاما للجبهة القومية، وفيصل عبداللطيف عضوا في القيادة العامة للجبهة.
في 14أكتوبر 63م خاض الوطنيون في ردفان أول معاركهم المسلحة ضد الاحتلال البريطاني استشهد فيها الشيخ راجح بن غالب لبوزة، أصدرت على إثره الجبهة القومية أول بياناتها بإعلان الثورة المسلحة ضد الاستعمار، واعتبار الشهيد راجح لبوزة أول شهدائها. قاد فيصل إلى جانب رفيق دربه قحطان الشعبي ونخبة من رفاقهما الكفاح المسلح بكل جدارة واقتدار،وتواصل اشتعال الكفاح المسلح في رفان وامتد إلى جبهات أخرى في الضالع ودثينة والشعيب .وفي أغسطس64م امتد الكفاح إلى الجبهة الرابعة وكان ميدانها هذه المرة مستعمرة عدن ذاتها، قلب أعتى قاعدة استعمارية في الشرق الأوسط ومركز إدارة سلطات الاحتلال البريطاني وحكومة الاتحاد الفدرالي الموالية لها.
شارك فيصل في المؤتمر الأول للجبهة القومية 22- 25 يونيو65م بمدينة تعز وأعيد انتخابه عضوا في القيادة العامة للجبهة،وهو المؤتمر الذي قرر تصعيد الكفاح المسلح ومده إلى المناطق التي لم يصلها.
لعب فيصل عبد اللطيف الدور الرئيس في التحضير للعمل الفدائي في عدن وتولى قيادة جبهتها وقطاعها الفدائي خلال السنوات الأولى للثورة وعندما كشفته أجهزة الاحتلال في 65م اضطر للاختفاء ،فتناوب على قيادة العمل الفدائي رفاقه عبد الفتاح إسماعيل ،نور الدين قاسم، سلطان احمد عمر، وعلي أحمد السلامي ،وحينما تعرض العمل الفدائي لضربة مؤلمة ،عاد فيصل إلى عدن متنكراً في أكتوبر 65م لقيادته.
فيصل والرؤى الفكرية والسياسية للثورة
لم يقتصر دور فيصل عبد اللطيف في تلك المرحلة على قيادة العمل الفدائي والقيادة الميدانية عسكريا وسياسيا لحرب التحرير مع رفاقه في الجبهة القومية بل تجلى نبوغه بوضع الرؤى النظرية والفكرية والسياسية لمسار نضال الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن، فرغم أدق انشغالاته بقيادة معارك الكفاح المسلح والعمل الفدائي والسياسي أصدر أربعة كتب (( الاتحاد الفدرالي المزيف)) و(( أضواء على الثورة في جنوب اليمن المحتل )) و(( مؤتمر لندن للخيانة )). وشارك مع رفاقه أعضاء اللجنة التنظيمية للجبهة القومية عبد الفتاح إسماعيل وخالد عبد العزيز وعلي عبد العليم بوضع كتاب (( كيف نفهم تجربة اليمن الجنوبية الشعبية )). في غضون أربع سنوات فقط وعمره لم يتجاوز30عاما، ودون أن يحمل مؤهلا أكاديميا سوى البكلاريوس. أنجز هذه الأدلة السياسية والنظرية للثورة،كرؤى فكرية حول قضية كبيرة وخطيرة بحجم تحرير وطن من براثن أعتى إمبراطورية استعمارية.
حينما جرى دمج الجبهة القومية مع منظمة التحرير, في 13يناير 66م في كيان واحد أطلق عليه (جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل) وفقا لرغبات المخابرات المصرية كان فيصل عبداللطيف وقحطان الشعبي ومحمد البيشي وعبد الفتاح إسماعيل وأحمد صالح الشاعر وعبدالله الخامري من أبرز قيادات الجبهة القومية التي رفضت مشروع الدمج .
