رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    تعرف على أبرز المعلومات عن قاعدة "هشتم شكاري" الجوية التي قصفتها إسرائيل في أصفهان بإيران    أمن عدن يُحبط تهريب "سموم بيضاء" ويُنقذ الأرواح!    تظاهرات يمنية حاشدة تضامنا مع غزة وتنديدا بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن    شبوة.. جنود محتجون يمنعون مرور ناقلات المشتقات النفطية إلى محافظة مأرب    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    حالة وفاة واحدة.. اليمن يتجاوز المنخفض الجوي بأقل الخسائر وسط توجيهات ومتابعات حثيثة للرئيس العليمي    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    ايران تنفي تعرضها لأي هجوم وإسرائيل لم تتبنى أي ضربات على طهران    خطوات هامة نحو تغيير المعادلة في سهل وساحل تهامة في سبيل الاستقلال!!    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    برشلونة يسعى للحفاظ على فيليكس    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    الرد الاسرائيلي على ايران..."كذبة بكذبة"    الجنوب يفكّك مخططا تجسسيا حوثيا.. ضربة جديدة للمليشيات    اشتباكات قبلية عنيفة عقب جريمة بشعة ارتكبها مواطن بحق عدد من أقاربه جنوبي اليمن    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    مسيرة الهدم والدمار الإمامية من الجزار وحتى الحوثي (الحلقة الثامنة)    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    استدرجوه من الضالع لسرقة سيارته .. مقتل مواطن على يد عصابة ورمي جثته في صنعاء    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    مركز الإنذار المبكر يحذر من استمرار تأثير المنخفض الجوي    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأس العارة .. طريق المهاجرين الأثيوبيين نحو الجحيم
نشر في أخبار اليوم يوم 15 - 01 - 2020

منذ عدة سنوات تحوّل اليمن إلى ممر وطريق للمهاجرين من إفريقيا إلى السعودية عبر رحلة طويلة وقاسية محفوفة بالمخاطر، ومواجهة الانتهاكات الجسيمة من مختلف الأطراف.
وهربًا من الفقر والملاحقات الأمنية، وبحثًا عن فرص العمل في المملكة العربية السعودية، يحاول عشرات إلى مئات الآلاف من إفريقيا سنويا الهجرة، رغم جملة ما يتعرضون له من صنوف الانتهاكات.
ونتيجة للظروف الاقتصادية والسياسية والصراعات التي تشهدها القارة الأفريقية، أصبحت ظاهرة الهجرة غير الشرعية بالإضافة إلى مشكلة اللاجئين والنازحين تشكل أحد أكبر التحديات التي تواجه القارة الأفريقية، لذلك فقد أعلن الاتحاد الأفريقي أن عام 2019 هو عام "اللاجئين والعائدين والمشردين داخليًا: نحو حلول دائمة للتهجير القسري في أفريقيا"، وذلك نظرًا لأهمية مشكلة اللاجئين والنازحين في القارة الأفريقية، والتي تحتوي على ثلث المشردين في العالم.
ومنذ عام 2010، نزل أكثر من 337 ألف مهاجر ولاجئ بالساحل اليمني على البحر الأحمر وخليج عدن. زادت أعدادهم كثيراً ثم انحسرت مرة أخرى في يوليو/تموز 2013، بسبب حملة السعودية على العمال المهاجرين غير الشرعيين، ثم زاد العدد مرة أخرى في مارس/آذار 2014، واستمر سنويا بأعداد تقدر بعشرات الآلاف.
ومن بين العمال المهاجرين في السعودية الذين جاوز عددهم 10 مليون عامل، ما يناهز ال 500 ألف عامل إثيوبي، وفد الكثير منهم بشكل غير رسمي إلى السعودية مرورا باليمن.
ورغم أن العوامل الاقتصادية هي الدافع الأبرز للهجرة من إثيوبيا وعموم إفريقيا؛ إلا أن هناك أعدادًا لا يستهان بها تفر من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ارتكبتها حكوماتهم.
ولم يمنع ما يعاني منه اليمن حاليًا من نزاع مسلح، أطرافه الحكومة اليمنية والتحالف بقيادة السعودية وبمشاركة الإمارات، في مواجهة الحوثيين، وبرغم وصف الأمم المتحدة ما يجري في اليمن بأنه أسوأ وأكبر أزمة إنسانية في العالم؛ استمرار تدفق المهاجرين الباحثين عن الفرص في بلاد النفط العربي.
ففي اليمن هناك نشاط يُقدر بملايين الدولارات، من الإتجار بالمهاجرين وابتزازهم، مع مرورهم بالأراضي اليمنية، لذلك لم يكن غريبا وصول أكثر من 50 ألف مهاجر من الصومال وإثيوبيا – بينهم 30 ألف طفل –لليمن بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2017، بحسب "المنظمة الدولية للهجرة".
وحتى فبراير/شباط 2018، كان اليمن يستضيف نحو 281 ألف لاجئ منهم الكثير من الصوماليين، المعترف بهم كلاجئين تلقائيا، وطالبو لجوء، وربما يكون العدد أكبر من ذلك بكثير بالنظر إلى المشاكل التي يواجهها المهاجرون عند التسجيل لدى وكالات الإغاثة الإنسانية.
ووفق إحصائيات منظمة الهجرة الدولية؛ فإن أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى اليمن عام 2018، بزيادة ناهزت 50% مقارنة بعام 2017م. أما عام 2019 فقد شهد وصول 107 آلاف حتى بداية شهر أكتوبر الماضي.

عبر التقرير التالي يوثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومنظمة سام لحقوق الإنسان، أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون في الرحلة المحفوفة بالمخاطر.

أولاً: مفهوم الهجرة وتقسيمها وفقًا لقانونيتها:
الهجرة فى اللغة تعني كما وردت في معجم المعاني الجامع هي مصدر الفعل هجَرَ، وجمعها هِجْرات؛ وهي خروج الفرد من أرض وانتقاله إلى أرض أخرى سعيًا وراء الرزق، ومعنى الهجرة في المعجم الوسيط انتقال شخص إلى بلد جديد وهو ليس مواطنًا فيه ليعيش فيه بصفة دائمة
والهجرة لغة لها عدة معان يتم الاقتصار هنا على أنها الخروج والسير والانتقال وتعني الخروج من أرض إلى أخرى سعيًا وراء الرزق.
