مقتل امرأة برصاص مليشيا الحوثي الإرهابية في إب    متلازمة الفشل عند الإخوان!!    من حق أنصارالله أن يحتفلون.. وعلى لابسي العبايات أن يتحسرون    إصابة 8 جنود صهاينة بانقلاب آلية عسكرية    بطولة إسبانيا: ريال مدريد يواصل صدارته بانتصار على إسبانيول    مدرب الاتحاد يفكر بالوحدة وليس النصر    مانشستر يونايتد يتنفس الصعداء بانتصار شاق على تشيلسي    إصلاح حضرموت ينظم مهرجاناً خطابياً وفنياً حاشداً بذكرى التأسيس وأعياد الثورة    أحزاب المشترك: ثورة 21 سبتمبر محطة فارقة في استعادة القرار وإسقاط الوصاية    عودة الوزراء المصابين الى اعمالهم    الدكتور عبدالله العليمي يشيد بالجهد الدولي الداعم لتعزيز الأمن البحري في بلادنا    من سيتحدث في الأمم المتحدة وما جدول الأعمال؟    الترب يهنئ القيادة الثورية والسياسية بالعيد ال 11 لثورة 21 سبتمبر    السعودية تعلن تقديم دعم مالي للحكومة اليمنية ب مليار و380 مليون ريال سعودي    وفاة طالب متأثراً بإصابته أثناء اغتيال مدير صندوق النظافة بتعز    شباب المعافر يُسقط اتحاد إب ويبلغ نهائي بطولة بيسان    لقاء أمريكي قطري وسط أنباء عن مقترح أميركي حول غزة    المنتصر يبارك تتويج شعب حضرموت بكأس الجمهورية لكرة السلة    منتخب اليمن للناشئين يفتتح مشواره الخليجي أمام قطر في الدوحة    عطوان يصف تهديدات كاتس بالهذيان! ويتحدا ارسال دبابة واحدة الى صنعاء؟    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويل أموال وكيانين مصرفيين    السعودية تعلن عن دعم اقتصادي تنموي لليمن    مساء الغد.. المنتخب الوطني للناشئين يواجه قطر في كأس الخليج    شرطة تعز تعلن القبض على ثلاثة متورطين في جريمة اغتيال أفتهان المشهري    مستشفى الثورة في الحديدة يدشن مخيماً طبياً مجانياً للأطفال    توزيع 25 ألف وجبة غذائية للفقراء في مديرية الوحدة    تعز بين الدم والقمامة.. غضب شعبي يتصاعد ضد "العليمي"    انتقالي العاصمة عدن ينظم ورشة عمل عن مهارات الخدمة الاجتماعية والصحية بالمدارس    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية على أجزاء من 6 محافظات    الشيخ عبدالملك داوود.. سيرة حب ومسيرة عطاء    بمشاركة 46 دار للنشر ومكتبة.. انطلاق فعاليات معرض شبوة للكتاب 2025    وزير الخدمة يرأس اجتماعا للجان دمج وتحديث الهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة العامة    تعز.. خسائر فادحة يتسبب بها حريق الحوبان    هولوكست القرن 21    وفاة 4 من أسرة واحدة في حادث مروع بالجوف    بورصة مسقط تستأنف صعودها    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    إب.. وفاة طفلين وإصابة 8 آخرين اختناقا جراء استنشاقهم أول أكسيد الكربون    بسبب الفوضى: تهريب نفط حضرموت إلى المهرة    الرشيد يصل نهائي بيسان ، بعد الفوز على الاهلي بهدف نظيف، وسط زخم جماهيري وحضور شعبي الاول من نوعة منذ انطلاق البطولة    بن حبريش: نصف أمّي يحصل على بكلاريوس شريعة وقانون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع " التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون"    أين ذهبت السيولة إذا لم تصل الى الشعب    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتفاق الرياض.. تهجين محرم للشرعية اليمنية على طريقة التحالف
نشر في أخبار اليوم يوم 05 - 11 - 2020

يكتمل عام على تهجين الدولة اليمنية الشرعية، بسلالات انفصالية ومناطقية، عبر مايعرف باتفاق الرياض، الذي رعتاه المملكة العربية السعودية بين الحكومة اليمنية والانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا.