كان فيصل يومها يقود العمل الفدائي في عدن، وفي اليوم الثامن للدمج كان عائدا إلى تعز ومعه محمد أحمد البيشي وعبد الفتاح إسماعيل وأحمد صالح الشاعر وعبدالله الخامري
وبينما وصل رفاقه إلى تعز احتجز جيش التحرير فيصل والبيشي في منطقة الحبيلين واقتادهما إلى مقر جهاز المخابرات المصرية بتعز،ثم نقلا إلى القاهرة ليظلا قرابة تسعة أشهر تحت الإقامة الجبرية بمعية قحطان الشعبي وآخرين من قادة الجبهة القومية الرافضين لمشروع الدمج، غير أن فيصل تمكن من الإفلات والسفر إلى بيروت ومنها عاد إلى اليمن .لم يدم دمج الجبهتين سوى بضعة أشهر،فقد رفضه غالبية المشاركين في المؤتمر الثاني للجبهة القومية المنعقد في 7حزيران 66م بمدينة جبلة،رغم غياب أبرز قادة الجبهة،وفي المؤتمر الثالث للجبهة القومية المنعقد برئاسة فيصل عبد اللطيف في قعطبة خلال 29نوفمبر 3 ديسمبر 66م اتخذت قرارات حاسما بالانسحاب من (جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل)، و في 12ديسمبر 66م أصدرت بيان الانسحاب رسميا .
عقب هزيمة العرب في5يونيو 67م أمام إسرائيل التي احتلت أراض عربية شاسعة في مصر وسوريا والأردن وفلسطين قرر فدائيو الجبهة القومية وثوارها المنضوين في الأمن والجيش أن يرسموا في الجنوب العربي شعاع نور يرد الاعتبار للأمة العربية ،فانتفض طلاب مدرسة الأمن بمساندة ضباط وجنود الأمن والجيش على قوات الاحتلال يوم 20 يونيو67م وخاضوا معارك شرسة بقيادة فيصل عبد اللطيف أسفرت عن الاستيلاء على مدينة كريتر طيلة 16 يوما ،وطرد القوات البريطانية منها ، إلا إن الجبهة القومية تعرضت خلال تلك الانتفاضة لخسارة فادحة حينما خسرت واحدا من ابرز أبطالها عبد النبي محمد صالح (مدرم )مسئول القطاع الفدائي في كريتر، الذي استشهد في اليوم الثالث للانتفاضة على أيدي مندسين من خصوم الجبهة القومية.
فيصل وسيمفونية عطروش برع يا استعمار
لم يكتف فيصل بما وضعه من رؤى نظرية للتعاطي مع قضية وطنه المحتل،بل آمن هذا الشاب القادم من ريف الصبيحة بأهمية سلاح الكلمة في خندق البندقية لمواجهة المستعمر ،وتوعية الشعب بقيم الحرية، فبحث عن الأغنية الثورية لتسخير فعلها في مخاطبة وجدان الجماهير التواقة للحرية,. بحث فيصل بمعية رفاقه في الكفاح قحطان الشعبي وعبدالله الخامري وسالم ربيع علي عن الأغنية الثورية المشعلة للحماس الثوري، وإذكاء وجدان الشعب وتحفيزه للثورة فكان عطروش بغية فيصل ورفاقه، يقول بلبل الثورة المبدع محمد محسن عطروش ((كنت ذات يوم أقوم ببروفات لبعض الأعمال الغنائية في منزلي بمحافظة أبين فإذا بطارق يقرع الباب، وحينما سئل عما يريد، قال إنه يريد رؤيتي لضرورة ملحة. فخرجت لأراه فإذا بي أمام رجل ملثم، وما إن رفع اللثام حتى كانت المفاجأة التي سررت لها, فلم يكن ذلك الرجل إلا الرئيس سالم ربيع علي رحمه الله.... يومها قال لي سالمين إن الإخوان ويقصد قحطان وفيصل وعبد الله الخامري قد أوكلوا إليك مهمة وطنية كبيرة، لثقتهم أن ليس هناك من هو أقدر منك على القيام بها. وحينما سألته عن طبيعة هذه المهمة، قال المهمة تتمثل في عمل أنشودة وطنية حماسية تكون شعاراً لمقاومة الاستعمار وتلهب صدور الجماهير وتحمسها لقيام الثورة. وفعلاً قدمت أنموذجين لأنشودتين وطنيتين للأخ فيصل عبد اللطيف، لكن فيصل قال إن بإمكانك يا محمد أن تقدم ما هو أفضل من هذين العملين وأكثر منهما تأثيراً، شارحاً لي بعض الأفكار التي يمكن أن تتضمنها الأنشودة، فكان أن عاودت الكتابة حتى وصلت إلى الصيغة النهائية ل (( برع يا استعمار))..... الثقافية العدد 270 ... 2 ديسمبر 2004م)
ويتذكر عطروش لحظات استكماله نشيد الثورة، وسفره إلى القاهرة،وعرضه على قادتها المناضلين فيصل والخامري وقحطان (( ثم قمت بتسجيلها بمدينة المنصورة في عدن ،وسافرت في 63م إلى القاهرة للدراسة،وحملت نسخة من هذه الأنشودة لأعرضها على الأخوين فيصل والخامري، واللذان بدورهما أخذاني للقاء الرئيس قحطان الشعبي في منزله لمعرفة ما إذا كانت الأغنية بالصورة المطلوبة أم أنها تتطلب تعديلات أو تنقيحات معينة .. ما أن رآني السيد قحطان حتى أخذني بالأحضان، وقال إنني كنت على يقين بأنك أنت وحدك من يستطيع أن يقوم بهذه المهمة. وفي اللقاء كان للأخ فيصل رأيا بأنه كان ينتظر ما هو أفضل، لكن قحطان رأى إن الأغنية مستوفية الشروط المطلوبة ويمكنها أن تؤدي الغرض .. نفس المصدر )).
