لم تكن منطقة عاهم و ما جاورها من القرى التي دخلها الحوثيون فجأة، تحمل دلالات توحي بأنها تقع على الحدود الأمريكية أو الإسرائيلية،حتى يبرر الحوثيون لأنفسهم زراعة آلاف الألغام في المنازل والسهول والجبال، ليحتاطوا من خطر الجيش الأمريكي الداهم، والمتجه إلى منطقة أبو دوار لاقتحام هضبة بني عليها منزل يوسف المداني. لكن المواطنون ومنذ قديم الزمن، يطلقون عليها منطقة «عاهم» التابعة لمديرية كشر، إحدى مديريات قبائل حجور اليمنية، التي قدر لها أن تواجه المجاميع المسلحة، ممن تم استقدامهم من محافظة صعدة. الأهالي يؤكدون أن الطرق وحتى منازل المواطنين التي هجروها نزوحاً من الحرب مزروعة بألغام فردية وعبوات ناسفة.. وتجرى حالياً مساعٍ حثيثة من قبل لجنة الصلح بين قبائل حجة والحوثيين لإزالة الألغام من المنطقة على طريق استتباب الأمن فيها وتأمين رجوع النازحين من أبناء كشر إلى قراهم. عاهم..الشعور بالموت الموت هذه الأيام في «عاهم «لكل شيء يدب ويتحرك، الحيوانات، المواشي، وربما يراد لعاهم أن تصبح منطقة مهجورة من خلال زراعة ثلاثة آلاف لغم محلية الصنع تحتوي على كميات هائلة من المتفجرات التي لا تبقي على شيء ولا تجيد إلا ثقافة صناعة الموت وتنتهج الدمار الشامل – كما صرح بذلك ناطق قبائل حجور. فمنذ أن وضعت الحرب أزارها ودخل القبائل والحوثيون في هدنة وهدوء وبدأت المناطق والقرى المجاورة لعاهم تهدأ من آثارهم البغيضة التي تعكس مستوى الحقد الأسود والمتمثل في الإفراط الكبير في زراعة تلك الألغام لا تزال تؤدي دورها المشئوم يوما بعد يوم ولن يسلم من لظى نارها أحد، مما ينبئ بتصاعد هذه الكارثة الإنسانية إذا لم يتم تدارك الأمر. في عاهم وحدها تشعر بالموت يهاجمك من كل اتجاه، الموت بين الأشجار وتحت أكوام التراب لا يفصلك عنه إلا أن تتحرك خطوة للأمام أو أخرى للخلف عندها تصبح أشلاء ممزقة أو جريحا تعاني من إعاقة جسدية. السعيد في هذا المكان من يكتب له حظ العثور على لغم ليتمكن من إبطال مفعوله ويجنب أسرته ومنزله الموت حتى وإن رأى إخوانه وأقاربه مجندلون على الأرض من آثار لغم آخر وما أكثرها. مجازر الألغام في كشر: تسببت الألغام منذ بداية الهدوء والهدنة بين القبائل والحوثيين في أول مارس في كشر بمقتل العشرات وجرح العشرات أيضا وتكاد تقول ان انفجارات الألغام تحدث في كل يوم كبديل للحرب التي كانت في البداية. حيث كان أول شهيد تلك الألغام بتاريخ 25 فبراير والذي أدى إلى مصرع «محمد يحي غضبان» ، وفي تاريخ 2مارس أدى انفجار سلسلة من الألغام إلى استشهاد خمسة أشخاص من أبناء المنقطة هم «هائل جبهان، واحمد واقد، ومحمد واقد، احمد المقري، محمد اليزيدي « عن طريق انفجار لغم قام الحوثيون بوضعه تحت إحدى جثث المواطنين كان قد قتل أثناء المواجهات عندما أتى القتلى الخمسة لسحب الجثة، في تبة صغيرة تقع أمام المركز الأمني في عاهم. وفي تاريخ 13مارس أدى انفجار لغم إلى مصرع «إسماعيل قرسوس»، وفي 14 مارس أدّى انفجار لغم في منطقة عاهم بمحافظة حجة إلى مقتل شخص وإصابة آخر بجروح. وفي تاريخ 20مارس أدى انفجار لغم إلى بتر رجل «عائشة الجعفري» 8سنوات بالكامل أثناء حنينها إلى منزلها بعد ذهابها إليه خلسة من أهلها أدى إلى تناثر جسدها أشلاء. وفي 22مارس أدى انفجار لغمين إلى مقتل أكثر من خمسة عشر شخصا وجرح ما يقرب من خمسة وعشرين آخرين خلال أقل من أسبوع، كما أدى انفجار لغم بمنطقة "المشبة "إلى مقتل اثنين من أبناء المنطقة.. وقُتِل في تلك المجزرة 13 شخصا وأصيب 16 في جريمة بشعة حين انفجر لغم زرعه الحوثيون أمام منزل محمد يحيى الدعيشي، أحد أبناء منطقة عاهم. حيث بدأت المأساة بتطاير أشلاء "الدعيشي"، الذى كان عائدا لمنزله بعد نزوح من فيه بسبب الحرب، من شدة الانفجار، كون اللغم ربط بسلسلة من الألغام من الأنواع كبيرة الحجم المصنوعة محليا، والتي كشف تقرير عسكري أمريكي حديثا أن المتفجرات التي تُصنَع منها تأتيهم من إيران. وأثناء محاولة عدد من المواطنين الذهاب إلى موقع الانفجار انفجرت سلسلة ألغام قُتِل بسببها 12 شخصا آخرهم توفي مساء الأحد الماضي، كما جُرِح أكثر من 16 بإصابات متفاوتة، حسب مصدر محلي الطفل أسامة علي محسن الشهري – 18 عاما – أصيب في تاريخ 24مارس الحالي بانفجار لغم أثناء مروره بجوار المركز الأمني الذي شهد خلال الفترة الماضية أعنف المواجهات بين القبائل والحوثيين. وفي تاريخ 26مارس استشهد المواطن محمد عبدالله ناصر المطري أثناء نزعه ل5 من الألغام بجوار المركز الأمني لينفجر اللغم السادس في جسده فيرديه أشلاء.