اتفاق جاء عقب تمرد وانقلاب المجلس الانتقالي وسيطرة مليشياته على محافظة عدن جنوب اليمن، وطرد الحكومة الشرعية منها، برعاية دولة الإمارات العربية المتحدة الشريك الثاني في التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن.

انقلاب يراه البعض أن الهدف منه هو تهجين الشرعية اليمنية بالحقن الانفصالية، بما يفضي إلى سلخ سيادة الدولة اليمنية وتشريحها وتفكيكها، واستئصال ماتبقى من كيانها المُهْتَرِئٌ، من خارطة النفوذ السياسي والعسكري في الجغرافيا الجنوبية للبلاد، بعد انقلاب مليشيات الحوثي المدعومة إيرانياً في أيلول سبتمبر 2014م.

ويضيف آخرون أن تلقيح الحكومة الشرعية بالجينات المناطقية والعنصرية يرد منه، منح صكوكاً استباحة الجغرافيا اليمنية، لتلك الدول الراعية للاتفاق، بما يفتح لها سراديب للوصاية للمشاريعها الاستعمارية.

بحسب خبراء، فأن تهجين الشرعية اليمنية بالحقن الانفصالية عبر اتفاق الرياض، كان الغرض منه قهقر قدرات الشرعية اليمنية التي تصارع مليشيا الانقلاب الحوثي في الشمال، وسلخ سيادتها في الجغرافيا الجنوبي لليمن، ومن ثم تشريحها وتفكيكها هويتة الوطنية.

التهجين الذي فرضه اتفاق الرياض يقول الخبراء، انه مجرد تبادل للهيمنة والوصاية بين الإمارات والسعودية، يعمل على انتزاع عناصر جوهرية للسيادة اليمنية من الحكومة الشرعية، على أصعدة سياسية وإدارية وعسكرية وأمنية، ويصب بالأساس في مصلحة "الانفصاليين المدعومين من الإمارات" في الجنوب، والمتمردين الحوثيين في الشمال، بما لا يساعد على إيجاد حلّ نهائي للأزمة التي يعيشها اليمن منذ سنوات.

هو تهجين محرم، بحقن دولة النظام والدستور (الشرعية اليمنية)، بالجماعات والمليشيات الانفصالية الموالية لدول إقليمية لاتؤمن بوحدة التراب اليمني، وتكفر بالحكومة الشرعية ومرجعياتها السياسية (الانتقالي الجنوبي)، برعاية السعودية، يشير الخبراء.

*اتفاق الرياض
في ال 5 نوفمبر 2019، كانت الشرعية اليمنية مع موعد اصدر الحكم النهائي بتهجينها ماتبقى منها، عبر البروتوكول الذي صاغته المملكة العربية السعودية وأشرفت علية دولة الإمارات، بين الحكومة الشرعية ومايعرف بالمجلس الانتقالي، الموالي للأخير "

ال 5 نوفمبر 2020، يكتمل "اتفاق الرياض" عامه الأول، والذي كان يُفترض أن يُنهي خلال مدة لا تتجاوز 90 يوما الإشكالية الناتجة عن تمرد وانقلاب المجلس وسيطرته على العاصمة المؤقتة عدن (جنوب) وطرد الحكومة الشرعية منها.

الاتفاق الموقع في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، مَثَّلَ بارقة أمل للقوى السياسية المناهضة لجماعة الحوثي، لتوحيدها خلف الشرعية اليمنيه، وتفرغها لمواجهة الحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأغلب المحافظات الشمالية منذ 2014.

وتركز الاتفاق في شقه السياسي على إشراك المجلس الانتقالي في حكومة جديدة، في حين نص في شقه العسكري والأمني على انسحاب مليشياته من عدن والمحافظات التي سيطر عليها المجلس، ودمجها ضمن قوام الجيش والأمن، وإنهاء الأسباب التي أدت إلى الانقلاب على الحكومة الشرعية.