أما الهجرة اصطلاحًا فيراد بها مضامين مختلفة، ويرجع ذلك بسبب اختلاف العلم الذي تدرس فيه أو المعيار الذي عُرفت بناءً عليه في نفس العلم، فالهجرة في علم السكان أو الديموغرافيا فلها عدة تعريفات مختلفة؛ منها ما يكون باعتبارها داخلية أو خارجية، ومنها ما يكون باعتبار الإرادة فيها أهي قسرية أم اختيارية، ومنها ما يكون وفقاً للقانون أو خلافه فتكون هجرة شرعية أو غير شرعية.
وبناء على ما سبق يمكن تعريف الهجرة على أنها "انتقال الأفراد من منطقة إلى أخرى سواء كان ذلك داخل حدود الدولة أو خارجها، وقد تتم الهجرة بشكل قانوني أو من خلال التسرب إلى الدولة المقصودة بطرق غير شرعية، وذلك لفترة قصيرة أو طويلة، مؤقتة أو دائمة، سواء كان ذلك بإرادته أو رغمًا عنه".
وبناء على ما سبق يمكن تقسيم الهجرة إلى عدة أنماط أو أنواع مختلفة وذلك حسب أسبابها، ومدتها، واتجاهها، وتاريخها، وشكلها، إلا أن ما تعني به هذه الدراسة هو تقسيم الهجرة حسب قانونيتها والتي يمكن تقسيمها إلى : [1]

1. هجرة قانونية أو شرعية: والتي يتم فيها انتقال الأفراد من بلد إلى آخر وفقًا للإجراءات القانونية المعمول بها؛ من تأشيرات للدخول، وبطاقات للإقامة التي تمنحها السلطات المختصة بالهجرة والجوازات.
2. الهجرة غير الشرعية: هو كل انتقال يقوم به الأفراد من بلد إلى بلد آخر دون حيازة التراخيص القانونية والتأشيرات القانونية اللازمة لذلك، ويتم ذلك عن طريق الدخول بالبر أو البحر أو التسلل إلى إقليم دولة أخرى بواسطة وثائق مزورة أو بمساعدة شبكات الجريمة المنظمة، وقد تشمل أيضًا المهاجرين الذين يدخلون البلدان بطريقة شرعية، وعبر القنوات الرسمية إلا أنهم يصبحون غير شرعيين لتجاوزهم تأشيراتهم.

ثانيا: دوافع المهاجرين من إفريقيا:
تتعدد الأسباب التي تدفع الأشخاص إلى اتخاذ القرار بالهجرة وترك بلدانهم، ويشمل ذلك كل أنواع الهجرة؛ سواء الطوعية أو القسرية، وكذلك الحركات المؤقتة والدائمة، وتشترك بلدان منطقة شرق أفريقيا في العديد من الأسباب المشتركة التي تدفع إلى الهجرة، والتي جعلت من المنطقة تتصدر كافة أقاليم القارة الأفريقية من حيث أعداد المهاجرين.
وشهدت الأعوام الأخيرة ارتفاع وتيرة تهريب المهاجرين الأفارقة، لا سيما الأثيوبيين والصوماليين؛ بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في بلدانهم، حيث يقوم تجار التهريب -وهم عبارة عن مافيا يمنيون وأفارقة- بمساعدة ضحايا تجارة التهريب من الخروج من بلادهم من خلال نقلهم من موطنهم الاصيل إلى اليمن، عبر رحالات في قوارب صيد، وايصالهم إلى الشواطئ اليمنية.
وفعليا فر عشرات الآلاف من الإثيوبيين من بلدهم منذ أواخر عام 2015؛ بعد حملة قمع قوات الأمن على المتظاهرين، لا سيما في إقليم أوروميا، ما أسفر عن أكثر من 1000 وفاة وعشرات الآلاف من الاعتقالات. وأدت المصادمات بين الحكومة وجماعات عرقية في شرق إثيوبيا منذ 2016 إلى نزوح أكثر من مليون نسمة ومقتل المئات. انتقل الكثير من الناس من شرق إثيوبيا إلى اليمن فرارا من الانتهاكات ومن يد الأمن الإثيوبي الطويلة في الدول المجاورة.
ويغادر آلاف الإريتريين بلدهم شهريا هربا من الخدمة العسكرية بدون أجل مسمى. وفي الصومال، فإن الانتهاكات المتصلة بالنزاع والنزوح الداخلي الموسع جراء النزاع والجفاف وانعدام الأمان بالمناطق الخاضعة للحكومة والعنف المستهدف للمدنيين من قبل "جماعة الشباب" الإسلامية المسلحة، أدت مجتمعة بالناس إلى الفرار.
وغالبية عمليات الهجرة تأتي بالقوارب عبر البحر الأحمر ثم برا عبر اليمن، إلى السعودية. وغالبية المهاجرين يأتون بطرق غير نظامية ويفتقرون إلى الوضع القانوني لدى وصولهم إلى المملكة السعودية وبالتالي يكونون عرضة دوما للملاحقة والطرد.
أبرز عوامل الهجرة:
1) البطالة والمصاعب الاقتصادية الأخرى.
2) الجفاف.
3) القمع الأمني والملاحقات على خلفية سياسية.
4) الحروب والنزاعات المسلحة.
5) انتهاكات حقوق الإنسان.
6) ا لبحث عن تحسن مستوى المعيشة.
ويوضح الجدول التالي بشيء من الإجمال تلك الأسباب قبل التعرض لها بشيء من التفصيل.
ثالثا: اليمن ممر المهاجرين
تدفق مئات الآلاف من المهاجرين من القرن الأفريقي خلال السنوات الأخيرة، إلى اليمن، وقد جاء بعضهم بحثاً عن العمل في اليمن، كخدم منزليين أو في أعمال البناء والزراعة، لكن أغلبهم سعوا للسفر إلى السعودية المجاورة بحثاً عن العمل.