ويتابع عطروش وصف تأثير النشيد الثوري الخالد (( وبعد النجاح الذي حققته هذه الأغنية قال لي المناضل فيصل، لقد نجحت في جعل الأغنية أبعد من شعار للجبهة القومية وفتحت الباب لكل مواطن لينظم إلى صفوف الثورة وهذا شيء نعتز به. المصدر ذاته).
أبرز صناع الاستقلال المجيد
في 4 سبتمبر 67م وبعد تساقط أغلب الإمارات والسلطنات أعلن الرئيس قحطان الشعبي أن الجبهة القومية ستفاوض بريطانيا إذا ما أعلن المندوب السامي في عدن اعتراف بريطانيا بالجبهة القومية ممثلا حقيقيا لشعب الجنوب. وفي 6نوفمبر67م أعلن الجيش العربي في القوات البريطانية ولائه للجبهة القومية،غادر عدن المندوب السامي ( همفري تريفلين ) إلى لندن لإجراء مشاورات مع المستر( براون) وزير خارجية بلاده،بشان عرض قحطان. وما لبثت بريطانيا أعلنت في 13 نوفمبر استعدادها للتفاوض حول استقلال الجنوب العربي مع الجبهة القومية كممثل وحيد لشعب الجنوب.
شكلت القيادة العامة للجبهة القومية وفد الجنوب العربي برئاسة أمينها العام قحطان الشعبي للسفر إلى جنيف للتفاوض مع بريطانيا بشأن الاستقلال، كان فيصل أبرز أعضاء الوفد إلى جانب رفاقه عبد الفتاح إسماعيل، سيف الضالعي ،خالد محمد عبد العزيز،محمد احمد البيشي ،العقيد/عبدالله صالح عولقي، عبدالله عقبة (مترجما) ، واحمد علي مسعد (سكرتيرا) إلى جانب هيئة استشارية في مختلف المجالات،ضمت المقدم/حسين المنهلي،محمد احمد عقبة،المقدم/محمد احمد السياري، د. محمد عمر الحبشي،ملكة عبداللاه احمد.ابوبكر سالم قطي، عادل خليفة.
بينما ترأس الوفد البريطاني اللورد شاكلتون الوزير بلا وزارة في الحكومة البريطانية،وأثناء المفاوضات لم يستطع اللورد شاكلتون إخفاء دهشته وإعجابه بحنكة الزعيمين القادمين من وادي شعب أشظف أرياف الصبيحة، عندما قال (إنني معجب بوفد الجبهة القومية ،وعلى وجه الخصوص بالسيدين قحطان الشعبي وفيصل عبد اللطيف).
بعد مفاوضات شاقة امتدت من 21 29 نوفمبر1967م وقع الجانبان الجنوب العربي والبريطاني يوم29نوفمبر على وثيقة استقلال الجنوب العربي .وفي اليوم ذاته عقد الوفدان مؤتمرا صحفيا مشتركا أعلنا خلاله إن يوم30نوفمبر1967م الموافق 28شعبان1387ه هو يوم استقلال الجنوب العربي وميلاد دولته المستقلة (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية).
أصدرت القيادة العامة للجبهة القومية صبيحة الاستقلال قرارا بتعيين أمينها العام قحطان محمد الشعبي رئيسا للجمهورية وقائدا أعلى للقوات المسلحة،وكلفته بتشكيل حكومة الدولة المستقلة،فتشكلت أول حكومة لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية من 12 وزيرا برئاسة قحطان الشعبي : تولى فيصل عبد اللطيف وزارة التجارة والاقتصاد والتخطيط في أول حكومة للجمهورية الوليدة،وفي 5 ابريل 1969م تولى رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية.
