عدن اون لاين/خليج عدن/ جهاد محسن تصاعد عمليات "القاعدة" وتحول مساراتها إلى مستوى المواجهة المباشرة مع قوات الأمن والجيش، يؤكد بأن مسلحي "القاعدة" لم يعد يعتمدون في سياق هجماتهم المباغتة ضد القوات الحكومية، على قاعدة "الكر والفر" ولكنهم باتوا ينفذون عملياتهم بعيداً عن مواقع جبهات القتال، بأسلوب أكثر تنظيم وقسوة وضراوة، وبوسائل جعلتهم يظهرون كقوة موازية لمقدرات الأمن والجيش. وعملية استهداف جنود الأمن المركزي في نقطة "جعولة" السبت الماضي، والهجوم على منزل مدير الأمن المركزي في عدن، تأتي ضمن سياق تواصل أعمال "القاعدة" وتوسع دوائرها في نطاق محافظة عدن وضواحيها، وفي إطار مناطق ومحافظات عدة في اليمن. ولم تعد المواجهة المباشرة وحدها من يعتمد عليها مسلحي "القاعدة"، لكنهم أدخلوا ضمن تكتيكاتهم الهجومية سلاح خطير لا ضوابط له، والمتمثل بالعمليات الانتحارية المتصاعدة التي ينفذها شباب من منتسبيها لازالوا في مرحلة المراهقة. وبخلاف ما يزعمه أمراء "القاعدة" بأن أهدافهم الإستراتيجية تتركز على ضرب المصالح الأجنبية في اليمن، غير أننا نجد معظم عملياتهم تستهدف أنابيب النفط في مأرب وشبوة، ومولدات الكهرباء وأنابيب المياه، التي تضر وحدها مصالح المواطنين أنفسهم، والذي جعل من الواضح أن مسلحي "القاعدة" لا يقدّرون تنامي سخط الواقع الاجتماعي عليهم،، سيما عندما يبررون أعمال القتل والتنكيل للجنود والعساكر، والتكفير والانتقام لكل من يناوئ معتقداتهم تحت ستار الدين والإسلام.
العمليات الانتحارية ل "القاعدة" في عدن. منذ العملية الانتحارية الأولى التي نفذتها "القاعدة" باستهدافها المدمرة الأمريكية "كول" في شهر أكتوبر عام 2000م، خلال رسوها في ميناء عدن بالتواهي، وقتل فيها 17 ضابطاً من قوات (المارينز) الأمريكي، ظلت "القاعدة" من ذلك الحين أي ما يزيد عن أكثر من عشرة أعوام، تخوض معاركها بعيداً عن عدن، وفي حدود محافظات مأرب وشبوة والجوف. ومع بروز الأزمة السياسية التي رافقت الثورة الشعبية، مطلع فبراير العام الماضي، بدأت "القاعدة" بتوسيع دائرة عملياتها في محافظة عدن، وتنفيذ هجماتها الانتحارية ضد ضباط وجنود ومواقع وثكنات عسكرية، وبشكل أكثر خطورة بدأتها في منتصف شهر يونيو العام الماضي. وكانت العملية الانتحارية الأولى التي نفذتها "القاعدة" في 24 يونيو2011م، بواسطة سيارة "هايلوكس" مفخخة، استهدفت نقطة عسكرية في منطقة "كالتكتس" بمديرية المنصورة، يرابط فيها جنود ومدرعات من اللواء 31 مدرع، وقتل خلال العملية 3 جنود وجرح 10 آخرين. وفي منتصف شهر يوليو 2011م، نفذت "القاعدة" عملية انتحارية ثانية، مستهدفة رتلاً من الدبابات والعربات العسكرية أمام معسكر الدفاع الجوي في عدن، كان في طريقه إلى "وداي دوفس" عندما داهمتهم سيارة "هايلوكس" مفخخة، ارتطمت بإحدى الدبابات مخلفة 8 جنود قتلى بينهم