وسجلت أولى موجات المهاجرين الوافدة من القرن الأفريقي إلى اليمن ومنها إلى السعودية في السبعينيات، أثناء فرارهم من الحرب وانعدام الأمان في بلادهم. وبدأت موجات جديدة من المهاجرين تمر في التسعينيات، بعد أن وصلت الحكومة الأثيوبية للسلطة في عام 1991 وأزاحت القيود على الهجرة. ودفع النزاع المسلح في الصومال أكثر من 966 ألف لاجئ إلى بلدان قريبة، على مدار عشرات السنين، بينهم 244 ألفاً يعيشون في اليمن وقد حصلوا على وضع اللجوء تلقائياً، بناء على جنسيتهم. ولقد مر أيضاً باليمن، مروراً بالقرن الأفريقي، أفارقة من أماكن بعيدة مثل نيجيريا والنيجر، في طريقهم إلى بلدان شبه الجزيرة العربية الأكثر ثراء.
ومنذ اندلاع أحداث 2011 في اليمن تحديداً، أصبح من الصعب على الحكومة السيطرة على الكثير من الأراضي، بما في ذلك الحدود البرية والبحرية، وهو الأمر الذي ربما شجع المُتجِرين وزاد من الهجرة.
وفي عام 2010، وفد 53 ألف مهاجر ولاجئ إلى شطآن اليمن، وتضاعف هذا العدد إلى 104 آلاف في 2011، وارتفع مرة أخرى إلى 108 آلاف في عام 2012، ثم تراجع إلى 65 ألفاً في 2013، طبقاً لتقديرات مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. وجاء التراجع بسبب حملة السعودية في عام 2013 الخاصة بترحيل المهاجرين غير الشرعيين وتشديد الأمن على الحدود. وفي عام 2014 تزايدت الأعداد مرة أخرى، طبقاً لتقديرات مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2014، وفد 8148 مهاجراً على شواطئ اليمن.
ووفق إحصائيات منظمة الهجرة الدولية؛ فإن أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى اليمن عام 2018، بزيادة ناهزت 50% مقارنة بعام 2017م. أما عام 2019 فقد شهد وصول 107 آلاف حتى بداية شهر أكتوبر الماضي.
رابعا: طريق الهجرة
يفصل مضيق باب المندب الذي يبلغ عرضه 30 كم بين اليمن وجيبوتي، لهذا السبب تعد جيبوتي بلد العبور الأول لكثير من المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى المملكة العربية السعودية عبر اليمن. ينحدر معظمهم من إثيوبيا والصومال.
والرحلة عبر اليمن من القرن الإفريقي إلى المملكة العربية السعودية واحدة من أسرع طرق الهجرة نمواً في العالم - على الرغم من اندلاع حرب ضارية في اليمن، ووصفت الأمم المتحدة الوضع في اليمن أكثر من مرة بأنه "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".
يسعى المهاجرون إلى الهروب من الفقر من خلال إيجاد عمل في المملكة العربية السعودية. أغلب المهاجرين الذين يغادرون بلدان مثل إثيوبيا والصومال هم فتية في عمر الزهور
ويرتب الوصول إلى اليمن عبر القرن الإفريقي يرتب على المهاجرين عبور المحيط. وغالباً ما يتم نقلهم في قوارب متهالكة وصغيرة جداً ما يعرض حياتهم للخطر. في كانون الأول/يناير 2019، ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، توفي ما لا يقل عن 52 شخصاً قبالة شواطئ جيبوتي .
ما أن تنتهي الساعات الطويلة التي يقضيها المهاجرون على متن القوارب الخشبية المزدحمة والمتهالكة حتى يتم نقلهم في شاحنات بواسطة المهربين إلى مجمعات في الصحراء.
ويمارس هؤلاء المهربون أبشع طرق التعذيب على المهاجرين والذي يعد انتهاكاً صارخاً يمس حريتهم.
وأفاد المهاجرون الذين التقتهم فرق المرصد ومنظمة سام عن الطرق التي يسلكونها للوصول إلى وجهتهم وكيف انتهى المطاف بالكثير منهم في مناطق اليمن بالآتي:
"يتم التعامل مع المهاجرين على حسب خروجه من بلاده -وهنا يقصدون البلدان الإفريقية - فمنهم من لديه الأموال، حيث يقوم ذووهم بتحويل المبالغ عند وصول الأشخاص إلى مناطقهم المطلوبة، ومنهم من يتم التحفظ عليه في الأحراش والمخيمات على الحدود اليمنية حين تحويل الأموال، ومنهم من يستقر في اليمن ويعمل بها، ومنهم من يريد مواصلة الهجرة، لكنهم لا يملكون المال أو تنقطع بهم السبل وهؤلاء أكثر الفئات التي يتعرضون للانتهاكات والاعتداء".

خامسا: رأس العارة.. طريق الجحيم
تعد منطقة رأس العارة، وهي إحدى المناطق الساحلية، التابعة لمديرية المضاربة، بمحافظة لحج جنوب اليمن، المأوى الذي تستقر فيه مافيا التهريب. كما أن أشهر مناطق التهريب هي العزافة والتي تبعد حوالى 20 كيلو غرب العارة وبئر عيسى التي تبعد 25 كيلو غربها ايضًا، في هذه المنطقة توجد احواش خاصة للمهاجرين الأفارقة من الجنسية الأثيوبية والأريتيرية والصومال ومعظم من يتم استقبالهم في هذه الأحواش من الجنسية الأثيوبية والأقلية الأرومية من فتيات وقاصرات وشباب وأطفال قصر.
تحتوي منطقة رأس العارة على ما يزيد على 80 مكان تجمع (عبارة عن أحواش) يجلب الأفارقة إليها، وهي تفتقر لأدنى مقومات الحياة؛ حيث أن معظم هذه الأحواش لا يوجد بها مساكن خاصة أو حتى حمامات مياه، غير خزان ماء غالباً لا يصلح للاستخدام الآدمي.