ولئن انفجر الاقتتال الأهلي قبيل الاستقلال بين شريكي الكفاح الجبهة القومية ومنظمة التحرير خلال 3-6توفمبر 67م، فان الوئام داخل المكون الواحد لم يدم سوى بضعة أشهر.هذه المرة كان الصراع بين رفاق الكفاح داخل الجبهة القومية ذاتها،حول ماهية الدولة، وأساليب إدارتها،وتحديد منهجها وسياستها الخارجية.
فقد انشقت الجبهة إلى جناحين،أحدهما يدعو إلى ضرورة تغيير جذري وسريع في الحكم،قاده عبد الفتاح إسماعيل ،سلطان احمد عمر ،عبدالله الاشطل،عبدالله الخامري،وسالمين، علي صالح عباد،ومحمد علي هيثم.
وآخر يدعو إلى تغيير تدريجي متريث على رأسه فيصل عبد اللطيف ،قحطان الشعبي،سيف الضالعي، احمد صالح الشاعر،وعلي عبد العليم.
بدت بوادر الاحتكاكات مكشوفة بين الجناحين منذ 30يناير 68م ثم تحولت إلى مصادمات مسلحة منذ المؤتمر الرابع للجبهة القومية بمدينة زنجبار مارس 68م ، وخلال الفترة بين20مارس و14مايو 68م غدت مصادمات دموية،لتبلغ ذروتها صبيحة 22يونيو 1969م بانقلاب دموي تصفوي نفذه من وصفوا ب (جناح اليسار المتطرف) في الجبهة القومية ضد مؤسسات الدولة وطليعة كفاح التحرير( الجبهة القومية)
صبيحة الانقلاب تنازل رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة أمين عام الجبهة القومية قحطان الشعبي عن السلطة طواعية ،رافضا استخدام القوة والسلطة التي بيده لإسالة قطرة دم من أجل (كرسي الحكم).الكرسي ذاته الذي سالت حوله فيما بعد وما زالت حتى يومنا هذا انهر من الدماء والمآسي والآلام.
صبيحة الانقلاب استقال فيصل من منصبه كرئيس للوزراء ووزير للخارجية وعاد إلى منزله, ولما سئل عن دواعي استقالته قال القائد السياسي للثورة مقولته الأخيرة (سلمناهم السلطة وسنتعاون معهم إذا ما احتاجوا لنا) .عرضت عليه المجموعة الانقلابية منصب عضو مجلس الرئاسة لشراء تأييده, لكنه رفض الانقلاب ورفض المنصب.
رغم استقالة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومعهم صفوة قيادات الجبهة القومية والدولة لم يخجل الانقلابيون من اعتقال قياداتهم وكوكبة من رفاقهم مسئولي الدولة وقادة الجبهة القومية وفدائيي الثورة وأبطالها.
اعتقل فيصل عبد اللطيف القائد السياسي وقائد القطاع الفدائي للثورة ،مؤسس الحركة القومية في اليمن والجزيرة العربية منذ صبيحة الانقلاب, وفرضت عليه الإقامة الجبرية في منزله بخور مكسر لعدة أسابيع، وبذريعة منع تهريبه طوق الانقلابيون منزله بوحدات من الجيش، قبل أن ينقلوه إلى كوخ خشبي بدار الرئاسة بجوار زنزانة رئيس الجمهورية قحطان الشعبي، ثم نقل الزعيمان معا إلى زنزانتين منفصلتين في معتقل الفتح بجوار زنازن كوكبة من قيادات الجبهة القومية ومناضلي حرب التحرير، ومنهم أخوه غير الشقيق عبد القوي محمد رشاد.
وفي ليلة الخميس 20أبريل 1970م أعلن الانقلابيون رسميا مقتل فيصل برواية ملفقة مثيرة للاستهجان والازدراء . اغتيل فيصل السياسي الشاب،ألق الثورة ونجمها الساطع في زنزانته بالفتح وعمره لم يتجاوز 34عاما، والأفظع إن مكان قبره لا يعرف حتى اليوم .
