قائمة منتخب الجزائر لبطولة امم افريقيا 2025    بعد انهيار شماعة «الشرعية»..الرياض وأبو ظبي في ورطة    الكالتشيو: الانتر يقفز للصدارة بعد تخطيه جنوى بثنائية    عدن.. محطة حاويات المعلا تعود للخدمة مجدداً بعد توقف لسنوات    في مناورة لخريجي دفعة الشهيد الغماري بمحافظة حجة.. المشاركون يجسّدون مهارات الدقة في إصابة الأهداف الافتراضية للعدو بمختلف الأسلحة    ظل الأسئلة    أسياد النصر: الأبطال الذين سبقوا الانتصار وتواروا في الظل    الرئيس المشاط يعزي في وفاة أحد اهم الشخصيات بمحافظة الحديدة    السامعي يوجه بإقامة نصب تذكاري لشهداء العاشر من سبتمبر    القيادة المحلية لانتقالي لحج تعقد اجتماعها الفصلي الثالث وتدعو الرئيس الزبيدي لإعلان دولة الجنوب العربي    سأمارس حقي، في الكسل    السلطة المحلية: تمكين المؤسسات الرسمية من أداء عملها شرط لاستعادة استقرار وادي حضرموت    الدكاك: هل صارت سجون الداخلية والاستخبارات سجونًا خاصة يُرسل إليها النافذون من يختلفون معهم؟    وقفة قبلية مسلحة في صنعاء الجديدة لتأكيد الجهوزية لمواجهة الأعداء    الصحة اللبنانية: استشهاد مواطنين اثنين بغارتين على صور وبنت جبيل    فعالية طلابية في حجة بميلاد الزهراء عليها السلام    الكشف عن "فاتورة استيراد" باهظة للعصائر .. "سعودية واماراتية فقط"!    الرئيس الزُبيدي يطّلع على المخطط الإنشائي لمشروع مركز المؤتمرات والمعارض بمحافظة شبوة    اصابة 5 أشخاص برصاص وقنبلة في بعدان بينهم اخو الجاني    وصول قوات كبيره من مكافحة الارهاب الى صحرا حضرموت    الكثيري يترأس لقاء موسعا بالمكتب التنفيذي وعقال الحارات والشخصيات الاجتماعية بسيئون    العليمي: انسحاب القوات الوافدة الخيار الوحيد لتطبيع الأوضاع في حضرموت والمهرة    خبير طقس يتوقع موجة برودة قادمة ويحدد موعدها    ست فواكه تقلل خطر الإصابة بأمراض الكلى    محافظ عدن يفتتح سوق الوومن في مديرية صيرة    القائم بأعمال وزير الاقتصاد : اليمن يمتلك قاعدة إنتاجية قوية في صناعة الملبوسات    جيش الاحتلال ينفذ سلسلة عمليات نسف بغزة    رسميا: جون سينا يعتزل حلبة المصارعة بعد مسيرة 23 عاما    مدير مؤسسة المياه بصنعاء: 13 مليار ريال مديونية تراكمية ومشاريع الطاقة الشمسية طوق النجاة    جبهة عارين تصنف محيطها كمنطقة عسكرية مغلقة    الرئيس الزُبيدي يطّلع على الوضع الصحي العام بالعاصمة عدن والمحافظات المحررة    الرئيس الزُبيدي يوجه بتبنّي حلول مستدامة لمعالجة أزمة المياه    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    عرض سعودي خرافي لشراء برشلونة    تدشين مشروع صيانة خطوط شبكة الصرف الصحي بمدينة البيضاء    عدد خرافي للغائبين عن ريال مدريد بمواجهة ألافيس    أجواء إيجابية تسود مفاوضات مسقط    صنعاء.. هيئة الآثار والمتاحف تصدر قائمة بأكثر من 20 قطعة أثرية منهوبة    مصادر: إخلاء معسكر التحالف بعدن ونقل قوات من لحج وأبين    تعز.. بئر المشروع في عزلة الربيعي :جهود مجتمعية تنجح في استعادة شريان الحياة المائي    حضرموت أم الثورة الجنوبية.. بايعشوت وبن داؤود والنشيد الجنوبي الحالي    هولندي يتوج بجائرة أفضل كاريكاتير عن رسم يفضح الإبادة الإسرائيلية    قوات الحزام الامني بالعاصمة عدن تضبط عصابة متورطة في ترويج مادة البريجبالين المخدرة    رونالدو شريكا رئيسيا في خصخصة النصر السعودي    الأرصاد: أجواء باردة إلى باردة نسبيًا على المرتفعات وبحر مضطرب جنوب الساحل الغربي    واشنطن تسعى لنشر قوات دولية في غزة مطلع العام    مدرسة أمي الليلية: قصص وحكم صاغت الروح في زمن البساطة..(من قصة حياتي الأولى)    منتخب الجزائر حامل اللقب يودع كأس العرب أمام الإمارات    الصحفي والقيادي الإعلامي الراحل راجح الجبوبي    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    هيئة الآثار تنشر القائمة ال30 بالآثار اليمنية المنهوبة    ثلاث عادات يومية تعزز صحة الرئتين.. طبيب يوضح    لا مفر إلى السعودية.. صلاح يواجه خيبة أمل جديدة    فعالية حاشدة للهيئة النسائية في صعدة بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    ندوة بصنعاء تناقش تكريم المرأة في الإسلام وتنتقد النموذج الغربي    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    رسائل إلى المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يمني يرثي شقيقه ب"كتاب محمد".. استعادة للذكريات أم محاولة لبعث الموتى بالكلمات؟
نشر في عدن بوست يوم 21 - 04 - 2016

نحن كثيراً حين يرحل عنا من نحب نتوسل لحظة لقاء إضافية ولو من دون كلام. لكن الكاتب اليمني جمال جبران يحاول إعادة شقيقه الراحل محمد للحياة في مجموعته "كتاب محمد".