وتتخذ عصابات تهريب المهاجرين من منطقة رأس العارة الساحلية مقرًا لها في إدارة أعمالها الإجرامية، أنشأت أحواشاً يجمع فيها الأفارقة، ومن ثم تستخدم معهم أساليب التعذيب والضرب وأحيانا اغتصاب النساء والفتيات وحرمانهم من الطعام والملابس والمأوى لإجبارهم على دفع مبالغ مالية من خلال مساومة ذويهم بدفع مبالغ مالية عن طريق تحويلها لتلك المافيا للإفراج عن أقاربهم المختطفين لديهم.
بحسب شهادات من سكان منطقة العارة في لحج، فعلى بعد (5 كم) من المنطقة فإن الأحواش التي بناها المهربون أشبه بالمسالخ، حيث يقومون فيها بتعذيب المهاجرين، وهي بعيدة عن السكان قليلاً، ويحكي بعض الناجين منهم قصصاً ومشاهد مرعبة، عما يتعرض له القادمون إلى اليمن.
وثق العديد من الناشطين بمنطقة رأس العارة الساحلية سلسلة من الانتهاكات التي تمارس بحق القادمين من الافارقة، وبحسب أحد التقارير المحلية، فقد تم رصد أسلحة ومواد مخدرة، إلى جانب توثيق لصنوف من التعذيب، بعضها بالعصي أو الكي بالنار أو الحرق أو دق المسامير في أطراف الضحايا من قبل عصابات التهريب، التي تنشط في تلك المنطقة دون وضع حد لها حتى الآن، مستغلين حالة الصمت الحكومي والخوف من قبل السكان المحليين لمواصلة تلك الممارسات.
وعن حجم الانتهاكات الممارسة بحق المهاجرين الأفارقة وأعدادها، فقد أفاد بعض العاملين في المستشفى المحلي في منطقة رأس العارة في شهاداتهم "للأورومتوسطي" بأنه وصلت للمستشفى حالات كثيرة عليها حروق وآثار تعذيب.
ونظراً لبساطة تجهيزات المشفى المحلي فإنه يتم تقديم الإسعافات الأولية للمهاجرين وفقا لتجهيزات المستشفى المحلي، أما الحالات الصعبة والتي تحتاج إلى تدخل طبي متقدم فتحول لمستشفى ابن خلدون أو ترسل إلى مشافي عدن. ويؤكد عاملون صحيون أن الحالات التي وصلت أخبرتهم عن حالات تعذيب كثيرة تجري في الأحواش، ومن يحاول الهرب يتم قتله بشكل مباشر.
وفي شهادته على الحالات التي قدمت إلى المستشفى المحلي يقول الدكتور مطهر يوسف "مدير المستشفى":
بالرغم من إمكانات المشفى الشحيحة، إلا أنه يبذل جهوداً كبيرة في تقديم الرعاية الأولية لتلك الحالات المصابة، كما يقوم بتقديم الماء والغذاء لكل مهاجر حتى ولو لم يكن مهاجراً.
ويضيف: إن الحالات المرضية من الافارقة يتم معالجتها في المستشفى مجاناً، وحالياً تم الاتفاق مع منظمة الهجرة الدولية على أن نقوم باستقبال الحالات المرضية، ويتم تحويل الحالات الخطيرة والمصابة إلى عدن عبر مندوب تابع لهم، وقد حصلنا على سيارة إسعاف كمنحة بعد جهود مضنية.
وأشار مطهر: أن تعذيب الافارقة من قبل تجار البشر له فترة طويله، لكن زادت وتيرته بعد الحرب خاصة بعد أن استعان المهربون بوكلاء عنهم من الافارقة أنفسهم، حيث يقومون بتعذيب إخوانهم واستجوابهم، حتى يتمكنوا من الاتصال بأهل الضحية لدفع مبلغ مالي لنجدته، كاشفاً عن وصول حالات قتل بسبب تقطع المهربين فيما بينهم، والتعذيب بالضرب وبأعقاب البنادق، والحرق مؤكد أن القضية بحاجه لقرار سياسي وتدخل من الرئيس ومجلس الوزراء والمحافظ لمحاربة هذه الظواهر التي شوهت صور اليمن، ولها أثار سلبية كثيرة.
وأفاد مدير المستشفى أثناء شهادته لفريق "الأورومتوسطي وسام" بأن الحالات التي توفت داخل المستشفى جراء هي سبع حالات يتعامل المستشفى بجانب إنساني معها ويترك للأمن اخذ الادلة ومعاينة الجثة بعضها نتج عنه السقوط من سيارات المهربين كما حدث لإحدى الفتيات و التي سقطت من على أحد السيارات خوفًا من الاغتصاب ووجدها على قارعة الطريق وتم نقلها للمستشفى بعد نصف ساعه من وصولها بعد تم استدعاء الأمن لتسجيل الوقائع قبل أن يتم دفنها في مقبرة المنطقة ويصلى عليها في جامع المنطقة حيث تعرضت الفتاة لنزيف حاد جراء سقوطها أدى إلى وفاتها على الفور.
سادسًا: شهادات مروعة على الانتهاكات
حصل المرصد الأورومتوسطي ومنظمة "سام" على شهادات مروعة تظهر جانبا من الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون الأفارقة على يد عصابات التهريب وتجار البشر في منطقة رأس العارة الحدودية حيث أظهرت تلك الشهادات الممارسات المختلفة لتلك العصابات كالتعذيب والاضطهاد والعنف الجسدي والاعتداء الجنسي لكلا الجنسين شباب كانوا أو فتيات أو أطفال قصر.
يقول "قاسم ابو زكي الصبيحي" وهو أحد السكان المحليين:
"الاعتداءات من المهربين تصل للقتل والاغتصاب حيث قام أحد المهربين و قبل عدة أشهر من الان قام احد تجار البشر من مالكي هذه الاحواش بدهس وقتل ما يقارب سبعة شبان من الجنسية الاثيوبية بدم بارد بسيارته".