رجل دولة من طراز نادر
بحسرة وأسى يصف المناضل الرئيس علي ناصر محمد حنكة وتألق رفيق دربه في الكفاح فيصل عبد اللطيف ويعترف بأنه كان رجل دولة من طراز نادر ( كان فيصل أحد الأقطاب البارزين لحركة القوميين العرب ويعود الفضل إليه في تأسيس فرع الحركة في اليمن.. وكان أحد القياديين البارزين في الحركة القومية ويمتلك مواهب سياسية وقيادية فذة وهو رجل دولة من طراز نادر،ولكن الخلافات التي عصفت بقيادة الجبهة القومية لم تمهله طويلا للبقاء في الحكم والحياة للاستفادة من قدراته الكبيرة .. وقد ادخل السجن بعد خطوة 22 يونيو 69م واغتيل داخله، وكان ذلك خسارة كبيرة للثورة والوطن( ((الأيام)) العدد(567 )15 يناير 2000م ) وحينما سئل المناضل محمد سالم باسندوة رئيس حزب الشعب العربي الاشتراكي سابقا ورئيس مجلس الوزراء حاليا عن القادة الذين اشتهروا في العمل السياسي والكفاح المسلح، قال (( أود أن اشهد أن المرحوم فيصل عبد اللطيف الدينمو الحقيقي للجبهة القومية)).
شهادات للتاريخ
باغتيال فيصل خسر الوطن زعيماً وطنيا وسياسيا محنكا،ورمزاً من أنصع رموزه الفذة، بشهادة خصومه قبل مواليه. وباغتياله تغيرت الخارطة في جنوب الوطن سياسيا واجتماعيا وامنيا واقتصاديا ، وغدا القتل والسجن والاختطاف والإخفاء وتهم الخيانة والعمالة هي اليقين, وما عداها احتمال. ومع تفشي هذه المفردات تفشى الخطر والتشدد الأيديولوجي.
يقول سالم صالح محمد مساعد أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني سابقا (( ولكن الشيء الخطير الذي حصل فيما بعد كان مقتل القائد الفذ فيصل عبد اللطيف في السجن في ظروف مازالت غامضة حتى الآن ، واعتقد أن دمه هو الذي جر الدم في هذه التجربة. الخليج الإماراتية العدد 7552 ، 22 يناير2000م))
يتحدث الكاتب فريد صحبي عما جرته تلك الجريمة النكراء التي ارتكبت بحق أبرز زعماء ثورة الجنوب, وأعظم من أنجبهم الوطن، وما ترتب عليها من أضرار فادحة بالوطن وشعبه بالقول (( شكل اغتيال فيصل عبد اللطيف في سجنه بزنزانة الفتح بداية لظاهرة التصفيات الجسدية التي لم تتوقف وأضرت بمسار السلطة في الجنوب. مقتل فيصل عبد اللطيف لم يكن مجرد شيء خطير وحسب،ولا حتى انعطافا في مسار الثورة اليمنية في الجنوب،لا بل أن اغتيال فيصل عبد اللطيف شكل مقتلا للثورة اليمنية في الجنوب وطعنة غادرة لكفاح شعب.. يوم سال دم فيصل على أرض زنزانته انساب خيط من الدم تحت القضبان ليمر عبر الزنازن إلى خارج السجن, ويمتد إلى الشارع في عدن, ثم يمتد ويمتد إلى كل مكان. إلى أبين إلى شبوة إلى حضرموت, ويظل خيط الدم ينساب في ظلام ليل طويل لعلعت فيه رصاصات الغدر, لتخترق صدور زهرات شباب الوطن وخيرة رجال هذه الأمة, ومن لم يمت بالرصاص مات بالهوان...الايام)).
أما المناضل الوطني الشيخ عبد القوي محمد رشاد فيقول ( كانت عملية اغتيال فيصل عبد اللطيف بداية للمرحلة الدموية الطويلة التي بدأت بها عملية انقلاب 22 يونيو والتي جرت في تيارها الآلاف من الشهداء والضحايا وانتصرت فيها النزعة الدموية لبعض قيادات الانقلاب) (عبد القوي محمد رشاد ملاحظات على شهادات للتاريخ الأيام العدد 615 ،5ابريل 2000م).
إنها السياسة المتخلفة في العالم المتخلف التي يحتكم فيها رفاق السلاح للسلاح وأقبية المعتقلات وما هو أشد فظاعة، متوهمين بكل بلادة أنها الطريق الأسهل لحسم الخلافات السياسية والفكرية،ليس غباء بمنطق التاريخ، بل وبحتمية أن خيط الدم إذا تدفق من اجل الطيش والنزوة جر إلى أنهار دماء يصعب لجم تدفقها.
نقلا عن صحيفة (خليج عدن)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.