"محمد الذي مات وتركني وحيداً في غابة"، هكذا يصرخ الكاتب في مطلع المجموعة القصصية وأولى صفحات الكتاب الذي يجمع بين دفتيه نحو 20 قصة قصيرة أو فصلاً، وصدر عن دار "أخبار اليوم" المصرية.
في أول نصوص المجموعة وعنوانه "سر العربة التي يعرفها محمد"، ينطلق الكاتب بين سطورها معبراً عن وجعه ورابطاً بين كل تفاصيل حياته وبين أخيه، حتى ذراعه اليسرى "التي كسرها محمد ما زالت تعاني من آلام موسمية لكنها لا تزال تذكرني بمحمد".
سر العربة
أما سر العربة فهي عربة نقل الموتى في مستشفى صنعاء التي حطّمها محمد، واضطرت الأم بسبب ذلك لأن تحمل جثة امرأة ضخمة على ظهرها وتبكي كثيراً في منتصف الطريق، "هكذا قالت لي.. هناك أسرار ستبقى طويلاً في قلبها ولن أجبرها على البوح بها.. لا أقوى على جرحها وتقليب مواجعها، وأنا من جهتي سأحتفظ بسر واحد في قلبي إلى الأبد، لن أقول لها إن من كسر عربة نقل الموتى هو شقيقي الراحل محمد".
في القصة الثانية أو في الفصل الثاني "صرت كبير العائلة" ينتقل الكاتب إلى لحظة فارقة، كيف ينقل الخبر إلى أبيه العجوز؟ هل يقول له لقد مات أقرب الناس إلى قلبك؟ ثم يقارن بين قوة أخيه الراحل وعجزه الذي تفاقم بعد موت أخيه، "كنت أقول لو مات بابا جبران أو ماما زمزم فسوف يتكفل محمد بترتيب كل شيء.. محمد كان عالماً بكل هذه المشاغل وقادراً عليها، على عكسي تماماً. لا أدعي أن الله قد أثقل عليّ عندما قرر اختطاف محمد.. لقد قتلني!".
ثم يجد نفسه في نهاية القصة يخلع ملابسه ويحاول ارتداء ثياب محمد ربما في محاولة يائسة للاستقواء أو ربما لإحياء أخيه بعد أن غيبه الموت.
سأذهب إلى النار!
النص الثالث (في غرام اسم محمد)، فمن لحظة الرحيل وقع الكاتب في غرام اسم شقيقه، صار يغبط الناس الذين لديهم أشقاء اسمهم محمد، "وحدي صرت أتناول العشاء دون شقيق اسمه محمد، محمد تثلج نار الحنين والشوق، تصبح على خير يا حبيب قلبي يا محمد، أقولها في نهاية كل يوم دافئة وحنونة تليق بشقيقين لن يلتقيا بعد اليوم أبداً.. محمد يُقيم الآن في الجنة وأنا سأذهب إلى النار"، يقولها الكاتب دون أن يشير إلى السبب الذي دفعه ليصدر على نفسه الحكم بهذا المصير، أو ربما يرى أن جريمته هي البقاء على قيد الحياة بعد موت أخيه محمد!
في القصة التالية "جبران وقد صارت أصابعه عيوناً" يتحدث عن الأب الذي "لم يعد يتكلم معي عن الراحل محمد، وكأنه اتفاق جماعي بيننا بضرورة إغلاق كتاب محمد".