ضابطاً برتبة "مقدم" وإصابة أكثر من 23 جندي آخر. وكشفت حينها مصادر رسمية، عن هوية منفذ العملية، الذي كان سعودي الجنسية، يدعى "تركي محمد قليص الشهراني" ويلقب "بالبتار" ويعمل خبير في صناعة المتفجرات، تمكن من دخول اليمن ضمن 10 مقاتلين سعوديين ينتمون "للقاعدة" استقروا في محافظة أبين وتلقوا تدريباتهم فيها. تلاها محاولة اغتيال وزير الدفاع اللواء "محمد ناصر أحمد" في منطقة القلوعة، عبر عملية انتحارية نفذها في أغسطس العام الماضي شاب في العشرينيات من عمره من أبناء مديرية الشيخ عثمان. وفي فجر الجمعة قبل الماضية 6 أبريل الجاري، قامت "القاعدة" بتنفيذ عملية انتحارية، عبر شابين في العشرينيات من عمرهما، كانا يستقلا "دراجة نارية مفخخة" انفجرت على بعد 100 أمتار من مبنى الأمن السياسي في مديرية المنصورة. وتمكنت الأجهزة الأمنية، من تحديد هوية منفذيها وهما، "فواز الصبيحي" متزوج ولديه طفلتين، ويعمل مهندس ولديه محل لبيع الهواتف المحمولة في عدن، والآخر يدعى "كمال محمد فارع الشمة" 22 عاماً، ويعمل بمكتبة شعبية لبيع الكتب والأشرطة، وكلاهما من أبناء مديرية المنصورة. وهي العملية التي أعلنت "القاعدة" عن مسؤوليتها في بيان صادر عنها اعترفت فيه، أن اثنين من عناصرها، قتلا بسبب خطأ في توقيت عبوة ناسفة كانا ينويان تفجيرها ضد هدف لم تشأ الإفصاح عنه في بيانها. أعمال القتل التي نفذتها "القاعدة" بحق ضباط وجنود الأمن والجيش في عدن. كانت عملية اقتحام مقر الأمن السياسي بمديرية التواهي، صباح 19 يونيو 2010م، أول عملية نوعية تنفذها "القاعدة" في عدن، وقتل فيها 11 شخصاً من موظفي المبنى، بينهم 7 جنود و3 نساء وطفلاً في العاشرة من عمره، بعد أن سبقتها عملية اغتيال العقيد "عبد الله الثريا" مدير الأمن السياسي في مديريتي المعلا والتواهي، في 9 مايو 2010م، عبر عبوة ناسفة وضعت في محيط حديقة "التواهي" بجوار مبنى الإذاعة. غير أن عملياتها باستهداف ضباط الجيش والأمن السياسي والعام، تصاعدت وتيرتها منذ منتصف عام 2011م الماضي، أثناء محاولة اغتيال اللواء "مهدي مقولة" قائد المنطقة العسكرية الجنوبية السابق، في منطقة العريش يوم 23 يونيو العام الماضي، وقتل فيها سائقه الشخصي، واستهداف طقم عسكري في 9 سبتمبر 2011م، في مديرية خور مكسر بعدن، أدى إلى مقتل جنديين وجرح عدد آخر من الجنود، بالإضافة إلى استهداف نقطة عسكرية تابعة للأمن المركزي في جولة العريش بخور مكسر، في 23 سبتمبر 2011م، وقتل خلالها جندياً وجرح جنديين آخرين. كما أن "القاعدة" نفذت سلسلة اغتيالات فردية لعدد من ضباط اللواء 31 مدرع، عبر عبوات ناسفة وضعت في مركباتهم، بينهم العقيد "مطيع السياني" مدير شؤون الإمداد في لواء 31 مدرع بمعسكر صلاح الدين، يوم 13 يونيو، والعقيد "خالد علي الخنبشي" قائد كتيبة في اللواء 31 مدرع، الذي قتل في 28 يونيو، والمقدم "علي أحمد عبدربه" مدير قسم الحماية في الأمن السياسي بعدن، في مديرية خور مكسر واغتيل أواخر شهر يونيو العام الماضي، والضابط "فارس قوزع" من اللواء 31 مدرع، واغتيل في الأول من أكتوبر 2011م، والعقيد طيار "أمين الشامي" من قاعدة "العند" الجوية، واغتيل في 11 أكتوبر 2011م. وهناك عدد من محاولات الاغتيال الفاشلة التي استهدفت كل من العقيد "عيضة" والضابط "فيصل عبدالواحد" مدير مكتب العميد "أحمد الرصاص" نائب قائد المنطقة الجنوبية العسكرية السابق في عدن، ومحاولة اغتيال المقدم "محمد الكلدي" والرائد "توفيق القطيبي" من أفراد اللواء 190 طيران، وآخرها الهجوميين الذين شنتهما على جنود الأمن في نقطة (جعولة) السبت الماضي، ومنزل "عبدالحافظ السقاف" مدير الأمن المركزي في منطقة العريش، وغيرهم من القيادات والضباط العسكريين والأمنيين في عدن ومحافظات يمنية أخرى، قالت "القاعدة" عنهم في بيانات مختلفة لها، بأن أسماءهم تأتي ضمن قائمة مطلوبين وضعتهم لضباط وطيارين يمنيين، شاركوا بأعمال قصف لمناطق يتواجد فيها عناصرها. قتل بريطاني وجندي أمريكي، ومواطنين يمنيين. لم تقتصر أهداف "القاعدة" في عدن، على استهداف قادة وجنود عسكريين يمنيين، ولكنها طالت أيضاً عدد من الأجانب والضباط الأوربيين، بالإضافة إلى مواطنين يمنيين يختلفون مع أيدلوجياتها العقائدية، عندما قامت بقتل وإحراق جثة الخبير الملاحي البريطاني "ديفيد جون موكيت" منتصف العام الماضي، وتركته يموت محترقاً داخل مركبته وسط الشارع العام في مديرية المعلا. إلى جانب اغتيال ضابطاً أمريكياً يعمل في مجال مكافحة الإرهاب أثناء تواجده في محافظة عدن، مطلع مارس الماضي، وأكدت "القاعدة" في بيان صادر عنها مسئوليتها عن تنفيذ العملية، رداً على ما وصفته في بيانها، تزايد التحركات الأمريكية في اليمن وقدوم المئات من الجنود الأمريكيين إلى عدن، لمساندة القوات الحكومية في معاركها ضد مسلحي "أنصار الشريعة" في محافظة أبين، وهي الحادثة التي اعترفت بها وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون". كما أن عناصر "القاعدة" قتلت مطلع الشهر الماضي، شابين يمنيين من قبيلة آل عشال في مديرية الشيخ عثمان، وهي القبيلة التي ساندت قوات الجيش بفك الحصار عن اللواء 25 مشاة الذي كان يحاصره مسلحي "أنصار الشريعة" في محافظة أبين. الهجمات التي استهدفت معسكرات ومصالح عامة في عدن. نفذت "القاعدة" عدد من الهجمات ضد مرافق ومعسكرات ومصالح عامة في عدن، حيث قام عناصرها بوضع عبوة ناسفة في 4 مارس الماضي، بالقرب من مطار عدن الدولي، سمع ذويها في أحياء بعيدة عن الموقع دون وقوع ضحايا. وقامت بتفجير أنبوباً نفطياً في عدن، في 10 مارس الماضي، وهو الأنبوب الذي يربط بين منشآت حكومية بعدة مناطق في المدينة ويزود البواخر بالوقود، وأحدث الانفجار أضراراً كبيرة في