سوريا جديدة بل أسوأ.. هكذا وصف المراقبون سيناريوهات الأوضاع اليمنية، بعد استقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وحكومته، مؤكدين أن اليمن ذاهبة إلى حرب أهلية طاحنة، ستضع مستقبل البلاد في مأزق حقيقي. ولم يكن تصرف الرئيس اليمني على قدر طموحات دول الخليج، والتي تعتبر اليمن عمقًا استراتيجيًا لها، إلا أن الساحة السياسية هناك أصبحت مناسبة، بحسب المراقبون، للحوثيين ومن وراءها إيران. وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أعلن استقالته من منصب رئيس الجمهورية، بعد لحظات من تقديم حكومته برئاسة خالد بحاح باستقالتها هي الأخرى. سوريا جديدة بدوره، قال محمد محسن أبو النور، المحلل السياسي والباحث المتخصص في العلاقات الدولية، إن استقالة الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، جاءت بعد إجبار من جماعة أنصار الله (الحوثيين)، تحت ضغط السلاح. وأضاف المحلل السياسي، ل "مصر العربية"، أن هادي اشترى حياته بقرار الاستقالة ويرجع ذلك إلى عدم وجود عقيدة سياسية لدى الرئيس هادي، بالإضافة إلى عدم وجود ظهير شعبي قوي يسانده، خاصة أنه جاء من خلفية مشهد نظام على عبد الله صالح الرئيس اليمني المخلوع. وعن موقف دول الخليج، قال أبو النور: "بالتأكيد دول الخليج قررت التفكير في التدخل مؤخرًا، بعد أن ضاعت اليمن من منطقة نفوذهم الحيوية، وأعتقد أن المملكة العربية السعودية هي الخاسر الأكبر من هذا التغير الدرامي للسلطة في صنعاء". وتابع: "منذ اليوم فصاعدًا ستكون اليمن عبارة عن فناء خلفي لطهران تمارس منه التوسع الاستراتيجي في المنطقة بعد السيطرة على الدولة المتحكمة في مضيف باب المندب، وبالتأكيد أصبح اليمن الآن بمثابة سوريا جديدة، بالنسبة لخريطة العلاقات الإقليمية في المنطقة. حرب طائفية من جانبه، قال الدكتور يسري العزباوي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن اليمن الآن أصبحت دولة بلا رئيس، بلا نظام، وباتت كل الأمور مهيأة تماما لجماعة أنصار الله (الحوثي)، في ظل عدم وجود مؤسسة عسكرية قوية، أو مؤسسات أخرى تستطيع الحفاظ على وحدة اليمن. وأضاف الخبير السياسي، ل"مصر العربية"، أن الوضع يسير إلى كارثة، أسوأ من الوضع السوري، فكل قبيلة عليها الآن أن تحمي نفسها، مشيرا إلى دخول اليمن إلى حرب أهلية ستقضى على الأخضر واليابس. وعن إمكانية التدخل الدولي في اليمن، قال إن التدخل الدولي غير واضح المعالم، فالدولة الآن لا يوجد بها نظام يمكن التفاوض معه أو السعي لإسقاطه، متوقعا الاعتراف الدولي بجماعة الحوثي كفصيل مسيطر على اليمن. وأشار الخبير السياسي إلى أن أمريكا لن تحاول التدخل ضد الجماعة الحوثية، مؤكدا أن قامت بتهيئة الأوضاع في المنطقة لصالح إيران، من أجل مصالحها معها. استقالة هادي والحكومة وتقدم الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، باستقالته، مساء اليوم الخميس. وقبل ذلك بدقائق، قدمت الحكومة اليمنية، استقالتها إلى الرئيس هادي، والشعب اليمني، وأوضحت الحكومة، التي كان يرأسها خالد محفوظ بحاح، أن الاستقالة جاءت بسبب "تدخلات جماعة الحوثي (أنصار الله) في سلطاتها وعدم التزامها بالاتفاقات الموقعة، وعدم الانسحاب من المقار الرئاسية التي قامت باحتلالها خلال اليومين الماضيين". بدورها، قالت وزيرة الإعلام في الحكومة المستقيلة، نادية السقاف، على صفحتها بموقع "تويتر"، إن "شرعية البرلمان الحالي من شرعية المبادرة الخليجية التي مددت له وباستقالة الرئيس لم تعد فاعلة المبادرة، وبالتالي البرلمان يحل". وخلال يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين دارت اشتباكات شرسة متقطعة بين قوات الحرس الرئاسي ومسلحين حوثيين في عدة مواقع بالعاصمة، بينها محيط منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي، انتهت بسيطرة الحوثيين على قصر الرئاسة. وأدان كل من مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدةالأمريكية تلك التحركات الحوثية المسلحة، مؤكدة شرعية الرئيس هادي. وأعلنت الرئاسة اليمنية، في بيان مساء أمس، عن التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة، يتضمن استجابة عدد من الشروط كان أعلنها مساء أمس الأول، زعيم جماعة "أنصار الله"، عبد الملك الحوثي. ومنذ ثلاثة أيام، يقيم الرئيس هادي تحت الإقامة الجبرية التي فرضتها جماعة الحوثي، وقامت باحتلال مقار رئاسية، منها منزله الشخصي الكائن في شارع الستين بالعاصمة صنعاء. وإثر ثورة شعبية اندلعت عام 2011 مطالبة بإنهاء حكم الرئيس آنذاك، علي عبد الله صالح، قادت مبادرة خليجية إلى تسليم صالح في العام التالي السلطة إلى نائبه الرئيس الحالي، عبد ربه منصور هادي، مقابل حصول صالح على حصانة من الملاحقة القضائية.