المليونير المتشرد
لكن بالرغم من ذلك تظل كل الأشياء تُذكّر كاتبنا بشقيقه، في القصة الخامسة تمرض الأم زمزم فيسرع لزيارتها ليلتقي شقيقتيه عندها في المستشفى في (الطابق الرابع الغرفة رقم 4)، هي الغرفة نفسها التي مات فيها محمد.
النص السادس عنوانه "تأنيب أمكما" تبدأ باقتباس للشاعر المصري الشهير أمل دنقل. "ذكريات الطفولة بينك وبين أخيك.. حسّكما فجأة بالرجولة.. الصمت مبتسمين لتأنيب أمكما". اقتباس ينتقل بعده إلى عالمه الذي اتخذ من محمد محوراً له، حتى صفحة فيسبوك يضع لها نفس الصورة في كل مرة.. شقيقان يسيران متلاصقين ويبدو الأكبر سناً وهو يرفع غطاء فوق رأس أخيه الأصغر ليحميه من المطر، "هكذا كان محمد معي". ثم يمر الكاتب باكياً على فيلم "الهند الأم" أو ماذر إنديا و"المليونير المتشرد" الذي "يحكي قصتنا".
استمتع بدفء أخيك
بعدها ينتقل لتمجيد الموت أو مناجاته.. "السيرة الطيبة لمحمد وتلك الشريرة لي، تعلق الناس به ونفورهم مني، سمة العطاء الساكنة فيه وحالة الأنانية المسيطرة على روحي". ربما يصنع الكاتب من هذه العبارات مقارنة يضفي عن طريقها أجمل الصفات على حالة الموت التي يوجد بها محمد وعكسها على الحياة التي يعيشها هو بعده.
وتمضي مفردات المجموعة الأدبية واحدة تلو الأخرى تتقاطع وتتشابك وتلتقي عند فكرة واحدة.. الموت بقسوته وإطلالة عليه في محاولة لابتعاث روح الأخ الغائب حتى إذا وصل إلى قصة "الأخ الأكبر" يكاد يصرخ في كل مَنْ له أخ على قيد الحياة، استمتع بدفء أخيك، لا تكرروا ما وقعت فيه، "فمبعث ذلك الذنب الذي ما توقف يلاحقني، تلك المسافة التي وضعتها بيني وبينه في سنواته الأخيرة، تركته لينتهي ويموت وأنا مشغول بتحقيق أشياء لم يعد لها معنى في غيابه، هل كان ينبغي أن يحدث موت كي أتعلم؟".
يستخدم الكاتب مفردات بسيطة ولغة سهلة تقترب من العامية في بعض الأحيان.. ومع ذلك فقد تمكن من خلال نبل الفكرة وقوة العاطفة والأسلوب المباشر من أن يدفع القارئ دفعاً لأن يحزن معه ويندم معه ويبكي معه.
أدب الرثاء أم سرد قصصي؟
تتراوح النصوص من جهة بين أدب الرثاء غير المطروق كثيراً هذه الأيام وفن السيرة الذاتية والسرد القصصي، يطرحه بأسلوب جديد نسبياً هو الحكايات القصيرة والقصة القصيرة جداً، وهي الأوقع لكسر الرتابة والملل ولتتناسب مع وتيرة الحياة في العصر الحديث.
إن تجربة الكاتِب وفكرة الكتاب لا تخلو من إسقاطات دينية بدءاً من العنوان ووصولاً للإيمان بالموت والحساب والجنة والنار وخوفه من ألا يكون هناك لقاء آخر مع شقيقه الذي تمنى له أن يذهب إلى الجنة أما هو فلا يعرف مصيره، العذاب ليس عذاب النار وحدها بل عدم لقاء أخيه حتى في الآخرة.
ذكريات الموت والفقد
الذكريات عند المؤلف ليست جسداً محنطاً، بل كيان متحرك نابض بالحياة رغم أنها تدور كلها حول الموت والفقد.
يأخذنا الكاتب في رحلة ذكرياته حتى يصدمنا في النهاية بقسوة الحياة التي جعلته – ويا لها من مفارقة - ينسى مكان قبر أخيه في آخر نصوص المجموعة تحت عنوان "وقد ضاع مني قبره"، بل إنه يحاول أن يستدل عليه من شواهد القبور، ويختتم قائلاً: "لم أزر محمداً ولم أقرأ شيئاً على قبره.. كنت أقول إن زيارة واحدة تجعل موته حقيقياً، وأنا الذي لا يريد التصديق على ذلك".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.