القبائل..تحمل الحوثي المسئولية الكاملة: بدورها حمّلت قبائل حجور الحوثيين مسؤولية ما يجري من قتل وإصابات للمواطنين رغم توقف المواجهات المسلحة معهم، وقالت قبائل حجة، في بيان لها، إن الحوثيين أوهموا الناس بأنهم أزالوا الألغام من القرى والمنطقة، مما أدى إلى حدوث المجزرة من قتلى وجرحى. وطالبت القبائل حكومة الوفاق الوطني بتشكيل فريق فني لإزالة الألغام وتأمين النازحين أثناء عودتهم إلى قراهم، وأن تتحمل الحكومة مسؤوليتها إزاء حماية المواطنين من مستقبل مخيف ينتظرهم. حيث يؤكد الشيخ يحيى السعيدي أنه بالإضافة إلى الماسي التي يتعرض لها النازحون من جوع وفقر وحرمان، وتشريدهم من مناطقهم بدون أي حجة أو سبب، يضاف إلى ذلك تفخيخ منازلهم وطرقاتهم وآبارهم والسهول والوديان بالألغام التي أصبح بمثابة شبح للموت يترصد النساء والأطفال والشيوخ في مناطق وقرى عاهم. وأشار السعيدي بمجرد إلى أن النازحين ظنوا وبعض الظن موت، أن هدوء الحرب يعني أن الحرب انتهت فبدئوا يفكرون في الرجوع إلى منازلهم إلا أن شبح تلك الألغام التي زرعها الحوثيون وما تفننت به صناعة أيديهم والتي تنبؤ عن حقدهم الدفين على أبناء المنطقة كان بانتظار الآلاف من النازحين، هذه الألغام المدمرة والمزروعة في كل شبر من عاهم والتي زرعت بكميات كبيرة حيث قدرت بثلاثة آلاف لغم باعتراف الحوثيين أنفسهم قاموا بزراعتها لقتل الأمريكيين والإسرائيليين وأضاف السعيدي « تلك الألغام التي زرعت قتلت من أبناء كشر إلى الآن 24شخص من أبناء عاهم وجرحت 35اخرين وما زالت تقتل مواطني كشر إلى يومنا هذا وبدم بارد دون أن تتحرك الدولة أو الجهات المختصة لإدانة مثل هذه الجرائم البشعة وكأننا لسنا يمنيين «مضيفا نحن اليوم بقدر ما ندين تلك الجرائم البشعة التي يمارسها الحوثيون ندين ونشجب ونستنكر صمت مجلس النواب ووزارة الداخلية، وندين ونستنكر صمت الرئيس والحكومة بشكل عام ونحملهم المسؤولية التاريخية إزاء الجرائم التي تقتل أبناء حجور كل يوم. ويقول «السعيدي « نحن لا زلنا ملتزمين بالتهدئة والهدنة وتنفيذ بنود الصلح برغم ما يحدث من قتل لأبناء حجور في كل يوم « مؤكدا أن ما يحدث من مجازر يومية بانفجار تلك الألغام يؤكد للجميع أن الحوثيين لا توجد لديهم نية حقيقية في إنهاء الحرب أو الخروج من المنطقة أبدا. ناطق قبائل حجور «الشيخ زيد عرجاش» أكد أن زراعة الألغام كانت بطريقة مقصودة للقضاء على أبناء عاهم، خاصة أنها زرعت في المنازل ودورات المياه والطرق والمتاجر والأسواق وغيرها، مؤكدا بأن مجلس النواب يتحمل المسؤولية الكاملة كونه لم يعر تلك المجازر أدنى اهتمام ولم يدنها أو يستنكرها أو يدخلها في جدول أعماله خاصة أنها جرائم ضد الإنسانية مطالبا إياه بتحديد موقف واضح من تلك الجرائم البشعة. وناشد عرجاش المنظمات الدولية بسرعة التدخل لإنقاذ حياة المواطنين في كشر وتشكيل لجان ميدانية لنزع ألغام الموات محذرا من تجاهل الدولة لهذه الألغام التي باتت تحصد المواطنين كل يوم بعد مطالبتهم