عدن اون لاين/ كتب/عبدالرقيب الهدياني شارع المعلا الرئيسي ما يزال مغلقا، والطريق إلى الحوار ليس سالكا بما يكفي، القاعدة ما تزال تسيطر على أجزاء في محافظات أبين وشبوة وأصوات المدافع والغارات الجوية تتعالى ، فهل الأرضية مواتية لخوض الحوار، الجيش مقسم ومجزئ فمن الذي سيحمي هذا الحوار.. أسئلة قد تبدو مطبات وحواجز لايمكن القفز عليها، لكن الإجابات تأتي بصورة معاكسة مفادها: لأجل كل هذا الذي سبق ،لابد من الحوار والبدء به لكي نتفق على فتح الشارع وحشد الطاقات لمواجهة الرافضين للاستقرار وصانعي العنف والدمار، لابد من إتمام الحوار لإنهاء انقسام الجيش وتوحيد قواه لتحقيق الحسم العسكري على الإرهاب. في الأيام القليلة الماضية أحرزت اللجان الشعبية في لودر تقدما سريعا على (أنصار الشريعة) وبلغ هذا التقدم مداه حين عانق رجال لودر قمة (جبل يسوف) الإستراتيجي ورفعوا علم النصر وأزاحوا الراية السوداء. وسياسيا شهدت مدينة عدن لقاءات وأنشطة نوعية ، فيما يشبه ذوبان جبل الثلج بمجملها أحدثت زلزالا كبيرا في وعي المراقبين للشأن الجنوبي، وتصريحات وتحركات لقيادات في الحراك الجنوبي، وعودة ناشطين من الخارج، وملامح ميلاد تكتلات جديدة. كيف سيطرت اللجان الشعبية على جبل (يسوف ) الإستراتيجي .. وكيف أزيحت راية القاعدة ورفع علم الجمهورية جبل يسوف يقع في الناحية الشرقية لمدينة لودر، ويطل على مناطق (أمعين- والمنياسة – ومفرق الوضيع) ويتحكم بالمناطق المحيطة وهو موقع استراتيجي استخدمته القاعدة في كل عملياتها السابقة ضد اللجان الشعبية والجيش واللواء (111). بتحرير جبل (يسوف) تكون القاعدة قد فقدت أهم موقع استراتيجي ، ويرى الكثير من المتابعين أن طرد أنصار الشريعة من الجبل هو بمثابة هزيمة حقيقة لها، ويفتح الطريق أمام هزائم لن تقف على حدود لودر. تمت العملية من ثلاثة اتجاهات، في وقت كانت القاعدة تعاني من إرهاق شديد جراء القصف، ونفاد الذخيرة –حسب مصدر بالقاعدة- فقام رجال اللجان الشعبية والجيش من بالتسلل إلى قمة الجبل المحصن وحيث لا يمكن للمواصلات بلوغه. دارت اشتباكات عنيفة على مشارف الجبل أدت قتلى وجرحى من الجانبين، لكن لجان وجيش الشعب انتصرا على أنصار الشر. وهو الأمر الذي أثار حنق أمير (ولاية أبين) ليطلق كلمته المشحونة بالغيض:( الجنوبيون صدعونا بالانفصال والآن يقفون في صف الدولة)، وهو إقرار دامغ أن الجنوب بكل فئاته لن يقبل نبتة القاعدة مهما كان خلافه أو موقفه من خصم القاعدة ممثلا بالدولة. كل الشواهد على الأرض تشير أن العد التنازلي لبعبع (أنصار الشريعة) قد بدأ، وأن الرئيس هادي ووزير دفاعه قررا أن يدشنا أول الانتصارات من مسقط الرأس، وهي أبين. الجنوب يتزحزح نحو حوار بلا شروط ظهر القيادي في الحراك الجنوبي محمد علي أحمد في فعالية إلى جوار السلطة المحلية بمحافظة عدن ووزير الدفاع لأجل فتح الطرقات والشوارع المغلقة في مناطق المحافظة، لا غرابة في الصورة طالما والهدف سامي وهو إزالة العوائق وخدمة الناس والتي تعتبر قاسما مشتركا بين الجميع مهما فرقتهم السياسة، لكن الذين اختلطت عليهم المفاهيم واختلت الموازين ، ضنوا أن لا شراكة بين المصلحة العامة والقضية التي يحملونها، فأصيبوا بصدمة، خصوصا وقد حوت الصورة شيخ الحراك ومفتيه (حسين بن شعيب) خطيب الجمعة في ساحة الحراك بالمعلا. محمد علي أحمد قالها بوضوح ودون لبس (من يقطعون الطريق هم أعداء الجنوب) داعيا كافة أبناء عدن إلى الوقوف وقفة جادة في الحفاظ على امن واستقرار محافظتهم. ربما محمد علي أحمد كان يشير ضمنيا إلى أن أي نشاط من فصيل أو جهة يقطع الطريق السياسي الموصل إلى حوار من خلاله يحقق الجنوبيون ما يمكن تحقيقه وفق ما تسمح به مجريات الأحداث والظرف الدولي، هم أعداء للجنوب ويريدون له أن يبقى في الوهم إلى ما لا نهاية بعد أن تجرع وعاش الفوضى خمس سنوات مضت كلها عجاف. وقد أظهر محمد علي أحمد في ظرف بسيط منذ وصوله عدن تصرفات قيادية منفتحة ( يحاور ويناور تاركا كل أبواب السياسة مفتوحة على الجهات الأربع) وفي السياسة تكون هناك خيارات متعددة، والسياسة فن الممكن، أما المواقف المحنطة واليابسة ، مثل الرد الجاهز الذي مللنا من سماعة عند كل استحقاق ( لا تعنينا) ، فإنها أبقتنا في سنوات قحط ولم تنبت عشبا ولا مرعى ، ووضعت أصحابها في زوايا ضيقة توجت بالطرد من المنصات (لا قيادة بعد اليوم). ومن المتغيرات المهمة في المشهد الجنوبي تداعي الكثير من أبرز قيادات الحراك والأحزاب إلى إشهار (الملتقى الجنوبي ) في فندق ميركيور مطلع الأسبوع الجاري، وظهر فيه قيادات من العيار الثقيل ( أمين صالح محمد – العميد علي السعدي- الدكتور عبدالحميد شكري- العميد محمد ناجي سعيد وآخرين )، ويكفي أن يكون هؤلاء مؤشر على مواقف جديدة تشكلت في هذا المستوى من قيادات الحراك تبحث عن صيغة ومخرج من هذه النفق الذي طال واستطال ولم يجد له الجنوبيون منتهى. الصحفي المعروف لطفي شطارة الذي عاد إلى عدن مؤخرا بعد ثلث قرن قضاها في الشتات ليكون في استقباله في مطار عدن الدولي البرلماني والقيادي الإصلاحي أنصاف مايو، هذه بحد ذاتها مؤشر جديد على تغييرات جوهرية وعميقة في المشهد الجنوبي، وأنباء عن عودة قيادات في الطريق، وتصريحات ومواقف لقيادات الداخل والخارج لا مجال لحصرها هنا ، جميعها تكشف هذه التغييرات ، والأيام القليلة القادمة حبلى بالمفاجئات من العيار الثقيل.. تابعوا المشهد... نقلا عن صحيفة (خليج عدن) الصادرة اليوم الخميس