الأنبوب، إلى جانب تنفيذ هجوماً مسلحاً في 31 مارس الماضي، على مبنى القاعدة البحرية بمديرية التواهي، دون وقوع قتلى بين الطرفين. كما قامت باستهداف معسكر اللواء 39 مدرع (بدر) بخور مكسر، في هجوميين منقطعين، يومي 14 مارس و2 ابريل الجاري، عبر 3 قذائف "هاون" تم إطلاقها بالقرب من مكتب الخطوط الجوية اليمنية. مسلحوا "القاعدة" يؤكدون عزمهم بالزحف إلى عدن. وإزاء العمليات المتصاعدة والمخططات التي تنوي "القاعدة" على تنفيذها في عدن، أكدت بشأنها مصادر أمنية بأن "القاعدة" أصبحت تتواجد فعلياً في مناطق مختلفة في عدن، وأنها تعتزم تنفيذ عدد من العمليات الانتحارية ضد أهداف مدنية وعسكرية، على خلفية ما تناولته تسريبات استخباراتية تحدثت عن وجود 10 سيارات تابعة "للقاعدة" جرى تفخيخها وتجهيزها داخل المحافظة، بالإضافة إلى وجود عصابة مسلحة في عدن، تقوم بسرقة سيارات حكومية وخاصة، وبيعها لأعضاء "القاعدة" بهدف استخدامها في عمليات انتحارية، بعد تجهيزها في ورش خاصة لعناصر "القاعدة" وتزويدها بمعدات متفجرة، وبحسب المصادر نفسها، فإن عدد السيارات الحكومية والخاصة التي تم سرقتها في عدن حتى الآن بلغت 10 سيارات. وكانت مصادر أمنية أخرى، تحدثت عن حصولها على معلومات تؤكد دخول مسلحي "القاعدة" إلى عدن، وأنهم يسكنون في أحياء متفرقة من مديرية دار سعد ومنطقة البساتين، وأن لدى الأجهزة الأمنية قائمة بأسمائهم ومواقع تواجدهم. وهو ما يؤكده في ذات السياق أمراء "القاعدة" قولهم بأنهم أصبح لديهم خلايا متواجدة في محافظة عدن، التي تظل طموحهم الأكبر في فرض سيطرتهم عليه، وتحويلها إلى إمارة إسلامية كنموذج مماثل لما حدث في أبين، وأنهم باتوا يبعثون بإشارات في أوقات متباينة عن تواجد ما أسموهم بالمجاهدين في المدينة، عبر كتابة شعاراتهم ورفع راياتهم في شوارع ومناطق مختلفة من المحافظة، إيذاناً لما وصفوه بقرب البشرى النبوية (عن خروج 12 ألف مجاهد من عدنوأبين لتحرير القدس الشريف)، وهو ما جعلهم يستعدون عام 1998م، بإنشاء ما سمي "بجيش عدنأبين" الذي قاده أبو الحسن المحضار، وتم إعدامه في صنعاء بسبب قتله لثلاثة سياح أجانب. وفي سياق إعلان "القاعدة" وتأكيد رغبتها بالزحف نحو عدن، قام القائد الجديد للمنطقة العسكرية الجنوبية اللواء قطن، بإصدار أوامر وتوجيهات مشددة لكافة الألوية والوحدات العسكرية المرابطة في محافظتي عدن ولحج، بوضع حزاماً أمنياً على المدينة وتأمينها للحيلولة دون تسلل عناصر "القاعدة" إليها، وعقد بشأن ذلك سلسلة اجتماعات بين مسؤولين مدنيين وعسكريين في عدن، ناقشوا فيها الخطط الأمنية التي بدأ تطبيقها منذ ال 10 مارس الماضي، ووضع ترتيبات واستعدادات بين جميع المرافق والمؤسسات الحكومية والأمنية ومنظمات المجتمع المدني، للإسهام بإنجاح الخطة الأمنية وإفشال مخططات "القاعدة" الرامية نحو الزحف والسيطرة على عدن.