وأفاد بعض سكان من قرية تسمى "المهاند" بأن أحد مهربي البشر كان يحمل في سيارته ما يقارب 50 فردا من الجنسين ويمشي بسرعة جنونية ما تسبب في سقوط أحد الأفارقة وتوفي في الحال ولم يكلف السائق نفسه للتوقف أو محاولة إسعاف هذا الشاب ما دفع أهالي القرية لدفن الجثة في المنطقة.

يقول "عمران الزبيدي" أحد العاملين بالمنطقة سابقاً:
هذه الأحواش يرتكب فيها المهربون أبشع وأفظع الجرائم من الاغتصاب والقتل أحياناً لمن لا يقوم أهله بتحويل الأموال للمهربين.
وأضاف "بالنسبة للتحرش الجنسي معظم الفتيات تتعرضن له من مهربين أفارقة، حتى إن بعض الفتيات والأطفال القصر لا يتم تهريبهن أو ترحيلهن ويبقين عند الدلال الإفريقي لخدمته وإشباع رغباته" على حد تعبيره.
يقول إبراهيم حسان (21 عاما) وهو أحد المهاجرين الذين احتجزوا في شهاداته لإحدى المؤسسات:
" ربطوني على كرة، وذراعيّ خلف ظهره، وقيدت ركبتيّ باتجاه صدري، بقيت مقيداً هكذا لمدة 11 يوماً وتعرضت للضرب بشكل متكرر.. من كان يضربني شخص من إثيوبيا ولكنه ينتمي إلى جماعة عرقية منافسة “تيغراي” علمًا أنني من أورومو".
وأضاف "أطلق سراحي بعد أن ذهب والدي يستدين من كل واحد في المدينة التي يقطن بها لاقتراض الأموال وجمع مبلغ 2600 دولار المبلغ الذي طلبه المهربون.

كما جمعت الفرق الميدانية التابعة للأورومتوسطي ومنظمة سام شهادات حية لبعض المهاجرين الذين التقتهم في اليمن. وأفاد ثلاثة مهاجرين أفارقة لباحثينا عن حجم الألم والمعاناة والانتهاكات التي تعرضوا لها على يد عصبات التهريب منذ خروجهم من دولهم إلى لحظة إعداد هذا التقرير.
وجاء في إفادتهم عند سؤالهم عن الأسباب التي دفعتهم للهجرة:
"الظروف المعيشية الصعبة في بلادنا، وعدم القدرة على توفير الاحتياجات الأساسية العيش، هي التي أجبرتنا على ترك بلادنا والهجرة، إضافة لأن هناك أصدقاء لنا سبقونا بالهجرة والآن يرسلون الأموال إلى ذويهم وهذا ما شجعنا للهجرة إلى المملكة العربية السعودية رغم مخاطر الطريق"
وعند سؤالنا لهم لماذا اخترتم اليمن للوصول إلى السعودية ودول الخليج؟ أجابوا
" نظراً للأوضاع الاقتصادية الصعبة، وعدم توافر الأموال لدينا، فلم تكن لدينا أي فرصة للهجرة إلا عن طريق المرور بمناطق وساحل اليمن، والذي ساعدنا في ذلك ما تمر المنطقة من انفلات أمني وعدم وجود أي ضوابط للدخول أو الخروج فلم يبق لنا أي سبيل إلا سواحل اليمن ".

سابعا: تصنيف المهاجرين:
وبالتالي فإنه يمكن تقسيم المهاجرين الأفارقة إلى أربع مجموعات وفقاً لشهادة المهاجرين على النحو الآتي:
المجموعة الأولى: يتم تهريب بعض الأفارقة ممن يملكون المال إلى السودان أو دول أوروبا على حسب طلب المهاجر ودفع المبلغ المطلوب.
المجموعة الثانية: هؤلاء من لديهم أموال لكن ليست بتلك المتواجدة مع سابقيهم حيث يتم معاملتهم بشكل جيد أثناء نقلهم من بلدانهم إلى اليمن، وعند وصولهم إلى سواحل اليمن يتم نقلهم بسيارات النقل بعد وصول الدفعة الأولى من المبلغ المحدد وبرغم الأموال التي يدفعها المهاجر إلا أنه يوضع داخل سيارات ترحيل يوجد بها من 50 إلى 60 شخص ويتم توجيههم إلى مندوبيهم في المحافظات الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي بعد ذلك يتم نقلهم إلى وجهتهم المرادة عبر مندوب التهريب، حيث يملك بعض المهاجرين بعض الأقارب في محافظة البيضاء في اليمن ممن يعملون بزراعة القات ويريدون العمل معهم فيتم نقلهم إلى ذويهم، والبعض الآخر يتم ترحيله إلى الحدود السعودية وتوصيلهم إلى ذويهم واستلام مستحقات الرحلة المتفق عليها، أما من توقفت رحلته في هذه المناطق بسبب عدم توفر المال لهم فيتم اخذهم من قبل مليشيات الحوثي للقتال معهم.
المجموعة الثالثة: من يمتلكون مالاً أقل من المجموعة الثانية، حيث يعاملون بشكل جيد في البحر لكن فور وصولهم الأراضي اليمنية يتم فرزهم بشكل خاص على حسب المناطق والأموال التي يملكونها، ومن ثم يتم التحقيق معهم، وبعد ذلك يتم ترحيل الأشخاص الذين يريدون المواصلة في حالة توافر الأموال لديهم أو قام أحد ذويهم بتحويل الأموال إلى مليشيات التهريب، أما من لا يملك المال يتم إخلاء سبيله ويترك لوحده ليكمل طريقه دون أي حماية.