وبعد أشهر من تعثر تنفيذ الاتفاق وتبادل الاتهام بالعرقلة، أعلنت السعودية نهاية يوليو/ تموز الماضي، آلية لتسريع التنفيذ نصت على تشكيل الحكومة خلال شهر، يتم خلاله تنفيذ الشقين العسكري والأمني من الاتفاق.

ورغم مرور نحو ثلاثة أشهر على إعلان الآلية، فإن ما تحقق هو تقدم طفيف، تمثل في تسمية رئيس الحكومة، وتعيين محافظ ومدير لأمن العاصمة المؤقتة عدن، فيما لا تزال مشاورات تشكيل الحكومة جارية.

بينما لم يتم إحراز أي تقدم في تنفيذ الشقين العسكري والأمني، وهما معيار النجاح الحقيقي، بحسب مراقبين.

فشل الدبلوماسية السعودية
مع مرور عام على توقيع اتفاق الرياض، تبادل طرفا الاتفاق الاتهامات بشأن عرقلة تنفيذه، كما أجريت تعديلات فيه كانت لصالح المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، وما نُفِّذَ منه حتى الآن فإنه يصب لصالح المجلس الانتقالي الموالي للإمارات، كما أن التحركات على الأرض منذ توقيع الاتفاق كانت أيضا لصالح المجلس الانتقالي، مثل السيطرة على أرخبيل سقطرى، وما زالت المحاولات الالتفافية على الاتفاق من قبل حلفاء الإمارات جارية.

وبقدر ما يعكس تعثر تنفيذ الاتفاق فشل الدبلوماسية السعودية، فإنه في نفس الوقت يعكس حجم المؤامرات التي تحاك ضد اليمن، حيث تستخدم مختلف الأوراق لإضعاف السلطة الشرعية، ومحاولة فرض واقع جديد من شأنه تمرير مشروع الانفصال بسلاسة، والامتصاص التدريجي للغضب الشعبي إزاء كيد الأشقاء، خاصة بعد أن بدا لداعمي مشروع الانفصال، الإمارات والسعودية، أن كل الدعم والتدريب والتسليح للمليشيات الانفصالية خلال خمس سنوات كاد أن ينتهي في لحظة واحدة على أسوار مدينة عدن، في أغسطس 2019، وتم تدارك الموقف بقصف همجي بواسطة الطائرات الحربية الإماراتية طال وحدات من الجيش الوطني في أحد مداخل مدينة عدن كانت على وشك استعادة السيطرة عليها.

*ليست صدفة.. السلم والشراكة و اتفاق الرياض
تلدغ الحكومة الشرعية في جُحْرهاٍ للمرة الثاني، الأولى كانت بتطبيعها مع الانقلاب الحوثي عبر اتفاق "السلم والشراكة" 2014م، الذي ادخل الجغرافيا اليمنية في حرب شوعا، والثاني بشرعة الانقلاب الإماراتي عبر التوقيع على "اتفاق الرياض"، الذي يتوقع مراقبين أن يدخل الشطر الجنوبي للبلاد في دوامة حرب ستكون اعنف من سابقاتها.

وفي الآونة الأخيرة أبدى سياسيون ومحللون يمنيون مخاوفهم من أن يصبح اتفاق الرياض نسخة من اتفاق السلم والشراكة، الذي وقعته القوى السياسية اليمنية وجماعة الحوثي الانقلابية عند اجتياحها صنعاء، في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، بتواطئ أممي وإقليمي وخليجي.

ويرى كثيرين أن اتفاق الرياض لا يختلف عن اتفاق السلم والشراكة إلا في تفاصيل.. مشيرين إلى أن التشابه بين الاتفاقين ليس مجرد صدفة، فالداعمين الإقليميين للاتفاق الأول هم نفس الداعمين للاتفاق الثاني.

