بجفنين منتفخين ومتلونين باللون الأحمر، وبالجرح الغائر الذي يمتد بينهما، يشهد وجه الطفل "فاير الألفي" البالغ من العمر أربع سنوات على الأضرار التي سببها الانفجار الذي قذف بجزء معدني في مقلة عينه اليمنى. كان فايز مسافراً في سيارة مع أسرته عبر خورمكسر، وهي منطقة سكنية في عدن، بعد زيارة عمه. وبالقرب من مركز الشرطة، فجر أحد إطارات السيارة لغماً أرضياً مدفوناً في الرمال. نجت أم فايز وشقيقته من الانفجار الذي مزق السيارة، لكن والده توفي بعد يوم واحد متأثراً بجراحه. ولم يخبر أحد عائلة فايز ما إذا كان الطفل سيُصاب بالعمى الدائم بسبب جراحه، في الوقت الذي لا يملك فيه المستشفى الموارد اللازمة لإزالة الشظايا. ومع انسحاب المقاتلين الحوثيين، جنباً إلى جنب مع الوحدات العسكرية المنشقة الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، تم اتهامهم بترك سلسلة قاتلة من الألغام والعبوات الناسفة والشراك الخداعية. وجمع موظفو مركز برنامج مكافحة الألغام في عدن، وهو واحد فقط من أربعة مرافق لتخزين الألغام المكتشفة في ثلاث محافظات، هي عدن وأبين ولحج - 1,170 لغماً خلال الفترة من 13 يوليو (حزيران) إلى 10 أغسطس (آب)، وكشفوا ما يقرب من 120 لغماً في يوم واحد في إحدى الضواحي الغربية بالمدينة. وفقا لموقع "عدن الغد".
ونظراً لعدد العبوات التي تم اكتشافها حتى الآن، يُقدر المشاركون في إزالتها أن هناك حوالي 150,000 لغم مزروع في هذه المحافظات الثلاث وحدها. وبالمعدل الحالي، وبالنظر إلى قدرة فرق إزالة الألغام المتضائلة وسوء التجهيز ونقص التمويل، ستستغرق إزالة كافة العبوات الناسفة والألغام ما بين خمس وثماني سنوات. ومنذ أن بدأ مسؤولو الصحة الإحصاء في منتصف يوليو، لقي 98 شخصاً مصرعهم وأُصيب 332 آخرين في عدن وأبين ولحج بسبب الألغام. مهمة صعبة ويقول اسكندر يوسف، الذي شارك في إزالة الألغام في جنوباليمن لأكثر من 25 عاماً، إن المهمة الحالية التي تواجه المركز أصعب بكثير من أي شيء تصدى له من قبل. "في عام 1994، تم رسم خرائط لحقول الألغام القديمة من قبل الجيش حتى نعرف أماكن جميع الألغام. ولكنها الآن منتشرة في كل مكان، في المناطق السكنية، وبين المنازل، وعلى الطرق. نحن لا نعرف أماكنها"، في إشارة الى الحرب الأهلية الأخيرة بين شمال اليمنوجنوبه في تسعينيات القرن الماضي. من جانبه، يرسم مدير عام مركز التدريب على إزالة الألغام في المدينة، العقيد صلاح عبد الله عمر، صورة قاتمة للناجين من انفجارات الألغام.
صناعة روسية وتجدر الإشارة إلى أن معظم الألغام التي تم العثور عليها حتى الآن سوفيتية الصنع، والباقي محلي الصنع من نفس التصميم الذي استخدمه تنظيم القاعدة هنا في عام 2012. ولقي بعض سكان عدن مصرعهم أيضاً جراء الشراك الخداعية المزروعة في منازلهم وسياراتهم، وهي غالباً ما تأخذ شكل قنابل يدوية مجهزة بحيث يتم نزع مسامير الأمان عند فتح الباب.