المجموعة الرابعة: وتضم هذه المجموعة الأفراد الذين خرجوا من بلدانهم بعد وعود أقاربهم بدفع المال أو خروجهم بدون مبالغ للمندوب وإخبار المندوبين بأنه سيتم التسديد عند الوصول، حيث تعد هذه المجموعة أكثر المجموعات التي تتعرض للضرب والتعذيب والتخويف لإجبارهم على الاعتراف بأماكن الأموال أو الحوالات التي يملكونها، أو إجبارهم على التواصل مع أحد أقاربهم في اليمن من لتحويل الأموال، حيث يذهب أحد مندوبي أولئك المهربين مع المهاجرين لاستلام الأموال وأخذها. وفي حال لم يقوموا بدفع الأموال لعصابات التهريب فإنهم يتعرضون لجميع أنواع التعذيب والإهانة من أجل استخراج أي أموال قد يملكها أولئك المهاجرين، ومن تلك الانتهاكات التي تمارس بحقهم إطلاق الرصاص تحت أقدامهم أو بجانبهم لإرعابهم أو الضرب المبرح بكابلات الحديد وكابلات الكهرباء حتى سيلان الدماء من أجسادهم أو باختطاف الاطفال والنساء وإخفاءهم كنوع من الضغط على الرجال من أجل دفع الأموال. وفي حال دفعوا الأموال سواء التي كانت بحوزتهم أو من خلال تواصلهم مع أحد الأقارب فإنه يتم إخلاء سبيلهم، ومن لا يستطيع دفع الأموال يتم تعذيبه حتى يلقى حتفه أو يتم رميه في الصحراء أو على إحدى الطرق المهجورة، وما يساعد ذلك غياب الجهود الحقيقية للقوات الرسمية التابعة للحكومة اليمنية وحالة الانفلات الأمني التي تعاني منها البلاد.
ثامنًا: أنماط الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون:
يتعرض المهاجرون في رحلة الهجرة الخطرة خاصة خلال مرحلة المرور عبر اليمن، إلى انتهاكات عديدة، جميعها تمثل انتهاكات جسيمة لمواثيق حقوق الإنسان، وتشكل مساسا خطيرا بالكرامة الإنسانية.
ومن أبرز الانتهاكات التي وثقها المرصد كانت على النحو الآتي:
1)الاحتجاز في أماكن غير مؤهلة وتفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة.
2) التعذيب الجسدي بالضرب المبرح بكابلات الحديد والكهرباء.
3) المس بالسلامة البدنية، عبر إطلاق النار، والضرب، وصولاً إلى القتل والإيذاء.
4)الإخفاء القسري للأطفال والنساء.
5) الاحتجاز غير القانوني لمدد غير محددة.
6) الابتزاز وإجبار المهاجرين على دفع أموال للسماح بنيل حريتهم.
7) الحرمان من الطعام والشراب.
8) التحرش والاعتداء الجنسي.
9) إلقاؤهم في الصحراء وأماكن خالية.
10) عدم توفير علاجات صحية.
وجمعت فرق المرصد الأورومتوسطي ومنظمة سام، مجموعة من الشهادات حول بعض هذه الانتهاكات على النحو الآتي:
الجوع حتى الموت
الجوع حتى الموت هو عقاب آخر يستخدمه المهربين لتهديد ضحاياهم. وجاء في بعض شهادات المهاجرين بأنهم سُجنوا على أيدي مهربين لعدة أشهر، حيث كان يتم اعطائهم الطعام مرة واحدة في اليوم وهو عبارة عن قطع من الخبز ورشفة من الماء.
قال أحدهم، يدعى عبده ياسين البالغ من العمر 23 عاماً:
وافقت أن أفع للمهربين في إثيوبيا حوالي 600 دولار للرحلة عبر اليمن إلى الحدود السعودية، لكن عندما وصلت إلى رأس العارة، أحضرت إلى وكر خاص بالمهربين يضم 71 شخصاً آخرين وطلب المهربون 1600 دولار.
خلال مدة الاحتجاز التي استمرت خمسة أشهر كنت أتعرض للضرب باستمرار في أماكن مختلفة من جسدي، حيث ضغطوا الصلب الساخن في جلدي. كما أنني ضُربت بصخرةٍ أدت إلى التواء أحد أصابعي.
وفي أحد الأيام، ربطوا ساقي وعلقوني رأساً على عقب، والأسوأ كان الجوع، فبسبب الجوع، لم تعد ركبتي على حمل جسدي، كما لم يسمح لي بتغيير ملابسي أو الاغتسال طوال فترة الاحتجاز.
كما تم توثيق العديد من الوفيات نتيجة التعذيب والحرمان من الطعام. فقد وصل رجل يعاني من ضعف شديد لأحد المشافي المحلية؛ نتيجة لعدم تناوله الطعام لمدة طويلة حيث حاول طاقم المستشفى إعطاءه بعض المحاليل لكنه توفي بعد ساعات من وصوله نتيجة لنقص التغذية الشديد والتعذيب الذي تعرض له أثناء احتجازه على يد المهربين.
الاغتصاب والإيذاء
نقلت وكالة " أسوشيتدبرس الأميركية" إفادات جمعتها أثناء تحقيقها عن جرائم المهربين بحق المهاجرين الأفارقة قيام تلك العصابات باغتصاب النساء والفتيات عدة مرات بالإضافة إلى تعذيبهم بشكل قاسي دون مراعاة للظروف الخاصة لأولئك النسوة ومنها ما ذكرته الوكالة عن احدى الفتيات وتدعى "زهرة" .
معاناة زهرة الفتاة الإثيوبية تعد مثالاً حياً على ما يعانيه المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى اليمن حيث تبدأ تلك المعاناة عند عبورهم الخليج والطريق المحفوفة بالمخاطر خلال تهريب أولئك المهاجرين عن طريق البحر وما يقوم به المهربين من ممارسات تشكل تهديد حقيقي على حياة أولئك المهاجرين ومنها تحميل عشرات المهاجرين في مراكب غير مجهزة ومعدة لهذه الأعداد، حيث وجدت زهرة نفسها هناك بين مئات المهاجرين من الرجال، والنساء، والمراهقين الذين وصلوا على شواطئ اليمن.
وأضافت الفتاة الإثيوبية البالغة من العمر 20 عامًا شاهدت رجالًا مسلحين ببنادق آلية في انتظارهم على الشاطئ، وحينها أصيبت بالرعب لأنها سمعت قصصا من مهاجرين عن التجار الوحشيين، الذين يأخذونهم كعبيد.
وتحملت الفتاة هي و300 من الأفارقة ست ساعات في قارب تهريب خشبي لعبور المضيق الضيق بين البحر الأحمر والخليج، عندما وصلوا قام المهربون بتحميلهم في شاحنات وقادوهما إلى مجمعات سكنية في الصحراء خارج قرية رأس العارة الساحلية.