اتصالاً بذلك فأن النتيجة هي مخاوف من أن الاتفاق يُضعف الحكومة الشرعية لصالح المليشيات التي تفرض سيطرتها بقوة السلاح والدعم الخارجي، مقابل تنازلات الدولة تحت وقع الضغوط الخارجية.

ومن أوجه التشابه بين اتفاق السلم والشراكة واتفاق الرياض الذي ترعاه السعودية في اليمن بين الحكومة الشرعية ومايسمى بالانتقالي الجنوبي بحسب مصادر سياسية مطلعة:
1- تكريس منطق القوة ومنح المليشيات الانقلابية شرعية لتمردها على أرض الواقع، على حساب الدولة التي تحتكر الصفة الدستورية.
2- المساواة بين سلطة الدولة والمليشيات.. اتفاق السلم والشراكة كان ينص على انسحاب المليشيا الحوثية من صنعاء مقابل استيعابهم في العملية السياسية والسلطة، والأمر ذاته يتكرر في اتفاق الرياض الذي ينص على انسحاب المليشيا من عدن.
3- القبول بما تفرضه المليشيات من إمر واقع، والضغط على سلطة الدولة الشرعية للتنازل عن صلاحياتها وهيبتها وقراراتها وسيادتها لصالح المليشيات الانقلابية.
4- الشجيع على استمرار الانقلابات والتمرد واستخدام العنف لتحقيق المطالب السياسية.
5- عم ممارسة أي ضغوط من قبل الأطراف الراعية لاتفاق السلم والشراكة ولاتفاق الرياض، على المليشيات الانقلابية للوفاء بالتزاماتها، بينما يكون الضغط دائما على سلطة الدولة للتنازل

*انعكاسات كارثية
بعد عام كامل من فشل الإستراتجية السعودية بتطبيق اتفاق الرياض الأرض بين الشرعية اليمنية، ومايعرف بالانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات، وانعكاساته الكارثية على سير المعركة التي حددها التحالف العربي في أهدافه، باستعادة الشرعية اليمنية وكبح الجموح الإيراني في اليمن.

تصب جميع المؤشرات لصالح حلفاء طهران في اليمن جماعة الحوثي الانقلابية، وحلفاء الإمارات الانتقالي الجنوبي، فبينما فشلت السعودية في تطبيق اتفاق الرياض الذي ترعاه سعت الجماعة الحوثية إلى الاستفادة سياسيا وميدانيا مما يجري إلى أقصى حد ممكن.

المستوى العسكري
على المستوى العسكري، أفضت الانعكاسات السلبية بفشل اتفاق الرياض والاستراتيجة السعودية التي تلزم أطرافة بتطبيقه على الأرض خلال عام كامل إلى كبح التقدم العسكري لقوات الجيش الوطني التابع للحكومة الشرعية في عدد من الجبهات، بمقابل أتاح للانقلابيين الحوثيين التمادي والتقدم العسكري في أكثر من جبهة أبرزها في نهم ومحافظة الجوف، ومحاولة اختراق معقل الشرعية اليمنية وجيشها في محافظة مأرب التي شهدت في الفترة الأخيرة معارك هي الأعنف خلال خمس سنوات من الصراع في اليمن.

الصعيد السياسي
وعلى الصعيد السياسي، منح الاتفاق "الحوثيون" فرصة لالتقاط أنفاسها على جبهات القتال مع الجيش الوطني، في عدد من محاور القتال، وحاولت سياسيا تسويق نفسها دوليا، في مسعى منها لكسب اعتراف بسلطتها على الأرض.

ومثل فشل تطبيق الاتفاق وتشكيل الحكومة اليمنية وعودة إلى العاصمة المؤقتة عدن، بالنسبة للجماعة الحوثية خدمة كبيرة لمشروع وانقلابه في صنعاء، لأن مدينة عدن كانت رمز الشرعية، ومثلت نقطة انطلاق لتجميع مؤسسات الدولة ومقوماتها العسكرية، والسياسية، والاقتصادية.

