"رويدا"، طفلة في ربيع عمرها السابع، كانت تقف على بعد عشرات المترات أمام منزلها في مدينة تعز (جنوبي غرب البلاد) عندما هاجمتها رصاصة قناص حوثي وهي تقف أمام خزان ماء ذهبت إليه لتجلب لأسرتها ما تستطيع أن تحمله يداها الصغيرتان من مياه في دبة بلاستيكية حجمها تقريبا (5 لترات). حكاية "رويدا" الطفلة التي أطلق عليها فيما بعد استهدافها (طفلة الماء) كانت حادثة استهدافها، بحسب إحصائيات لجهة حقوقية، هي رقم (366) لحالات قنص حوثية استهدفت الأطفال في المدينة خلال خمس سنوات.
قبل ساعات قليلة من مساء ال17 من شهر أغسطس/ آب الجاري، كانت الطفلة "رويدا صالح" في الشارع الثاني المقابل لمنزل أسرتها بحي كلابة (أحد الأحياء السكنية الشمالية لمدينة تعز) عندما كانت رصاصة قناص المليشيا الحوثية المتمركز في معسكر الأمن المركزي تستعد للانطلاق من سلاح قناص لا يرحم، لتستهدف جسد طفلة صغيرة على الأرجح لا تعي معنى "حرب".
قناص مليشيا الحوثي المتمردة استهدف "رويدا"، طبقا لمصادر متطابقة، "بشكل متعمد" في رأسها لتسقط أرضا مضرجة بالدماء في مكان مكشوف يسهل عليه (أي القناص الحوثي) استهداف كل من يحاول إسعافها، غير أن شقيقها الذي يكبرها بعام طار مسرعا لإنقاذ شقيقته غير آبه برصاصات ذلك القناص وغير مبال بالخوف من الاستهداف الذي أصاب أهالي المنطقة الذين عجزوا حينها عن إنقاذ "رويدا".
"رويدا" أسعفت بعد عملية الإنقاذ البطولية التي قام بها شقيقها إلى مستشفى الروضة، ليؤكد الأطباء أن حالتها الصحية "حرجة" وتحتاج إلى عملية مستعجلة، وهو الأمر الذي حدث، فقد نجت طفلة الماء "رويدا" من رصاصة قناصة ذلك الذئب البشري، وتعود ابتسامتها الطفولية مجددا إلى شفتيها وإلى وجوه أفراد أسرتها.
* مطالبات بفضح المليشيا بحق الاطفال بتعز . يذكر التقرير الصادر عن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد) بعنوان (قنص الأطفال) في محافظة تعز، أن مليشيا الحوثي المتمردة وخلال الفترة من مارس من العام 2015م وحتى أغسطس 2020م قتلت (130) طفلا في تعز، وأصابت (236) آخرين، جميعهم، بحسب التقرير أعمارهم تتراوح بين (1 - 17 عاما).
وبحسب مصادر حقوقية متطابقة وأخرى مطلعة فإن قنص الطفلة "رويدا" هي حالة ضمن الآلاف من القصص المأساوية الناتجة عن جرائم المليشيا الحوثية المتمردة المدعومة إيرانياً بحق أطفال اليمن، الذين يعانون شتى صنوف الانتهاكات الحوثية، تتوزع بين قتل وتشريد وتجنيد إجباري وحرمان من التعليم، واستغلالهم كدروع بشرية، وفي زراعة الألغام، الأمر الذي ينذر بجيل مشبع بالعنف والقتل، ومفخخ بأفكار متطرفة.
الفريق الحقوقي (رصد) طالب في تقريره ب"سرعة فتح تحقيق عاجل في واقعة استهداف طفلة الماء بتعز "رويدا" من قبل أحد قناصة مليشيا الحوثي وكل الوقائع المماثلة سابقا ولاحقا"، وشدد الفريق على "إحالة ملفاتها إلى القضاء تمهيدا لملاحقة مرتكبيها وتقديمهم للعدالة".
كما طالب "المنظمات المحلية والدولية إلى تكثيف الجهود الرامية لرصد وتوثيق وقائع استهداف أطفال تعز" من قبل قناصة مليشيا الحوثي الانقلابية خلال السنوات الماضية، ومشددا على "كشفها للرأي العام المحلي والدولي".
وأشار التقرير الحقوقي إلى أن كشف جرائم استهداف المليشيا الحوثية للأطفال في مدينة تعز، للرأي العام المحلي والدولي "من شأنه تشكيل مزيد من الضغوطات على مليشيا الحوثي للتوقف عن كل الأعمال العدائية التي تستهدف المدنيين بالدرجة الرئيسية وفي مقدمتهم الأطفال".
إحصائيات يشير تقرير - التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد) - إلى أن رصاص قناصة مليشيا الحوثي الانقلابية حصدت أرواح (130) طفلا، منهم (88) ذكور و(42) إناث، في حين أصابت (236) آخرين منهم، (170) ذكور، و(66) إناث، وذلك في (16) مديرية بالمحافظة.
ولفت إلى أن مديرية القاهرة، وسط مدينة تعز، احتلت المرتبة الأولى من حيث عدد الأطفال الذين سقطوا ضحايا رصاص قناصة مليشيا الحوثي المتمردة، وذلك بواقع (22) قتيلا، و(53) جريحا من الأطفال.
ويقول: إن مديرية المظفر، غربي المدينة، تأتي في المرتبة الثانية بعدد (29) قتيلا، و(45) جريحاً، ثم مديرية صالة، شرقي المدينة، وذلك بمعدل (26) قتيلا، و(43) جريحا جميعهم أطفال دون سن ال18 عاماً.
وبحسب التقرير فإن مديرية المعافر، جنوبي غرب المحافظة شهدت مقتل طفلين، وإصابة طفل ثالث برصاص قناصة مليشيا الحوثي الانقلابية، في حين سجلت مديرية المقاطرة، جنوبي المحافظة (3) حالات قتل لأطفال برصاص قناصة المليشيا الحوثية.
تقرير (تحالف رصد) اعتبر سلاح القناصة التابع للمليشيا الحوثية رابع أكثر الأسلحة فتكا بأرواح المدنيين بما فيهم النساء والأطفال في مدينة تعز، وذلك طوال السنوات الماضية، وذلك بعد "الصواريخ" و"المدفعية" و"الألغام الأرضية" بكل أنواعها.
ولفت إلى ان مليشيا الحوثي الانقلابية قامت طوال الفترات الماضية بنصب عدد كبير من قناصتها في عدة مبان ومنشآت داخل الأحياء السكنية وعلى التباب المرتفعة المحيطة بمدينة تعز، وبعض القرى والمناطق الريفية التي كانت مسرحا للمواجهات الدامية. نقلا عّن 26سبتمبر