وهناك كانت إجابة زهرة، لقد تم سجنها لمدة شهر في كوخ وحرمت من الإطعام، واتصل المهربون بأهلها لمطالبة أسرتها بتحويل 2000 دولار، لكنها قالت إنها ليس لديها عائلة كي تدفع لها.
وعندما طالبت بحريتها اغتصبها خاطفوها، واغتصبوا النساء العشرين الأخريات معها لعدة أسابيع، مشيرة في حديثها للوكالة إن المهربين استخدموا كل الفتيات.
هذا وقد أشارت بعض المواقع اليمنية إلى قصص مروعة عن اغتصاب للنساء والأطفال وحتى الرجال من قبل المهربين الأفارقة على الحدود اليمنية السعودية حيث أفادت بعض التقارير المحلية أن أعداد ضحايا الاغتصاب في شهر أكتوبر الماضي حوالي 11 ضحية منهم 8 (اناث)، 3 في سن الطفولة، إلى جانب اغتصاب 3 (ذكور).
تقول (ن.أ) وهي فتاة أثيوبية تبلغ من العمر 22 عاما.
"لحظة نزولنا في ساحل العارة قامت النقطة الأمنية باحتجازنا وتم بيعنا لدلال أثيوبي بالدولار، وتضيف لقد تم اغتصابي 3 مرات وتعذيبي" كما أفادت المهاجرة الأثيوبية بأنه تم اغتصابها أمام ابن عمها الذي كان برفقتها وأفادت المهاجرة باغتصاب 3 شباب آخرين 2 لايزالون في اليمن والأخير لا يعلمون إلى أين ذهب.
أما (م.أ) طفلة أثيوبية تبلغ من العمر 17 عاما فقد أفادت بأنها تعرضت للاغتصاب من قبل أربعة أشخاص وتم إسعافها لمستشفى اللاجئين وهي في حالة صحية سيئة جراء هذا العمل الوحشي.
مراكز الإيواء
رصد فريق المرصد الأوورمتوسطي ومنظمة سام أثناء زيارته إصلاحية السجن المركزي في تعز والتي تدار من الحكومة اليمنية أوضاعا مأساوية وإنسانية صعبة، حيث خصص مكان صغير من السجن المركزي لأولئك المهاجرين لإيوائهم بعد فرارهم من الحوثيين أو ممن تقطعت به السبل وانتهى به الأمر داخل تلك الإصلاحية.
وأول ما يلاحظ عند دخول تلك الإصلاحية تدني الخدمة الإنسانية والصحية، حيث يعاني المهاجرون هناك من تكدس الأعداد وقلة أعداد الغرف الممنوحة لهم بالإضافة إلى صغر حجمها وعدم ملاءمتها للاستخدام البشري.
كما يعاني أولئك المهاجرين من ضعف التغذية وعدم وجود ملابس وأغطية كافية لهم بالإضافة لعدم وجود وحدة طبية متخصصة لا سيما وأن بينهم أطفال ونساء بحاجة لرعاية طبية خاصة. أما عن وجبات الطعام فيتم تقسيمها بينهم وبين المعتقلين داخل تلك الإصلاحية.
وأفاد مدير الإصلاحية التابعة للسجن المركزي في تعز لفريق المتوسطي وسام، إن الحرب والحصار الذي تعانيه تعز منذ خمس سنوات ألقت بظلالها على أوضاع المتواجدين داخل الإصلاحية لا سيما وأن الأعداد في تزايد وما يزيد الأوضاع صعوبة الانفلات الأمني على الحدود اليمنية وضعف الدور الحكومي في ضبط دخول الأفراد في ظل سيطرة قوات الحوثي على العديد من المناطق ، الأمر الذي سهل دخول عشرات الأفراد يوميا إلى اليمن والذين يكملوا طريقهم إلى السعودية أو يقوم الحوثيين بتشغيلهم في تجارة المخدرات ونقل السلاح والمشاركة في المعارك الدائرة هناك.
تاسعا: غياب دور الحكومة اليمنية
تعاني اليمن منذ عام 2011 اضطرابات سياسية نتيجة اندلاع مظاهرات طالبت برحيل الرئيس اليمني وقتها "علي عبدالله صالح" وتحسين الأوضاع الاقتصادية والإنسانية للشعب اليمني، لكن حدة تلك التظاهرات تطورت نظرًا لتدخل عدة أطراف عربية في الصراع الدائر في اليمن وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات اللتان شاركتا فيما يسمى ب "عاصفة الحزم" والتي كانت لمشاركتها الأثر الكبير والخطير في انتهاك حقوق اليمنين سواء بالاعتداء على حياتهم نتيجة القصف واستخدام الأسلحة من قبل قوات تلك البلاد، أو حتى بالتدخل السياسي لحكومات تلك الدول في الشأن اليمني.
كل تلك الظروف أدت إلى ضعف بسط الحكومة اليمنية سلطتها ونفوذها على الكثير من مناطق اليمن ومن ضمنها منطقة رأس العارة الواقعة ضمن حدود محافظة لحج الحدودية، حيث كان لغياب الدور الحكومي الدور الأبرز في انتشار عمليات تهريب المهاجرين الأفارقة والاتجار بالبشر، وبرغم حجم الانتهاكات الغير مسبوق الدائر في منقطة رأس العارة إلا أن دور الحكومة اليمنية لم يرق للمستوى المطلوب لا سيما وأن هناك عصابات منتشرة تقوم بخطف وقتل المهاجرين الأفارقة في حال دفعهم للمال، وعلى الرغم من ادعاء الحكومة اليمنية بأنها تسير دوريات أمنية في المناطق الحدودية لا سيما مناطق تهريب المهاجرين إلا أن شهادات النشطاء والتقارير الحقوقية الراصدة للانتهاكات هناك تنفي ادعاءات تلك الحكومة.