ومنح الاتفاق الذي أزاح الحكومة الشرعية عن المشهد في عدن وبعض المحافظات الجنوبي، انتصارا مجاني لجماعة الحوثي التي دأبت على ترويج فشل الحكومة الشرعية وانقسام معسكرها، وأنه لا يمكن لها أن تقوم بمهامها أمام الشعب، وبالتالي فإن اتفاق الرياض أثبت صحة ما تقوله الجماعة الحوثية، وعزز وجهة نظرها أمام المجتمع الدولي في حقيقة مآل السلطات الشرعية في اليمن.

وفي الوقت الذي منح اتفاق الرياض نوع من الشرعية لمايعرف بالانتقالي الجنوبي، تمخض عنه إنشاء الأخيرة لتحالفات سرية مع جماعة الحوثي عقب التقاربات الإماراتية الإيرانية، وتكوين جبهة موحدة لاستنزاف قوات الجيش الوطني والحكومة الشرعية.

وتثبت المعطيات الميدانية أن كل تصعيد عسكري لمليشيا الحوثي يتزامن مع تصعيد عسكري لحفاء الإمارات في اليمن "الانتقالي الجنوبي" في محافظة أبين وسقطرة وشبوة وحضرموت.

المستفيدون من الاتفاق
الحوثيون وإيران
تشير المحصلة النهائية من فشل تنفيذ اتفاق الرياض، أن جماعة الحوثي أكبر المستفيدين من فشل الاتفاق وتفيد شقية العسكري والأمني الذي يحيل عودة الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن، "كون فشل الاتفاق يصرف عنها المعركة تماما وإنهاء انقلابه، إلى خلق انقلاب آخر على السلطة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن وسقطرى".

و يسعى حلفاء إيران "الحوثيون" إلى اعترافا دوليا به وبسلطتهم، بفعل الاستراتيجية السعودية التي تقف خلف اتفاق الرياض، والتي أضعفت الحكومة الشرعية في البلاد وقلصت خارطة نفوذها العسكري في الجنوب اليمني، وجعلت من تلك الجغرافيا ساحة حرب شبيهة بالحرب الأهلية اليمنية عام 1986 والتي راح ضحيتها نحو 20 ألف يمني.

تجدوا الإشارة إلى إن فشل تنفيذ اتفاق الرياض والتماهي السعودي مع حلفاء الإمارات باليمن، مثل خيارا مثاليا بالنسبة لإيران في هذه المرحلة لتثبيت موقعها قوّة إقليمية منافسة للسعودية.

جاء ذلك بإعلان الخارجية الإيرانية، أخيرا، تعيين حسن إيرلو سفيرا في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ليمثل منعطفا جديدا في سياق الصراع الإقليمي السعودي - الإيراني في اليمن، فإضافة إلى تبعات دخول إيران رسمياً في الساحة اليمنية، حليفا إقليميا وداعما رئيسا لوكيلها المحلي، جماعة الحوثي، وانعكاس ذلك على مسارات الحرب في اليمن، فإن ذلك قد يدفع الصراع الإقليمي بين إيران والعربية السعودية، قائدة التحالف العربي في اليمن، إلى مستوىً أعلى، في ظل تشاركهما المجال اليمني، فيما يمثل أيضا انكشافاً سياسياً للسعودية.

امتيازات الإماراتية
جاء اتفاق الرياض ليؤسس لصراعات وحروب مستقبلية في اليمن، بما يسمح بمنح الإمارات وحلفائها باليمن بعض الميزات العسكرية والاقتصادية.

وأعطى الاتفاق الذي ترعاه السعودية حكومة أبوظبي الهيمنة التامة على الموانئ اليمنية وشرعنه لمشروعها التوسعي في جنوب اليمن وجزيرة سقطرى التي تسيطر عليها المليشيا التابعة لها منذا يونيو من العام الحالي.