لمجلس النواب ووزارة حقوق الإنسان والداخلية بتشكيل خبراء والنزول إلى المنقطة لنزع لتلك الألغام إلا أن الجهات الرسمية لا زالت تصم أذانها فلم تحرك ساكنا حتى اللحظة. لجنة الوساطة.. انفجار الألغام لا يبشر بالاستقرار: من جهته أدان عضو لجنة الوساطة بين القبائل والحوثيين باسم الوساطة ما حدث من تلك الجرائم البشعة بحق أهالي المنطقة والتي يروح ضحيتها المواطنين كل يوم وأخرها استشهاد ما يربوا من 12شخص وجرح20أخرين، معتبرا ما حدث لا يصب في عودة الأمور إلى وضعها الطبيعي ولا يمكن ان يستقر الوضع وتلك الألغام تقتل المواطنين من أبناء كشر كل يوم. وأكد دعقين «للصحوة» انه تم التواصل مع الحوثيين بشان زراعة تلك الألغام إلا أنهم أكدوا له أنه تم زراعتها قبل الهدنة والصلح وليس بعد الصلح، مشيرا بأنه طالبهم بسرعة الكشف عن تلك الألغام بأسرع وقت ليعود الموطنين النازحين إلى قراهم، محملا إياهم قتل المزيد من أبناء المنطقة، داعيا إياهم أن يساهموا في عودة الاستقرار والهدوء إلى المنطقة. وأشار دعقين إلى انه تواصل مع القبائل بخصوص ما يحدث من انفجار للألغام المزروعة لمعرفة ردة فعلهم من تلك المجزرة إلا أنهم أكدوا له-حسب قوله - التزامهم بالهدنة والصلح والهدوء، مؤكدا مطالبة القبائل بسرعة الكشف عن مخطط تلك الألغام المزروعة ليتسنى للنازحين العودة. و أكد عضو اللجنة « دعقين «أن أعمال إزالة الألغام من المنطقة كان قد تم تكليف اثنين من طرفي النزاع بذلك بعد الاتفاق مع القبائل والحوثيين إلا أن ذلك لم يحدث إلى الآن. وأكد دعقين أن اللجنة قد استطاعت تأمين الطريق الرئيسة في عاهم وما جاورها من المناطق من خلال إزالة النقاط المسلّحة فيها، كما أن اللجنة تواصل أعمالها المتعلقة بإزالة النقاط على طريق مستبأ وصولاً إلى تنفيذ بنود الاتفاق السابق وإعادة الوضع إلى ما كانت عليه المنطقة سابقاً، مؤكداً في الوقت ذاته أن اللجنة لاقت تجاوباً إيجابياً من الجميع حتى الآن
وهبان: زراعة الألغام حرب بطريقة جديدة: الشيخ عبد الله وهبان عضو لجنة الوساطة بين القبائل والحوثيين أكد بأن أعمال اللجنة متواصلة لتنفيذ الاتفاق بين الطرفين، مؤكداً وقوف الاشتباكات المسلحة بين الطرفين، ولم يتبقَ سوى وجود خطر الألغام المزروعة في المنطقة بصورة عشوائية من قبل الحوثيين، مشيرا بأن اللجنة قد كلفتهم اللجنة منذ أسبوع للعمل على إزالتها كونهم من قام بزرعها, داعياً إياهم إلى سرعة تنفيذ ذلك إنقاذاً لحياة المواطنين الأبرياء. وأبدى "وهبان" أسفه لانفجار الألغام وزراعتها من حيث المبدأ كونها تعد حسب قوله حرباً بطريقة جديدة وأعمالاً بشعة يجب أن تتوقف بأي وسيلة كانت ولجنة الصلح تعمل قصارى جهدها للوصول إلى ذلك ما أمكن وتأمين المنطقة لتعود الحياة إلى طبيعتها.. وفي ظل ما يحدث من مجازر يومية في عاهم هل يا ترى تتحرك الدولة وتقوم بواجباتها الوطنية إزاء أبناء حجور بحجة، خاصة وأنهم ينتظرون موقفا وطنيا ودينيا يوقف نزيف الدم والمعاناة...إنا المنتظرون !!!