عاشرا: سياسات الإتحاد الأوروبي تجاه المهاجرين
أدت سياسات الإتحاد الأوروبي المتشددة تجاه اللاجئين إلى تقليل أعداد المهاجرين الواصلين إلى الدول الأوروبية لا سيما الدول الأفريقية حيث انتهج الإتحاد الأوروبي سياسة إغلاق أبواب استقبال اللاجئين منذ بداية عام 2016 وحتى هذه اللحظة بل وصل الأمر إلى تقليل جهود انقاذ المهاجرين عبر البحر الأمر الذي أدى إلى غرق مئات المهاجرين ، حيث سجلت بعض التقارير الحقوقية منع الحكومات الأوروبية سفن انقاذ محلية ودولية انسانية من الرسو داخل مرافئها لأنها تحمل مهاجرين، إضافة إلى اقتراح دول الإتحاد الأوروبي بأن يكون هناك دول إنزال يتم تجميع المهاجرين فيها قبل دراسة أوضاعهم القانونية والإنسانية وتحديد المقبولين منهم لدخول الإتحاد الأوروبي، على أن تكون تلك الدول خارج الإتحاد الأوروبي . كل تلك العوامل دفعت المهاجرين الأفارقة إلى التفكير بدول أخرى للهجرة ومنها اليمن انطلاقا إلى المملكة العربية السعودية لكن المشكلة تكمن في الانتهاكات التي تقوم بها جماعات التهريب وغياب الدور الأمني للسلطات اليمنية وصمت دولي غير مقبول أمام كل تلك الانتهاكات الأمر الذي ساعد تلك الجماعات في الاستمرار بجرائمها وانتهاكاتها بحق أولئك المهاجرين دون أن يكون هناك أي موقف قانوني أو إجرائي لهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن أمام التقارير التي ترصد الأوضاع المأساوية والإنسانية للمهاجرين الأفارقة بشكل عام والأفارقة المتواجدين في اليمن بشكل خاص.
الحادي عشر: التوصيات
في ضوء جملة الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المهاجرون، فإن المرصد الأورومتوسطي ومنظمة سام، يوصيان، بما يلي:
-مطالبة السلطات اليمنية بتحمل مسؤولياتها تجاه ما يجري على الحدود اليمنية لا سيما منطقة رأس العارة بتسيير دوريات أمنية لملاحقة ومتابعة عصابات تهريب المهاجرين والإتجار بالبشر والعمل على ملاحقة أولئك المهاجرين قانونيًا وتنفيذ الحكم المناسب بحق الجرائم التي ترتكبها تلك العصابات.
-مطالبة السلطات اليمنية بتوفير المستلزمات والمواد الطبية للمستشفيات المحلية في المناطق الحدودية التي تقوم برعاية ومتابعة المهاجرين الأفارقة وتوفير المواد الغذائية الأساسية لهم، وبناء أماكن مخصصة لاستقبال أولئك المهاجرين مع توفير أبسط الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء وحماية لتلك الأماكن.
- دعوة المانحين لتقديم دعم مباشر للجهات والمؤسسات الحكومية والأهلية العاملة في مجال مساعدة المهاجرين.
-التأكيد أن دول الإتحاد الأوروبي مطالبة بمراجعة سياساتها تجاه ملف الهجرة والتي أدت إلى تعقيد أوضاع المهاجرين الأفارقة بشكل خاص وتعريض حياتهم للخطر حيث أدت تلك السياسات إلى تنشيط دور عصابات الإتجار بالبشر ومافيات التهريب التي تقوم باستغلال الأوضاع الإنسانية والاقتصادية الصعبة لأولئك المهاجرين وتقديم وعود كاذبة بإيصالهم إلى دول أكثر أمانًا.
-تكثيف عمليات الإنقاذ من الدول الأوروبية والسماح للسفن الإنسانية الدولية والمحلية بممارسة مهامها دون تقييد أو منع والعمل على استقبال أولئك المهاجرين وتوفير الحماية القانونية التي ينص عليها القانون الدولي.
-دعوة السلطات السعودية إلى وقف إرجاع المهاجرين الأفارقة وخاصة الأثيوبيين إلى الحدود اليمنية نظرًا للانتهاكات التي يتعرض لها أولئك المهاجرين في تلك المناطق، كما يدعوها إلى ضرورة تطبيق قواعد القانون الدولي فيما يتعلق بالمهاجرين من توفير أماكن مخصصة تضمن لهم التمتع بحقوقهم الأساسية من الغذاء والدواء والحماية.
-دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة وبخاصة مجلس الأمن بالتحرك الفعلي على أرض الواقع لضمان وقف الانتهاكات التي يمارسها تجار البشر وعصابات التهريب على الحدود اليمنية السعودية، وتوفير آليات تضمن حماية أولئك المهاجرين بالإضافة لملاحقة تلك العصابات وضمان ملاحقتهم قانونياً عن جرائمهم المرتكبة بحق أولئك المهاجرين.
- مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على السلطات الحاكمة في اليمن لمعالجة جرائم التعذيب والحجز غير القانوني التي يتعرض لها المهاجرون.
-إيجاد آليات واضحة لمحاربة ظاهرة الاتجار بالمهاجرين، ومنع الابتزاز والاستغلال الجنسي ضدهم، وفتح تحقيق عادل في جرائم التعذيب والقتل ولاغتصاب التي تعرض لها المهاجرون، وتقديم المتورطين فيها للعدالة، وتحقيق الإنصاف وجبر الضرر للضحايا.
-دعوة الدول الإفريقية؛ إلى وضع حد للانتهاكات المبرمجة لحقوق الإنسان، وتوفير مقومات الحياة الكريمة لشعوبهم؛ من أجل الحد من ظاهرة الهجرة.
-تقديم المساعدة النفسية والصحية للناجين من ضحايا التعذيب والحجز غير القانوني للمهاجرين.
إعداد استراتيجية متكاملة، لوقف نشاط معسكرات الحجز والتعذيب.
-تخصيص موارد كافية لإمداد المهاجرين المحررين من الأسر بالطعام الكافي والمأوى والرعاية الصحية، إلى أن يتم إعادتهم لبلادهم، بعد التأكد من ضمان سلامتهم حال العودة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.