الميزات السعودية لحليفتها في التحالف الإمارات جاءت في الاتفاق في كثير من الفقرات التي لم تحمل الانتقالي أي شئ بل تعطيه الكثير من الامتيازات والحقوق والحقائب والمشاركة في الحكم وصناعة القرار ليس في عدن أو المناطق الجنوبية بل في كل المناطق المحررة مع عدم التزام الانتقالي بأي بند سياسي أو أمني أو حقوقي، الأمر الذي سيمنح دولة الإمارات الغطاء الحكومي في الاستمرار بانتهاكات الإنسانية، والاعتقالات والتعذيب والتغييب، وموصلة مشلسل الاغتيال السياسي التي تمارسها في الجنوب اليمني.

بمعنى أخر الاتفاق أعاد تثبيت وتعزيز وتقوية دور الإمارات سواء بشكل مباشر عبر رعايتها المستمرة للاتفاق أو بشكل غير مباشر عبر أدواتها من المجلس الانتقالي وكذا الحفاظ على كامل سلاحها العسكري.

وفي موازاة ذلك يعد اتفاق، اعترافا ضمنيا بنوع من "الشرعية" للمجلس الانتقالي الذي لا تزال الأمم المتحدة المشرفة على عملية السلام بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي ترفض مشاركة ممثليه في جميع الاتفاقيات بين الطرفين.

ولا توجد قيود واقعية تضمن أن يحد الاتفاق من قدرات مليشيا المجلس الانتقالي على إمكانية فرض الأمر الواقع باستخدام القوة في مراحل لاحقة، فقد منح الاتفاق الانتقالي الجنوبي شرعية دولية لم يكُن يتمنّاها وسلطة واقعية قد تؤسّس لأزمات أعمق في المستقبل القريب.

ويمكن أن يؤدي اقتسام السلطة وفق "اتفاق الرياض" إلى تعزيز قدرات المجلس الانتقالي الجنوبي من خلال الصلاحيات الإضافية داخل الحكومة والتي قد تفضي إلى منح المجلس سلطة "حكم ذاتي" في جنوبي اليمن يمكن له على المدى البعيد أن يؤدي مستقبلا إلى إقامة دولة مستقلة عن الشمال، وهو الهدف الذي يسعى إليه المجلس الانتقالي وتدعمه الإمارات.

الرصاصة الأخيرة
في خضم هذه التطورات الدراماتيكية على الساحة اليمنية والدولية، بوصول السفير الإيراني لدى الحوثيين إلى صنعاء، والتي تأتي بالتوافق مع الانتخابات الأمريكية التي تتوجس المملكة من وفوز المرشح الديمقراطي "جو بايدن" وخسارته حلفيها "دونالد ترامب"، تسابق السعودية الزمن لتشكيل الحكومة اليمنية المقبلة في ذكرى توقيع اتفاق الرياض.

وكثفت السعودية من ضغوطها على الحكومة اليمنية الشرعية لإعلان حكومة الشراكة المرتقبة بناء على اتفاق الرياض، وذلك قبل أيام من حلول الذكرى الأول لتوقيعه، والتي تصادف يوم الخميس الموافق 5 نوفمبر 2020.

التحركات السعودية التي أخفقت في أول اختبار سياسي لها، وذلك بإخراج اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً إلى النور، رغم طرح عدد من النسخ المعدلة عليه في مسعى لإنفاذه.

جاءت من باب الضغط المستمر على الشرعية اليمنية لتجزئة الاتفاق وتقديم شقة السياسي على بنوده العسكرية والأمنية التي هي من تعهدات حلفاء الإمارات الانتقالي الجنوبي.

وخلال الأيام القليلة الماضية حاولت المملكة العربية السعودية الضغط بشتى الطرق على الحكومة الشرعية لإعلان تشكيل الحكومة المقبلة وفق إليه تسريع اتفاق الرياض قبل تطبيق الشق العسكري والأمني المتعلق بانسحاب القوات المدعومة إماراتياً من عدن وأبين، قبل صدور قرار جمهوري بتشكيل حكومة التوافق المرتقبة.

يشار إلى إن هذه التحركات والضغوط السعودية تزامنت مع ضغوط دولية وإقليمية، على الشرعية اليمنية، لتجزئة اتفاق الرياض وتشكيل الحكومة قبل تنفيذ البند العسكري والأمني من الاتفاق.

مخاوف حكومية
في المقابل سعت الشرعية اليمنية إلى اتخاذ موقف موحّد في ما يخص طريقة تنفيذ اتفاق الرياض، والضغوط السعودية والدولية، بالتمسك بضرورة تطبيق الشق العسكري والأمني المتعلق بانسحاب القوات المدعومة إماراتياً من عدن وأبين، قبل صدور قرار جمهوري بتشكيل حكومة التوافق المرتقبة.

وكانت مصادر حكومية قد حذرت من تجزئة اتفاق الرياض، مشيره إلى إن ذلك يحمل مخاطر جمة على أمن اليمن ووحدته واستقرار المنطقة بشكل عام، كما كشف عن ضغوطات لسفراء، لم يسمهم، لتشكيل الحكومة قبل تنفيذ الشق العسكري.

واكتملت بالفعل مشاورات تشكيل الحكومة التي استمرت 3 أشهر، وفقاً للمصادر، وسيحصل المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً على نصيب الأسد، وذلك بواقع خمس حقائب من إجمالي 24، فيما سيحصل حزبا المؤتمر والتجمع اليمني للإصلاح على أربع حقائب لكلٍ منهما. واحتفظ الرئيس هادي بأربع حقائب سيادية، فيما سيتم توزيع باقي الحقائب على حزبي الناصري والاشتراكي ومكونات المهرة وسقطرى وحضرموت.

وتوقعت مصادر سياسية أن يكون التشكيل الحكومي جاهزاً، مع نهاية هذا الأسبوع، إلاّ أنها أكدت في الوقت ذاته أن القرار لن يصدر إلا بعد تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض المتعثر، وأن غير ذلك يعتبر مغامرة خطيرة من الرئيس هادي، إن لم يكن المسمار الأخير في نعش الشرعية.

مسمار في نعش الشرعية
تشير تسريبات إلى أن السعودية تضغط أن يكون إعلان تشكيل الحكومة المقبلة خلال الأيام المقبلة، بعد ضغوط جديدة على الشرعية للتخلي عن تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض وانسحاب القوات الانفصالية من عدن، ولذلك يتزايد خوف الرئاسة اليمنية، فنراها تقدم رِجْلاً وتؤخر الثانية.

فالذهاب إلى إعلان حكومة من دون انسحاب المليشيات من عدن، هو الرصاصة الأخيرة في نعش الشرعية.

التسريبات تفيد، بان الرئيس هادي قد استنفد كافة الحيل والحجج والأعذار الطبية لتأجيل إعلان التشكيل قبل تنفيذ الشق العسكري، أو إعادة تطبيع الأوضاع في سقطرى التي تسيطر عليها مليشيا الانتقالي، وسيرضح مجبراً، لا رئيساً.

في موازاة ذلك تشير التسريبات إلى أن المملكة السعودية تريد نصراً سياسياً في هذا الملف بأي طريقة، حتى على حساب الشرعية اليمنية وسيادتها، لأنها في موقف حرج.

فبعد نحو عام من توقيعه، لم تحقق الرياض أي نتائج جوهرية سوى أنها جمعت طرفي اتفاق الرياض في العاصمة السعودية، بعد أن كانت أبوظبي مقراً مؤقتاً لقيادات "المجلس الانتقالي الجنوبي"، قبل أن يتم نقلها إلى فندق "ريتز" الشهير.

ودفعت السعودية، أخيراً، الرئيس هادي للقاء برئيس الانتقالي الجنوبي الزبيدي. وعلى الرغم من عدم إذاعة الإعلام الرسمي لصور أو تفاصيل اللقاء، إلا أن موجة تسريبات كانت تكتسح وسائل الإعلام بأن ساعة الحق قد حصحصت.

ووفقا لمصادر مطلعة فأن السعودية تعمل بضغوطها السياسية على الشرعية اليمنية لتجزئة اتفاق الرياض والتي ليست بمعزل عن الفلسفة الإماراتية، لترحيل المشكلات مؤقتاً، وهو ما يفتح باب الصراعات والقتال مرة أخرى، ويساهم في زيادة إضعاف الحكومة الشرعية، من خلال حقنها وتهجينها بمليشيات مناطقية، انفصالية، والتي ستجد نفسها في الأخير محشورة بين انتقالي الإمارات، وحوثي إيران"، التي تأملان من هذا الاتفاق إن يكون جسر عبور لإنهاء الحرب في اليمن وترسيخ سلطات الانقلاب في شمال وجنوب اليمن، ويمهد الطريق للاعتراف بسلطات الحوثيين في المستقبل.

فالمتغيرات الدولية والسياسية الأمريكية التي ستتمخض عن الانتخابات المقبلة تفرض على دول التحالف السعودية والإمارات التكهن بكل السيناريوهات خاصة في حال خسارة حليفها الاستراتيجي "ترامب" وفوز منافسة الديمقراطي جو بايدن

خلاصة
ظلّت المملكة العربية السعودية تعمل طيلة 12 أشهر، على تمييع الاتفاق، تارة بطرحه على شكل "بنود" سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية، وتارة على شكل "مصفوفة"، وأخيراً ابتكرت "آلية تسريع".

ومع تسرب الزمن وحصد المجلس الانتقالي وحلفاء إيران ما أرادوه لا توجد أي مؤشرات حقيقية للساسة السعوديين، لإنهاء الانقلاب الحوثي وتوحيد المعسكر المناهض للمشروع الإيراني الذي بدء بتطويق المملكة الغراقة في وحل الحرب في اليمن عبر حلفائها الحوثيين من الغرب ومن خلال مليشياتها في الغرب "العرق".

من ما سبق يرى مراقبون أن السعودية والإمارات تتخذ من اتفاق الرياض، غطاء لتعزيز مشاريع تفكيك البلاد، وحصرها في كانتونات صغيرة بما يمهد لإعادة ترتيب الخارطة في الجنوب، بحيث تكون عدن وما حولها خاضعة للإمارات، وشبوة وما حولها إلى حضرموت والمهرة تحت النفوذ السعودي"، ويغدوا الشمال اليمني تحت النفوذ الحوثي الموالي لإيران.

اتفاق تريد من المملكة وحليفتها الإمارات، أن يسهم في تحسين صورتها أم الرأي العام الدولي، ويعمل على تمهد الطريق نحو سلام شامل في اليمن يمكنهما من التقارب أكثر مع حلفاء إيران "الحوثيون" في حال انتصار المرشح الديمقراطي "بداين" والمناهض للحرب السعودية في اليمن وخسارة حليفها "ترامب"، بما يسهم في إنهاء الحرب ويفرض واقع سياسي وعسكري تكون فيه الشرعية اليمني خارج المعادلة السياسية والعسكرية.

في الواقع، لا تريد السعودية لليمن أن يتعافى، وهي أخيراً، بدلاً من الدفع نحو التنفيذ الكامل لاتفاق الرياض وإنقاذ الاقتصاد المتدهور بشكل مريع، تعمل على تفجير بؤر صراع جديدة، وترسيخ سلطات الانقلاب الانتقالي والحوثي، بتجزئتها لاتفاق الرياض، الذي من ارتداداته وصل التطبيع الإماراتي الإسرائيلي إلى جزيرة سقطرى اليمنية.

في الاخير ما تسعى إلى منظومة التحالف العربي من خلال فرض اتفاق الرياض وتجزئته هو دفع عنق الحكومة الشرعية بشكل أكبر إلى مقصلة التقسيم والتشطير، بين المحاصصة الجهوية، في الجنوب اليمني، والطائفية في الشمال، وإبعاد البلاد عن مشروع الدولة الاتحادية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.